من لا تاريخ له لا حاضر له ولا مستقبل.. هذه مسلّمة جعلت الشعوب تهتم كثيراً بتاريخها, وكم كان غيرنا مهتماً بتاريخنا وبالحفاظ عليه.. فأحد العاملين في إحدى السفارات الأوروبية في صنعاء جمع الكثير من القطع الأثرية بعد شرائه لها من اللصوص وعندما انتهت فترة عمله في السفارة قام بتسليم تلك القطع للهيئة العامة للآثار. ورغم أن مسلسل نهب الآثار في اليمن مستمر حتى اليوم فلا زالت أيضا الجهات المختصة والدولة بشكل عام غير مدركة لأهمية تلك الآثار ولم تع بعد أن بعض الدول تشكل حركة السياحة الأثرية فيها مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي وأصبحت ترفد خزينة تلك الدول بالمليارات من الدولارات. وخلال زيارتنا لمنطقة ظفار بمديرية السدة محافظة إب وبالتحديد «جبل عصام» لاحظنا ما تعرضت له المنطقة الأثرية من عمليات نهب للقطع الأثرية من خلال الحفر والتنقيب عن الآثار الذي قامت به عصابات القطع الأثرية في ظل تجاهل السلطة المحلية بالمحافظة والمديرية وكذلك غياب دور مكتب الآثار. محمد محسن الكينعي أحد الشباب المهتمين بالآثار من أبناء المديرية أكد ل «الجمهورية» أن هذه المنطقة أثرية وقد شيدت فيها القلاع والحصون والمدن في عهد الدولة الحميرية الذي ذاع صيتها وانتشر وكانت عاصمتها ظفار، وقد تعاقب ملوك حمير على حكم هذه الدولة، وفي عهد الملك شمر ذي الجناحين اتخذ من هذه المنطقة المسماة المعروفة حالياً بجبل عصام عاصمة لمملكته، مشيراً إلى أن المواطنين في هذه المنطقة يجهلون أهمية الآثار، والدولة ليس لديها برنامج أو مشروع للتنقيب والحفاظ على هذه الآثار وتركها المهمة لبعض المسئولين من عديمي الضمير وللصوص الآثار، لافتاً إلى أنه قبل (10) سنوات بدأت هذه العصابات بالسطو على الآثار وكانت تأتي من القرى المجاورة، وقد تصدى لها ملاك هذا المكان، وكان آخر ذلك ما تم اكتشافه من العصيبات غير الملكية فقد وقف أهل المنطقة وقاموا بإبلاغ مدير المديرية والأمن والآثار وحضروا وبدأوا بالتنقيب ووجدوا غرفة مبنية من المرمر ملتحمة بالبرونز كما وجد ايضاً ثلاثة توابيت وموميا الملكة التي كانت ترتدي ملابس مطرزة بالذهب ومزينة بالحلي على عنقها وخصرها وقد قاموا بتكسير التوابيت وكسر العظام وأخذ الحلي وتركوا المكان بعد أن عاثوا فيه ونهبوا كل محتوياته، مشيراً إلى أن الدولة بعد هذا قامت بعمل سور بصورة عشوائية لكنه لم لم يمنع المتهمين.. لافتاً أنه قد تم الاتفاق على تكليف (10 - 40) جندياً ميدانياً لحراسة الأماكن الأثرية في المنطقة ولكن هناك تواطؤا من قبل الجهات المختصة حال دون تنفيذ ذلك مما جعل عملية السطو على الآثار مستمراً إلى يومنا هذا.. محمد توفيق الكينعي حمل مدير عام المديرية المسئولية الكاملة لما تتعرض لها الآثار في المنطقة من نهب وسلب، مؤكداً أن هذه العصابات تتلقى دعماً من مدر المديرية وأحد المشائخ النافذين في المديرية. مشيراً إلى أن مدير المديرية كان يفترض القيام بواجبه بحماية الآثار لكنه في حين أن الدولة قامت بتوفير مبلغ (48) مليون ريال لعمل حماية لوحظ أن هذا المشروع تم نهبه، لافتاً إلى أن مدير الآثار السابق يتحمل مسئولية نهب الآثار أيضاً لدوره الواضح في كل ما جرى. من جانبه وجد حسين القميري أكد أنه في بداية اكتشاف الآثار قام مدير المديرية ومدير أمن المديرية بتكليف حملة ونصبوا خيمة في الموقع وفي مكان المعبد وكانوا يقومون بالحفر من داخل الخيمة وينتقلون من موقع إلى آخر وحين لاحظنا ذلك قمنا على الفور بطرد العسكر وقلنا نحن أحق بالآثار. بدوره مدير عام مديرية السدة نبيل العواضي أوضح ل «الجمهورية» أن المحافظة والمديرية قد عجزت عن حماية هذه المواقع، لأن الموضوع شائك ومعقد، وهي ظاهرة مجتمعية قد لا تكفي معها الجهود الرسمية للحد منها بل تحتاج إلى ثورة مضادة مجتمعية، مشيراً إلى أنه قد عقد اجتماع برئاسة المحافظ وبحضور شخصيات اجتماعية ومشائخ من المنطقة وتم الخروج بعدة ضوابط للحد من هذه الظاهرة، لافتاً إلى ضرورة تدخل الحكومة المركزية، كون القضية قضية أمن قومي في الآثار ولا تخص محافظة إب فقط وإنما تخص اليمن كاملاً.. مطالباً بضرورة تزويد المحافظة بالإمكانيات المادية والمالية والبنى التحتية من منشآت ووسائل للحفاظ على الآثار منشآت للحراسة ووسائل نقل وغيرها. لافتاً على انه لازال يتابع لاجتثاث هذه الظاهرة.. وفيما يخص التهم الموجهة له شخصياً ولبعض المشائخ بالوقوف وراء السطو على الآثار أشار أنه لا يستطيع أن ينزه أحداً، فالكل بشر ولكن إذا كان عند أحدهم أسماء أو أدلة عما يقولون فليأتوا بها وهو على استعداد لضبطهم.