02-06-2013 02:48 الجنوب الحر - بقلم : د. حسين العاقل د. حسين مثنى العاقل أن ما يهمنا ويقلقنا من ذلك الخبر الاكتشافي بوجود أكبر بئر نفطي في العالم في اليمن Largest oil well in the world, Yemen هو: ليس لوجود هذه البئر أو الحقل النفطي في شمال اليمن (مناطق الشيعة) حسب ما أوردته القناة الأمريكية وعرضناه في الحلقة الأولى، كما قد يعتقد البعض. وإنما قلقنا يكمن أساسا في النتائج السياسية المترتبة عن المصالح الاقتصادية والاستثمارات الوهمية للشركات النفطية العالمية، التي تنهب وتعبث بخيرات وطنا الجنوبي الواقع تحت هيمنة الاحتلال اليمني. لذلك فنحن أبناء الجنوب نتمنى بكل ما تعنية معاني تمنيات الخير واليُمن (بضم اليا) بأن تكون ذلك الاكتشاف واقعا فعلا في أراضي اليمن حسب ما جاء في تسريبات شبكة قناة (Sky News) الأمريكية، ولكم ستكون فرحتنا معبرة عن التهاني لأشقائنا في الجمهورية العربية اليمنية بهذا الحظ السعيد، والذي سيضع حدا نهائيا لمشاكلهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وينقذهم من حالة الاستجداء والاستعطاف الإقليمي والدولي، بطلب المساعدات والمنح المالية التي تذهب في معظمها إلى جيوب زعماء السلطة ومشايخ القبائل وغيرهم من المستبدين والفاسدين.. ولكن أيضا أن أكثر ما يهمنا ويقلقنا هو: مظاهر التهافت وعمليات التنافس المحموم للشركات النفطية العالمية للحصول على نصيبها من الامتيازات الاستثمارية في أراضي المحافظات الجنوبية، والتي ما زالت للأسف في ذروتها ولم تتوقف طوال سنوات الاحتلال الهمجي لنظام صنعاء القبلي.. بل يمكن لنا التأكيد على أن أراضي الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) هي الأراضي الوحيدة في العالم التي تتعرض بمساحتها القارية–اليابسة وسواحلها البحرية ورصيفها القاري في المياه المغمورة من حدودها البحرية الإقليمية في خليج عدن والبحر العربي وارخبيل سقطرى، لكل مظاهر الاستباحة العبثية وفي انتهاك والتفريط بثرواتها السيادية.. فإذا كانت معظم دول العالم المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، بما فيها الدول العربية المنضوية في عضوية الأقطار المنتجة والمصدرة لخام النفط الاوبك (OAPEC) لا توجد فيها سوى بضع من الشركات العالمية المندمجة مع بعضها كما هو الحال شركة ارامكو (Aramco) في المملكة العربية السعودية، بينما واقع الحال في أراضي محافظات الجنوب تعمل حوالي 11 شركة عالمية في 11 قطاعا منتجا للنفط الخام وتنتج أكثر من 828,000 برميل في اليوم(7)، وتعمل حوالي 62 شركة عالمية ومحلية في 26 قطاعا نفطيا استكشافيا، وهذا يعني أن عدد الشركات المنتجة للنفط والاستكشافية العاملة في الأراضي الجنوبية يصل عددها حتى عام 2006م فقط، إلى أكثر من 73 شركة نفطية عالمية(*)، والجدول التالي يبين ذلك. جدول (1) يبين القطاعات النفطية المنتجة والقطاعات الاستكشافية في المحافظات الجنوبية، والشركات العاملة وعددها مع مساحة القطاع. المصدر: الموقع الكتروني لوزارة النفط والمعادن اليمنية، http://www.mom.gov.ye/index.php? (*) في عام 1993 بدئت شركة كنيديان نكسن باستخراج وتصدير النفط من قطاع المسيلة 14- واستمرت في تطوير هذا القطاع حتى نهاية عام 2012م، لتؤول ملكيته بعد ذلك لشركة المقاولين العرب (CCC) التي يعد الشيخ حميد الأحمر وكيلها وحامي حماها في النهب اليومي، والذي حصل بنفوذه القبلي على الاستحواذ لمبيعات النفط الخام في قطاع 14 بوادي المسيلة من قبل شركة اركاديا ( ARCADIA)، وذلك بعد أن انتهت سنوات التعاقد مع الشركة الكندية (Canadian nexen Yemen). ومن بيانات الجدول (1) يتضح لنا مدى التنافس الاستثماري بين الشركات النفطية العالمية، وتقاسمها لحصص غنائم الأرض المحتلة، وخيرات الشعب الصابر والمناضل سلميا في سبيل تحرير وطنه وانقاذ ثرواته من همجية الاستنزاف اليمني والشركات النفطية الكبرى؟!. حيث نجد أن المساحة الإجمالية التي صارت تحت هيمنة النفوذ اليمني والشركات النفطية هي: 122,553 كيلو مترا مربعا، وتمثل نسبة 36,3% من المساحة الكلية للأراضي الجنوبية. فإذا كان عدد الشركات قد وصل إلى هذا المستوى المثير لحالتي التعجب والاستغراب حتى عام 2006م ؟!. فمن المتوقع أن يفوق عدد الشركات التي حصلت على عقود أو صفقات استثمارية للنهب بأكثر من مئة شركة على أقل تقدير حتى نهاية العام الماضي 2012م، خصوصا وأن الصحف الحكومية الرسمية ومجلة النفط الصادرة عن وزارة النفط والمعادن، عادة ما تنشر اخبار ومراسيم التوقيع على عقود الاتفاقيات المبرمة مع شركات جديدة ومن دول متعددة، والتي كانت أهمها وأكثرها غرابة وجراءة هي: توقيع الوزير الجديد للنفط والمعادن أحمد دارس مع 40 شركة تركية دفعة واحدة، أثناء زيارته الترويجية إلى العاصمة التركية انقرة في النصف الأول من يناير 2013م، وذلك للاستثمار في قطاع النفط والغاز ومعادن الذهب، والتي من المؤكد أن تنضم إلى ارتال الشركات الناهبة للثروات الجنوبية(9)؟!. وعلى نفس الهدف التنافسي التقاء الرئيس التوافقي (عبد ربه منصور) برئيس مجموعة شركة توتال الفرنسية Total Group, Arnaud Breuillac في الشرق الأوسط، وتباحثا في 29 يناير 2013م حول أداء عمل شركات توبال في عمليات سرعة شفط الغاز الطبيعي المسال من حقول قطاع (جنة 5) بمديرية عسيلان وتصديره عبر ميناء بلحاف بمديرية الرضوم م/ شبوة، وهذه الشركة تستأثر بنسبة 40% من حصص تقاسم الثروة الغازية.. والملفت للانتباه من وجهة نظرنا هو ليس في ما عبر عنه الرئيس التوافقي من ارتياح لجهود الشركة في عمليات استنزاف الثروات الجنوبية فحسب، وإنما الحالة المعنوية التي أبداها رئيس مجموعة الشركات من مشاعر الحماسة العالية في مواصلة ذلك النهب، وبالذات عندما أشار الرئيس التوافقي (عبد ربه)، بأن هناك أكثر من 500 بئرا من الغاز الطبيعي في انتظار الاستثمار وفق طريقة العرض بالمزاد ( اليمني) أن صح التعبير؟!.. لذلك كان رد مدير مجموعة توتال مفعما بروح الاستعداد " لتوسيع نشاط الشركة من حيث الاستثمار ولإنتاج .. وقال ( ستعمل (المجموعة) بكل جهد من اجل ذلك في مختلف حقول تواجدها كما وأنها تتطلع الى هذه الشراكة الواسعة من اجل مستقل وشراكة تحقق العوائد المشتركة للطرفين بصورة اقتصادية كبيرة ولن تدخر جهد في هذا المضمار)(10). التعتيم الرسمي لعدد الشركات العالمية المنتجة للنفط الخام .. ماذا يعني ؟؟. طوال الست السنوات الماضية ومعلومات الاقتصاد النفطي في اليمن يشوبها الحجب والتعتيم، إلى درجة أن المهتمين والباحثين الاقتصاديين في مجال النفط، يجدون أنفسهم في حالة من الارباك والتخبط، وذلك بسبب عدم فهمهم لحقيقة السياسة الاقتصادية لنظام سلطة الاحتلال اليمني، وأيضا في عدم قدرتهم على تفسير طبيعة المعلومات المتناقضة والتصريحات المتعارضة لمراكز النفوذ، فهي من ناحية تتباها وتتفاخر بتزايد عدد الشركات العالمية المتقدمة للحصول على عقود الاستثمار النفطي والغاز الطبيعي، ومن ناحية أخرى تتعمد استمرار التعتيم عن نتائج الاستكشافات النفطية، والافصاح العلني عن حجم المخزون الاحتياطي وكمية الإنتاج اليومي بصورة حقيقية وواقعية. فكلما توقعنا زيادة الإنتاج اليومي والسنوي من النفط والغاز وفقا لقاعدة تزايد عدد الشركات العاملة، كلما خرجت تلك التصريحات بأخبارها العجيبة عن تراجع وتناقص الإنتاج النفطي بصورة لا يقبلها عقل أو ضمير.. والدليل على صحة التعتيم الرسمي يمكننا الاستشهاد بظاهرة عدد الشركات المنتجة للنفط والمبينة في الجدول (1) بحسب المصدر الرسمي لوزارة النفط والمعادن اليمنية وهي أحدى عشر شركتا، بينما يشير مصدر مستقل إلى أن عددها نحو 19 شركتا منتجتا للنفط الخام هي كما في الجدول (2). جدولة (2) يكشف عدد الشركات المنتجة للنفط من قطاعات النفط المستباحة في محافظات الجنوب المحتل. المصدر: http://www.giay.org/content.php?c=16&langid=1&pageid=5 وفي نفس السياق هناك شركات مجهولة تسمى بالشركات الخدمية وتسويق المبيعات ؟!. وتقوم بأعمال وهمية يجني أصحابها من وراء ذلك أموالا طائلة، ولا يسمح لاحد الاقتراب لمحاولة التعرف على خصوصية العلاقة بين ملاكها الذين هم وكلاء الشركات النفطية في اليمن وحماتها ؟!!. والدليل على ذلك ما كشفه " موقع ويكيليكس WikiLeaks في 21 ديسمبر 2012م عن عمليات بيع النفط اليمني، حسب وثائقه السرية، والتي أظهرت فضائح التلاعب وتقاسم آلية مبيعات وتسويق النفط الخام من قبل زعماء التنافس القبلي والشركات المتعاقدين معها ومنها: شركة اركاديا Arcadia وكيلها الشيخ حميد بن عبد الله حسين الأحمر، وشركة ترافيجورا Trafigura السويسرية وكيلها الشيخ أبراهيم أبو لحوم، وشركة دايو الكورية العملاقة Daewoo وكيلها الشيخ القبيلي محمد ناجي الشائف، وشركة NFI الفرنسية ووكيلها يحيى صالح ؟!(8). فضلا عن مؤسسة الحثيلي للنقل وخدمات حقول النفط، حسين أحمد الحثيلي واخوانه(11). وكذلك مجموعة شركات توفيق عبد الرحيم TAM Groups لتسويق وبيع واستيراد المشتقات النفطية(12).. (في الحلقة القادمة بمشيئة الله ستكون حول ( السر الكبير .. وحكايات الانسحاب في ظل ظروف غامضة).. الهوامش (7) د. حسين مثنى العاقل، قضية الجنوب وحقائق نهب ممتلكات دولة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، الجزء الأول، ط2، المركز العربي لخدمات الصحافة والنشر (مجد)، القاهرة 2012، ص38. (*) لم يحدث حسب (اعتقادنا) في تاريخ الاستثمارات الدولية على مستوى دول العالم سواء كانت دول مستقلة أو مستعمرة، أن تعرضت واستبيحت سيادة أراضيها، مثلما استبيحت وتعرضت له أراضي دولة الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، من عمليات التخريب والتدمير والنهب لممتلكاتها العامة، ومن مظاهر انتهاك سيادتها الوطنية، والدليل على صحة ذلك يتمثل بتقسيم مساحة محافظات الجنوب ومياهها البحرية الإقليمية إلى أكثر من 97 قطاعا نفطيا، كلها تحت نفوذ مشايخ قبيلتي حاشد وبكيل وسنحان وغيرها، ولهم وحدهم التصرف بثرواتها. بينما لا يوجد شيخا أو شخصا جنوبيا واحدا يمكن له أن يحصل على حق الاستثمار في المجال النفطي، بمن فيهم كبار التجار الجنوبيين المشهورين بضخامة رؤوس أموالهم واستثماراتهم في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليج العربي، ودول جنوب شرق آسيا والولايات المتحدةالأمريكية وغيرها ؟؟. (8) وثيقة لويكيليكس تكشف آلية بيع النفط اليمني وكيف تشعل المنافسة القبلية عليه، انظر رابط يمن برس: http://yemen-press.com/news16524.html (9) دارس: وقعنا اتفاقيات مع شركات تركية لاستخراج الذهب، انظر صحيفة 14 أكتوبر، العدد (15667) والصادرة في 19 يناير 2013، ص1. وعلى الرابط: www.14october.com/news.aspx?newsno=304388 (10) الرئيس يستقبل رئيس مجموعة توتال في الشرق الأوسط، انظر سبأ نت: http://www.sabanews.net/en/new (11) الحثيلي ALHUTHEILY، انظر موقع: http://www.trading-mall.com/aar-389.html (12) مجموعة شركات توفيق عبد الرحيم، انظر موقع: http://tamgroup-ye.com/index.php?lang=ar