سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور عصام عبدالملك الأكحلي خبير ومهتم بقضايا المياه في اليمن: مشكلة مياه تعز تحولت من سيئ إلى أسوأ وأصبحت غير محتملة إذ لم تسارع الدولة تنفيذ مشروع التحلية
يعتبر اليمن من بين عشر دول تعاني من شح المياه في العالم والأفقر من حيث الموارد في الشرق الأوسط فقد أصبحت أزمة المياه خطراً حقيقياً يهدد أجزاء الوطن وذلك بسبب زيادة عدد السكان وانتشار زراعة القات وتزايد الاحتياج والاستهلاك غير الرشيد للمياه الذي بات يهدد المخزون المائي بشكل مخيف ويضع اليمن على أعتاب موقف حرج لا يقبل التهاون أو التساهل.. شحة المياه ومحدودية الأمطار ولأهمية هذه القضية رأت صحيفة الجمهورية أن تلتقي الدكتور عصام عبدالملك الأكحلي خبير ومهتم بقضايا المياه في اليمن الذي نوه في بداية حديثه إلى أن شح المياه ومحدودية الامطار الموسمية مع استمرار الهدر والاستنزاف وضع اليمن على رأس قائمة البلدان المهددة بالجفاف وصنفت كإحدى عشرة دولة هي الأشد فقراً في الموارد المائية حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 120متراً مكعباً في السنة ما يعادل 2بالمائة من المتوسط العالمي الذي يصل إلى 7500متر مكعب في السنة في حين يصل معدل الاستنزاف السنوي من المخزون الجوفي إلى 900مليون متر مكعب ما يمثل 0.36بالمائة هي مقدار الحجز المائي السنوي، ويصل معدل الاستنزاف المائي من حوض صنعاء وحدة 200بالمائة من نسبة التغذية السنوية ومعظم سكان العاصمة تقريباً لا يحصلون على كميات كافية من المياه من المشروع العام الذي يصل إلى المنازل مرة كل عشرة أيام، مما يضطرهم إلى شراء المياه بالوايتات لسد احتياجاتهم اليومية، وهناك بعض العائلات لا تستطيع شراء المياه فتدفع أطفالها لإحضار المياه من المساجد والمنشآت الحكومية القريبة من منازلهم. آبار عشوائية تهدد حوض صنعاء وعن الاستنزاف العشوائي لآبار المياه في حوض صنعاء قال: أما الآبار العشوائية التي تهدد حوض صنعاء فهي أيضاً مهددة في استخدامها في ري أشجار القات ووفقاً لما قاله الدكتور “جير هارد” مدير إدارة الموارد المائية المشتركة في منظمة التعاون الفني الألماني في اليمن فإنه يوجد “13500” بئر عشوائية في حوض صنعاء حضرت خصيصاً لري أشجار القات التي تستهلك تقريباً 8090 بالمائة من المياه وهي حصة الأسد تقريباً، في حين أن مؤسسة المياه والصرف الصحي تملك 215بئراً في حوض صنعاء ثلثها محفور بعمق 1000م لإمداد الناس بالمياه، وبالرغم من ذلك فإن سكان المناطق العمرانية الحديثة والتي تبعد عن وسط المدينة لا تصل إليهم امدادات مياه المشروع، وإنما يعتمدون على مياه الوايتات للتزويد بالمياه.. ومع أن أصحاب الوايتات والآبار يحصلون على عمل مربح من بيع المياه للسكان حول المدينة إلا أنهم يخشون فقدانها في المستقبل القريب نتيجة ندرة المياه والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الناس ومع اقتراب وقوع أزمة وشيكة في المياه في العاصمة صنعاء فلا مناص للحكومة من العودة إلى دراسة لحل المشكلة لكي تتغلب على أزمة المياه في العاصمة صنعاء حتى لا تواجه معضلة كبيرة بتزويد المواطنين في المياه مستقبلاً. وأضاف: أرجع وزراء سابقون للمياه والبيئة أسباب مشكلة نضوب المياه في صنعاء إلى عدة أسباب منها نضوب الموارد المائية التي تصل إلى 40 % من هذه الموارد التي نضبت، وزيادة عدد السكان في العاصمة وذلك بسبب قدومهم من جميع المحافظات الجمهورية للبحث عن فرص عمل أفضل في العاصمة وأيضاً اتساع زراعة القات التي تستهلك أكبر جزء من المياه الجوفية ولذا لابد للحكومة من إصدار قانون المياه وتنفيذه بجزم على أرض الواقع للحد من استنزاف المياه الجائر لمخزون المياه الذي تراكم على امتداد ملايين السنين ولابد من اتخاذ الإجراءات القانونية الحازمة لوقف عمليات الحفر والضخ بما في ذلك الحيلولة دون السماح لحق امتلاك حفارات خاصة يستنزفون بها المياه الجوفية ويستأثرون بواسطتها بثروة سيادية حيوية تشكل أهم مصادر الأمن القومي اليمني واتباع آليات حديثة ومتطورة ورشيدة لتوزيع المياه وكذا نمط استخدامها لأغراض الشرب مشكلة المياه بتعز هي الأقدم من نوعها أما مشكلة المياه في تعز فهي الأقدم من نوعها في البلاد وقد تفاقمت ووصلت إلى درجة عالية من الخطورة على المدى القريب والبعيد حيث بدأت المشكلة في مطلع السبعينيات في ريف المدينة وفي التسعينيات في المدينة نفسها وتحولت الآن من سيئ إلى أسوأ وأصبحت غير محتملة لأن إمدادات مشروع المياه يصل للناس في الشهر مرة واحدة أو كل أربعين يوماً ولكن وللأسف هذا اليوم لا يكفي لسد احتياج الناس طوال الشهر لأن بعضهم قد يستهلكه في أسبوع والبعض الآخر في أسبوعين وبعد ذلك يلجؤون لشراء الوايتات وهذا يكلفهم جداً ويشكل عبئاً ثقيلاً على ذوي الدخل المحدود فيضطر كثير من الأسر بدفع أبنائها لجلب المياه من المساجد أو تعقب الوايتات لجمع المياه المتسربة منها.أما في ريف تعز حيث أزمة المياه هي الأشد من نوعها والمعاناة أقسى بالشبه للفتيات والنساء اللاتي اعتدن على جلب المياه من الآبار البعيدة وقيعان الوديان وأحياناً يتعرضن لحوادث سير وهناك من تكسر ساقها أو يدها بسبب وعورة الطرق الجبلية أثناء الذهاب و الإياب. وتعليقاً على شحة المياه في محافظة تعز قال يوجد العديد من الأسباب وراء استنزاف المياه في تعز وأهمها زيادة عدد السكان والتوسع العمراني الذي تشهده المحافظة مع محدودية مصادر المياه فيها فمدينة تعز تعتمد على ثلاثة أحواض مائية وهي الحيمة وادي الضباب والحو بان وهي تزود المدينة ب(17000) متر مكعب يومياً ولكن الاحتياج اليومي للسكان من المياه هو (56000) متر مكعب وهذا يعني نقص(2600) متر مكعب من الاحتياج.أما الحلول المستقبلية لمشكلة ندرة المياه في تعز قال الأكحلي إن الحكومة لديها خطة لتنفيذ وحدة تحلية لمياه البحر من مدينة المخا الساحلية إلى مدينة تعز هذه الوحدة سوف تزود تعز ب (50000) متر مكعب تقريباً من المياه يومياً هذه الإمدادات سوف تزيد من حصة الشخص الواحد إلى 60 لتراً في اليوم وهذه من الحلول الجيدة والمنطقة وقد اعتمدت على هذه التقنية كثير من الدول التي تتصف بندرة الأمطار كما هو الحال في دول الخليج وأضاف الأكحلي يقول بسبب أزمة المياه الحادة في محافظة تعز قامت مجموعة شركات هائل سعيد بإنشاء أول وحدة تحلية في مدينة المخا، حيث يتم تحلية المياه في المحافظة بالمخا وتنقل جاهزة بحافلات خاصة وكبيرة إلى مصانع هائل بتعز بمعدل خمسين حافلة تنقل المياه يومياً إلى المصانع ومستفيدين آخرين من المشروع وكل حافلة تتسع ل 450.000 متر مكعب يومياً وتكلفة النقل ضعف تكلفة التحلية، حيث إن تكلفة تحلية المتر المكعب تساوي 400 ريال وتكلفة التنقل 800 ريال ليصل إلى تعز ب 1200 ريال وتحلية مياه البحر هو الخيار الوحيد لحل أزمة المياه بتعز. أيضاً لحج تعاني من ندرة المياه أما مشكلة المياه في لحج فيقول الخبير الأكحلي بدأت لحج تعاني أيضاً من ندرة المياه خاصة المناطق القريبة من محافظة تعز حيث المنسوب المستوى لهطول الأمطار هو 50 مم فقط فمثلاً في منطقة القبيطة التي كانت تعود لمحافظة تعز قبل أن تنظم إلى مدينة لحج عام 1999م هي أكثر مديرية متأثرة بأزمة المياه مما دفع بعض الأهالي في هذه المديرية إلى الهجرة وتركوا منازلهم بعد أن بدأ الجفاف يهددهم ومنذ فترة قصيرة أصبح الناس يجلبون الماء من المناطق البعيدة، حيث تتوفر الآبار فقد استخدموا الحمير والسيارات وأيضاً المشي على الأقدام في أسوأ الحالات ووفقاً لمصادر ناشطين ومهتمين بالمياه أكدوا أن زيادة نسبة تسرب الفتيات من المدارس وانتشار الأمية سببها انشغالهن بجلب المياه من الأماكن البعيدة. أولويات لابد من التركيز عليها هناك أولويات لابد من ضرورة التركيز عليها للحد من مشكلة المياه ونفقاتها التشغيلية المتوقعة ما هي قراءتكم لذلك؟ حقيقة هناك أولويات عملية سوف تزيد من فرصنا وتحافظ في نفس الوقت على مستوى الدخل وضمان توفير المياه الكافية لتلبية احتياجات مدننا المتنامية وبالتالي لابد من التأكيد على العمل الجماعي على المستوى المحلي والعمل سوياً بدعم من الحكومة على الحفاظ على الموارد المائية واستدامتها وتمديد الآليات الكفيلة بتعزيز الإدارة الجيدة والتخطيط الدقيق والصائب على مستوى أحواض المياه باعتبارها سياسة لا حياد عنها في عمل الحكومة على أن يؤخذ في الاعتبار توزيع المياه بصورة عادلة ووقف عمليات الحفر والضخ واتباع آليات حديثة متطورة ورشيدة لتوزيع المياه بين الريف والحضر وكذا أنماط استخداماتها لأغراض الشرب، كما أن الحفاظ على مواردنا المائية مسألة ينبغي أن تتربع على صدارة استراتيجية الأمن القومي اليمني وهي مهمة وواجبه على المجتمع. وأهاب الدكتورعصام في ختام حديثه بدور الدولة للوقوف بشكل حاسم وصارم بغرض هيبة القانون وإلزام الجهات الحكومية والمحلية بتطبيق القوانين وإيقاف العبث بما تبقى من هذه الثروة الهامة وذلك بإيقاف الحفر العشوائي ومنع زراعة القات للحفاظ على ما تبقى من المياه في أحواض المياه وبالتالي لا بد من الاستفادة من نظم حديثه وجادة لإدارة المياه والتوعية الترشيدية الكفيلة بخلق ثقافة واعية عن التعامل مع هذا المورد الهام.