سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الواقعي والمفبرك في قصة الدرك الأردني والكويت: جهة سعودية سربت انباء الاستعانة بخدمات شرطة عمان.. وشركة البطيخي إخترقت سوق الإستشارات الأمنية في الخليج
الواقعي والمفبرك في قصة الدرك الأردنيوالكويت: جهة سعودية سربت انباء الاستعانة بخدمات شرطة عمان.. وشركة البطيخي إخترقت سوق الإستشارات الأمنية في الخليجعمان 'القدس العربي' من بسام البدارين: لا يمكن عزل الإثارة التي عايشتها منذ أسبوع العلاقات الأردنيةالكويتية عن ما يسمى في غرف القرار الأردنية ب'العامل السعودي' الذي أصبح ليس فقط عنوانا للأزمة الإقتصادية والمالية الأردنية ولكن المشتبه الأول في تسريب أو فضح وحتى إختلاق قصة الدرك الأردنيوالكويت. ولا يمكن تجاهل إصرار غالبية النخب السياسية في المؤسسة الأردنية على أن المغرد السعودي المجهول 'مجتهد' الذي شرخ العلاقات الأردنيةالكويتية وساهم في تأزيمها وإعاقتها بضربة إلكترونية واحدة مبرمجة على أساس إستخباري بوضوح ليس بريئا ولا متطوعا. مجتهد الغامض أنتج ببساطة وبسرعة أزمة من العيار الثقيل أربكت عمانوالكويت وعدة عواصم عندما نشر قصة الصفقة بين الأردنوالكويت والتي تقضي بإرسال 16 ألفا من الجنود الأردنيين مقابل ستة مليارات دولار. سرعان ما تطور الأمر وبدأ معارضون كويتيون على رأسهم مسلم البراك بالعبث بقاموس الشتائم لتهديد الأردنيين..لاحقا عبرت عمان عن قلقها على الجالية الأردنية ليرد عليها السفير الكويتي في عمان بنداء 'للنشامى' يتضمن الحرص على سلامة أشقائهم طلبة الكويت. وبصرف النظر عن إختراع هذه القصة وفبركتها تداولها الجميع وأصبحت على الأقل وبسرعة وسيلة للهاث الحكومة الكويتية وراء 'نفي' جذر فكرة الإستعانة بأمن خارجي مقابل لهاث نظيرتها الأردنية وراء نفي التورط فيها. التفاصيل هنا مثيرة ومهمة في قصة المجتهد السعودي فالأمر لم يتعلق بتغريدة متسرعة بقدر ما تعلق بقصة كاملة محبوكة بعناية خلفية بثها في الفضاء الإلكتروني أمنية وإستخبارية وفقا لتقديرات المؤسسة الأردنية. والتفاصيل في الواقع لم تكتف بالتحدث عن عدد الجنود ورقم المليارات لكنها وضعت سيناريو كاملا ومفصلا يستند إلى بعض الوقائع التي من الصعب نفيها ويثير شهية القراءة ويبدو مقنعا بعد التشكيك بالرقم الأساسي المتعلق بعدد الجنود. معلومتان أساسيتان في قصة المجتهد السعودي دفعت بعض الأوساط الأردنية المختصة للشعور بأن خلف المسألة لعبة ما فحسب السيناريو طلبت الكويت وهي تواجه ازمة الشارع 'إستشارة سعودية أمنية' فجاءت النصيحة على أساس الإستعانة بقوات صديقة سواء من الأردن أو من الباكستان. هذه المعلومة حصريا تبدو 'واقعية' فحتى مصادر كويتية في عمان تحدثت عن إستشارات من هذا النوع. المعلومة الثانية تلك التي تتعلق بصفقة برمجتها شركة إستشارية أمنية ضخمة يملكها ويدير فريقها مدير المخابرات الأردني الأسبق سميح البطيخي فالوقائع تقول بأن البطيخي لديه مثل هذه الشركة فعلا وعمل بكثافة مع أوساط خليجية مؤخرا ووضع قدما لشركته في الكويت، الأمر الذي يضفي نكهة مصداقية على الرواية ما دامت تتضمن جزئية البطيخي. لكن معرفة ساحة العمل الحيوية التي بحث عنها منذ عامين في سوق وبزنس الخليج البطيخي مسألة خارج نطاق 'مغرد' إلكتروني عادي وغير مطلع مما يرجح سيناريو بعض الأردنيين بان جهة منظمة وراء تركيب السيناريو والأهم وراء التسريب. 'القدس العربي' حضرت جلسة للبطيخي في بدايات تأسيس شركته الإستشارية تحدث خلالها عن مشاريع لتقديم خدمات أمنية نوعية في سوق الخليج منتقدا وقتها إعجاب السوق الخليجية بالرواد الغربيين. أصابع الإشتباه هنا حصريا تطال 'جهة سعودية ما' على الأرجح لكن السؤال الذي يجول بوضوح في خاطر غرف القرار المغلقة في عمان هو التالي: لماذا؟ معلومات 'القدس العربي' هنا تشير إلى ان السعودية إعتذرت لأسباب تخصها عن تلبية متطلبات الأمن الكويتية وبحثت فعلا عن جهة موثوقة تساعد حليفها الكويتي وإقترحت الإستعانة بالأردن بسبب خبراته الأمنية المعروفة في ساحات دول الخليج. عمليا هذه المعطيات لا تجيب على كل التساؤلات إلا في حال ربطها بالسر الكامن وراء تجاهل السعودية التام والغريب وغير المسبوق للأزمة المالية والإقتصادية التي تعانيها الخزينة الأردنية والتي وصلت لمستوى الخطر الشديد. اليوم لا يتردد أحد المسؤولين وهو يتحدث للقدس العربي عن حجب المال والمساعدات السعودية ببساطة وبصراحة لان عمان لم تلتزم بل تهربت من السيناريو القطري- السعودي المعني بالملف السوري، الأمر الذي إنتهى بالنتيجة بإحراج هذا السيناريو وتراجعه في خارطة القوى النافذة دوليا. هذا الموضوع تحدث عنه في إحدى الجلسات التي حضرتها 'القدس العربي' وزير البرلمان الأسبق في الحكومة الأردنية شراري الشخانية ولاحقا توثقت المؤسسة بطريقتها من أن الرياض تحجب المساعدات المالية بسبب خيبة أملها الكبيرة بالمراوغة الأردنية فيما يتعلق بالإنقلاب الفعلي على الرئيس السوري بشار الأسد. هو بالنتيجة عقاب سعودي لعمانفالرياض فكرت مع قطر من العام الماضي بفتح حدود الأردن بقوة أمام اللاجئين مع تمكين عمان بغطاء عربي ودولي من تحشيد قوات عسكرية على الحدود مع سورية والتوغل في الأرض السورية لتأسيس منطقة عازلة جنوبي سورية. الأردنيون إنقلبوا عمليا على هذا السيناريو وغادروا الخندق الخليجي فيما يتعلق ببشار الأسد لثلاثة أسباب هي إسرائيل وتغذية الجهاديين الراجعة وعدم وجود مشروع أمريكي من أي نوع على الأقل قبل إنتخابات الرئاسة. عليه من الواضح أن الرياض لم تستطع تقبل 'الأعذار' الأردنية وأقفلت باب المساعدات فيما فشلت عمان في الإستمرار بمراوغتها رغم إرسال أهم ثلاثة جنرالات قبل عدة أسابيع لولي العهد السعودي على أمل شرح وتوضيح الموقف. بالمحصلة وبإختصار هناك من يعتقد في الأردن اليوم بأن مسلسل 'العقاب السعودي' على تفويت فرصة إقامة منطقة عازلة جنوبي سورية يتواصل ولا يقف عند حدود حجب المساعدات وعدم إرسالها. والأردنيون عمليا في حالة خشية من أن يكون 'مجتهد' السعودي الغامض هو الحلقة الأخيرة في هذا المسلسل العقابي.