نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    شعبة الثقافة الجهادية في المنطقة العسكرية الرابعة تُحيي ذكرى الشهيد    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كتائب القسام تسلم جثة ضابط صهيوني أسير بغزة للصليب الأحمر    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    عين الوطن الساهرة (1)    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلاح الأقوياء ... 3-3
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012

يقول المفكّر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي: "يشعر الجميع بالقلق إزاء وقف الإرهاب . حسن، هناك طريقة بسيطة في الواقع وهي: توقّف عن المشاركة فيه"، وفي مكان آخر يقول: "إنّ القتل الوحشيّ بحق المدنيين الأبرياء هو إرهاب" .
في الحقيقة ينطبق كلام تشومسكي على الممارسات الأمريكية، التي تحارب تحت مسمّى إحلال الديمقراطية والحرية في دول العالم الثالث من جهة، وتحت مسمّى محاربة الإرهاب من جهة أخرى، وفي الحالتين، غايتها تحقيق أهداف سياستها الخارجية وحماية مصالحها الاستراتيجية في العالم . وما يفنّد إدعاءاتها هو أن الطريق الذي تسلكه إلى تحقيق هذه المصالح يكون على بحر من دماء الأبرياء، خاصة في العالم العربي والإسلامي، الذي بات في المنظومة الإعلامية الغربية مرتعاً للإرهاب . كما أن كلّ أحاديثها عن دعم ثورات الشعوب العربية لاينبع من إيمانها بحق هذه الشعوب في الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، فهذا آخر ما تتمناه لهذه المنطقة الاستراتيجية، بل تأتي لتخدم علاقتها مع الأنظمة الجديدة، حفاظاً على مصالحها ومصالح الكيان "الإسرائيلي" .
نطّلع في هذا الكتاب على أفكار ثلاثة عشر من المفكرين والأكاديميين البارزين على مستوى العالم عبر حوارات قيمة حول شكل الإرهاب الذي تمارسه الولايات المتحدة في العديد من دول العالم بأساليب مختلفة .
ويكشف لنا الكتاب عن بعض الجوانب المظلمة من الممارسات العنيفة لأمريكا، منها الانتهاكات التي قامت بها في العراق وأفغانستان ودول أمريكا الجنوبية، إضافة إلى إعطاء فكرة عن الأماكن السرية التي تقوم فيها بتعذيب السجناء، وتسليط الضوء على منظمات إجرامية تقوم بالتخريب في نقاط معينة من العالم، لخدمة المصالح الغربية، وتحديداً الأمريكية .
الكتاب صادر عن دار "بلوتوبرس" البريطانية ،2013 ويقع في 246 صفحة من القطع المتوسط .
يحاور الكاتبان في الفصل السابع بعنوان "حديث الإرهاب" الفيلسوفة الأمريكية جوديث بيتلر، التي لها إسهامات كبيرة في الفلسفة النسوية والسياسية والأخلاق، تعمل الآن في جامعة كاليفورنيا، كأستاذة في قسم الأدب المقارن والبلاغة .
يناقشان مع بيتلر الطرق التي يمكن للتمثيل البصري واللغوي السائد للإرهاب أن يؤثر في الفهم والجدل العام حول هذا الموضوع . ويبدو من خلال الحوار أن مبدأ "التأطير" لبيتلر يظهر كيف أن الأوضاع السياسية والحروب ربما تفهم على أنها صراعات تطلب تحالفاً مع جهات معينة أكثر من مطالبتها بالمبادئ العامة .
كما يستكشفان معها التأثيرات الإيديولوجية للحديث عن الإرهاب، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكيف أن الدولة والإعلام يستخدمان الخوف ويشيعانه لزيادة الطلب على خدمات أمنية أكثر وسدّ الطريق أمام التحليل النقدي .
وفي نهاية الحوار يعودان إلى الحديث عن خليج غوانتانامو، ويناقشان مع بيتلر الطريقة التي تتصرف بها كتحذير واضح، ومصدر محتمل للإرهاب، حتى للمواطنين الأمريكيين .
أما في الفصل الثامن بعنوان "الدراسات الأكاديمية حول الإرهاب"، يحاور الكاتبان البروفيسور ريتشارد جيكسن الذي يوضح العوامل التي تقف وراء عدم تناول موضوع إرهاب الدولة بشكل كبير في البحوث والدراسات الأكاديمية، ومن أهمها تطور وجهات النظر بعد الحرب الباردة، والافتقاد إلى المهارات التعليمية الحاسمة في الجامعات، بالإضافة إلى الافتقاد إلى الدعم المؤسساتي لنقد جرائم الدولة .
يرى جكسن أنه بدلاً من ذلك، فإن مهنة أكاديمية جيدة معروفة بالتزامها بالطرق المعروفة والواضحة، تقود إلى الترويج، وتمويل البحث، والعمل الإعلامي والحكومي الإضافي . وخلال حواره يبين جاكسون أن التركيب المؤسساتي هو الذي يقود العلماء في هذا الاتجاه .
في الفصل التاسع بعنوان "المؤسسات المالية الدولية واقتصاديات الإرهاب" يحاور الكاتبان البروفيسور باتريك بوند، المتخصص في الاقتصاد السياسي، والبيئة، والسياسة الاجتماعية، والجغرافيا، الذي يحاضر في جامعة كوازولو ناتال في جنوب أفريقيا .
يبين بوند خلال حواره كيف أن الإرهاب الدولي الأمريكي يعمل بالتوازي مع المؤسسات المالية الدولية، بشكل خاص صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية أبعد .
يوضح بوند كيف أن هذه المؤسسسات المالية الدولية تسمح للشمال بتخصيص موارد الجنوب . كما يتم تشجيع الأنظمة القمعية لطلب تمويلات (بشرط أن يتصرفوا بما يتفق مع المصالح النيوليبرالية)، ويخلقوا بذلك تأثيراً مضاعفاً يقوي قدرة النظام على الإرهاب، وثم يعطّل الحكومات الديمقراطية اللاحقة مع طلب إيفاء الديون المترتبة عليهم . ويشير إلى أن استخدام جنوب أفريقيا خلال وبعد نظام الأبارتهايد كمثال، يبين كيف أن نوعاً من الرعب الاقتصادي حل مكان العنف المباشر في القمع المستمر للسكان الجنوبيين .
العسكرة الأمريكية
يحاور الكاتبان في الفصل العاشر البروفسور إسماعيل حسين زاده، أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة دريك في دي موين بولاية ايوا . له كتاب بعنوان "التنمية غير الرأسمالية السوفييتية: حالة مصر زمن عبد الناصر" (1989)، وكتاب آخر بعنوان "الاقتصاد السياسي للنزعة العسكرية الأمريكية" .
يدور الحوار حول عمله الأخير عن المجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة، ويوضح زاده إلى مدى بعيد أن الحروب الأمريكية والمساعدة العسكرية، والمطالب الأمنية هي مصالح وغايات في حد ذاتها، وتنتج إمبريالية "طفيلية" بشكل متزايد للشركات النخبوية العسكرية على المستوى العالمي لالتهام الثروات الوطنية . كما يناقش ويبين الأسباب الرسمية المختلفة للتدخلات العسكرية الأمريكية، خلال وبعد الحرب الباردة، موضحاً الدوافع الاقتصادية التي تقف وراءها .
يقف الكاتبان خلال الحوار مع زاده على أهمية التفسيرات النقدية الأخرى للسياسة الأمريكية، بشكل خاص في ما يتعلق بالنفط، حيث يبرهن سلسلة من المصالح المشتركة التي تتنافس لصياغة الأعمال الرسمية .
يشير زاده إلى أن اللوبي الصهيوني له تأثير كبير على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وأهدافه قريبة ومترابطة مع أهداف المجمع الصناعي-العسكري، الذي لايتواني عن تقديم الدعم غير المشروط للأهداف الجيوسياسية ل"إسرائيل"، ويرى أن عملية السلام وإحلال الاستقرار بين الجانب "الإسرائيلي" والفلسطيني لايخدم مصالح المجمع الصناعي-العسكري، وهو يأتي ليؤكد ما يجده دعاة "إسرائيل" الكبرى من الصهاينة، الذين يجدون أن السلام سيعيق الوصول إلى هدفهم في الحصول على "الأرض الموعودة" .
أمريكا في الشرق الأوسط
يحاور الكاتبان في الفصل الحادي عشر بعنوان "الولايات المتحدة في الشرق الأوسط" الكاتب والبروفسور اللبناني غيلبرت الأشقر، الذي غادر لبنان منذ ،1983 وحاضر في العديد من الجامعات الأوروبية في قضايا الدراسات المشرقية والسياسة الشرق أوسطية، وله العديد من الآراء الإشكالية، خاصة في 2011 حول التدخل الخارجي في ليبيا .
يقدم الأشقر خلال حواره موجزاً عن التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط الكبير، الذي يجده مبنياً عوامل اقتصادية أهمها النفط . ويعاين الكاتبان معه أهمية التواجد الأمريكي في دول الشرق الأوسط، وتحالفه مع الإسلام الأصولي في وجه القومية التقدميّة، وذلك قبل الدعم الأمريكي للديكتاتورية في إيران قبل الثورة الإسلامية في إيران، والحوافز التي تقف وراء التدخلات العسكرية الأخيرة في أفغانستان، العراق، وليبيا . والنمط الذي يظهر سعي الولايات المتحدة من خلاله بثبات إلى الإبقاء على التحكم الإقليمي، بغض النظر عن الكلفة البشرية .
ويشير الأشقر إلى أنه مع انهيار أنظمة العديد من الحلفاء في الشرق الأوسط، واكتساح موجة الديمقراطية، أدركت الولايات المتحدة ضرورة إقامة علاقات مع الطرف الأكثر شعبية، وكان الإخوان المسلمون المرشح الأبرز . وهي تحاول أن تكسب الأصولية الإسلامية إلى جانبها أيضاً . وهذا النوع من العلاقة يجده الأشقر أنه من أجل التفاوض لإقامة شراكة مستقبلية . وما كان على الولايات المتحدة إلا دعم الإخوان المسلمين للحصول على كعكة السلطة بناء على تفاهم معين لتحقيق المصالح الأمريكية في ما بعد .
يؤكد الأشقر أن هذا ما تقوم به الولايات المتحدة منذ بداية أحداث الربيع العربي في ،2011 لأن الإخوان المسلمون كانوا القوة السياسية الأبرز في المعارضة في كل الدول التي شهدت ثورات . ويرى أنه في المرحلة الأولى من العملية الديمقراطيّة والانتخابات الحرة، ليس من المستبعد أن يظفر الإخوان المسلمون بالحصة الأكبر . ويعتقد الأشقر أنهم سيمكثون طويلاً على كرسي الحكم، إلا أنه يشير إلى أن الأشياء ربما تتغير عندما يواجه الإخوان المسلمون تجربة محاولة فرض حكمهم، وذلك لأنهم يفتقدون إلى رد الفعل الكافي تجاه المشاكل والقلاقل الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة . لكنه يرى أنه إلى حين دخولهم في مواجهاتهم مع هذه القلاقل، فإن الإخوان المسلمون هم أفضل رهان ممكن .
كما يشير الأشقر في حواره على دور النفط المحوري في سياسة الشرق الأوسط، وكان في نقطة تعارض مع إطروحة إسماعيل حسين زاده . ويرى الكاتبان معه أن هذه النقاشات تسلط الضوء على الشبكة المعقدة من التأثيرات على العمليات السياسية الأمريكية، والتحكم بأكثر الأجنحة الأصولية الراديكالية . يرى الأشقر أن موقف الولايات المتحدة نفاقي بحت، وهي لا تتمنى إحلال الديمقراطية الحقيقية في هذا الجزء من العالم، وفي رأيه يرجع ذلك إلى سببين:
أولاً: لأنها دخلت في ارتباطات كثيرة في العقود الأخيرة داخل المنطقة، إلى جانب تحالفها ودعمها ل"إسرائيل"، جعلها تفقد الشعبية بشكل كبير بين الدول العربية، والأمر - برأيه - يختلف عما حدث في أوروبا الشرقية، فقد كانت على الجانب الآمن، واستطاعت أن تدافع عن الانتخابات الحرة، لأنه كان واضحاً أنه ما من طرف غير الذي تدعمه مستعد للفوز بالسلطة، أما في الربيع العربي، الأمر على النقيض .
ثانياً: هناك الكثير مما يمكن الرهان عليه في المنطقة على الصعيد الاقتصادي والاستراتيجي، وهذا يوضح السبب الذي يجعل الولايات المتحدة مستمرة في السياسة نفسها التي لجأت إليها في الحرب الباردة، عندما دعمت الأنظمة الشمولية باسم معاداة الشيوعية .
يرى الأشقر أن شكل التدخل في ليبيا كان لتعويض ما فقده في مصر بالدرجة الأولى، ويشير إلى أن الشعب السوري في انتفاضته ضد نظامه الديكتاتوري واع بأن القوى الغربية تقف إلى جانب "إسرائيل"، ولا يمكن أن تقدم له الدعم الذي يتوافق مع طموحاته في ديمقراطية حقيقية، كما أنه لا يوجد إجماع بين المعارضة السورية على قبول التدخل الخارجي، حيث لايثق الشعب السوري بهذه القوى .
إرهاب الدولة "الإسرائيلي"
في الفصل الثاني عشر من الكتاب بعنوان "الدعم الأمريكي لإرهاب الدولة "الإسرائيلي" يحاور الكاتبان نورمان فينكلستاين، وهو بروفيسور أمريكي من أصول يهودية، له آراء جدلية حادة مع عدد من الكتاب الذين يدافعون عن الممارسات "الإسرائيلية" المجحفة بحق الفلسطينيين" .
ينتقد الصهيونية ويتحدث عن التاريخ الديموغرافي لفلسطين، ويجد في كتابه "صناعة الهولوكوست: تأملات في استغلال المعاناة اليهودية" أن الهولوكوست ذريعة لتمويل "إسرائيل" ولتحقيق مصالحها، ويعرف عنه دعمه للقضية الفلسطينية بشكل صريح، وله العديد من المؤلفات فيما يخص الصراع الفلسطيني- "الإسرائيلي" .
يتعامل فينكلستاين في هذا الحوار مع تاريخ العلاقات الأمريكية -"الإسرائيلية" منذ بداية تشكل تحالفهم الحميم في سنوات الستينات من القرن المنصرم . ويشير إلى أن السياسة الأمريكية في العالم العربي خلال سنوات الخمسينات كانت حذرة أكثر من الوقت الحالي، وأبقت الولايات المتحدة "إسرائيل" على مسافة منها، لأن الرئيس المصري حينها، جمال عبدالناصر، والقومية العربية التي كان يدافع عنها، ظهرت كقوة سياسة فعّالة . وعقدت الولايات المتحدة الآمال على أنه عبر المساعدات المتنوعة مثل: معونات القمح، وتقديم الدعم لسد أسوان، وغيرها من هذا النوع يمكن أن تبعد عبد الناصر عن المشروع القومي العربي . لكن في أوائل الستينات ظهر لهم أن عبد الناصر لن يحيد عن مشروعه القومي، فأصبحت الولايات المتحدة أقرب إلى "إسرائيل"، وكانت النقطة المفصلية في نكسة حزيران (يونيو) ،1967 عندما أوقعت "إسرائيل" هزيمة تاريخية بالعالم العربي، ودقت المسمار الأخير في نعش الناصرية . وكان ملتقى المصالح بين واشنطن وتل أبيب له علاقة بالرغبة المشتركة في فرض السيطرة على العالم العربي أكثر من الخوف من تصاعد "النفوذ السوفييتي" .
ويناقش الكاتبان معه أحداثاً معينة كان الجيش "الإسرائيلي" مسؤولاً فيها عن ارتكاب عمليات إرهابية مثل مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان، والحرب على غزة في 2008 .
يظهر فينكلستاين شكل الدعم الأمريكي المستمر ل"إسرائيل"، خاصة في استخدام حق النقض "الفيتو" في الأمم المتحدة، حيث سمح لها ذلك بالاستمرار في أفعالها الإجرامية من دون إنزال أية عقوبات بحقها، ويبين إلى أية درجة تعتمد "إسرائيل" على الولايات المتحدة على الصعيد الاقتصادي والإيديولوجي والسياسي .
ويشير إلى أنه من المستحيل أن نفصل الاعتماد المالي ل"إسرائيل" على الولايات المتحدة عن اعتمادها السياسي . فكلاهما متلاحم في بعض، والحقيقة البسيطة هي لو أن "إسرائيل" فقدت الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، فإنها سوف تعاني العقوبات نفسها التي تعانيها الدول الأخرى التي انتهكت القانون الدولي . ولا يمكن ل"إسرائيل" أن تتحمل العقوبات لمدة يوم واحد، ليس لأسباب اقتصادية، بل لأن "إسرائيل" سوف تصاب بالهلع من احتمال عزلتها الكلية، كما أن الضغط الشعبي على القادة "الإسرائيليين" لترقيع العلاقات مع واشنطن سوف يكون كاسحاً .
يرى فينكلستاين أن "إسرائيل" تتحدث أكبر من حجمها، وعلى الرغم من الهيمنة العسكرية الإقليمية لها، إلا أنها تشعر بالفزع والرعب من احتمال أن تبقى وحيدة، ويستحيل البقاء على موقفها العدواني من دون هذا النوع من المساندة الثابتة .
ويشير إلى أن الربيع العربي قد هزّ رقعة الشطرنج، ولا أحد يعرف كيف ستبدو الأمور بعد استقرار غبار العاصفة . فالأنظمة الديكتاتورية المدعومة أمريكياً عانت من انتكاسة كبيرة، وكذلك "جبهة المقاومة" . فخلال الربيع العربي ارتفعت أسهم رئيس الوزراء التركي أردوغان في العالم العربي، بسبب دفاعه عن ديمقراطية الشعوب العربية، وانحدرت شعبية السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، بشكل شديد بعد وقوفه إلى جانب النظام السوري . ويشير إلى أنه على ما يبدو لايمكن لأي دولة أن تخطو أية خطوة، فالجميع سوف ينتظر بصبر ليرى أين تتوقف الأمور بعد استقرار الوضع الفوضوي الراهن .
أمريكا اللاتينية
في الفصل الثالث عشر بعنوان "الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية" يجري الكاتبان حواراً مع غريغ غراندين، البروفسور والمؤرخ الأمريكي في جامعة نيويورك، الذي يتحدث بعمق في عدد من أشكال التدخل الأمريكي في العنف المرعب الذي اجتاح أمريكا الجنوبية والوسطى خلال الحرب الباردة .
يبدأ الكاتبان بالحوار حول غواتيمالا وشكل التدخل الأمريكي الأول الواسع النطاق في تلك الفترة، ويوضح كيفية التحولات الديمقراطية فيها . ثم يتحدث عن الثورة الكوبية عام ،1959 وأهم الدروس التي تعلمها كاسترو ورفاقه من تجربة غواتيمالا، وكيف أن الولايات المتحدة في المقابل، استجابت من جانب إلى إمكانية كوبيين ثوريين أكثر من خلال الحديث بشكل واضح عن البرامج الاجتماعية لبناء الدولة، ومن جانب آخر استخدام تكتيكات إرهابية أقوى .
وفي نهاية الحوار يظهر أن السياسة الخارجية الأمريكية الإرهابية تستمر في كولومبيا، وكيف أنها كثفت جهودها للقضاء على الحركات التقدمية بعد نهاية الحرب الباردة .
الجيوش السرية
"الجيوش السرية للناتو في أوروبا" عنوان كتاب للبروفسور والمؤرخ السويسري دانييل غانسير الذي يحاضر في حقل التاريخ الحديث في جامعة بازل في سويسرا . ويحاوره الكاتبان حول هذا الموضوع . يركز غانسير خلال حواره على كيفية تشكل شبكة من الجيوش المعادية للشيوعية في أوروبا الغربية على يد ال"سي آي إيه" والاستخبارات البريطانية، بالتنسيق مع الناتو والاستخبارات العسكرية السرية في أوربا، وذلك بعد الحرب العالمية الثانية .
ويشير إلى أن الشبكة على الرغم من تصميمها في البداية لتكون على شكل مقاومة لأي غزو سوفييتي محتمل لأوروبا الغربية، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى قوة لمواجهة الأعداء في الداخل مثل الأحزاب السياسية الاشتراكية والشيوعية، على الرغم من أنه ما من وثائق رسمية خرجت للعلن (على الرغم من الطلبات المتكررة من العلماء الذين يعملون على هذا الموضوع) .
يقدم غانسير تحليلاً عميقاً لهذه الجيوش السرية عبر إطلاعه على المصادر الثانوية المعتمدة، ويوضح كيف أن الولايات المتحدة حولت أوروبا إلى ساحة قتال سرية إلى جانب جلبها نتائج كارثية مدمرة عليها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.