وجدت دراسة جديدة أن التدخين خلال الحمل يرتبط بضعف مهارات القراءة عند الأطفال . وذكر موقع "هلث داي نيوز" الأمريكي أن الباحثين في جامعة "ييل" وجدوا أن الأطفال الذين تدخن أمهاتهن علبة أو أكثر من السجائر يومياً خلال الحمل، يواجهون ضعفاً في مهارات القراءة مقارنة بغيرهم من الأطفال . وقد حلل الباحثون بيانات تعود لأكثر من 5 آلاف طفل من المملكة المتحدة، وقارنوا علاماتهم في سلسلة من الاختبارات التي تقيّم دقة القراءة والفهم . جرى اختبار الأطفال في عمر 7 و9 سنوات . وتبيّن أن الأطفال الذين دخّنت أمهاتهم علبة على الأقل من السجائر في اليوم خلال الحمل، سجلوا علامات في الاختبارات تقل بنسبة 21% عن الأطفال المولودين من أمهات غير مدخنات . وقال الباحث المسؤول عن الدراسة جيفري غروين، إن آثار التدخين خلال الحمل قوية بشكل خاص عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب في النطق، ما يقترح تداخلاً بين التعرّض للنيكوتين داخل الرحم والقدرة على النطق . وكان باحثون بريطانيون وسويديون قد حذروا من أن التدخين أثناء فترة الحمل قد يؤثر في التنسيق الحركي لدى الطفل . ودرس باحثون من جامعة أوريبرو في السويد حالات 1300 طفل ولدوا جميعاً في بريطانيا خلال أسبوع واحد في العام ،1959 وشاركوا في "الدراسة الوطنية لنمو الأطفال" التي تم فيها متابعة أوضاعهم مع دراسة عادات أمهاتهم أثناء الحمل . وبيّنت الدراسة التي نشرت في مجلة "علم الأوبئة والصحة المجتمعية"، ان الأطفال الذين كانت والداتهم من المدخنات أثناء فترة الحمل، عانوا من ضعف في التحكم البدني وتنسيق الحركات . وقال كبير الباحثين في الدراسة سكوتي مونتغوميري في بيان "اكتشفنا أن قدرات الصبيان قد تتأثر إلى حد أكبر من الفتيات" . ووجد مونتغوميري وزملاؤه علاقة بين النيكوتين وهرمون الذكورة "تستستيرون" قد تؤثر في الصبيان، مشيرين إلى أن النيكوتين قد يؤثر في نمو دماغ الجنين خصوصاً لأنه يتفاعل مع التستوستيرون . وأوضحت دراسة نشرت في العدد الأخير من "مجلة علم الأوبئة وصحة المجتمع" أن تدخين الأمهات خلال الحمل يتسبب بولادة أطفال يعانون مع الاضطرابات السلوكية في سنوات العمر الأولى . وبينت الدراسة أنه بالإمكان ملاحظة هذه المشكلة حتى عند الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثالثة، محذرة من أن التدخين خلال الحمل قد يتلف دماغ الجنين، ولذا من الضروري امتناع الأمهات عنه خلال هذه الفترة . وراقب الباحثون من جامعتي يورك وهول في ولاية ألينوي الحالة الصحية لأكثر من 14 ألف امرأة وطفل شاركوا في دراسة كوهورت الألفية شملت أطفالاً في المملكة المتحدة ما بين عام 2000 و2001 . وقد تمّ تصنيف الأمهات اللواتي شملتهن الدراسة على أنهن إما نساء يدخن بشكل خفيف أو قوي اعتماداً على عدد السجائر التي دخّنها خلال فترة الحمل . ثم طلب من هؤلاء النساء تقييم الحالة السلوكية لأطفالهن من خلال تعبئة استبيانات حول مشاكلهم السلوكية ونشاطهم المفرط أو اضطرابات التركيز عندهم وذكر مستوياتهن العملية وأعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية . وتبين أن الأمهات اللواتي كنّ يدخن بشكل خفيف زاد احتمال أن يعاني أطفالهن الذكور من الاضطرابات السلوكية بحوالي 44%، وازدادت هذه النسبة إلى 85% عن الأمهات اللواتي كنّ يدخن بشكل قوي . وقالت البروفيسورة كايت بيكيت التي قادت فريق البحث إن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تتطابق مع دراسات أخرى عن النساء اللواتي ينجبن في سن متأخرة . وقالت "إن التدخين خلال فترة الحمل قد تكون له نتائج مباشرة على نمو دماغ الجنين ونشاطه وهذا ما أظهرته دراسة أجريت على الجرذان" . وقال رئيس كلية الصحة العامة في بريطانيا البروفيسور ألن ماريون- دافيز "هذا سبب ثان إضافي كي تبذل الأمهات كل جهد ممكن من أجل الإقلاع عن التدخين ومن الأفضل أن يكون ذلك قبل الحمل" . وأشار إلى وجود حوالي "أربعة آلاف مادة سامة في السجائر والكثير منها ينتقل إلى أدمغة الأجنة ومن المحتمل أن تؤثر هذه في الطريقة التي تعمل فيها كيمياء الدماغ" . وفي دراسة بريطانية حديثة شملت مجموعة من الأطفال في الثانية عشرة من العمر أن الذين ولدوا من بينهم لأمهات كنّ يدخن خلال فترة الحمل تبين أن هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للاصابة من غيرهم بعوارض مرضية من بينها الهلوسة والأوهام بحوالي 20% . وبحسب الدراسة فإن هذه النسبة تقفز إلى 84% إذا دخنت الأم الحامل عشرين سيجارة أو أكثر في اليوم . وحذر الباحثون من أن تعرض الجنين في الرحم لتأثير التبغ قد يؤثر في تطور دماغه ولكنهم قالوا إن هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات حول هذه المسألة . والدراسة التي أعدها باحثون في جامعات كارديف وبريستول وورويك جزء من دراسة أشمل عن الآباء والأطفال وتهدف لمعرفة تأثير العوامل الجينية والبيئية في الصحة بشكل عام . وفي هذا السياق، قال الدكتور ستانلي زاميت الذي قاد فريق الدراسة إن تدخين الأمهات قد يكون عامل خطر مهماً يؤثر في صحة الناس . وطلب من الأطفال الذين شاركوا في الدراسة ذكر ما إذا عانوا خلال الأشهر الستة الأخيرة من الأوهام أو الهلوسة فاعترف 11% منهم بأنهم عانوا من ذلك . إلى ذلك، قال باحثون إن نتيجة هذه الدراسة تعزز المنطق الذي يطالب بامتناع النساء عن التدخين خلال فترة الحمل، مشيرين إلى أن حوالي 15% من البريطانيات لا يزلن يدخنّ خلال فترة الحمل . وقال زاميت إن العلاقة بين تدخين الامهات وتعرض الأطفال لعوارض الهلوسة أو الأوهام غير واضح حتى الآن، لكنه رجح أن يكون لذلك علاقة بتطور نشاط الدماغ المسؤول عن التركيز والادراك، داعياً للتوسع وإجراء المزيد من الابحاث حول هذه النقطة . وكانت دراسة استرالية قد بينت ان ثمة رابطاً بين تدخين الأم خلال فترة الحمل وزيادة خطر إصابة أولادها لاحقاً بأمراض القلب والجلطات . واظهرت الدراسة التي قادها بروفيسور علم القلب في جامعة سيدني ديفيد كيليرمايجر، أن أولاد الأمهات اللواتي يدخن خلال حملهن معرضون بنسبة 10 إلى 15% أكثر من غيرهم للإصابة بأزمة قلبية أو جلطة . وأوضحت الدراسة انه بالمقارنة مع أولاد أمهات لم يدخن خلال الحمل، فإن أولاد الحوامل المدخنات يعانون من تدني معدلات الكولسترول الجيد الذي يحمي من أمراض القلب . وقال كيليرمايجر ان "نتائجنا تشير إلى أن تدخين الأم يترك بصمة من الخصائص غير الصحية على الأولاد خلال نموهم في الرحم، ما يعرضهم لاحقاً للإصابة بأزمات قلبية وجلطات" . وأشار إلى ان تأثير التدخين خلال الحمل يستمر لمدة 8 سنوات بعد الولادة وربما أطول من ذلك . ولفت إلى ان "معدلات الكوليسترول تتأثر من الطفولة حتى سن الرشد" . يشار إلى ان الباحثين راقبوا خلال الدراسة، التي تنشر اليوم في مجلة القلب الأوروبية، أكثر من 400 طفل في الثامنة من العمر . وتبين ان معدل الكوليسترول الجيد (جب) لدى أولاد المدخنات خلال الحمل هو حوالي 3 .1 ميليمول في ليتر الدم الواحد، مقارنة مع 5 .1 عند أولاد غير المدخنات، لكن جدران الشرايين لم تتأثر بالتدخين خلال الحمل . يشار إلى ان دراسة أمريكية اظهرت أن استخدام الحوامل لعلكة ولصقات النيكوتين للمساعدة على الإقلاع عن التدخين يضر بالأجنّة . ووجد الباحثون بجامعة "لوما ليندا" بولاية كاليفورنيا الأمريكية أنه يمكن للجنين امتصاص النيكوتين الموجود بالعلكة أو اللصقات التي تستخدمها الأم تفادياً للتدخين، ما قد يسبب له ارتفاعاً بضغط الدم ومشاكل بالقلب لاحقاً خلال حياته . وأشار الباحثون إلى أن النيكوتين قد يتسبب بتشكيل مواد كيميائية مضرة داخل أوعية الجنين الدموية وهو داخل رحم الأم . ويمكن لهذه المواد أن تحدث تلفاً دائماً بالأوعية الدموية لتصبح غير قادرة على أداء وظيفتها بالشكل الصحيح ما قد يؤدي لارتفاع بضغط الدم ومشاكل في القلب . وأظهر الباحثون بدراستهم التي نشرت في المجلة البريطانية لعلم العقاقير، أن الجرذان التي تعرضت أمهاتها للنيكوتين كانت أكثر عرضة لاحقة للإصابة بارتفاع ضغط الدم . وقال المدير الطبي للرابطة البريطانية للقلب البروفيسور جيرمي بيرسون، إن "الدراسة تشكل دليلاً جديداً على أن التعرض للنيكوتين خلال الحمل ليس له تأثير مضر فوري على الجنين فقط، بل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى نمو الأطفال" .
