من الطبيعي جداً أنه لا يخلو بيت زوجي من المشاكل ولا يمكن إطلاقاً استمرار أية علاقة زوجية بطريقة روتينية باردة لا جدال فيها ولا خلاف ومع هذا عندما تزيد وطأة المشاكل يكون أبغض الحلال هو الحل لأنه ليس منطقياً أن تستمر حياة طبيعية مع تصاعد وتيرة المشاكل والخلافات التي يسفر عنها جرح طرف في صميم مشاعره وكرامته وحتى لاتصل الأمور إلى طريق مسدود ينبغي البحث حيال ذلك عن ثغرة حوار ونقطة التقاء في حين لم تكن هناك أكثر من نقطة لاستمرارية الحياة الزوجية. فحينئذٍ يتوجب على أحد الطرفين أن يتقبل غضب الآخر وإن يبادر إلى امتصاص المشكلة ومن هذا المنطلق قمنا بالتحري والسؤال لبعض من الأزواج والزوجات الذين قد عايشوا الحياة الزوجية سنوات طويلة وتعلّموا من تجاربها أشياء كثيرة حول خلافاتهم الزوجية ومتى يتخاصمون وكيف يتعامل كلٌّ منهما مع الآخر وقت الغضب وماذا يفعل كلٌّ منهما عندما يعلو الصراخ بينهما وإليكم الإجابات والنصائح نحو حياة زوجية سليمة وسعيدة مدى الحياة. الدكتور محمد المقري جامعة الحديدة، بدأ بالحديث قائلاً: من الطبيعي أنه لا يخلو بيت من الخلافات الأسرية لكن هنا يتجلى دور النضج العقلي لأحد الزوجين في تلطيف الجو ما يقودنا إلى التسامح وتحدّث عن نفسه قائلا:ً إنه يلجأ دائماً إلى استخدام الصمت وعدم الرد على الطرف الآخر حتى يهدىء الجو حيث وجدها وسيلة فعالة في حسم الخلاف كما يرى أن من أسباب الاستقرار الأسري والحد من تفاقم الخلافات بين الزوجين يكمن في التكافؤ الاجتماعي بين الأسرتين بحيث لا يشعر أحد الزوجين بعلو مكانته عن الآخر ومما لاشك فيه لن يكون ذلك مقبولاً بالنسبة للطرف الآخر مما يؤدي ذلك إلى نشوب الخلافات المحتدمة وكثيراً ما يقود إلى ما لا يحمد عقباه. الدكتورة نورة العلفي تقول: أطلب منه جلسة على طاولة الحوار لإصلاح ذات البين وتشير الدكتورة نورة إلى أن هناك مشاكل جوهرية ومن الضروري للزوجة اتخاذ قرارات معينة في حال وجود أذى للعلاقة، حيث تقول: إنها لا تحب إطالة مدة الزعل والقطيعة مع زوجها لأنها تعشق الحوار وهي تحب أن تتخذ موقفاً حاسماً إذا شعرت بالجرح ومع هذا ليس لوقت طويل، إذ يمكن استغلال الوقت بما هو مفيد للعلاقة. وتؤكد الدكتورة نورة أن زوجها يستمر خصامه أكثر منها حيث تطلب منه جلسة حوارية في الحال ثم تقوم بالمبادرة لإصلاح ذات البين، وتضيف: إن الحياة الزوجية مليئة بالمشاكل وليست عسلاً دائماً على مر السنوات، حيث تأخذ المشاكل والخلافات والجدل حجماً كبيراً لكنها سرعان ما تحل بالحوار الرائق والشكل الدبلوماسي من قبل الطرفين. الناشط الاجتماعي عبد السلام الخطيب،يقول: من هذا المنطلق وإجابةً عن السؤال امتص المشكلة وأسقط من حقوقي، حيث يقول: لابد من التعامل الصحيح مع الخلافات الزوجية وذلك منذ السنة الأولى لأن لكل مرحلة في رأيه لها مشاكلها حيث تمثل المرحلة الأولى أكثر صعوبة ولكي يتأقلم ويتقبل كلٌّ من الزوجين المزاج المختلف للطرف الآخر فينبغي اعتبار المرحلة الأولى مدخلاً جذرياً لبقية العلاقة ومن خلالها يحصل التعود والمناعة حول فكرة امتصاص المشاكل وحلها. ثم يضيف الخطيب قائلاً: في بداية المرحلة الأولى من الزواجِ لا يملك الرجل نفسه وانفعاله من أتفه الأمور ولكن ومن خلال استمرار الحياة المشتركة يتعلم فهم طرفه الآخر بطريقة أعمق من المرحلة الأولى، لذلك يرى أن المرحلة الأولى من الزواج مناعة للمراحل التي تليها. وينفي مرور لحظة يتوقف فيها الحوار مع زوجته ويشير إلى أن المشاكل لا تدوم بينهما أكثر من ساعتين حيث لا يطيق أن يبقى الخصام والخلاف بينهما أكثر من ذلك ويضيف: هذا طبعي فأنا لا أحب المشاكل حتى مع أولادي ولا طاقة لي لإشعال فتيل مشكلة. وعندما أعبّر عن انزعاجي وأقول ما في جعبتي ينتهي الخلاف مهما كان كبيراً أو صغيراً, ولأنني أحب السلام فإنني أتعامل مع المشاكل بهدوء وعقلانية. ويقول الخطيب: إنه هو من يمتص المشكلة ويتنازل عن بعض حقوقه.. ويختم معنا الخطيب بنصيحة جوهرية للمتزوجين أن يمتصوا مشاكلهم لكي يحققوا لأنفسهم السعادة الزوجية الدائمة وأن المشكلة مهما كبرت أو صغرت فمن السهل جداً امتصاصها ومعالجتها من خلال تحريك العقل وفي ذلك ضمان لهدوء نفسي وراحة بال. الدكتورة منيرة الإرياني الخبيرة في التنمية البشرية..بداية تقول: أنا في الحقيقة لا أتطرّق إلى مواضيع تزعج زوجي عندما يكون غاضباً بل أتحاشاه وذلك من خلال الإدلاف إلى غرفتي بهدوء تام وأشارت إلى أنها تسكت عندما يكون منسوب الغضب لدى زوجها مرتفعاً وهو أيضاً يتحملها إذا كانت غاضبة وتقول: وبعد أن يهدأ نعود لمناقشة الموضوع الذي أدى إلى الخلاف، حيث ترى الدكتورة منيرة أن المرأة تستطيع إخماد المشاكل وذلك في عدم دخولها في أخذ ورد حتى وإن ضايقها في أمر ما بل عليها أن تدخل غرفتها وتحاول أن تتسلّى بأي شيء آخر حتى لا تترك مجالاً أو ثغرة لتفاقم المشكلة بينها وبين زوجها, وتشير إلى أنها اعتادت على تطويق المشاكل بحكمة وذلك بسبب وجود الأطفال وتتحاشى أن يعيشوا بجو من الخلافات لأنها ما زلت في ذاكرتها الخلافات التي كانت تنشب بين والديها عندما كانت صغيرة وما كان يسبب لها ذلك من مشكلات نفسية مما أثّر على سلوكها وطريقة تعاملها مع من حولها بالإضافة إلى تدني مستواها التعليمي. وتضيف: كل زوجين يختلفان هذا أمر طبيعي لكن حرام أن يشهد الأطفال الخلافات بشكل متكرر وبطريقة حادة، وتوضح قائلة: أخمد انفعالي إذا وجدته غاضباً بشكل كبير والعكس صحيح وتؤكد أن هذه الطريقة المثلى لاستمرار الزواج. وتقول: إنها تتحاشى زوجها إذا قام بأمر يضايقها مشيرة إلى إنها لا تكلّمه ولا تلقي عليه السلام بل تترك الأمور لتهدأ. وهنا تقول: إن الخلاف بينهما لا يستمر أكثر من اثنتي عشرة ساعة. وتضيف: إنها تشعر بعدم الرغبة في الحديث ليومين أو أكثر وإنما الأطفال هم من يعجّلون المصالحة ويخففون من حدة الخلافات وتؤكد أخيراً منيرة إنها كانت تختلف بشكل مستمر قبل وجود الأطفال لذلك تعتبر أن السنوات الأولى من الزواج هي الأصعب في الحياة الزوجية. العميد وهيب الشرفي، يقول: إنه من النوع الذي لا يزعل كثيراً ويشير إلى أنه يترك مجالاً ليومين أو ثلاثة لتهدأ النفوس بينه وبين زوجته إذا كان الزعل كبيراً وبعد ذلك تسير الحياة بشكل طبيعي وكأن شيئاً لم يكن. ويضيف الشرفي: إن كلاً من الزوجين يعتاد مع مرور الوقت تصرفات الآخر وبالتالي يبني كل طرف تصرفاته بحسب طبيعة تصرفات الآخر. مشيراً إلى أنه بات يفهم زوجته كثيراً ويتعامل معها على أساس ردود أفعالها وإحساسها كما يعلن إنه لا يحب أن تصل الأمور إلى حد يتوقف فيه الحوار بينهما ويشدد أن الخلافات تتقلّص مع مرور السنوات وذلك من الطبيعي. ثم يؤكد قائلاً: حرام أن يقاطع ويخاصم أحد الزوجين الآخر فترة طويلة لأن أساس العلاقة الزوجية عندئذٍ قد بُني بشكل غير سليم حيث أنه من الأفضل إيجاد الحلول لحل الخلافات وذلك من خلال الحوار والنقاش والتفاهم وإلا عدم استمرار مثل هذا الزواج أحرى. الدكتورة سهير المقطري، تبدأ في الحديث قائلة: من غير الطبيعي أن تسير الأمور بين الزوجين بطريقة سهلة من دون أن يتشاكلا وتنشب الخلافات بينهما وتضيف: إنها لا تعتقد بتاتاً بوجود الوضع الجميل والمثالي من دون خلافات على أرض الواقع، فالحياة مليئة بالتفاصيل وبما أن الحياة الزوجية شراكة في كل القرارات وأن لكلٍّ من الطرفين آراؤه وقراراته وتصرفاته فطبيعي جداً نشوب الخلافات ولكن الأهم هنا أن يبقى الاحترام موجوداً بين الزوجين وأن تبقى المحبة بينهما ويتوجب أولاً وأخيراً أن يتحمل أحدهما الآخر وتقول سهير: وإذا باتت هناك قطيعة أو كره بين الزوجين بسبب قلة احترام أو تصرفات غير سوية فذلك يشكل الطامة الكبرى، إذ إن هذه الجراح لا تندمل وأقول للمقدمين على الزواج: إن المسألة شديدة الصعوبة وسريعة العطب لذلك أنصح بالانتباه إلى العلاقة التي تجمع بينكما وأن الورقة التي تربط بينكما غير مهمة وكذلك المصلحة بل المهم الاحترام المتبادل وعدم التجريح وإذا وقع عكسهما أغلقت أبواب العودة إلى حياة سوية وسليمة. وتؤكد الأستاذة سهير إنها وزوجها حضاريان ومهما اختلفا يبقى الأهم هو عدم وجود رواسب للخلافات وتتابع سهير: ومن الممكن أنها تنشب بيننا الخلافات والقطيعة والخصام وقد ينقطع حبل الكلام بينهما ليوم واحد أحياناً ولكننا نتصالح بعد ذلك لأن قلب زوجي طيب وهو من يسعي إلى المصالحة والاعتذار.. وتقول أنا أو هو حسب الظروف والخلاف. كما تشير سهير إلى أن صوتها قد يعلو أحياناً أمامه خلال المشاجرة ولكن ذلك يكون في حدود المعقول وبعيداً على التجريح وتختم بالقول: إن الزواج مشروع صعب، داعية الله العون والمساعدة لمن يدلف باب هذا المشروع. الأستاذة أزهار القدسي، تقول: الخلافات الزوجية ليست حالة سلبية بل تضعها في خانة الإيجابية وتؤكد أن الرجل والمرأة اللذين يرتبطان برباط الزواج المقدس ويكون كلٌّ منهما من بيئة تختلف عن بيئة الآخر يكون من الطبيعي أن تنشب بينهما الخلافات وسوء التفاهم وبعض الأشياء التي تعكر المزاج ولكن ينبغي ألا تتعدى الخطوط الحمراء وألا تصل العلاقة الزوجية إلى مالا تحمد عقباه.. وتضيف: إنها قد تختلف مع زوجها حول أمر ما ولكن ترى أن هذه الخلافات لها طعم الحلاوة التي تدفع بالعلاقة نحو الأفضل وخصوصاً إذا كان هناك فارق في العمر بين الزوجين وتشعر أن زوجها وبما أنه يكبرها بعدد من السنين فهو يملك الرؤية المتقدمة في الحياة وهي تأخذ بمشورته وترى أن رأيه صائب في عدد كبير من المواضيع وتشير إلى أن كل هذا لا يمنع من حدوث المشاكل ونشوب الخلافات ولكنها تؤكد إن تلك الخلافات هي من تجعل للحياة طعماً وتقول ضاحكة: إنها بمثابة ملح الحياة كما يقولون، كما أن الروتين في الحياة غير مقبول. وتضيف الأستاذة أزهار: إنها قد اعتادت من بداية الزواج أن تتدلل وتتغنج على زوجها فإنه هو من يصالحها ويراضيها بعد نشوب أية مشكلة وذلك يتم بحنان وحب وأبوّة وترى أن أهمية الزوج تكمن في إنه يمثّل دور الحبيب والأب والأخ الكبير، مشيرة إلى أنها إذا اجتمعت هذه الصفات الثلاث في الرجل نجح في قيادته لمسيرة الحياة الزوجية بتفوق كبير وتختم بالقول إنه إذا تسرّب الحقد والكره والضغينة إلى حياة الزوجين يكونان بذلك قد تجاوزا الخطوط الحمراء وبدأ العد العكسي لعدم استمرارية حياتهما الزوجية وإذا وصل الحد إلى هنا لا سمح الله فلا جدوى من الورقة التي تربطهما ويكون عندئذٍ الانفصال أفضل وأنسب فلا جدوى من حياة زوجية بدون حب وتفاهم واحترام ولحظات سحرية بحب صادق وعشق كبير. ومن هذا المنطلق وحول هذا الموضوع كان لبعض الخبراء والأطباء النفسانيين رأي في ذلك كما تفضلوا معنا ببعض النصائح والإرشادات وكانت كالتالي. سوسن المقطري، طبيبة نفسانية تستطرد معنا في بداية الحديث قائلة: إذا اعتبرنا أن الخلافات محطة يعبر منها قطار الزواج بين الحين والآخر فالتعامل معها هو الذي يبقيها بمثابة محطة وليس نهاية لذلك الزواج.. لهذا تؤكد سوسن أن التعاطي مع الخلاف يشكّل نصف الحل وهو الذي يحوّله إما إلى واحة وارفة أو إلى صحراء قاحلة. وتضيف سوسن: على الزوجين ألا يسقطا في مستنقع اللسان السليط والكلمات الجارحة وعليهما بالاحترام أولاً و أخيراً، إذ أن أي خروج عن نص اللباقة في الخلاف سيكلف العلاقة لاحقاً الكثير. مشيرة إلى أن ما نفقده في الخلاف من ماء وجوهنا أثناء تبادلنا الألفاظ الجارحة لا نستعيده على الإطلاق بعده لهذا يجب أن توضع في خانة المحرمات حتى نحتفظ بالقدرة على الاستمرارية من دون خجل أو ندم. و أخيراً تنصح سوسن الأزواج بعدم معايرة أحدهما الآخر أثناء الخلاف لأن الغضب يمر ولكن ما قيل في أثنائه يبقى كجرس يدق في العلاقة وكل أركان البيت والذاكرة خاصة عندما يكون الأمر له علاقة بالكرامة. محمد ممدوح، استشاري الصحة النفسية يقول: تلعب شخصية الزوج والزوجة دوراً في تصعيد الخلاف وفي تبسيطة خاصة حين نتحدث عن شيء كان في الماضي قد حدث في خلاف ما، فنتحدث عنه وكأنه حدث اليوم ويقول: هذه الشخصيات تتعلق بالمرأة على وجه الخصوص فذاكرتها تحوم حول الأشياء السيئة التي مرت معها أو التي حدثت من قِبل زوجها وهذه تسمى عادةً شخصيات نكدية وهناك نوع آخر يكون على دراية بالتعامل مع حاضره من دون العودة إلى الماضي وهؤلاء الأشخاص يكونون في الغالب شخصيات غير قلقة, اجتماعية بعيدين كل البعد عن الاكتئاب أو أصحاب مشاريع مستقبلية وهؤلاء يجدر الإشارة إلى أنهم يجيدون إدارة الخلافات الزوجية على أكمل وجه ولا يمكن أن تكون شخصية الزوجين بعيدة عن طريقة إدارة الخلافات. الدكتورة نرجس الخليدي، تؤكد أن اللسان الحلو هو الدواء الأمثل لحل الخلافات، فالكلمة الطيبة ترد الكلمة السيئة والمرأة التي تمتهن هذه السياسة ستدير خلافاتها بأكثر الطرق فعالية، كما أن الفترة التي ما قبل الصلح فإنها تراها نرجس على نفس الأهمية لما فيها من تمهيد لمراحل لاحقة حيث تقول: يجب على الزوجين أن يتعاملا بعفوية بعد حل الخلاف، فيبتعدان بالحديث عن أسباب الخلاف، حيث أن البقاء في حلقة اللوم والعتاب من شأنه أن يعيدهما إلى الجولة الأولى، لهذا اطويا الصفحة واختتمت نرجس حديثها معنا بنصيحة قائلة: على الطرفين أن يعلما أن مشروع الزواج فيه مطبّات وحواجز وعثرات تستمر على طول الدرب.