وقفات في محافظة صنعاء احتفالًا بعيد جمعة رجب    نتنياهو يعلن في بيان الاعتراف بإقليم انفصالي في القرن الأفريقي    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    الرئيس المشاط يعزي عضو مجلس النواب علي الزنم في وفاة عمه    عاجل : بيان مهم صادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي    سوريا.. قتلى وجرحى في تفجير داخل مسجد في حمص    مقتل مهاجر يمني داخل سجن في ليبيا    خلال يومين.. جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإعادة ووقف التعامل مع ثلاثة كيانات مصرفية    في بيان صادم للشرعية: قطر تدعم التهدئة في اليمن وتتجاهل وحدة البلاد وسلامة أراضيه    الرئيس المشاط يعزي عضو مجلس النواب علي الزنم في وفاة عمه    السيد القائد يهنئ الشعب اليمني ب"جمعة رجب" .. ويحذر من حرب رهيبة !    إعلام الانتقالي: طيران حربي سعودي يقصف هضبة حضرموت وقوات النخبة تسيطر على المنطقة    احياء مناسبة جمعة رجب في مسجد الإمام الهادي بصعدة    ريال مدريد يعير مهاجمه البرازيلي إندريك إلى ليون الفرنسي    مفتاح: جمعة رجب محطة إيمانية تجسد هوية الأنصار وجاهزية اليمن للجولات القادمة    الصحفية والمذيعة الإعلامية القديرة زهور ناصر    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    طيران العدوان السعودي يستهدف "أدواته" في حضرموت وسقوط قتلى وجرحى    ترامب يعلن تنفيذ ضربات "فتاكة" ضد تنظيم القاعدة بنيجيريا    كاتب حضرمي يطالب بحسم الفوضى وترسيخ النظام ومعاقبة المتمردين    اليمن يتوعد الكيان المؤقت بما هو أشدّ وأنكى    ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سهولة الانقلاب على الثورة العربية - النهار اللبنانية - مسعود ضاهر
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 04 - 2012

GMT 0:00 2013 الجمعة 15 فبراير GMT 2:08 2013 الجمعة 15 فبراير :آخر تحديث
مواضيع ذات صلة
مسعود ضاهر
في العام 1943، رسم المفكر اللبناني رئيف خوري في كتابه المتميز «الفكر العربي الحديث، أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي»، إشكالية التناقض بين الفكر الثوري والفكر الانقلابي. فالأول يقترن بعمل ثوري مبرمج لإحداث تغيير جذري في بنية المجتمع، على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أما الثاني، فيرمي إلى إسقاط رأس النظام وبعض رموزه فقط، والإبقاء على ركائز النظام القديم من دون تغيير جذري، بحيث ينتقل الشعب من حاكم مستبد إلى حاكم أكثر استبداداً. لقد تأثر عدد كبير من المفكرين العرب بمبادئ الثورة الفرنسية عام 1789، وهللوا للانقلاب العثماني عام 1908 الذي خلع السلطان عبد الحميد، وأعلن الدستور العثماني عام 1909 الذي أقر بحرية العمل السياسي. لكنهم فجعوا بانقلاب جماعة «تركيا الفتاة» التي اعتمدت سياسة الطورانية والتتريك، أو فرض اللغة التركية على من تبقى من رعايا السلطنة العثمانية، وجلهم من العرب. فنشر سليمان البستاني كتابه: «ذكرى وعبرة: قبل الدستور وبعده»، حلل فيه مرارة المثقفين العرب مما آلت إليه الأوضاع بعد إعلان الدستور، والهجمة الشرسة ضد الحركات الوطنية والقومية التحريرية. ثم تزايدت قوافل شهداء الحرية والاستقلال في المناطق التي بقيت خاضعة للسلطنة العثمانية في المشرق العربي إبان الحرب العالمية الأولى.
حلل رئيف خوري نقاط التشابه والاختلاف بين مفهومي الثورة، ونموذجها الأرقى الثورة الفرنسية، والانقلاب العثماني او «ثورة تركيا الفتاة» التي أطاحت بالسلطان عبد الحميد الثاني. في البداية، تفاءل كثير من المفكرين العرب بالانقلاب وما رافقه من إعلان للدستور ضمن بعض الحريات الأساسية. وتناول بتحليل شمولي موقف بعض المفكرين العرب من الانقلاب العثماني بصفته ثورة حقيقية أطاحت بالسلطان العثماني وحولت الحكم من السلطة المطلقة إلى سلطة مقيدة بدستور مكتوب وبرلمان منتخب.
اللافت للنظر أن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إكمال الدين إحسان اوغلي، استعاد هذا المشهد في حوار له مع صحيفة «حرييت» التركية ، ونشر محمد نور الدين ترجمة لمقاطع منه في جريدة «السفير» بتاريخ 12 شباط 2013. رأى أوغلي أن الربيع العربي كان شبيها بالمشروطية الثانية في تركيا في العام 1908. كان المهم إسقاط السلطان عبد الحميد الثاني مهما كان الثمن. فاجتمعت قوى قومية وإسلامية ومن إثنيات مختلفة على إسقاط السلطان عبد الحميد من دون أن تكون لها خطة للمرحلة اللاحقة. وسرعان ما برزت انقسامات كبيرة ، وبدأ الصدام في ما بينها. وهذا ما حصل في مصر. فقد عملت قوى الانتفاضة على إسقاط الرئيس حسني مبارك بعد إسقاط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، من دون أن تكون لتلك القوى برامج واضحة أو قيادات معروفة. فدخلت مصر وتونس في دوامة من الفوضى بعد انقلاب جماعة «الإخوان» وحركة النهضة على حلفاء الأمس، وبرز تخوف من انقلاب عسكري.
ينتهي أوغلي إلى القول: «ربما يمكن الحديث عن ربيع عربي بعد مرور ولايتين من البرلمان. لكن ما حدث لم يكن ربيعاً بل خريف الدكتاتوريين. وقد جاءت الجولة الأولى لمصلحة الإسلاميين لأنهم كانوا أكثر تنظيماً من الآخرين. لكن التطرف لا قاعدة واسعة له في العالم الإسلامي. لقد ثار الناس في تونس ومصر وليبيا من أجل الحرية والكرامة والخبز، ولم يرفعوا شعارات ضد إسرائيل وأميركا والغرب».
يثير هذا التحليل الصادر عن مفكر تركي بارز، تولى أعلى مركز في منظمة التعاون الإسلامي، تساؤلات منهجية كثيرة حول مستقبل الانتفاضات العربية، وما إذا كانت تسير في الاتجاه المعاكس للتغيير الإيجابي على غرار ما قامت به جماعة «تركيا الفتاة».
أولاً، فتاريخ العرب والمسلمين حافل بالانقلابات العسكرية، والحركات التصحيحية المضادة. وكلاهما يفضيان إلى أعداد كبيرة من القتلى بالإضافة إلى ملء السجون بالمتهمين الذين يحاكمون شكليا وبصورة جماعية، ويعدم الآلاف منهم من دون محاكمات بتهمة معاداة النظام.
ثانياً، إن لجوء بعض القوى إلى استعمال العنف ضد قوى المعارضة يقطع الطريق على أي عمل ديموقراطي في المستقبل. فالقوة هي الأساس، والسلطة دائماً مطلقة. وهي تستخدم العنف الدموي بكثافة لإرهاب الأفراد والجماعات. ويبقى الحكم العسكري مطروحاً بقوة لأنه يضمن للطبقة الأكثر نفوذاً وتنظيماً عند قيام الثورة أن تتحكم بالقوى الأخرى من طريق إرهاب المناضلين ضدها واتهامهم بالعداء للثورة.
ثالثاً، بعد نجاح الثورة الفرنسية في إسقاط الحكم الملكي الاستبدادي، قامت القوى البورجوازية بثورة مضادة عن طريق تشجيع الجيش على تصفية قيادات الثورة لضمان التوسع الاستعماري الفرنسي في الخارج. فنصب نابوليون بونابرت إمبراطوراً متوجاً عام 1804، وانتهى عهد الجمهورية الأولى رسمياً، وشكل الحكم الإمبراطوري خطوة انقلابية على مبادئ الثورة.
رابعاً، تناول غالبية المتنورين الذين طرحوا سؤال «ما العمل؟»، إشكالية التمايز بين الثورة والانقلاب. وطرحت تساؤلات منهجية حول مقاصد الثورة وأهدافها؟ وكيف تتدرج الثورة من هدف إلى آخر بحيث تتحقق أهداف الثورة كاملة، وبصورة تدريجية؟ وذلك يتطلب أن تبقى القوى الثورية الجديدة وفية لأهداف الثورة. في حين أن الانقلاب يهدف فقط إلى الاستيلاء على السلطة، وتميل القوى الانقلابية على تأبيد سيطرة القوى الجديدة عليها إلى حين يتم إسقاطها مجدداً عبر انقلاب مضاد أو ثورة شعبية للتغيير الشامل. فالثورة إذن ليست انقلابا بل حركة تغيير لا تتوقف الجماهير الشعبية عن المشاركة فيها، ورفدها بتقديم المزيد من التضحيات في سبيل نجاحها.
نخلص إلى القول أن الالتباس ما زال قائماً بين الثورة والانقلاب في أذهان كثير من المثقفين العرب. فحين وقف الانقلاب العثماني عند خلع السلطان عبد الحميد، وإعلان الدستور، وإطلاق الحريات الديموقراطية، سار في الاتجاه المعاكس للثورة. وقد وجد شبيهاً له في الانتفاضات العربية الأخيرة التي تحولت من الثورة إلى مجرد انقلاب على السلطة، والتمسك بركائز النظام السابق لبناء سلطة استبدادية جديدة لا تقل عداء عن سابقتها للديموقراطية وحقوق الإنسان.
ختاماً، توقع ثوار مصر وتونس الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية، واجتماعية، وثقافية بعد نجاح الثورة والأحلام التي رافقتها حول إمكانية تحقيق أهدافها المعلنة. لكن حركة «الإخوان المسلمين» في مصر، وحركة «النهضة» في تونس قامتا بانقلاب معاكس، ونجحتا في منع الثورة حتى الآن من تحقيق أي من أهدافها. وسرعان ما تنبه دعاة التغيير الشامل على امتداد الوطن العربي إلى أن القوى التي أجهضت الثورة لا تمتلك مشروعاً سياسياً لتثقيف شعوبها بمبادئ الديموقراطية وحقوق الانسان، بل ركزت جل اهتمامها للحفاظ على السلطة وتوجيه الحكم الى وجهة إسلامية متشددة تمنع قيام دولة عصرية قادرة على مواجهة تحديات العولمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.