تعز.. مسلحون على متن أطقم عسكرية يعتدون على محكمة ويختطفون ضابط أمنها    مجلة أميركية: الحوثيون يستغلون تجارة الكبتاجون المخدر في تمويل عملياتهم العسكرية    شهداء وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف دير البلح وسط قطاع غزة    تدشين فعاليات وانشطة الاحتفاء بالمولد النبوي بذمار    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يعزي في وفاة المخرج الإذاعي سعيد شمسان    السامعي والخطاب التصالحي الوطني    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    شرطة مأرب تضبط كمية من مادة الحشيش قادمة من مناطق المليشيا    تعزيزات مرتبات شهر يونيو 2025    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    لقب تاريخي.. ماذا ينتظر باريس وإنريكي في أغسطس؟    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    سعد بن حبريش.. النار تخلف رمادا    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    أيندهوفن يتوج بلقب السوبر الهولندي    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    فضيحة الهبوط    "الوطن غاية لا وسيلة".!    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    العالم مع قيام دولة فلسطينية    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    جحيم المرحلة الرابعة    لمناقشة مستوى تنفيذ توصيات المحلس فيما يخص وزارة الدفاع ووزارة الكهرباء..لجنتا الدفاع والأمن والخدمات بمجلس النواب تعقدان اجتماعين مع ممثلي الجانب الحكومي    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    في خطابه التعبوي المهم قائد الثورة : استبسال المجاهدين في غزة درس لكل الأمة    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    ألغام في طريق الكرامة    إعلان قضائي    مرض الفشل الكلوي (15)    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلاح الأقوياء ... 2-3
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012

يقول المفكّر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي: "يشعر الجميع بالقلق إزاء وقف الإرهاب . حسن، هناك طريقة بسيطة في الواقع وهي: توقّف عن المشاركة فيه"، وفي مكان آخر يقول: "إنّ القتل الوحشيّ بحق المدنيين الأبرياء هو إرهاب" .
في الحقيقة ينطبق كلام تشومسكي على الممارسات الأمريكية، التي تحارب تحت مسمّى إحلال الديمقراطية والحرية في دول العالم الثالث من جهة، وتحت مسمّى محاربة الإرهاب من جهة أخرى، وفي الحالتين، غايتها تحقيق أهداف سياستها الخارجية وحماية مصالحها الاستراتيجية في العالم . وما يفنّد إدعاءاتها هو أن الطريق الذي تسلكه إلى تحقيق هذه المصالح يكون على بحر من دماء الأبرياء، خاصة في العالم العربي والإسلامي، الذي بات في المنظومة الإعلامية الغربية مرتعاً للإرهاب . كما أن كلّ أحاديثها عن دعم ثورات الشعوب العربية لاينبع من إيمانها بحق هذه الشعوب في الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، فهذا آخر ما تتمناه لهذه المنطقة الاستراتيجية، بل تأتي لتخدم علاقتها مع الأنظمة الجديدة، حفاظاً على مصالحها ومصالح الكيان "الإسرائيلي" .
نطّلع في هذا الكتاب على أفكار ثلاثة عشر من المفكرين والأكاديميين البارزين على مستوى العالم عبر حوارات قيمة حول شكل الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة في العديد من دول العالم بأساليب مختلفة .
ويكشف لنا الكتاب عن بعض الجوانب المظلمة من الممارسات العنيفة لأمريكا، منها الانتهاكات التي قامت بها في العراق وأفغانستان ودول أمريكا الجنوبية، إضافة إلى إعطاء فكرة عن الأماكن السرية التي تقوم فيها بتعذيب السجناء، وتسليط الضوء على منظمات إجرامية تقوم بالتخريب في نقاط معينة من العالم، لخدمة المصالح الغربية، وتحديداً الأمريكية . الكتاب صادر عن دار "بلوتوبرس" البريطانية ،2013 ويقع في 246 صفحة من القطع المتوسط .
يبدأ الكاتبان حوارهما الأول مع المفكر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي في الفصل الثاني بعنوان "تعريف الإرهاب"، يتحدث عن مفهوم الإرهاب الدوليّ، وما يناقشانه يشبه ما يعرضانه في المقدمة بعض الشيء، خاصة في التعريفات الأمريكية الرسمية المتنوعة أو المتغيرة التي تظهر كيف أن المفاهيم السائدة، تتجاهل عنف الدولة والقمع الذي يهدف غالباً إلى شرعنة ممارسات السياسة الخارجية الأمريكية .
يوضح نعوم تشومسكي أن هذه التعريفات متاحة له منذ أن بدأ بالبحث في هذا الموضوع منذ أوائل الثمانينات، عند إعلان الرئيس الأمريكي ريغان "الحرب على الإرهاب"، ويشير إلى أن الولايات المتحدة تخلص إلى قناعة مفادها أنه من الصعب على الولايات المتحدة ألا تقع في أخطاء ومخالفات من تعريفها لمفهوم الإرهاب .
ويشير أيضاً إلى أنّ سجّل الولايات المتّحدة حافل بالأعمال الإرهابية، أو ربما على نحو أدق كما - يوضح - سجل الاعتداء الذي يظهر مليئاً بالجرائم، ويقدّم في هذا الشأن أمثلة حول شكل الاعتداءات والممارسات الإرهابيّة التي قامت بها الولايات المتحدة بحقّ بعض الدول مثل: كوبا .
فخلال بضعة أشهر من استيلاء حكومة كاسترو على الحكم، كانت لدى إدارة إيزنهاور خطة داخليّة رسميّة لإطاحتها، وبدأت الطائرات بقصف كوبا . ثمّ بعد مجيء كينيدي بوقت قصير، كانت هناك عملية غزو خليج الخنازير، وعند فشل العملية، أصيبت إدارة كينيدي بالهلع من روعها . وتصف السجلات الداخليّة كيف أنّ العملية لم تستطع التعامل مع حقيقة الرفض من هذه الدولة الصغيرة التي كانت الهدف الأوّل للسياسة الخارجيّة منذ 1982 . ولذلك أطلقت واشنطن برنامج الإرهاب الذي لم يكن أمراً مخفيّاً حتّى على الصعيد الداخليّ، وأعطيت المهمّة لروبيرت كينيدي الذي تسلّمها كأولوية قصوى .
وذكر تشومسكي أيضاً أنّ الهدف حينها كان إحضار "إرهاب الأرض كله" إلى كوبا، ويشير إلى أنّه بالنظر إلى سجلها من الممارسات، فهي مليئة بالقتل، والتخريب، ومهاجمة السفن في الميناء الكوبيّ، ومن المحتمل أنّها شنّت هجمات حربيّة بيولوجيّة، وقد بلغت هذه الممارسات الذروة مع تفجير الطائرة الكوبيّة في عام 1976 التي أسفرت عن مقتل 75 شخصاً أو ما يقرب من هذا العدد .
تجاهل الإجرام "الإسرائيليّ"
ومن الأسئلة التي طرحها الكاتبان على تشومسكي هو حول تصنيف الخارجية الأمريكيّة كلّ من كوبا، وإيران، وسوريا، والسودان في قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، من سيكون على قائمته الخاصة بالدول الإرهابية إذا ما جمعهم في قائمة؟
يجيب تشومسكي: إنَّ الولايات المتّحدة ستكون على رأس القائمة، وبريطانيا ستكون الثانية، وفرنسا، و"إسرائيل" . ومما أشار إليه كمثال على الإرهاب "الإسرائيليّ"، هي جريمة "مافي مرمرة"، التي وصفها على أنّها أسوء فعل إرهابيّ، فقد كانت عملية قرصنة، وخطف في المياه الدولية، إضافة إلى تنفيذ قتل وحشيّ . ويشير إلى أنّ كوبا إذا ما فعلت ذلك، لقامت الولايات المتحدة بشنّ حرب ضروس عليها، لكن في هذه الحالة، يبقى الأمر مجرّد دفاع عن النفس، طالما أن من قامت به هي "إسرائيل" .
يؤكّد تشومسكي أنّ ما لايتمّ مناقشته في "إسرائيل"، يُعمل به منذ ثلاثين سنة، حيث يتم خطف القوارب في المياه الدوليّة بين قبرص ولبنان، فضلاً عن أنهم يقتلون، ويخطفون، ويأخذون الناس إلى السجون في "إسرائيل"، ويبقى بعضهم كرهائن لفترات طويلة، والبعض الأخر يختفون في السجون السريّة، ولايعرف أحد ما الذي يحدث لهم .
يرى تشومسكي أنّ كلّ هذا يجري على مرأى وتفويض من العرّاب الأكبر: الولايات المتحدة الأمريكيّة، لذلك أيّ عمل شنيع من هذا القبيل لا بأس به في رأيها . ويرى أنّ الحديث عن الحروب، ووضع تعريفات لبعض الأوضاع الدوليّة لا يتجاوز تسميته بنظام المافيا، حيث يقرّر العرّاب، وليس على الطبقات الثقافيّة في بعض الدول ألا تبرّر .
واشنطن والفاشيّة
حول مدى استمرارية العلاقة بين واشنطن والأنظمة الفاشية التي تحكم في العالم الثالث، يشير تشومسكي إلى أن الإدارات الأمريكية نظمتها تحت رعايتها وحمايتها، فكانت أنظمة دول عميلة نيوليبرالية حكمت بشكل أساسي عن طريق الإرهاب والتخويف وخدمة مصالح فئات خارجية ومحلية صغيرة إضافة إلى النخبة العسكرية، وهذا كان موضوع كتاب لتشومسكي في عام ،1979 ويعلق تشومسكي أن الولايات المتحدة لم تعد تستطيع فعل ما كان متاحاً لها في السابق، خاصة بعد أن خرجت أمريكا اللاتينية عن التحكم الأمريكي في السنوات العشر الأخيرة فقط .
يتحدث تشومسكي عن البرازيل في عام ،1964 زمن الانقلاب العسكري الذي أطاح الحكومة الديمقراطية، وكان الأمر تحت إشراف إدارة كينيدي . ويشير إلى أن الحكومة الديمقراطية التي أطيحت لم تكن مختلفة عن حكومة لولا . وبالنسبة لمواقف الولايات المتحدة تجاه حكومة لولا، فإنّها لم تتغير، بل القدرة على إطاحة الحكومات قد تغيرت .
ويذكر تشومسكي كيف أن الولايات المتحدة اشتركت في العقد الأخير في دعم الانقلابات في ثلاث دول هي:
* أولاً: الانقلاب في فنزويلا، حيث دعمت الولايات المتحدة القوى التي أطاحت الحكومة وطردت الرئيس، لكن الأمر تغيّر، واستعاد حكمه بعد أيام عدة من انتفاضة أبطلت الانقلاب .
* ثانياً: الانقلاب في هايتي، فقد تحركت فرنسا والولايات المتحدة اللتان تعدان من أكثر من ألحقت الويلات بهذه الدولة، وقامتا بغزو هايتي وخطف الرئيس وإرساله إلى وسط إفريقيا . وأصرت الولايات المتحدة لسنوات عديدة على عدم السماح له بالعودة إلى بلاده، وإقصاء حزبه من الانتخابات . والسبب في كل هذا، أنه لو عاد ودخل في الانتخابات فإنه حتماً سيفوز . وفي النهاية عندما سمحوا له بالعودة، فرضوا حظراً على حزبه، ولم يسمحوا له بخوض الانتخابات .
* ثالثاً: الانقلاب في هندوراس، حدث الانقلاب العسكري في هندوراس، وأطيح خلاله الرئيس الهندوراسي . انضمت الولايات المتحدة في البداية إلى موقف الشجب والإدانة الدوليين، إلا أنه كان موقفاً فاتراً، ثم تحولت فيما بعد بهدوء إلى واحدة من بضع الدول التي اعترفت بالنظام الانقلابي، متجاهلة الجرائم التي ارتكبها، والدمار الذي ألحقه بالديمقراطية الهندوراسية، وقامت الولايات المتحدة بدعم انتخابات تحت إشراف النظام الانقلابي في هندوراس .
القانون الدولي وحقوق الإنسان
يحاور الكاتبان في الفصل الثالث بعنوان "القانون الدولي وحقوق الإنسان" البروفيسور في جامعة برينستون الأمريكية ريتشارد أ .فولك، وله ما يزيد على عشرين كتاباً في قضايا حقوق الإنسان، وعمل مع الأمم المتحدة في ما يخصّ القضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط بشكل عام .
يستكشف الكاتبان من خلال الحوار مع فولك أهم المعايير المتبعة من قبل القانون الدولي في ما يخص سلوك الدول، مع تشديد على المحاولات الأمريكية لاستثناء نفسها من المسؤوليّة أو العقوبات .
ويوضح فولك كيف أن القانون الدولي يتصرف في غالب الأحيان ليحافظ على مصالح القوى المهيمنة (على سبيل المثال، طريقة تشكل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة)، لكنّه يؤكد الاحتمالات الحقيقية ذاتها لتحوّل مستمر معادٍ للهيمنة في القانون الدولي .
كما يناقش الكاتبان مع فولك كيف أن الولايات المتحدة تستخدم مفهوماً محدوداً لحقوق الإنسان الذي يستثني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويقيّم الدعم الإيديولوجي الذي تتلقاه من مجموعات حقوق الإنسان الدولية الحيادية بشكل واضح .
وفي نهاية الحوار، يتحوّل إلى فكرة الإرهاب وينظر في كيفية عدم قدرة المجتمع الدولي للاتفاق على تعريف له تأثير في القانون الدولي . ويؤكد أهمية أن يتم تضمين دول وزملائهم المفوضين في أي تعرق قانوني مستقبلي للإرهاب .
عمليات التعذيب
يحاور الكاتبان البروفيسورة ماجوري كوهن في الفصل الرابع بعنوان "التعذيب كإرهاب"، وهي أستاذة القانون في مدرسة توماس جيفرسون للقانون في سان دييغو في الولايات المتحدة، ورئيسة رابطة المحامين الوطنية الأمريكية .
تبدأ في هذا الحوار بتعريف التعذيب وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لحقوق الإنسان ضمن مرجعية الأمم المتحدة، وتؤكد أن الولايات المتحدة وقعت وصادقت عليها، وبالتالي جعلتها جزءاً من قوانينها، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع لا يمت إلى ذلك بشيء .
تتطرق خلال حوارها إلى الحديث عن استخدام التعذيب في كل من العراق وأفغانستان على يد الجيش وعملاء الاستخبارات الأمريكية، وعلى نحو واسع في برنامج "تسليم السجناء ونقلهم بين الدول"، وتقيّم عدم قدرة المحاكم الدولية والمحلية على جلب المسؤولين عن هذه الأفعال ومحاسبتهم .
كما تتحدث عن قضايا أخرى ترتبط بالعلاقة بين الإثنية والتعذيب، وطرح أسئلة من قبيل: "هل من السهل حقاً تعذيب شخص يعتبر على أنه دون مستوى الذي يمارس عليه التعذيب من الناحية العرقية أوالثقافية؟"، وذلك لتوضيح الكثير من الصور المرعبة التي ظهرت في سجن أبو غريب في ،2004 إضافة إلى التصوير الإعلامي للمرأة على أنها الضحية والجلاد . وتبين كيف أن نظام السجون الأمريكي أيضاً مذنب بفرضه عقوبات غير إنسانية وقاسية، مما يجعل التعذيب جزءاً من السياسة المحلية الأمريكية .
تشير كوهن إلى أن الولايات المتحدة شاركت في تسليم السجناء ونقلهم بطريقة غير قانونية لأكثر من 20 عاماً . وكانت هذه الممارسات قبل 11 سبتمبر/ أيلول 2001 مقتصرة بالعادة على أناس تصدر بحقهم مذكرات اعتقال أجنبية . إلا أنه منذ 11 سبتمبر ،2001 ازداد نشاط عملاء الولايات المتحدة في عمليات تسليم السجناء ونقلهم إلى دول أخرى وإخضاعهم للتعذيب بشكل كيفي، وهو ما تسميّه كوهن "توريد التعذيب" . تبين كوهن أنه كان يتم نقل وتسليم المشتبهين بضلوعهم في العمليات أو النشاطات الإرهابية في أوروبا وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، إلى دول لها سمعة سيئة في تعذيب السجناء . وقد حدد مجلس أوروبا بشكل واضح الدول التي قدمت العون للولايات المتحدة، وكانت السويد إحداها، حيث ساعدتها على إعادة السجناء إلى مصر، وأخضعوا للتعذيب هناك .
تذكر كوهن أن هناك مواقعاً تسمى "المواقع السوداء" في العديد من الدول من بينها رومانيا، وبولندا، حيث يخضعون فيها للتعذيب بعد أن يتم تسليمهم من دول أخرى . وتشير إلى أن هناك تقارير تفيد بأن تركيا، وألمانيا، وإسبانيا، وقبرص قدمت مواقع في الطائرات لنقل السجناء وإخضاعهم للتعذيب في دول أخرى، وأن بريطانيا، واليونان والبرتغال وإيرلندا تسمح بتوقف هذه الطائرات على أراضيها في هذه الحالات غير القانونية .
تبين كوهن أن شركة الطيران الخاصة "جيبسن ديتابلان"، فرع من شركة "بوينغ"، تقدم خدمات الدعم اللوجيستي وتخطيط الطيران للطواقم ورحلات الطيران التي تستخدمها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، لنقل السجناء وتسليمهم بشكل إكراهي، لإخضاعهم للتعذيب .
كما تشير إلى حالات الموت تحت التعذيب بيد محققي "السي آي إيه" بتهمة الارتباط مع القاعدة، ومنهم ابن الشيخ الليبي الذي كان متهماً بتوسطه بين صدام حسين والقاعدة، وقد مات تحت التعذيب، ولم تكن هناك أية علاقة حقيقية في الواقع . كما تتحدث عن حالات اغتصاب النساء والرجال واستخدام الأساليب المستخدمة في غوانتانامو ونقلها إلى أبوغريب في العراق، حيث كانت المشاهد مروعة وصادمة ومستفزة للضمير الإنساني .
المبادئ الأخلاقية
في الفصل الخامس من الكتاب بعنوان "المبادئ الأخلاقية، التبرير والمسؤولية" يحاور الكاتبان الفيلسوف والبرفيسور البريطاني-الكندي تيد هونديريك، متفرغ للفلسفة والمنطق في جامعة كلية لندن، وجامعة باث، تتمحور كتاباته حول خمسة مواضيع أساسية وهي: الحقيقة الحتمية وآثارها على حياتنا، طبيعة الوعي وعلاقته بالدماغ، الحق والباطل في العالم المعاصر، وخاصة في ما يتعلق بالإرهاب، والتبريرات المفترضة بخصوص العقاب الذي تفرضه الدولة، والتقاليد السياسية للتيار المحافظ .
يشير خلال حواره مع الكاتبين إلى القضايا الفلسفية التي تحيط بالمبادئ الأخلاقية للإرهاب وأسئلة المسؤولية الديمقراطية . ويشكّ الكاتبان في فهم هونديريك لإرهاب الدولة من ناحية الارتباط بالقوانين الأخلاقية، ويبينان أنه إذا ما كانت هذه الأفعال تدخلات سرية أو أحادية الجانب، يجب اعتبارها خاطئة في حد ذاتها .
يشير هونديريك إلى أنهم لايحتاجون أن يكونوا هناك أو أن يتبعوا نظرية العواقبية الفلسفية التي تعني أن الفعل يقيّم أخلاقيّاً بحسب ما ينتج عنه، ويصرّ على أنه حتى الأنانية أو الأفعال العنيفة ربما تكون مبررة لو أنها اتفقت مع "مبدأه الإنساني"، خاصة في رده على سؤال الكاتبين له عن أحداث الربيع العربي، حيث كانت الديمقراطية من ضمن مطالب واحتياجات أخرى نادى بها المحتجون أهمها الوظائف والغذاء التي أثيرت بسببها الاحتجاجات في الأساس . ويشير هونديريك إلى أن الصحافة الغربية، البريطانية والأمريكية خاصة، تتعامل مع ما يحدث في العالم العربي من جانب واحد فقط، ولا تقدم السبب الذي يدفع الجماهير العربية اليوم إلى الاحتجاج والخروج في مظاهرات . كما يبين حالة التعب لديه من التفكير بمبادئ الديمقراطية أو الحرية التي تنادي بها الولايات المتحدة أو بريطانيا، التي تغض النظر عن مطالب أخرى جوهرية تهم الشعوب بالدرجة الأولى . ويجد أن إمكانية أن تجلب الديمقراطية الوظائف وتحسن من الوضع الاقتصادي هو من أهم وأكبر الإشكاليات لدى الحكومات .
ويبين الكاتبان أن العديد من الأفعال الأمريكية لم تجد تبريراً لها تحت قواعد "مبدأ الإنسانية" . ما هو أكثر من ذلك، ومن غير المحتمل أن يتغير تحت "الديمقراطية الهرمية" للولايات المتحدة، هي المصالح السياسية والاقتصادية التي تتحكم بشكل غير متناسب مع عمليات صناعة القرار .
الصورة الإعلامية
يحاور الكاتبان في الفصل الخامس بعنوان "الصورة الإعلامية للإرهاب" إدوارد هيرمان، الأستاذ في جامعة بينسلفينيا الأمريكية، ويوضح الدور الذي لعبه الإعلام في ترويج أفكار سائدة عن الإرهاب . ويشير إلى أن الإعلام يقبل ضمنياً أن أشكال إرهاب الدولة، خاصة من قبل الولايات المتحدة لا تعد ولا تحصى . وعلاوة على ذلك، يرى هيرمان أن وسائل الإعلام تساهم حقاً في الإرهاب من خلال المبالغة في التهديدات الإرهابية ضد الولايات المتحدة، بهدف تعزيز السياسة الخارجية الأمريكية المتسمة بالعدوانية، من ضمن ما تروجه هذه الوسائل، العنصرية والأحقاد الإيديولوجية الأخرى، وغيرها من القضايا، بغرض خلق دعم عام لهذه السياسات .
كما يناقش الكاتبان مع هيرمان الكتاب الذي نشره مع نعوم تشومسكي لأول مرة عام 1980 بعنوان "نموذج الآلة الدعائية"، وذلك ليعيد تقييم صلتها في تغطية النزاعات الأخيرة، خاصة في ضوء الجدل الذي أثير حول سجن أبو غريب في العراق .
كما يبين أن "إسرائيل" تلعب دوراً كبيراً في الترويج إلى أفكار نمطية سائدة عن المسلمين والعرب في الإعلام الغربي، حيث تخدمها في صراعها لأجل نزع ملكية الفلسطينيين ل"إسرائيل الكبرى"، ولتقدم التبرير الأخلاقي لأي عملية تطهير عرقي تقوم بها، وبالتالي هنا تصوير العربي الفلسطيني المسلم على أنه إرهابي حينما يطالب بحقه، الأمر الذي يدفع إلى تحقيق المصالح "الإسرائيلية" على نحو أسرع، ولا تتوقف "إسرائيل" بكل ما يتاح لها من وسائل أن تعزز هذه الصورة، وتضع المسلم في موقع النبذ الذي كان اليهودي يعيشه يوماً ما على مستوى العالم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.