مفاجأة وشفافية..!    تحرك نوعي ومنهجية جديدة لخارطة طريق السلام في اليمن    الدوري الايطالي ... ميلان يتخطى كالياري    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    شاهد.. شخص يشعل النار في سيارة جيب "جي كلاس" يتجاوز سعرها مليون ريال سعودي    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    نهاية الحوثيين : 4 محافظات تُعلن تمردها بكمائن قبلية ومواجهات طاحنة !    كوابيس أخته الصغيرة كشفت جريمته بالضالع ...رجل يعدم إبنه فوق قبر والدته بعد قيام الأخير بقتلها (صورة)    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    احتكار وعبث حوثي بعمليات النقل البري في اليمن    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    السلطة المحلية بمارب: جميع الطرقات من جانبنا مفتوحة    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    مقتل شاب برصاص عصابة مسلحة شمالي تعز    اختتام دورة مدربي لعبة الجودو للمستوى الاول بعدن    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل الأمني بمحافظة أبين    في لعبة كرة اليد: نصر الحمراء بطل اندية الدرجة الثالثة    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    تأملات مدهشة ولفتات عجيبة من قصص سورة الكهف (1)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    مقتل وإصابة 5 حوثيين في كمين محكم شمال شرقي اليمن    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيث إن ل «السياحة» ألف حكاية ول «الاستثمار» ألف امتداد..
تركيا.. حضارة لا تشيخ
نشر في الجمهورية يوم 01 - 06 - 2014

تركيا.. متحفٌ طبيعي لجمال الكون؛ تتشكّل بطبيعتها كلوحة بديعة تسرُّ الناظرين، رغم تعداد سكانها ال «77» مليون نسمة لا تجد للزحام حضوراً إلا في شارع الاستقلال مساءً الذي يعجُّ بالمواطنين الأتراك والسيّاح من مختلف دول العالم، كما لا تجد للتلوُّث وجوداً ولا للإزعاج والضوضاء والعشوائية حضوراً مثل ماهو الحال في مدننا, فحيثما وطأت قدماك تجد نفسك في بيئة نظيفة لا يعكّر حضورك فيها أي عائق..
تتزيّن شوارعها ومدنها المرتبة والمخطّطة بإتقان بأناقتها ونظافتها وبلمسات جمالية من صنعة الإنسان التركي الذي أبدع وتفنّن في إظهار جماليات بلده بكل تفاصيله, يتوارثون فنون الإبداع كلها كإرث لا يسمح للإهمال أن يطاله بسوء، كما تتجلّى فنونهم في الهندسة والعمران حيث مدنهم عامرة بالكثير من المعالم والجسور المعلّقة والقلاع والشوارع والممرات والميادين والأزقّة والحوانيت والأسواق القديمة المنظمة في اسطنبول وبورصة وبقية المدن التركية، كل تلك المعالم تحكي عن حقب تاريخية تمتد إلى قرون مضت ومازالت معالمها شاهدة ودالّة على عصور تاريخية مرّت هنا وجعلت من تركيا بتعاقب ملوكها وسلاطينها ودويلاتها المختلفة على مر التاريخ متحفاً كبيراً يحوي كل هذا الإرث التاريخي في هذا العالم، قد لا تستطيع الإحاطة أو الإلمام به بسهولة في زيارة قصيرة، هنا حيث تقف أمامك المآذن الستة لجامع السلطان محمد الفاتح أو كما يسمّيه البعض "الجامع الأزرق" كتحفة معمارية إسلامية شامخة في اسطنبول، فضلاً عن جامع "السليمانية" و"آيا صوفيا" وجامع "أبو أيوب الأنصاري" وقصر "توباكابي" قصور الباب العالي وكنيسة بطريكية القسطنطينية المسكوتية وكنيسة بماركاريستوس وغيرها الكثير من المعالم.
حب الوطن لا يُقاس بالشعارات واليافطات
حب الوطن عند الأتراك لا يُقاس باليافطات والشعارات والأوبريتات كما هو الحال لدى بعض الشعوب في المنطقة, بل يُقاس حبهم لوطنهم بحجم الجهد المضاعف في العملية الإنتاجية في شتّى المجالات، وهم اليوم أكثر تسلُّحاً بالتكنولوجيا والمعرفة؛ يسابقون وينافسون في السوق الاقتصادية بمنتجاتهم ما جعلهم في مستويات متقدّمة اقتصادياً؛ فجهودهم تتضاعف بوتيرة عالية وبإنتاجية أكبر وبتخطيط مدروس واستراتيجيات لا تعرف طريق الفشل.
تركيا اليوم بشعبها وحكومتها وقيادتها السياسية تعمل بهمّة وطنية عالية للوصول إلى العام 2023م كما هو مرسوم له أن تكون تركيا في هذا العام من أقوى اقتصاديات العالم, ولهذه المهمّة جنّدت الحكومة ما يقارب عدد «300» ألف باحث للعمل في البحث العلمي من أجل بلوغ ذلك الهدف الكبير الذي يضع تركيا في المراتب المتقدّمة للأقوياء اقتصادياً على مستوى العالم.
أحمد تورسن، نعم الصديق
الصديق أحمد تورسن، المدير التجاري في الخطوط الجوية التركية - كما عهدناه - وجه مشرق لتركيا في حلّه وترحاله، فحيثما حلّ تجد الابتسامة لا تفارق محيّاه، يشعرك بإحساس كبير أنه قريب منك؛ تجده يتفانى في خدمتك بكل سرور، يتحدّث لك عن بلده باعتزاز وهي تخطو خطواتها المتسارعة، يشرح التفاصيل بإيجاز، ويفنّد لك المعلومات التي جعلت تركيا اليوم رقماً صعباً في المراتب المتقدّمة بين اقتصاديات العالم، حين تكون برفقته ستتعلّم الكثير منه كيف تدير وقتك وتستفيد، يشعرك بمدى حرصه على الوقت وعدم الإفراط في ما لا يجدي، وهو يجول بنا في مدن بلاده التي قصدناها «يولوفا وبورصة واسطنبول» كان يحدّثنا عن بعض الأماكن السياحية والمعالم التاريخية بالمختصر المفيد ومن ثم يدعنا نتأمل - في تلك الطبيعة والأمكنة السياحية والتاريخية - بصمت لنكمل حكاية الإعجاب بالطبيعة التركية المتنوّعة وبجمال آسر للألباب يحيط بك من كل اتجاه.
جميعنا كان يتمنّى أن يكون لنا في برنامج الزيارة متسع من الوقت لنتعرّف أكثر على هذه المدن بتفاصيلها وجزئياتها الجميلة في بيئة طبيعية بديعة تبدو لنا تركيا من خلالها أنها موطن الجمال في الكون كلّه.
رفقة السفر
وأنا برفقة زملائي في الرحلة من وكالات السفريات والسياحية في محافظة عدن وهم: سالم السرحي، وعبدالله محمد اليافعي، وماهر الهريش، وزاهر عاطف، وأحمد سالم بن معدان، ومحمد صالح الشعيبي، وأنسام غازي، وزوجها بهاء وسامية عبدالله، وهويدا وعمار سالم السعيدي، وعبدالله الشعيبي، وفريد أحمد، وأحمد صالح الأصبحي، وأحمد المفلحي، ورفيق الصايدي وزميله من وكالة الصايدي في محافظة إب, جميعهم يحملون انطباعات جميلة عن تركيا وعن الصديق أحمد تورسن ويكنّون له كل الحب والتقدير للجهود التي بذلها خلال أيام الرحلة منذ انطلاقتها من عدن حتى العودة مودّعاً الجميع بمطار أتاتورك في اسطنبول.
كان من حسن حظّنا تلك الجلسة الخاصة في أحد مقاهي الأيوبية مع والده الحاج تورسن الذي أمتعنا بحديثه الشيّق عن خبرته وتجاربه في الحياة، بعدها ذهبنا للتجول في الأيوبية وزرنا جامع "أبو أيوب الأنصاري" والسوق المحيطة بالقرب منه؛ اتجهنا صعوداً بالتليفريك إلى مقهى «كاربوي» الواقع على التلة المطلة على الأيوبية؛ هناك يتزاحم السيّاح من مختلف البلدان يلتقطون الصور التذكارية ويتناولون القهوة التركي ويتأمّلون في جمال المدينة حيث يتمازج جمال البحر والبساط الأخضر والبناء المعماري مشكّلاً لوحة بديعة تسرُّ الناظرين.
جميعهم كانوا رائعين في رحلة جمعتهم على بيئة يطغى الجمال فيها، كل زاوية جعلتهم مشدودين إلى التأمل والاستمتاع في مناظرها الطبيعية الخلابة وجبالها المكسوة بالاخضرار وشلالاتها ومياهها العذبة المتدفّقة كالسيول إلى البحيرات المجاورة، كانوا يتساءلون ويطرحون أسئلة عديدة: لماذا، ولماذا لا تكون مدننا بمواقعها التاريخية والسياحية مثل ما نشاهده الآن في هذا البلد بيئة نظيفة ومخطّطات عمرانية منظّمة وشوارع وخطوط سير ومدناً وريفاً كلها مرتّبة ومحاطة بالحدائق والمتنزّهات والتشجير واللمسات الجمالية التي تضفي صنعة الإنسان وإبداعه الجمالي إلى جمال الطبيعة، ثمّة اهتمام عالٍ بالذوق العام، وكل هذا تقف خلفه إدارة محترفة وكادر وعمال فنيون أكفاء يعرفون جيداً الدور الوظيفي المسند إليهم ليظهروا جمال مدنهم بتلك الصورة البديعة الجاذبة للسياح من مختلف دول العالم.
تنوّع سياحي يجذب الزائر إلى مدنها
يحرص الزوّار العرب لتركيا على الذهاب إلى مدن يولوفا وبورصة فضلاً عن اسطنبول وإنطاليا وأزمير وغيرها من المدن التركية ذات التنوّع السياحي، فكثيرون منهم يفضّلون هذه المدن لما لها من مقوّمات جذب للسيّاح، فمدينة اسطنبول لها سماتها التاريخية والدينية والسياحية والاقتصادية على مستوى العالم، حيث تُعد مركزاً عالمياً للطيران، فلها مطاران؛ مطار أتاتورك باعتباره أكبر مطار في أوروبا يستقبل في اليوم الواحد «1260» طائرة، فضلاً عن مطار صبيحة الذي يستقبل نصف العدد, فيما تبذل الجهود الإنشائية في مراحلها - ربما - الأخيرة لاستكمال بناء مطار ثالث في المدينة نفسها، نظراً لحركة الطيران المتواصلة على اسطنبول لما يشكّله موقعها الاستراتيجي من أهمية على مستوى العالم؛ فما من دقيقة تمر إلا وتهبط طائرة وتقلع الأخرى ما يدل ذلك على أن ثمّة إدارة ناجحة تقف خلف هذا النشاط المتسارع بكفاءة عالية في إدارة المطارات وفي إدارة شركة الخطوط الجوية التركية وهنا يستحضرني في هذه المناسبة حديث السيد «تميلي كوتيل» رئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية التركية عند لقائه بنا في مبنى الشركة في يناير الماضي وهو يتحدّث عن النجاحات التي تحقّقت باعتبار ذلك هو حصاد للجهد المضاعف كونهم يعملون على مدى 25 ساعة - حسب كلامه - ما يدل ذلك على مدى حرصهم على الوقت ومضاعفة الجهد الذي أوصلهم إلى هذه المستويات المتقدّمة بين شركات الطيران في العالم؛ كون الطيران التركي حاز على جائزة أفضل ناقل جوي في العالم لثلاث سنوات متتالية، كما تشير الإحصائيات الرسمية هناك أن عدد الواصلين إلى مطار أتاتورك الدولي في اسطنبول حوالي (45) مليون زائر من بينهم (29) مليون مسافر على رحلات طيران دولية.
الاستثمار العقاري للعرب في تركيا
عديد من المستثمرين العرب وجدوا في القانون العقاري الجديد الذي أصدرته الحكومة التركية قبل عام فرصة مغرية للاستثمار في القطاع العقاري، حيث يتيح للأجانب الحق في تملُّك الأراضي والشقق السكنية والعقارات وبحرية كاملة دون اشتراط الإقامة في تركيا؛ الأمر الذي دفع بالكثيرين من المستثمرين العرب وغيرهم إلى شراء الشقق والمساكن، كما حفّز بعض شركات عربية على التوجُّه إلى تركيا للاستثمار في القطاع العقاري.
حق التملُّك العقاري
ويرى بعض المراقبين أن القانون العقاري الجديد في تركيا بعد أن كفل للأجانب حق التملُّك الكامل في الأراضي والشقق السكنية؛ أدّى إلى إنعاش القطاع العقاري وبنسبة ارتفاع تراوحت بين 15 - 30 % في أقل من عام، فبحسب المرشد السياحي «يوسف أكارلي» الذي رافقنا خلال زيارتنا لمدينتي يولوفا وبورصة أثناء مرورنا على الطريق المؤدّي إلى منتجع وحمامات «ترميل» السياحي كان يشير إلى مزارع وفلل وشقق سكنية تعود ملكيتها إلى مستثمرين ومسؤولين وأمراء ومشايخ من دول عربية، مؤكداً أن ثمة إقبالاً كبيراً من قبل العرب للاستثمار في القطاع العقاري وبخاصة من دول الخليج العربي، وتعد تركيا بحسب مؤشر "نايت فرانك الدولي" من بين أكبر 10 أسواق عالمية في نمو أسعار العقار، كما صُنّفت في المركز الثاني من بين الأسواق الأكثر جاذبية للاستثمار في العالم.
ويشيّد المستثمرون العرب استثماراتهم العقارية ومنشآتهم السكنية هناك وفق رغباتهم؛ الأمر الذي دفع بشركات المقاولات إلى إقامة تلك المشاريع الخاصة بما يناسب أذواق السيّاح والمستثمرين العرب وتلبية رغباتهم في نمط البناء الذي يفضّلونه.
التخطيط لجذب 60 مليون سائح في العام
ومن منطلق أن تركيا مقصد سياحي شهير؛ تعمل الحكومة التركية وأجهزتها التنفيذية المعنية بالسياحة وتنميتها على تقديم الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات الفرعية لصناعة السياحة، حيث تحتل المركز السادس بين أكبر المقاصد السياحية شهرة في العالم، وتجتذب ما يقارب (40) مليون سائح سنوياً، ويتزايد إقبال السياح عاماً بعد آخر، وتشير الإحصاءات الرسمية التركية إلى أن عدد السيّاح في العام بلغ (39,2) مليون سائح، وبلغت إيرادات هذا القطاع نحو (32,3) مليار دولار، ويستهدف قطاع السياحة الوصول بأعداد السيّاح الوافدين إلى تركيا بنحو (60) مليون سائح وبعائدات سياحية تصل إلى (80) مليار دولار بحلول العام 2023م.
ثراء طبيعي وإرث حضاري
يمتد لآلاف السنين
ما يثري هذا القطاع السياحي المزدهر في تركيا ذلك التنوُّع الكبير في المقاصد السياحية التي تشمل الشواطئ الخلّابة على امتداد بحر إيجه والبحر المتوسط وبحر مرمرة والبحر الأسود وخليج البسفور إلى جانب الخلجان البكر، فضلاً عن الثراء الطبيعي للبلد شهدت مدنها ميلاد العديد من الحضارات القديمة التي مازالت شواهدها ماثلة إلى اليوم أمام السيّاح؛ دالة على عظمة ذلك التاريخ الزاخر، حيث تتعدّد المواقع الأثرية والمعالم التاريخية التي تحكي مآثر امبراطوريات مختلفة نشأت هنا وثقافات وأعراق وديانات مختلفة تعايشت هنا؛ كل هذا التنوّع يعود بنا إلى آلاف السنين.
وتُعد تركيا ضمن أفضل سبع دول في العالم من حيث سياحة الحرارة الأرضية «الينابيع الحارة الكبريتية» وتحتل المرتبة الثانية أوروبياً بعدد ( 1300) نبع حار، ويصل عدد الأسرّة المتوافرة في منتجعات الإجازات الحرارية (35) ألف سرير، وتقدّر نسبة السيّاح العرب الذين يقبلون على السياحة العلاجية ب «11 %».
وتشير بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية إلى أن عدد السيّاح العرب الواصلين إلى تركيا خلال العام 2013م بنحو (3) ملايين و(265) ألفاً و(190) سائحاً من 14 دولة عربية هي "الجزائر والمغرب وليبيا ومصر وتونس والإمارات والأردن والسعودية واليمن، إضافة إلى إيران" وارتفع العدد بنسبة (9 %) عن العام 2012م، وسجّلت اليمن أكبر نسبة ارتفاع بعدد السيّاح الواصلين إلى تركيا لترتفع بنسبة (46،74 %) في العام 2013 م مقارنة بالعام 2012 م تلتها العراق والسعودية وقطر وليبيا، فيما شهد عدد السيّاح القادمين من لبنان ومصر انخفاضاً بنسبة (4،1 %) مقارنة بالعام 2012م، كما لعبت المسلسلات التركية دوراً كبيراً ومؤثّراً على المشاهد العربي من خلال ما تعرضه تلك المسلسلات من مناظر طبيعية جميلة وأماكن سياحية جاذبة وما يُعرض فيها أيضاً من المنتجات والأثاث المكتبي والمنزلي التركي؛ وهذا ما دفع بالكثير منهم إلى تحديد تركيا كوجهة سياحية له بدلاً عن بلدان أخرى.
تسهيلات للسيّاح اليمنيين
«أنجين يمنيسي» مدير مكتب بلازا تور للسياحة في بورصة يؤكد أن السيّاح العرب الواصلين إلى تركيا خلال الأعوام الأخيرة في تزايد مستمر - حيث يرى السيّاح العرب - حسب قوله إن تركيا هي البلد الأنسب لقضاء الإجازة بدلاً عن أوروبا، لما تتميّز به من مقوّمات سياحية متنوّعة بحكم موقعها المتميّز في قارتي آسيا وأوروبا، وهذا التنوُّع يعد عاملاً رئيسياً لجذبهم؛ فضلاً عن ترحاب الأتراك بأشقائهم العرب نظراً لعوامل عديدة تجمع الشعب التركي بالشعوب العربية، وفي مقدمتها الإسلام؛ كون تركيا دولة مسلمة، وشعبها بتعداده السكاني الذي يقارب (80) مليوناً منهم (99 %) مسلمون، هذا إلى جانب التفات تركيا خلال العشر السنوات الماضية إلى جيرانها ومحيطها العربي والإسلامي وانفتاحها على هذه الشعوب أسهم بشكل كبير في زيادة ونمو نسبة إقبال السيّاح العرب الواصلين إلى تركيا.
وبخصوص اليمن، قال إن السوق السياحي في تركيا جديد بالنسبة لليمنيين، ونحن في مكتب بلازا تور للخدمات السياحية مستعدون جدّاً للتعاون مع السيّاح اليمنيين والتكفُّل لهم بالإقامة في الفندق والتغذية والمواصلات لمدة أسبوع وبمبلغ تشجيعي من 200 - 300 يورو دون تذاكر الطيران.
عوامل نجاح القطاع السياحي في تركيا
ثمة عدد من الأسباب التي تجعلك تختار تركيا للسياحة؛ يفنّدها مسؤولو الوكالات السياحية بعدد من النقاط، حيث إن السياحة في تركيا تركّز إلى حد كبير على مجموعة متنوّعة من المواقع التاريخية ومنتجعات ساحلية على بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط, في السنوات الأخيرة أصبحت تركيا مقصداً للثقافة والسياحة الصحية؛ حيث في عام 2011م جذبت تركيا أكثر من 31.5 مليون سائح أجنبي ما جعلها تتربّع على الترتيب السادس كإحدى أهم الدول سياحية في العالم، كما توّفر تركيا للسائح العربي أقرب مناخ إلى تراثه الإسلامي، وتتيح له فرصة مشاهدة آثار أكبر امبراطورية إسلامية في ظل الخلافة العثمانية؛ ويتجسّد ذلك في المساجد بالدرجة الأولى.
وفي تركيا، يمتزج القديم مع الحديث في تناغم فريد، ويتمتّع الزائر بالطعام التركي الذي يمثّل مائدة البحر المتوسط أفضل تمثيل، فخلال زيارتك إلى تركيا لابد من زيارة اسطنبول وتفقُّد مساجدها وأسواقها, ولكن أنحاء تركيا الأخرى توفّر أيضاً كثيراً من معالم الخضرة والشواطئ الخلابة، خصوصاً في مناطق مثل بودروم ومرمرة وانطاليا التي تتميّز بالطقس المعتدل، كما أن الشعب التركي ودود ويرحّب بالضيف ويتسم بعادات وتقاليد قريبة عن تلك السائدة في البلاد العربية.
وتوفّر تركيا بُنية ممتازة من ناحية شبكات المواصلات المتطوّرة وآلاف الفنادق والمطاعم التي تناسب جميع المستويات والأذواق، وتُعد كونها بلد المعالم السياحية، حيث لا تكاد تخلو منطقة فيها من متحف أو حديقة أو آثار قديمة أو أي شيء يجذب السائح ويوفّر له المتعة والتسلية وحتى الثقافة.
وريثة عهود زاهرة.. وعاصمة العثمانيين الأولى..
«بورصة» الخضراء.. حيث الجمال يأسرك
في الطريق من يالوفا إلى بورصة 70 كم مررنا على طول الطريق يحيط بنا جمال الطبيعة المكسوة بالخضرة على جنباتها ،تتناثر القرى والمدن الثانوية بشكلها وجمالها ونمطها الفني المعماري تتشكل على الطراز الأوروبي والتركي والعربي أيضا وبشكل متناسق وبألوان زاهية ولمسات جمالية أضفت للبيئة المتشحة بالاخضرار جمالاً فوق جمالها الطبيعي, وصولاً إلى بورصة أول عاصمة للدولة العثمانية التي أسسها السلطان عثمان بك وتعاقب على خلافتها 36 سلطانا أولهم عثمان بك مؤسس الدولة وآخرهم مصطفى باشا..
هنا نشتم عبق التاريخ الضارب بجذوره إلى ما قبل الميلاد مررنا بشارع (التشجيرجة ) الشهير وهو أقدم شارع في بورصة كان كبار رجال الدولة ورجال المال والأعمال يسكنون في المباني الواقعة على هذا الشارع الطويل الذي يقسم المدينة إلى نصفين وعلى جنباته وتفرعاته يشهد حركة شعبية في أوقات المساء منذ ما بعد الظهيرة حتى الليل حيث تنتشر البنوك والمحلات التجارية والمطاعم والكفتريات كما تنتشر في تلك المدينة أضرحة السلاطين العثمانيين الأوائل إلى جانب العديد من مباني العهد العثماني التي تشكل معالم رئيسية للمدينة.
نواة المدينة
تشتقّ المدينة اسمها من مؤسسها بروسياس ملك بيثينيا فتحها السلطان أوران غازي في 1326م وأصبحت أول عاصمة للإمبراطورية العثمانية بها العديد من الآثار العثمانية المهمة وقامت نواة مدينة بورصة على ضفتي نهر جيلومبوز في موقع يعتقد أنه يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد ويحدد بليني (بلينيوس) نشأة المدينة بعام 186قبل الميلاد كما يُعتقد أنها نُسبت إلى ملك بيثي يدعى بروسة (بروسياس) في القرن الثاني قبل الميلاد احتلها ميتريداتس ملك البونت عام 73ق.م حتى سقطت بيد الرومان وسُميت منطقتها «مقاطعة رومانية» تحمل اسم بيثينية عاصمتها نيكوميدية (إزميت) ثم احتلها البيزنطيون الذين ازدهرت بورصة في عهدهم، ونالت حماماتها المعدنية وقصرها شهرة واسعة، وفي أواخرالقرن الحادي عشر احتلها السلاجقة، ثم تعاورتها الغزوات البيزنطية والصليبية حتى سقطت بيد الأتراك العثمانيين في عشرينات القرن الرابع عشر واتخذوها عاصمة لهم عام 1326م.
وتوسعت بورصة وأزدهرت وصارت أكبر مدن الأناضول حتى غزاها تيمورلنك عام 1402 ودمرها وبعد استرجاعها نقل العثمانيون مقر عاصمتهم منها إلى مدينة أدرنة عام 1413 ثم إلى مدينة اسطنبول (القسطنطينية) عام1453فتراجعت أهمية بورصة نسبياً. وهي وريثة عهود زاهرة شوارعها وأحياؤها متعرجة غنية بالساحات والمساكن التاريخية ذات السقوف المسنمة القرميدية وتنتشر بينها المعالم الحضارية والعمرانية التاريخية والمباني الأثرية ذات القيمة المعمارية الكبيرة مثل الجوامع.. الجامع الكبير وجامع مراد الأول والجامع الأخضر وجامع المرادية والأضرحة ومدافن سلاطين آل عثمان وأسرهم وكذلك حمامات المياه المعدنية الحمام القديم والحمام الجديد وحمام قرة مصطفى باشا وحمام أرموتولو للنساء وغيره فضلا عن الفنادق المزودة بالمياه المذكورة وغيرها من المنشآت السياحية والعلاجية ومن بينها منشآت خدمة الرياضة والسياحة الشتوية في جبل أُولوداغ والذي يصفه الأتراك هناك بتمثال بورصة حيث يصعد إليه بالتلفريك بحدود 20 دقيقة من مركز المدينة إلى قمة الجبل حيث البرد والثلوج .
تميز الموقع
تقع مدينة بورصة وسط ولاية بورصة في بيئة جغرافية جبلية سهلية يعلو جنوبيها جبل أولوداغ الشامخ بارتفاع 2496م في قمة قرة تبه وينخفض سهلها في شماليها وغربيها حتى 250 - 300م وتمتد المدينة شرقاً غرباً على علو يراوح بين 650 و1000م ومناخها متوسطي مطير معتدل شتاءً (متوسط درجة الحرارة5.4درجات) وحار صيفاً (24.2درجة) وترتفع حتى (42.6درجة) وتنخفض إلى (- 19.6درجة) شتاءً ويصل معدل أمطارها السنوية إلى 725مم وتتساقط عليها الثلوج أياماً معدودات في السنة لكنها تدوم في قمة أولوداغ طوال السنة. يقطع المدينة نهر جبلي هو جيلومبوز إضافة إلى جداول وأنهار جبلية أخرى تنتهي في نهري نيلوفر وغوك، وتعرف بورصة بالخضراء لوقوعها وسط غطاء من الغابات والمروج، إضافة إلى البساتين والحقول الزراعية في السهل.
وتعد بورصة رابع أكبر مدن تركيا ، تقع شمال غرب البلاد بين مدينتي أسطنبول وأنقرة، ويبلغ سكانها سنة 2010 حوالي 1,2 مليون نسمة، وهذا يعني أنها رابع مدينة بعدد سكانها في تركيا وإحدى أكبر المدن الصناعية التركية.
وهي من المناطق الزراعية المشهورة في تركيا وتنتشر فيها أشجار التوت و تربية دود القز وصناعة الحرير الذي تحتل فيها بورصة مركز الصدارة في تركيا ومن صناعاتها النسيج وحفظ الأغذية ومنتجات الألبان ولبورصة شهرة عالمية ومحلية في الميدان السياحي لما تحويه من كنوز تاريخية وأثرية وثقافية (ففي مكتباتها نحو 7000مخطوطة عربية وفارسية وعثمانية) وترفيهية رياضية واستشفائية علاجية بالمياه تربطها بباقي أنحاء تركيا مواصلات جيدة بينها رحلات جوية داخلية إلى مطارها ومنه.
من مآثر الإمبراطورية العثمانية
وخلال تجوالك في المدينة تشاهد العديد من المعالم التاريخية ومنها المساجد ولعل أبرزها المسجد الأخضر وهو من أجمل مساجد بورصة، ويتزين بنماذج رائعة من الخط العربي الجميل كما يوجد مقابله الضريح الأخضر وبعض المقاهي وأماكن بيع التذكارات والهدايا والحرير الخالص، والمسجد الكبير وهو من المساجد التاريخية القديمة حيث بني على الطريقة المعمارية السلجوقية، وقد أمر ببنائه السلطان العثماني بايزيد الأول وبني فيما بين عامي 1396 و 1400. وللمسجد 20 قبة ومئذنتين.
بني على نمط فن العمارة العثمانية القديمة، التي استَخدمت كثيرا من عناصر العمارة السلجوقية. وقد بنى هذا المسجد المعماري (علي نصار) بأمر من السلطان بايزيد الأول. وهو بناء كبير مستطيل الشكل، وللمسجد عشرين قبة مرتبة في أربعة صفوف، في كل صف خمس قباب، وهي مدعمة بواسطة 12 عموداً. وقد كان السلطان بايزيد الأول قد نذر ببناء عشرين مسجدا إذا انتصر بمعركة (نيقوبولس )عام 1396، فربما كان ذلك هو سبب بناء العشرين قبة لهذا المسجد.
وفيه من الداخل 192 نقشاً خطياً على الجدران، قام بإنشائها أشهر الخطاطين العثمانيين في ذلك الزمان، ويُعدّ هذا المسجد أحد أعظم الأمثلة على فنون الخط الإسلامية في العالم. وتوجد لوحات الخط هذه على الجدران والأعمدة وكذلك على شكل لوحات صغيرة وكبيرة. ومن معالم المدينة ، مقابر عثمان و أورهان ومعالم هي تاريخية للغاية وكانت مغلقة تماما من خلال فرض أسوار الحجر والأقسام التي لا تزال قائمة.
وصلنا على متن الحافلة إلى هذه المعالم الهامة ومررنا بجوارها ، أخذنا نزهة على طول أورهان غازي القديسي و إلى هياس ( القلعة )، حيث الحديقة الصغيرة و المرتفعة لبعض الشيء باعتبارها موطناً لمقابر مؤسسي الإمبراطورية العثمانية .
ذاكرة تاريخية
وللمتاحف أيضا اهتمام خاص بتاريخ المدينة وباعتباره ذاكرة تاريخية تجذب السياح والزوار للاطلاع والتعرف على تاريخ المدينة ، كمتحف أتاتورك الذي يقع في شارع (التشجيرجة) يتألف القصر من طابقين بالإضافة إلى البدروم والسطحية وبحسب المرشد السياحي لنا يوسف أكارلي أن بلدية بورصة قامت بشرائه من السيد ميريلاي محمد وأهدي مصطفى كمال أتاتورك عند زيارته الثانية لبورصة وأفتتح كمتحف في الذكرى الخمسين لتأسيس البلاد عام 1973م ويعتقد أن إنشاءه كان في أواخر القرن التاسع عشر ،فضلاً عن متحف بيت الهدنة حيث تشير الروايات أنه تم توقيع الهدنة في هذا البيت وتلك الهدنة تعتبر النصر الأول لمجلس البرلمان التركي في المجال السياسي، يتألف البيت من طابقين وبدروم وسطحية وبُني من الخشب وتم المحافظة على الأغراض من أيام الهدنة بالإضافة إلى صور ووثائق تلك المرحلة، بينما متحف الآثار الإسلامية وهو متحف خاص بالآثار الإسلامية ويوجد بالقرب من المسجد الأخضر، ومن معالم المدينة القديمة أيضا المدرسة الخضراء وتعد المدرسة الخضراء المدرسة الأولى في الدولة العثمانية وتسمى باسم المدرسة السلطانية وأن النمط المعماري لهذه المدرسة يعتبر استمراراً للنمط السلجوقي الذي يوجد به الفسحة المفتوحة وتعرض في المتحف العديد من الآثار التي تمتد من القرن الثاني عشر حتى التاسع عشر وهو بالقرب من المسجد الأخضر.
وما يميز مدينة بورصة أيضا متحف (إزنك) والذي يعد من أجمل المنشآت الإسلامية للقرن الرابع عشر وهو أول مخطط معماري عثماني على شكل T المعاكس ويتألف من قبة والأعمدة المغطاة بالقناطير وأكثر شيء يلفت الانتباه الحجارة الملونة وفن الطوب البونسي المستخدم في الإمارة، وإلى جانب ذلك متحف البيت العثماني الواقع مقابل كلية مراد الثاني في حي المرادية هو قصر مراد الثاني، وبالنظر إلى مخطط البناء والتزيين وهو أجمل وأقدم بيت موجود في بورصة يتألف من طابقين و حديقة.
السوق الأخضر
تعد بورصة مدينة الحرير منذ القدم وصلنا إلى السوق القديم ولجنا باب محل الحرير وهو من أهم المزارات السياحية في بورصة، عبارة عن سوق كبير يتكون من ثلاث طوابق ،يتميز ببيع أفضل أنواع الحرير وأجودها كل معروضاته راقية لا تجدها في مكان آخر خصوصاً المناشف وروب الحمام ومفارش الطاولات وشراشف غرف النوم وشراشف الأطفال، إضافة إلى وجود ركن خاص بالفضيات وآخر للهدايا يحوي انتيكات وخشبيات وتعليقات جميلة ويوجد حول السوق محلات كثيرة لبيع الفضيات والهدايا .وسوق الحرير ( المسقوف ) يسمى (كوزا هاني ) وهو سوق كبير فيه محلات كثيرة لبيع الملابس بجميع أنواعها وأشكالها كما يوجد به محلات لبيع المنتجات المصنوعة من الحرير، في المكان نفسه كان حسين يوسف بائع الفضة في محله وهو من أصل تركي وإلى جواره فتاتين من عرب سوريا تعملان في المحل إلى جانبه استقبلنا بترحاب حار وقدم لنا الشاي التركي أنا وزملائي عمار سالم وبهاء و أنسام غازي كضيافة لنا وأخذ حسين يحاول الاجتهاد للتحدث بالعربية معنا وأحيانا يستعين بإحدى العاملات السوريات في المحل لترجمة حديثه معنا عن العلاقات بين الشعوب الإسلامية عن السياح العرب في تركيا حيث يؤكد أن تزايد أعدادهم بشكل مستمر من عام إلى آخر .
الفتاة السورية سارة تعرضت بالسؤال للزميلة أنسام غازي أنت من اليمن.. وين الحنا اليمني وين نقشة الحنا..؟
حينها أحد الزملاء أعجب بالسؤال وظل يدندن :( يا ما أحلى نقشة الحنىا .. وا يابوي .. ) إلخ مع رقصة الشرح اللحجي، كان يوماً جميلاً وممتعاً في المكان وقبلها كان الزملاء في الحافلة يستمعون إلى أغاني راقصة للفنان المرحوم فيصل علوي على طول الطريق فمنهم من يؤدي حركات الرقص والتصفيق ما جذب أحد المرشدين وبعض المرافقين من الأتراك للتمايل والتصفيق وتأدية جزئيات الرقص إعجابا بأداء وإيقاع الأغنية اللحجية، كان يوماًِ رائعا على الطريق حيث باركت السماء حضورنا بتساقط قطرات المطر والضباب يلتف حوالينا في الأعالي والإلتواءات في تلك القرى والمحميات والسفوح الجميلة والأشجار متراصة على امتداد الطريق تشكل منظراً جمالياً لم نشهده من قبل.
القرية السياحية
قرية (كمعه عاليا كزيك) وهي قرية تاريخية أثرية تقع بالقرب من بورصه في سفح جبل أولداغ وينصح بزيارتها حيث أنها تمثل عبق التاريخ التركي ويوجد بها مقاهٍ شعبية وأماكن لبيع التذكاريات والهدايا مع لفت انتباهنا جريان المياه العذبة في أزقة القرية ومنها عبر أنابيب بشكل غزير قيل لنا أنه من أعالي الجبل يأتي متدفقا بعد ذوبان الثلوج في الجبل أخذنا وزملائي رشفة من الماء العذب البارد منه شربة هنيئة وبعض الصبية والشيوخ حولنا يستمتعون بطبيعة قراهم الجميلة وبانطباعات الزائرين لها.
تجولنا في أزقة القرية وسوقها القديم ومنازلها السياحية كانت النساء التركيات العاملات في تلك المنازل يستقبلننا بترحاب مميز ليمنيتنا ويقدمن لنا بعض ما لديهن من مأكولات كضيافة لنا, وفي الاتجاه الآخر حيث بيت العمدة عمدة القرية وهي أقدم بيت في القرية تعرض بعض النساء بعض من مشغولاتهن الحرفية الجميلة ليقتني منها السياح والزوار ما يعجبهم منها .
جبل أولداغ
ويعد من أبرز المزارات السياحية في بورصة بل أنه ذو شهرة عالمية نظراً لأنه يقام عليه مسابقات التزلج الأولمبية العالمية ويمكن الوصول إلى هذا الجبل بواسطة سيارة أجرة أو بواسطة الباص الخاص بإحدى الوكالات السياحية، ويطلق عليه أهالي بورصة جبل أولداغ بتمثال بورصة،وصلنا إلى أسفل الجبل وتحيط بنا غابات من الأشجار الكثيفة حيث تنتشر فيها الخنازير والدببة بشكل كبير, وهي محمية طبيعية ومقصد سياحي في بورصة ، ومن الأماكن السياحية الطبيعية التي زرناها ، شلال ونهر سعيت أبارت وهو واحد من أجمل شلالات تركيا كما حكى لنا بعض الأتراك ويقع بمحيط المدينة ويعد مقصد السياح الأول نظراً لقربه من وسط المدينة وفيه العديد من الخدمات مثل المطاعم والمقاهي ويمكن مشاهدة الكثير من المناظر الطبيعية الفريدة ،عبرنا طريق الإسفلت على متن الحافلة التي تقلنا إلى شلال سعيت أبات ، تحيط بنا الأشجار والمزارع وجريان المياه المتدفقة في مشاهد متنوعة غاية في الجمال حيث بساتين الفاكهة تتمدد على جنبات الطريق، حلينا رحالنا هناك عند منتجع الشلال وفيه استمتعنا بالماء والخضرة ووجبة الغداء كنا نشعر ببرودة المكان ذهبنا للتجوال بجوار تلك المياه المتدفقة من الجبل بغزارة قوية نلتقط الصور التذكارية وحوالينا العديد من المقاهي والمطاعم وأماكن عرض التحف والمنتجات الحرفية والاستراحات على جنبات مجرى المياه الغزيرة ، مناظر جمالية في غاية الروعة.
«يالوفا».. ماء وخضرة ووجه حسن
انطلقنا على متن الحافلة الخاصة بتنقلنا من مطار أتا تورك في اسطنبول إلى محافظة يالوفا - وهي واحدة من أجمل المدن التركية والأكثر روعة - بحوالي ساعة ونصف إلى ضفة بحر مرمره من اسطنبول لننتقل بعدها في مواصلة الرحلة عبر وسيلة أخرى هي العبارة فوق مياه البحر وصولاً إلى الضفة الأخرى للبحر نفسه من يالوفا بنحو 40 دقيقة..
رحلة ممتعة على متنها كنا نتبادل الأحاديث مع الأتراك ونلتقط الصور التذكارية، بعد وصول العبارة إلى مرساها في يالوفا أخذنا مقاعدنا فوق الحافلة استعداداً للخروج بالباص إلى الرصيف ومن ثم الانطلاق باتجاه مركز المدينة حيث فندق (إيجنسي ) الذي حدد لنا وفق البرنامج للإقامة فيه خلال برنامج زيارتنا لمحافظتي يالوفا وبورصة.
شهرة عالمية
ويالوفا هي مدينة ساحليه تعد نقطة عبور لحمامات ترمال ولمدينة بورصه ويوجد بها محطة لوصول (الفري بوت) والعديد من الفنادق المتوسطة المستوى و المطاعم و الأسواق المنظمة والمحلات التجارية و البازار الكبير والشوارع المرتبة والشواطىء الجميلة..وتحظى محافظة يلوفا الواقعة في الشمال الغربي من تركيا ، بعدد كبير من الزوار بحكم الشهرة والقرب من اسطنبول فحمامات ترمال التي لا تبعد عنها أكثر من 20 كم أعطتها شهرة عالمية ، ونظراً لكثرة الشقق المفروشة المرغوبة من العرب زادت شهرة قرى ترمال وذاع صيتها وتسابق الناس على الوصول إليها كما حدثنا مرشد الرحلة (يوسف أكارلي) وبعض الزوار العرب من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وشاهدنا آخرين منهم من العراق ومصر وقطر والمغرب.
حمامات ساخنة
والترمال تعد منطقة ما يعرف بالحمامات أو منطقة المياه المعدنية وهى غاية في الجمال و الطبيعة زاد من حسنها دقة التنظيم والترتيب واستغلال المساحات ويوجد بها ثلاثة فنادق جميلة وهادئة، وفندق وحيد عبارة عن شقق فندقيه و(ترمال هوتل) هو أضخمها وأفخمها ويعتبر من فئة الخمسة نجوم ويطل مباشرة على المسبح المفتوح الكبير إلى جانب حمامات عائلية و حمامات خاصة بالرجال وحمامات خاصة بالنساء ومسبح مختلط... وتقع حمامات النبع الساخنة في يالوفا بمنطقة ترمال أو ما يسمى بالمنتجع الحراري في واد تحيط به الغابات من كل اتجاه وتبعد عن مركز المدينة بمسافة 12كم، ويوجد فيها عدد من المغاطس التاريخية الشهيرة كمغطس "السلطان "و"حمام الوالدة " و"حمام قورشونلو" و "الحمام القروي" يتضمن حمام "قورشونلو" التاريخي حوضاً للسباحة في الهواء الطلق بالإضافة إلى الأحواض الداخلية والحمام البخاري (الساونا).
جولة أخيرة
أخذنا جولتنا في المكان بين تلك الأشجار السامقة، وتلك الضفاف المزدانة بالخضرة، والعيون الساخنة بنبع المياه الكبريتية حيث تتفرع عديد ينابيع منها ما يشرب منه وهي على شكل نافورة يفور منها الماء ارتشفنا منه بعض رشفات كعلاج، وفي مكان أخر حيث ينبوع حار يتدفق الماء ويغسل منه العين حيث يقال قبل ما تصل إلى الينبوع إن على كل من يلبس نظارة عليه رميها والذهاب لغسل عينيه من هذا الماء لأن فيه شفاء للعين, قمنا بغسل الوجوه منه والعينين تشعر حينها بان مفعول المياه الكبريتية له دور كبير في إنعاش الجسم وأماكن غسله بتلك المياه الحارة، وبجوار المكان الحمامات المغلقة والمسبح المفتوح حيث ذهب البعض للاستحمام بالمياه الكبريتية وكذا السباحة في المسبح الأولمبي الساخن.
تجولنا في القرى السياحية المجاورة للمكان حتى ما قبل المغرب ومن ثم عدنا إلى مركز المدينة يالوفا للإقامة في الفندق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.