عمت مظاهر الفرح الشارع الفلسطيني فور وصول خبر اتفاق قيادة حركتي فتح وحماس في مكةالمكرمة على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد تذليل العقبات التي كانت تعترض التشكيل طوال الأشهر السابقة. وخرج الآلاف من الفلسطينيين إلى الشوارع يملأهم الفرح وتقرأ على وجوههم علامات الارتياح ، واخذوا يرددون الهتافات الوطنية التي تحيي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل. وأطلقت ألاف السيارات العنان لأبواقها فيما أطلق الآلاف من الفلسطينيين الذين احتفلوا بالاتفاق واعتبروه نصراً تاريخياً النار في الهواء تعبيراً عن الفرح، وتواصلت المظاهرات إلى الساعات الأولى من اليوم الجمعة خصوصا في مناطق قطاع غزة. وعبرت كل الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية عن ارتياحها للاتفاق، ووجهت رسائل تبارك فيه الاتفاق، وتشد على أيدي القيادة الفلسطينية في مكةالمكرمة. وينتظر أن تشهد المدن الفلسطينية استقبالات كبيرة لوفد حركتي فتح وحماس عند عودتهما إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، يقول مراقبون فلسطينيون إنها استقبالات ستكون الأكبر والأوسع مشاركة فلسطينياً . واتفقت الحركتان ليلاً على تقاسم الوزارات بالتراضي فكانت على الشكل التالي تسع وزارات لحماس، وست وزارات لفتح، توزع تسع وزارات على الكتل البرلمانية والمستقلين. وبموجب الاتفاق فان وزير الخارجية سيكون السياسي الفلسطيني المستقل الدكتور زياد أبو عمرو ، ووزير المال سيكون رجل المال الفلسطيني المستقل الدكتور سلام فياض وهو وزير المال الأسبق ، فيما ستكون وزارة الداخلية لشخصية فلسطينية مستقلة ، وستعين حركة فتح نائباً لرئيس الحكومة التي سيشكلها القيادي في حماس إسماعيل هنية . وتلا نبيل عمرو مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس نص كتاب التكليف الذي سيرسله الرئيس محمود عباس لرئيس الوزراء إسماعيل هنية الذي كان عقبة كأداء منذ أشهر في طريق التوصل إلى الاتفاق ، وجاء فيه " ادعوكم خلال الفترة القادمة كما نص عليها القانون الأساسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية ". كما ادعوكم كرئيس للحكومة القادمة للالتزام بمصالح الشعب الفلسطيني العليا والحفاظ على مكتسباته كما أقرتها المجالس الوطنية المتعاقبة وقرارات القمم العربية واحترام اتفاقات منظمة التحرير. وبموجب الاتفاق تحصل حركة فتح على ست وزارات وهي:" الصحة، الشؤون الاجتماعية، الأشغال العامة، المواصلات، الزراعة، والأسرى"، وستسمي فتح وزير دولة مستقل بالإضافة إلى تعيين نائب رئيس وزراء من الحركة. فيما ستحصل حركة حماس على ثمان وزارات وهي :" الأوقاف، الاقتصاد، العمل، الحكم المحلي، الشباب والرياضة، الاتصالات، العدل، والتربية والتعليم"إضافة إلى منصب رئيس الوزراء . ويعين بموجب الاتفاق زياد أبو عمرو وزيرًا للخارجية وهو مستقل ومقرب من الرئاسة وحركة حماس، ويعين سلام فياض وزيرا للمالية وهو نائب في التشريعي مستقل، فيما تسمي حركة حماس وزير الداخلية الذي يجب أن يكون مستقل بشرط أن يوافق عليه الرئيس عباس، وتوزع باقي الوزارات على الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي والمستقلين. ودعا الرئيس عباس خلال إعلان الاتفاق " هنية إلى الالتزام بمصالح الشعب الفلسطيني وصون حقوقه"واحترام قرارات الشرعية العربية والدولية والاتفاقيات الموقعة". وأكد الرئيس عباس أن المبادرة السعودية التي دعا إليها الملك عبد الله نجحت بفضل المساعي الكريمة من العاهل السعودي وبجهوده المتواصلة لإنجاح هذا التوافق بالإضافة "إلى أن القلوب والنية صافية لدى الجميع مؤكدا على أن كل الأعمال المخجلة التي حدثت في السابق لن تعود وسننطلق للأعمال الجادة لنصل إلى استقلال بلدنا". من جانبه عبر خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عن التزام الجميع بهذا الاتفاق وعدم العودة إلى المربع الأول مشيرا إلى أن قادة أكبر فصيلين فلسطينيين توصلا لهذا الاتفاق المميز مخاطبا المتخوفين من عدم تطبيق الاتفاق:" نحن عاهدنا الله في هذا المكان الطاهر بجوار الكعبة في بلد الله الحرام أن يكون مصير هذا الاتفاق الالتزام الكامل ونعاهد الله وامتنا أننا سنعود لبلادنا ملتزمين بالاتفاق ". وتوجه مشعل للشباب في الأراضي الفلسطينية بالقول "هذه قيادات الشعب الفلسطيني توصلت لاتفاق ولا يطلق أحد النار وسنرفع الغطاء على كل من يطلق النار ونطالبكم بالالتزام الكامل بالاتفاق ووقف كافة أشكال التحريض للتفرغ للمعركة الحقيقة ضد الاحتلال مشيرا أنه عندما تتوحد فتح وحماس فإنه سنكون قادرين على توحيد الصف الفلسطيني والوصول لأهدافنا". وأضاف مشعل أن الصفحات الماضية السيئة كانت استثنائية وسيتم طيها من التاريخ الفلسطيني منذ تاريخ هذا الاتفاق مقدما شكره للرئيس أبو مازن لجهده المميز والجهود التي بذلها وفد حركة فتح وحماس للوصول إلى هذا التقارب حيث قصرنا المسافات وتوصلنا للاتفاق لنتفرغ لهمومنا مؤكدا على الالتزام بالوحدة الفلسطينية متعهدا بالشراكة السياسية مشيرا أنه سيتابع مع الرئيس أبو مازن وهنية رعاية هذه الشراكة والتي لن تكون فقط في الحكومة". من جانيه شكر رئيس الوزراء إسماعيل هنية الرئيس عباس لجهوده مشيرا أن رئاسته لأول حكومة وحدة وطنية هو شرف له متعهدا بحمل الأمانة والمسؤولية متوجها للرئيس عباس :"سنكون بإذن الله على قدر المسؤولية وسنصون العهد وسنحمي الوحدة الوطنية وسنحقن الدماء الفلسطينية وسنصوب السلاح بعيدا عن الصدر الفلسطيني ونخلق مناخات جديدة وفجر جديد لشعبنا ". وشكر هنية وفدي حركة فتح وحماس الذين واصلوا العمل الليل بالنهار وشكلوا اللجان والتقوا وتفاهموا إلى أن توصلوا لهذا الاتفاق مؤكدا أن شعبنا سيبدأ مرحلة جديدة من العمل الفلسطيني والجاد لاستكمال مشروع التحرر وحماية الأهداف الوطنية وكسر الحصار. من جانبه قال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز :"احمد الله الذي استجاب للدعاء وحقق النداء وجمع هذا الجمع الكريم في رحاب بيته العتيق ويسر للاتفاق يشرف ويثلج صدور شعبنا الفلسطيني الشقيق والأمتين العربية والإسلامية ويغيظ الأعداء واهنأ قادة فلسطين الذين ارتقوا على المسؤولية وهم جديرين بالمسؤولية وحققوا الوحدة الوطنية ووصلوا إلى اتفاقهم التاريخي بإرادتهم الحرة المستقلة وإنهم بإذن الله سيحافظون عليه بإرادتهم الحرة المستقلة". وعقب التوقيع على الاتفاق بين الحركتين في مكةالمكرمة في وقت متأخر من ليل الخميس تتالت رسائل الدعم والتأييد للاتفاق والمباركة له من الرؤساء والملوك العرب والمسلمين والحكومات العربية والإسلامية والغربية .