تنعكس الامتحانات في منتصف أو نهاية كل عام دراسي كثيراً على واقع الأسر اليمنية لتعلن حالة استنفار قلقاً على أبنائها وحتى ساعات متأخرة من الليل لتوفير أجواء من الهدوء لهم بغية أن يحققوا نتائج جيدة مع أن كثيراً من الأسر لم تهتم لحال أبنائها منذ بداية العام الدراسي ولم تتابعهم بمجرد السؤال عليهم ولو لمرة واحدة طوال العام الدراسي ...ومواكبة لذلك حاولنا تسليط الضوء على ما تعيشه الأسرة اليوم وانعكاس واقع الامتحانات الدراسية على الكثير منها. استنفار حقيقي الطالب ماجد أحمد مقبل خالد - الثالث ثانوي علمي قال: هذه الأيام ومع قرب الامتحانات الثانوية العامة بمثابة إعلان حالة الاستنفار القصوى في البيت حيث لا يمارس أي عمل للأسرة مكتفياً بالجلوس في المنزل لمراجعة الدروس بالشكل المطلوب من أجل تحقيق معدل ممتاز يضمن لي دخول التخصص الذي يؤهلني لمواصلة التعليم الجامعي. وأوضح ماجد الذي يدرس بمدرسة أبي الحسن الهمداني بمدينة ذمار أنه منتظم طوال العام الدراسي في الحضور للمدرسة إلا أن انقطاع المعلمين كان كثيراً ما دفعه الالتحاق بمعهد خاص من أجل تلقي دروساً خصوصية في مختلف المواد الدراسية. منوها إلى أنه يستغل ساعات ما بعد صلاة الفجر باسترجاع الدروس وهكذا في النهار وحتى أوقات متأخرة من الليل, وأن الأسرة عملت على توفير الوقت وإعفائه من الكثير من الأعمال التي كان يقوم بها إلى جانب والده في العمل حتى لا يؤثر ذلك سلباً على مستقبلة, وحتى لا يرمي عليهم الأسباب أنهم من يقفون وراء فشلة وعدم تحقيقه لمعدل غير مقبول أو بما اطمح إليه. قلق وخوف وتشاركه الراي الطالبة سندس عبدالله - ثاني ثانوي علمي والتي أكدت أنه مع قرب الامتحانات يعيش الطالب حالة من القلق والخوف من الفشل في تحقيق النجاح واعترفت أن فترة الامتحانات بالنسبة لها كابوس مخيف لا يمكن تجاوزه إلا بعد الانتهاء منها وتمنت أن يكون اهتمام الطالب منذ بداية العام الدراسي كما هو الحال عند قرب الامتحانات.. وأشارت إلى أن افضل الأوقات لاسترجاع الدروس في الأوقات المبكرة من الصباح, وكذا بعد الظهر وحتي التاسعة مساء لتذهب للنوم مبكراً لأن السهر مرهق جداً لها. اهتمام متقطع من جانبها الطالبة أمل عبده محمد خالد - الصف الثامن أساسي قالت أن اهتمامها بالمذاكرة يأتي مع قرب الامتحانات. مواكبة الدروس أما الطالبة مرام صالح حسين - الثالث الثانوي القسم العلمي فقالت: بصراحة منذ بداية العام الدراسي وأنا حريصة جداً على حضوري اليومي للمدرسة حتى لا يفوتني أي درس قد يشكل لي عائقاً في الامتحانات النهائية وهذا طبعاً بدافع من أسرتي التي تحرص على أن أواكب الدروس وأراجعها أولاً بأول. وأشارت إلى أنها استفادت كثيراً من شقيقتها التي أنهت الثانوية منذ عامين وحاولت أن تستفيد من الوقت من أجل أن تحقق التفوق بما يمكنها من تحقيق طموحها وهو الالتحاق بكلية الطب إذا سنحت لها الفرصة مستقبلاً بذلك. واعتبرت أن أسرتها عملت كل ما بوسعها من أجل أن تدخل الامتحانات وهي أكثر ثقة بنفسها في الإجابة على جميع الأسئلة, ولكن وعلى حد تعبيرها أن اهتمام الأسرة عند الامتحانات يكون أضعافاً مما هو في الأيام الاعتيادية حيث وأن بالقرب من الامتحانات كل فترة فراغ بدون مذاكرة تكون محسوبة عليها, والكل يوجه إليها النصائح بأن تذهب للمذاكرة, حتى الأولاد الصغار اعتادوا على ذلك من كثرة ما يسمعون الكبار وخصوصاً والدها ووالدتها اللذان تكن لهما كل الحب والاحترام متمنيةً أن يسامحوها لإتعابهم كثيراً ليس أثناء الامتحانات فقط بل منذ الوجود على هذه الحياه. قلق وخوف ومع أولياء الأمور كان لنا وقفة حيث يروي خالد رضوان يوسف الوصابي والذي يعمل في متجر الملابس أنه يعمل أثناء الامتحانات على توفير الأجواء الهادئة لأبنائه الطلاب من أجل أن يستذكروا دروسهم جيداً إلى جانب تشجيعهم بكثير من الإطراء والوعود بالهدايا في حالة النجاح والتفوق بعيداً عن أساليب التعقيد الغير حديثة والغير مجدية في الوقت الحالي. ويؤكد: «لكل زمان أساليبه الخاصة في طرق تربية وتعليم الأبناء ويختلف الآن التعامل مع أبناء اليوم إذ إننا نحاول أن نماشي الوضع والعصر الذي نعيش فيه». معتبراً وضع الأسرة في نهاية كل عام دراسي كمن تعيش حالة أشبه بالطوارئ مضيفاً: ورغم أننا نحاول أن نطمئنهم كثيراً ونحثهم على بذل المزيد من الجهد إلا أن الامتحانات وخصوصاً القلق والخوف يسيطر على عقولهم أحياناً كثيرة ولكننا نحاول انتزاع تلك المخاوف منهم ونعمل على تشجيعهم وأحياناً نضطر بأن نشاركهم تلك الأجواء حين نحث من هم أكبر منهم على القيام بالمراجعة لبعضهم الدروس. مؤكداً في سياق حديثة بأن الأسرة كثيراً هي من تقرر نجاح أو فشل الأبناء من خلال المتابعة والاهتمام والمشاركة في التخطيط لتقرير مستقبله. قلق كبير وللتربويين حديث عن ذلك.. حيث أكد الأستاذ عبد الله بجاح - تربوي في مدرسة عقبه بن نافع بمدينة ذمار أن بعض الأسر تعاني كثيراً لاسيما التي لم تهتم بمتابعة أبنائها الطلاب منذ بدء العام الدراسي لتكون أكثر حدة في تعاملها معهم لأنها تدرك فشله تماماً بعكس الأسرة التي يهمها مستقبل ابنها منذ بداية العام الدراسي لذلك فترة الامتحانات تشكل قلقاً كبيراً للأسرة والتي تزداد الاهتمام به في نهاية العام وهذا مفهوم وثقافة متأخرة بالنسبة للأسرة التي كان من المفترض متابعته شهرياً أن لم يكن أسبوعياً وكثيراً ما يأتي أولياء الأمور عند الامتحانات وتراهم أكثر حرصاً على أبنائهم. ويؤكد بجاح: ولهذا على الأسرة أن تدرك الأهمية المبكرة في المتابعة للأبناء وباستمرار ليشعروا بأنهم مراقبون من الأسرة والمدرسة معاً وكلاهما مكمل للآخر ولكن أن يأتي ولي الأمر في نهاية العام ويفرض القيود على الابن باسترجاع الدروس وهو يدرك أنه لا يفقه شيئاً فعليه بعد إعلان النتائج أن لا يأتي مستنكراً رسوبه أو حصوله على معدل منخفض في حين نجد أن الأسر الحريصة على متابعة أبنائها ينعكس ذلك على تحصيل أبنائهم العلمي حتى تجدهم الأكثر حضوراً وفهما للدروس, ويطغى عليه الحرص الشديد في الحضور وكذا متابعة الدروس أولاً بأول ولذلك تجد درجاتهم جيدة لندرك أن مثل هؤلاء الطلاب سيكون لهم مستقبلاً باهراً. أساليب حديثة ويشير الأستاذ محمد على عوض تربوي وإداري مكتب التربية والتعليم بمديرية ذمار إلى أنه تكاد كثير من الأسر اليمنية وأثناء تأدية أبنائها للامتحانات تعيش في جحيم الامتحانات، والى أن ذلك عائد للاهتمام والمتابعة المتأخرة للطلاب من الأسرة, في ظل عدم اهتمام ولامبالاة من بعض الطلاب الذين لا يعيرون الامتحانات أي أهمية لأن الإهمال تغلل في كيانهم فأصبح البعض لا يهمه النجاح أو الرسوب. وينصح عوض الأسرة أن تعطي أبناءها الوقت الكافي للمذاكرة منذ بداية العام وأن تعمل على متابعته بين الحين والآخر, وأن توفر له المناخ الأسري الملائم والعمل على تشجيعه واتباع أساليب تجذبه للتعليم كالتشجيع والترفيه بعيداً عن العنف والتعقيد. إدراك متأخر «في نهاية كل عام دراسي تعلن الأسر حالة الاستنفار اهتماماً بأبنائها وبمتابعة دروسهم بينما لم تحرك ساكناً طوال السنة الدراسية غير مبالين ومهتمين بذلك, وهنا يتضح الفجوة الكبيرة بين الأسرة والمدرسة بغياب المتابعة والدور المكمل بينهما». ذلك ما يؤكده الأستاذ محمود مجلي - أخصائي علم النفس مضيفاً بالقول: أن جوهر الموضوع بحد ذاته إشكالية كبيرة ومتوسعه في مجتمعنا والذي تعود للثقافة التعليمية في بلادنا بشكل عام متدنية جداً حيث أصبح الأهم والمهم لدى الأسرة أن يحصل الطالب في نهاية كل عام على شهادة مكتوب عليها ناجح, والأسرة لم يعد يهمها كثيراً التحصيل العلمي إلا القليل منها. ويزيد: هذا التراخي من الأسرة طوال العام نرى أن الاهتمام يولد فجأة في نهاية كل عام دراسي مع أننا نرى أن بعض الأسر لم تهتم لأبنائها ولا يهمها أن أولادها يتعلمون أو لا يتعلمون بينما في نهاية العام يمارسون أنواع العقوبات بأولادهم من أجل أن يستقروا بالمنازل فترة الامتحانات لمراجعة الدروس التي لا يفقهون منها شيئاً أحياناً لأن تلك المتابعة كان يفترض أن تكون منذ بداية العام الدراسي لتحقيق النجاح لأولادهم من أجل أن تكون حياتهم التعليمية طبيعية وتسير وفق سلوك معين. ويواصل: ولذلك في مثل هذه الأيام كما هو الحال الأسر تبدو مهتمة بأبنائها لأن بعضها تدرك الفشل وهو إدراك متأخر كثيراً لتعمل على التشديد والتوبيخ ومضايقة الإبن من الخروج الذي هو بحاجة لذلك للترويح عن لنفس من أجل أن يعود للمذاكرة بطاقة أكثر و إزاء ذلك الكبت المتأخر يجعله يستنفذ كل ما تعلمه في الأيام الأخيرة. وينصح مجلي الأسر أن تهتم بمتابعة أبنائها الطلاب منذ وقت مبكر طوال العام الدراسي وأن تشعرهم بذلك منذ الأيام الأولى للعام الدراسي لأن الاهتمام المتأخر لا يخلق أي مستقبل للأبناء بعيداً عن تخطيط الأسرة. ضغط نفسي هذه الإشكالية تحدث عنها الأستاذ عبده علي سنان السعيدي - مدير مدرسة الازدهار النموذجية بني الحارث أمانة العاصمة مؤكداً على أهمية متابعة الأسرة لأبنائها النابع من الحرص على مستقبلهم مضيفاً: وكثير من الأسر لا تتفاعل مع رسائل المدرسة وكان الأمر لا يعنيها أبداً لأنه من حق الأسرة أن تطلع على سلوك وانضباط أبنائها بالمدرسة, ولكن هذه الثقافة غائبة في مجتمعنا كثيراً ليكون الإهمال من الأسرة هي من غرست ذلك بنفس أبنائها فإذا وجدت المتابعة المستمرة ستوجد بالتأكيد العلاقة القوية بين الأسرة والمدرسة. ويواصل بالقول: وحقيقة فعندما يحل موعد الاختبارات النهائية فإنه يشكل ضغطاً نفسياً ومعنوياً على الأسرة وأبنائها الطلاب فتكون في حالة طوارئ حقيقية تحتاج إلى توفير الأجواء الهادئة، واختيار الساعات المناسبة والملائمة للمذاكرة ومساعدة الأبناء في استرجاع دروسهم ومعلوماتهم التي تلقونها خلال الفصل الدراسي من كل عام وهنا يحدث استنفار حقيقي في البيوت وتتحول إلى خلايا نحل نشيطة تحاول وبكل الوسائل المتاحة تحقيق ثمار ناجحة وممتازة تنال رضاهم في نهاية كل الاختبارات المدرسية. مختتماً: ولهذا أتمني من الجميع مراعاة هذه الفترة بالذات وتهيئة كل المجالات لأولادنا الطلاب لتأدية امتحاناتهم، والإدراك الحقيقي والفهم العميق نفسياً وأسرياً لهذه الاختبارات، وعدم القلق النفسي وتحبيب هذه الفترة بالذات لكي لا نخوف أولادنا الطلاب منها.