وزير الداخلية السعودي الجديد الأمير محمد بن نايف، قريب من رجال الأمن وسندا لهم، وهو كذلك الهدف الأول للتنظيمات الإرهابية التي حاولت اغتياله أربع مرات، وسيحمل تركة كبرى في أضخم الوزارات بالمملكة. الرياض: ليس غريباً أن يكون رجال الأمن السعودي هم الأكثر ابتهاجا بتعيين الأمير محمد بن نايف وزيراً للداخلية، فهو "الأقرب لهم الأبعد عن حياته الخاصة" كما يصفه الأمنيون في المملكة. وبقرار الملك عبدالله الذي أعفى بموجبه الامير أحمد بن عبدالعزيز وعين الأمير محمد بن نايف وزيرا للداخلية يكون مجلس الوزراء قد دخل التاريخ من حيث أنه لأول مرة يخلو المجلس من أبناء الملك عبدالعزيز باستتثناء الملك وولي العهد، إذ أن اعفاء الأمير أحمد وتعيين الأمير محمد يفتح الباب واسعاً لما يعرف بالجيل الثاني من الأمراء السعوديين. فالأمير محمد منذ تعيينه في منصبه السابق في كيان الداخلية كمساعد للوزير للشئون الأمنية، اقترب من رجال الأمن وحرك الشريان "الميداني" بين القادة واقترب من الأفراد، وغالباً ما يستجيب لطلباتهم ويتقبل شكواهم في مكتبه المفتوح استثناء لهم.. ولمن أراد العودة من أفراد الجماعات التنظيمية. وعهد وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز لإبنه محمد (الوزير الجديد) منذ تعيينه داخل هرم الداخلية بالشئون الأمنية التي أحدث فيها بعضا من التطورات، مكنته إنجازاته ومكافحته للإرهاب الذي ضرب السعودية في بضع سنين منذ 2003. وساهم الأمير محمد في استحداث وكالة خاصة بالتخطيط والتطوير الأمني، جذب لها وابتعث العديد من العقول الأمنية والإدارية، في خطوة تهدف إلى جعل الحياة الأمنية السعودية في مستوى عالي، ومنافسا لأجهزة أمنية كبرى. ويعرف عن الأمير محمد تسامحه مع المذنبين والعائدين من صفوف التنظيمات الإرهابية، حيث أسس مركزا سمي باسمه ل"المناصحة" يهدف إلى تصحيح وتوعية أفكار الآلاف من المتعاطفين والمنضمين للتنظيمات الإرهابية، وأطلق على مدى 6 سنوات أعوام منذ إنشائه 2006 وحتى الآن 31 دفعة من منهم من كان منتميا للتنظيمات الخفية الإرهابية ومنهم العائدين من جوانتانامو ومناطق الصراع الأخرى في دول عديدة. هدف للاغتيالات... ونظرا لحمل الأمير الشاب ملف الإرهاب الكبير الذي ضرب السعودية في مناطق عدة، ومساندته لوالده في إزالة وجود تنظيم القاعدة في السعودية التي نكأت جراح عدة في الجسد السعودي، كان الأمير كذلك الهدف الأبرز للتنظيم، وتعرض حتى اليوم لأربعة محاولات اغتيال. الأولى: كانت في العام 2004 حيث تعرض مبنى وزارة الداخلية السعودية بالعاصمة الرياض إلى تفجير كان يستهدف الأمير الذي عادة ما يغادر مبنى الوزارة مساء، لكن المحاولة باءت بالفشل. الثانية: كانت في العام 2007 بعد كشف تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي كان متخذا من السعودية مقره والهارب اليوم لليمن، أنه كان ينوي استهداف طائرة الأمير بصواريخ هجومية أثناء وجوده في زيارة للعاصمة صنعاء، قبل أن تفشل قوات الأمن اليمنية ذلك بقتل مندوبي القاعدة في مهمة اغتيال الأمير. الثالثة: تم إفشالها في حدود مهدها الذي قدمت منه، من اليمن، حيث أردت قوات الأمن السعودية في العام تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2009 المطلوبين الأمنيين يوسف الشهري ورائد الحربي قتلا في هجومهما على نقطة أمنية بمنطقة جازان (جنوب السعودية) بعد كشف متفجرات كانت بحوزتهم، كانا ينويان التوجه نحو مدينة جدة لاستهداف الأمير محمد. الرابعة: كانت الأكثر قربا مما سبق وما لحق، وكانت في آب/ أغسطس 2009 بعد أن أوهم المطلوب الأمني عبدالله عسيري الأمير في محادثة هاتفية معه عزمه على التراجع وتسليم نفسه للسلطات السعودية، وكشفه أنه مغرر به، لكن ووفقا للبيانات السعودية كان يحمل متفجرات زرعت داخل جسده "الانتحاري" الهدف منها اغتيال الأمير، الذي أصيب بجروح طفيفة حينها. مهمات الوزارة الأكبر.. وسيكون أمام الوزير الجديد تركة كبرى تحملها أكبر الوزارات السعودية، منها الملف الأمني الضخم، إضافة إلى ملف الهجرة والجوازات، وملف القبائل وتنظيم البادية، وملف المناطق، وملف الأحوال المدنية، في ظل غياب أي نواب في عملاقة الوزارات السعودية.