ولكن لانهم في اليابان ينظرون الي مصر علي انها الدولة المحورية والقيادية التي تؤثر في كل تطورات منطقة الشرق الاوسط والعالم العربي وانها إذا نهضت وتقدمت انعكس ذلك علي كل دول المنطقة واذا وهنت وتلعثمت ضاعت المنطقة. وخلال زيارة قصيرة الي اليابان, زرت خلالها معهد اليابان للشئون الدولية التابع لوزارة الخارجية ومعهد اليابان لدراسات الشرق الاوسط, ومعهد دراسات الدول النامية وصحف الاساهي شيمبون واليوميوري وسنكية ونيهون كيزاي شيمبون وقابلت العديد من الاصدقاء من الدبلوماسيين في الخارجية اليابانية وبعض السفراء السابقين لليابان في مصر كان همي الأول ان اعرف منهم ما هي الاولويات التي ينبغي لمصر ان تركز عليها حاليا؟ غير أن كثيرا من خبراء وساسة اليابان الذين التقيت بهم ابدوا لي دهشة بالغة مما يحدث طالبين تفسيرا لاسباب الفوضي واللخبطة والحيرة التي تمر بها مصر حاليا, حتي أن احدهم فاجأني بالقول تخلصتم من الديكتاتورية واجريتم انتخابات برلمانية حرة وانتخابات رئاسية واصبح لديكم أول رئيس جمهورية منتخب من قبل الشعب دون تزوير وقلنا في اليابان ان مصر سوف تضع اقدامها علي طريق التقدم الاقتصادي وتحقق العدل الاجتماعي.. فماذا حدث.. وماذا يحدث لكم بعد هذة الثورة العظيمة؟ وهكذا ذهبت لاستطلع آراء خبراء اليابان في الاولويات التي يتعين ان تركز عليها مصر حاليا والمهام الاكثر الحاحا فوجدت نفسي محاصرا بكم من التساؤلات اكثر بكثير من الاسئلة التي حملتها معي من القاهرة للحصول علي اجابات خبراء اليابان عليها! بل ان بعضهم حاصرني قائلا: تملكون الطقس الجيد.. ولديكم الموارد الطبيعية.. والأراضي الزراعية الجيدة.. والامكانات البشرية الوفيرة.. فماذا ينقصكم لتصبحوا دولة متقدمة؟ واردف قائلا: كما تعرف.. فإن اليابان ليست لديها موارد طبيعية بمثل السخاء الذي تتمتعون به.. ونعاني من الطقس المتقلب والعواصف والأعاصير وبلاء الزلازل التي لاتتوقف.. ولكن الحياة عندنا لاتعرف المستحيل وندرك اننا اذا لم نعمل ونتحدي هذة الطبيعة القاسية فاننا سوف نموت!. وقد حاول جاهدا تقديم شرح للتطورات الحالية في مصر وخلفياتها مركزا علي ان ما حدث في مصر من ثورة في25 يناير والاطاحة بالنظام السابق كان حدثا جللا وانه من الطبيعي كما حدث في كثير من الثورات ان تظل البلاد في حالة ارتباك لفترة من الزمن والقوي السياسية في حالة اشتباك بعدها سوف تضع مصر قدمها علي اولي خطوات الاصلاح والتقدم!. ثم جاء دوري لأطرح تساؤلاتي عليهم وكان سؤالي المحوري الذي حاولت ان احصل علي اجابة عليه من هؤلاء الخبراء هو: كيف ترون اولويات مصر في المرحلة الحالية وما هي القضايا التي يتعين علينا ان نركز عليها حاليا؟ وهو التساؤل الذي شغل كل تفكيري منذ تقرر سفري الي اليابان. وقد تعددت وتنوعت اجابات كل هؤلاء الذين قابلتهم من خبراء وسياسيين ودبلوماسيين وصحفيين غير انه كان ثمة اجماع علي قضيتين او محورين اساسيين بين كل هؤلاء الخبراء شكلت ما يمكن ان نطلق عليه خريطة طريق يابانية لاولويات مصر فيالمرحلة الحالية: أولا: الانفلات الأمني ورأي هؤلاء الخبراء ان انتشار الفوضي في الشارع المصري وعدم احساس المواطن المصري بالامان وازمات السولار والبنزين وغيرها يجب ان تحظي بالاولوية من جانب الحكومة المصرية اذ لايمكن ان يحقق الاقتصاد او الانتاج اي تقدم أو حتي استقرار في ظل عدم الأمان أو انتشار الفوضي في الشارع, وان تفاقم احتجاجات المطالب الفئوية يعود أساسا إلي عدم ثقة المواطن في التزامات الحكومة وضرب احدهم مثلا بما حدث في اليابان خلال كارثة زلزال تسونامي فوكوشيما في مارس20011, حيث لم يلجأ الياباني الي تخزين او سرقة البنزين والسولار والغاز أو تهربهم نتيجة وجود ازمة في الوقود وانما تصرف برقي وصدق تعهدات الحكومة التي وفرت له بالفعل الوقود وان كان السعر زاد قليلا عنما قبل الأزمة, وقال أحد الخبراء كيف تتوقعون أن يأتي اليكم السائحون والمستثمرون وهم لايشعرون بالأمان في شوارع العاصمة القاهرة ولا أقول في المدن والاقاليم الاخري؟ ثانيا: التعليم وتدريب العنصر البشري وقد اعطي بعض من تحدثت اليهم اولوية قصوي للتعليم والتدريب قائل: إن مفتاح تقدم مصر يكمن في تدريب والاستفادة من العنصرالبشري لانه بدون تعليم جيد لايمكن ان تحقق دولة تقدما سواء كان اقتصاديا او صناعيا, وضرب مثلا باليابان التي قال إن سر تقدمها كان في اهتمامها وتركيزها منذ اصلاحات ثورة الميجي في عام1868 كان في التعليم وتدريب العنصر البشري. بل وقال تعرف لماذا لا تأتي اليكم تدفقات استثمارية جيدة من الخارج بالرغم من توافر كثير من العناصر الجاذبة لديكم, هو ضعف مستوي كفاءة العنصر البشري, واضاف انظر إلي معظم الدول الآسيوية التي حققت تقدما اقتصايا وصناعيا.. كوريا.. ماليزياسنغافورة.. تايلاند والصين, كلها تقدمت لانها اعطت التعليم وتدريب العنصر البشري أولوية قصوي.