الرئيس الزُبيدي والعرادة يؤكدان ضرورة معالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد    كيف حول التحالف الجنوب إلى ساحة للموت البطيء    - دكتور جامعي:صنعاء بدأت الدراسة بالهجري ويطالب بتعديل مسمى الإجازة الصيفي إلى شتوي    غزة مقابل التطبيع.. نتنياهو يناور لإبرام صفقة إقليمية شاملة    من ميسي إلى أوكلاند.. مونديال الأندية بين السحر والأحداث الساخنة    سيطرة مدريدية في مدرجات المونديال    في الرياض.. نزالات «سماك داون» تمهد «ليلة الأبطال»    تحديد موعد اعلان التطبيع بين سوريا والكيان    دراسة حديثة.. الصوم قبل العمليات عديم الفائدة    "وثيقة".. عدن .. وزارة الداخلية تضع شرطا جديدا للحصول على جواز السفر    اليمن العلماني هو الحل والبديل عن الدولة الطائفية المذهبية    رغم الهبوط التاريخي.. ليون يتلقى مفاجأة سارة من "اليويفا    تراجع كميات الهطول المطري المسجلة وتوقعات باستمرار التهاطل على أجزاء من المرتفعات    لامين يامال سيخلف فاتي بإرتداء القميص رقم 10    عام دراسي يبدأ واسر تواجه معضلة تعليم ابنائها وسلطات لا ترى الواقع إلا من زاوية ظل القمر    أتلتيكو مدريد يسعى لضم انجيلينو    90 % من مواليد عدن بلا شهادات ميلاد بسبب الجبايات المتوحشة    حادث مأساوي يهز مصر.. مصرع 18 فتاة تحت عجلات شاحنة وقود    قادة الجنوب الاحرار لا ولن يبيعوا الوهم بقضية الجنوب    وصول أبراج المحطة الشمسية الإماراتية المخصصة لشبوة    - الأمن في صنعاء يكشف مقتل العريس عباس الأشول ليلة زفافه.. وكيف استدرجه صديقه؟     الآنسي يعزي في رحيل المناضل الحميري ويشيد بجهوده ودفاعه عن كرامة الشعب وحرياته    رفع اكثر من 750 سيارة متهالكة وبسطة من شوارع صنعاء في اسبوع    إلى متى الرضوخ؟    إصابة مواطن برصاص قناص مليشيا الحوثي شرقي تعز    صنعاء : تشييع جثمان شيخ قبلي بحضور رسمي كبير    وزير الاقتصاد يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بالعام الهجري الجديد    وداعاً بلبل الربيع    رحيل فؤاد الحميري    "مسام" يتلف 4620 قطعة من الذخائر ومخلفات الحرب في ابين    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    صاروخ بوتين الجديد يخلط أوراق الردع في أوروبا    وفاة الشاعر والسياسي فؤاد الحميري بعد صراع مع المرض    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    حواري مع "أبو الهول الصناعي".. رحلة في كهف التقنية بين الحيرة والدهشة    غدا بدء العام الدراسي الجديد    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    الوزير البكري يزور مسجد عمر بن الخطاب في عدن ويستنكر اقتحامه واعتقال إمامه    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    أحزان الكعبة المشرفة.. هدم وحرائق من قبل أمراء مسلمين    امتيازات خيالية وأرقام ضخمة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    عدن تشتعل بالأسعار بعد تجاوز الدولار حاجز 3 آلاف ريال    مانشستر يفوزعلى يوفنتوس 5- 2 في كأس العالم للأندية    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتقان الطائفي - الأهرام المصرية - جابر عصفور
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


جابر عصفور
لم يكن السادات, وهو يوقع قرارات العفو عن أعضاء تيار الإسلام السياسي بفرقه المختلفة,
يدري أن هذه القرارات سوف يترتب عليها انفجار دعاوي المتطرفين من أبناء هذا التيار الذين لا يعترفون بحقوق المواطنة ويصفون الدولة المدنية بأنها دولة علمانية كافرة تعيش جاهلية القرن العشرين;
ولذلك عملوا علي تقويضها بواسطة أسلمة الدولة, ومن ثم دفع السادات إلي المضي معهم لتعديل الدستور بما يجعل من الدين الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريع, والمضي في عملية أسلمة القوانين. ونتيجة لعدم إيمان المتطرفين من الحلفاء الجدد للسادات بالدولة المدنية, كان من الطبيعي أن يسقطوا مبدأ المواطنة, وأن يرفضوا التعامل مع الأقباط بوصفهم أشقاء لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات الملازمة لمبدأ المواطنة, وكانت النتيجة نقض عهد الشراكة في وطن عاش طويلا علي شعار الدين لله والوطن للجميع, وأنه لا تمييز بين المواطنين علي أساس من الدين أو الجنس أو اللون, وأن فعل التمييز جريمة يعاقب عليها قانون الدولة الحديثة التي هي دولة مدنية بالضرورة.
ولم يكن السادات يفكر في ذلك كله, أو يحسب له حسابا, فقد كان الأهم عنده القضاء علي الجماعات الناصرية واليسارية المناوئة له, وتقليص حضورها بتسليط حلفائه الجدد علي الطوائف الناصرية واليسارية, وكل من يراهم الحلفاء علمانيين كفرة, الذين يمثلون جاهلية القرن العشرين التي تتميز بأن الحكم فيها لغير الله من طواغيت الأرض وشياطينها. وكان من الطبيعي أن يبث إعلام الحلفاء الجدد أفكاره, وأن يضم إليه تابعيه من الدعاة في المساجد والزوايا, خصوصا في القري والأطراف. وكانت النتيجة أن أخذنا نسمع من يدعو أهل البلاد من الأقباط إلي أحد اختيارات ثلاثة: إما الإسلام أو الجزية أو القتل. صحيح أن هذه الحدية في التطرف لم تكن معلنة في بدايات التحالف, ولكنها ظهرت بالتدريج مع استجابة السادات لمطلب أسلمة القوانين من ناحية, والتراجع عن شعار ثورة1919 من ناحية ثانية. هكذا سمعنا من بعض أئمة المساجد الحض علي تجنب المسيحيين ثم كراهيتهم, ومقاطعتهم, وتجريم التهنئة بأعيادهم ومقاطعتهم تجاريا, وممارسة العنف معهم.
وكانت نتيجة تزايد العنف اللغوي تصاعد العنف المادي مع توزيع الخناجر والجنازير علي الحلفاء من الجماعات الإسلامية. وهي المهمة التي تولاها أحد المقربين من السادات وهو محمد عثمان إسماعيل, وكان أمين التنظيم بالاتحاد الاشتراكي ثم محافظ أسيوط فيما بعد. وقد حث رجال السادات شباب التيارات الإسلامية علي إيذاء زملائهم الناصريين واليساريين, والمسيحيين في سياق متصاعد, اقترن بالجرائم التالية: الاعتداء علي جمعية النهضة الأرثوذكسية بسنهور في8 سبتمبر.1972 وحرق جمعية الكتاب المقدس في6 نوفمبر1972, وبعدها مباشرة حرق كنيسة الخانكة.والاعتداء علي كنيسة العذراء في البيطاخ في سوهاج1975, فضلا عن كنيسة المحامدة بنواحي سوهاج.والاعتداء علي كنيسة الملاك ميخائيل بالعوايسة مركز سمالوط يوليو.1976 وحرق كنيسة قصرية الريحان بمصر القديمة في19 مارس.1978 وحادثة كنيسة اسبورتنج بالإسكندرية في7 يناير.1980
وكان واضحا أن فتح الأبواب المغلقة للإخوان المسلمين قد اتسع بما أدخل جماعات متطرفة جديدة تأسست في السبعينيات, أخطرها الجماعة الإسلامية التي ضمت الذين قاموا باغتيال السادات نفسه, فضلا عن جرائم الاعتداء علي السياح في الأقصر, واغتيال رفعت المحجوب. ومن أعضائها من حارب في أفغانستان مبعوثا من التحالف المصري السعودي الأمريكي لطرد الاتحاد السوفيتي من أفغانستان ومعاونة طالبان في الحكم. أما الجماعة الموازية فهي جماعة الجهاد الإسلامي المسلح التي استهدفت كل ما رآه أعضاؤها علمانيا, وكان هدفها الرئيسي الإطاحة بالحكومة المصرية المدنية لكي يستبدلوا بها دولة إسلامية. وبالطبع كان هناك فارق بين الجماعة الإسلامية المعروفة باغتيالاتها, والجماعة الإسلامية بقيادة عبد المنعم أبو الفتوح المكونة من بعض طلاب كلية الطب في جامعة القاهرة. وهي الجماعة التي ضمت عصام العريان وحلمي الجزار الذي كان أميرا لمجلس أمراء الجماعة الإسلامية في جامعة القاهرة. وكان عنفهم معتدلا عن عنف الجماعة التي حملت التسمية نفسها في الصعيد, خصوصا في أسيوط وسوهاج والمنيا.
وكان المظهر الأول لعنف هذه الجماعات ضد مؤسسات الدولة هو محاولة الهجوم علي كلية الفنية العسكرية سنة1972; وذلك للاستيلاء علي أسلحتها, ومن ثم التوجه للسيطرة علي مقر الاتحاد الاشتراكي والقبض علي الرئيس السادات وأركان حكمه, وإعلان البيان الأول للانقلاب الإسلامي من مبني الإذاعة والتليفزيون. ولكن انكشف أمر المخطط, وتم القبض علي صالح سرية ومعه عدد من الشباب الإسلامي في جامعة الإسكندرية. ومن المؤكد أن سنة1976 كانت سنة هيمنة حضور هذه الجماعات, وهو الأمر الذي دفع السادات إلي مراجعة نفسه, خصوصا وهو في سياق استعداده لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد الخاصة بالصلح مع إسرائيل في17 سبتمبر1978, وذلك بعد عام عنف انفجرت فيه ثورة الخبز في يناير.1977
وكان واضحا أن السادات أخذ يدرك المأزق الذي أدخل نفسه والوطن فيه, فبدأ في الانقلاب علي حلفاء الأمس, والتهديد بأن للديموقراطية أنيابا, وأنه لا دين في السياسة, ولا سياسة في الدين. وهو شعار كان أجدر أن يبدأ به حكمه لا أن يختمه به. لكن الخرق كان قد اتسع علي الراقع. وهو ما ظهر جليا في أحداث الزاوية الحمراء في يونيو1981, وما ترتب عليها مما صنع النهاية المأساوية لزعيم تخلي عن شعار الأمان الدين لله والوطن للجميع للقضاء علي خصومه من الناصريين واليساريين. فما ربحت صفقته التي لا نزال ندفع ثمن ما فعلته فيه وفينا.
وكان لابد إزاء ما فعله السادات من محاولات تديين الدولة أن اختار موقف الدفاع عن الدولة المدنية, واختار موقف المعارضة الذي أفضي بي إلي الفصل من الجامعة مع أكثر من ستين أستاذا في موازاة سجن النخب المصرية من كل القوي علي السواء. وهو الأمر الذي عجل بمشهد النهاية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.