بدأت أمس بصنعاء فعاليات ملتقى الإبداع الشعري الأول الذي تنظمه على مدى أسبوع «مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون» بمشاركة أكثر من 50 شاعراً وشاعرة من مختلف مدن وأرياف المحافظات. وفي حفل التدشين ثمن مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدراسات الاستراتيجية والبحث العلمي رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية الدكتور فارس السقاف جهود مؤسسة الإبداع على رعايتها الشعراء الشباب، وتبني إقامة الملتقى الشعري الأول الذي سيناقش عدداً من المحاور المتعلقة بهموم وتطلعات الواقع الأدبي والشعري في اليمن.. داعياً وزارة الثقافة إلى الاهتمام بالشعر والشعراء الشباب وتوجيههم نحو الاستثمار الأمثل لطاقاتهم وإبداعاتهم، خصوصاً وأن الاستثمار المالي والاقتصادي في العالم أصبح اليوم يرتكز على اقتصاديات المعرفيات والمعلومات، وأن أغنى أغنياء العالم هم من تجار المعلومات والمعرفة كصاحب شركة مايكروسوفت، وشركات التواصل الاجتماعي. من جانبه أوضح رئيس المجمع العلمي اللغوي اليمني رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح أن الشعر هو الملاذ الروحي واللغوي لمعالجة أوجاع وآلام المواطنين. داعياً إلى إعطاء مزيد من الاهتمام بالشاعرات والشعراء الشباب القادمين من الأرياف والقرى اليمنية المتناثرة حيثما لا ضجيج ولا سياسة وتبني طباعة إنتاجاتهم الشعرية؛ تقديراً لهم ولجهودهم الآتية من ذاك المكان البعيد عن العاصمة التي تستولي على كل شيء، في وقت تدعي أنها لم تستول على شيء، منوهاً إلى أن الشعر هو البقية الباقية الذي مازال يحفظ للإنسان روحه وكينونته، ويحرك في فؤاده المياه الراكدة، ويرسم فيه واقعاً جميلاً وحياة ممزوجة بالأمل والغد المشرق، موضحاً أن شعر البراءة والبراعة جاء من الريف؛ حيث ولد الشعر ولايزال بريئاً ممتزجاً بلغة النسيم العليل والأقحوان وطيب البادية وهواؤها النقي. فيما أكد وزير الخارجية الدكتور أبوبكر عبدالله القربي أهمية إعادة الروح إلى الثقافة الإبداعية اليمنية وشعرها الأصيل الممزوج بروح الريف وعبق التاريخ لهذه التربة الطيبة ونسيمها العليل، مشيراً إلى أن الشعر والأدب فيهما عملية جراحية يمكننا من خلالها تطبيب النفوس وإزاحة الهموم وفيهما من المعاني الأدبية والإنسانية دواء لمعالجة أوضاع البلد المتردية في ظروفها الراهنة.. وقال القربي: ما أجملنا حينما نبتعد قليلاً عن السياسة وأهوائها ومآسيها وأوجاعها إلى الشعر والنثر؛ حيثما القصيدة تترنح في الوجدان وتغزو القلب وتحرك الجوارح وتذهب بك بعيداً حيث الهواء النقي الصافي من كل الشوائب وحيث لا سياسة ولا صراع وتزيح عنك هموم وأوجاع واعتمال الدهر. فيما تناولت نائبة وزير الثقافة هدى أبلان سمات وخصائص الشعر ودوره في استنهاض الهمم وتعزيز الوحدة الوطنية وإنارة الطريق ومعالجة هموم وقضايا البلد خصوصاً في الوقت الراهن.. مشيرة إلى أن الشعر عالم متكامل من الحياة يقف في وجه القبح ويدعونا إلى الأخذ بزمامه إلى عالم الإبداع. من جانبه استعرض رئيس مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون بصنعاء ورئيس منتدى المثقف العربي بالقاهرة السفير الدكتور عبدالولي الشميري أهداف وبرنامج الملتقى الهادف إلى تنمية المهارات الإبداعية وتحسينها ومحاولة لإنعاش التفاعل الشعري والمشهد الثقافي الذي يعاني من انتكاسة كبيرة جراء ما تشهده البلاد من أزمة.. وأشار إلى حيوية الشعر بقيمه المتعالية وتجدده الذي يقاوم ضراوة الواقع؛ كون الشعر بجمالياته وفلسفته وخيالاته يمثل أرقى النتاج الإنساني.. لافتاً إلى أن المؤسسة تهدف من خلال الملتقى إلى تحريك المياه العذبة في المشهد الثقافي اليمني ولفت الأنظار إلى سحر الكلمة الجميلة، لرسم تجليات واقع أدبي فاعل يعيد للقصيدة العربية والنص الأدبي مكانتها المسلوبة، وتعريف العالم أجمع أن الشعر رفيق الحياة التي لا تمل، وأن الحياة بدون قصيدة إنما هي وردة بلاستيكية لا عطر فيها ولا أريج.. تخلل حفل الافتتاح قصيدة للشاعرة ياسمين الجمالي بعنوان «أنا أنثى» استحضرت فيها المعاني النبيلة والرسالة الإنسانية للمرأة ودورها كشريك فاعل ومؤثر في مختلف مجالات الحياة.. عقب ذلك بدأت جلسات أعمال الملتقى؛ حيث قدم رئيس المؤسسة الأديب والشاعر الدكتور عبدالولي الشميري محاضرة نقدية بعنوان «مدخل إلى فنية الشعر» تناول فيها مدخلاً تعريفياً لأنواع من الأدب والشعر الفصيح والعمودي والأحادي والتفعيلي والحر وقصيدة النثر، إضافة إلى التعريف بمواهب الرواية والقصة والقواعد المتفق عليها عند النقاد. ويشمل الملتقى إقامة 12 محاضرة وورقة عمل يقدمها أكاديميون وأدباء ومثقفون في مجالات وقضايا الشعر، وعلم المصطلحات النقدية والعروض ومباحث اللغة ، وفن الإلقاء ومقدمة في الإيقاع والقصيدة العربية وآفاق التجديد، إضافة إلى مباحث في المجرورات، ومدخل في النقد العربي.. حضر الافتتاح عدد من أعضاء مجلس النواب، ورئيس الهيئة العامة للكتاب عبدالباري طاهر، ونخبة من الأكاديميين والمثقفين والأدباء والكتاب، وعدد من المسؤولين.