بعد غياب دام أشهر يعاود د. طارق السقاف تقديم عدد من أعمال الترجمة الخاصة به، وهذه المرة يقدم لصحيفة (عدن الغد) ترجمة حصرية لرواية (انتقام الموتى) للروائي الشهير مايكل دك ورث، تنشر حصريا في الصحيفة كل يوم أحد. المقدمة: هاييتي جزيرة غامضة، موتاها ليسوا بموتى... هم فقط نائمون. إن الفودو يمكن أن يبعث الموتى أحياء، ويستطيع الفودو أن يتخاطب مع أرواح جميع الموتى والأحياء على حد سواء. إن الفودو هو سحر جزيرة هاييتي الذي لم يستطع أحد من زوار الجزيرة - إلى الآن على الأقل- أن يكتشف سره. وإلى اليوم - وهذه حقيقة- هناك العديد من سكان جزيرة هاييتي قادرون على استخدام سحر الفودو للتخاطب مع الموتى... ربما أنك لا تؤمن بالسحر. هذه قصة تعكس صراع العالم القديم مع العالم الحديث. جيمس كونواي - رجل الأعمال المعروف - يرغب بإحضار العالم الحديث لجزيرة هاييتي. إنه يرغب ببناء منازل ومحلات وكذلك فنادق على الطراز الغربي الحديث. إن هدفه الحقيقي هو جمع ثروة طائلة على حساب أي شيء من القيم والمبادئ التي لم يعد لها وزن في العالم الجديد. وعلى الجانب الآخر هناك كي وهو رجل عجوز من سكان جزيرة هاييتي الأصليين. إنه يفهم ويحب العالم القديم. إنه ليس غنيا، كما أنه لا يمثل الكثير بالنسبة للعالم المادي الجديد الذي لا يعترف بأي شيء سوى المال. لكن كي يفهم الناس، إنه يفهم كونواي أكثر من أن يفهم كونواي نفسه... كما أن كي يعرف ويتقن فنون الفودو. انتقام الموتى مايكل دك ورث ترجمة: د. طارق السقاف مايا ميسري الفصل الخامس المقبرة غادرت الدكتوره كارن والسيد كي منزل الأخير، وبدءا المشي صوب التل وعند وصولهما للتل – عبر مقبرة تدعى مقبرة فودو- توقفا هناك من أعلى التل، وأستطاعا النظر إلى اسفل، وهناك وجدا العديد من الشاحنات والكثير من العمال يعملون لإنشاء المدينة السكنية الجديدة. وكان هناك مئات من المنازل التي تم بنائها مسبقا في الحقل. قال كي (ان القرية تتغير بسرعة كبيرة، وقريبا سيتم إنشاء وحدات سكنية جديدة. ترى ماذا سيحل بقريتنا؟؟ لقد كانت قريتنا مكانا هادئا وناسها ودودون....لكن قريبا سوف يأتي إلى هنا أناس غرباء، وستكون الطرقات مزدحمة ومزعجة. لاأحب العيش في مكان كهذا). هنا سألته كارن (ألا تستطيع عمل شيئا ما حيال ذلك؟ألا تستطيع إيقافهم بطريقة أو بأخرى؟)...رد كي (أنا!!!لا. ماذا عساي أن أفعل؟؟!!ما أنا إلا رجل عجوز ولن يستمع إليه أحد). عبرا صوب المقبرة عندها قال كي ( إن جدي لأمي يرقد في هذه المقبرة. إنني أذكر ذلك اليوم الذي توفي فيه، كنت أبكي بحرقة، كنت في الثانية عشر من عمري...كان والداي بالقرب مني وكانا يبكيان ايضا عند دفن جدي). تأثرت كارن بحديث كي وقالت (أنا آسفة)...رد عليها (أوه لقد مضى زمن طويل على هذا...لقد كان جدي آخر من دفن في هذه المقبرة...بعدها همل الآهالي مقبرة أخرى تقع على الجانب الآخر من القرية، ولهذا السبب لايأتي أحد الآن إلى هذه المقبرة القديمة جدا...لأن جميع موتاهم يدفنون في المقبرة الأخرى الجديدة)...ردت كارن (ولكنك لاتزال تور هذه المقبرة)...قال كي (بالطبع كيف لي أن أنسى جدي؟؟!! كيف لي أن أنساه وهو الذي علمني الفودو، وعلمني فنون التعامل مع روح المطر والعواصفز هل تعلمين أن لا شيء في الواقع يموت تماما، فهناك دائما روح في كل شيء، روح في كل شجرة في الشمس وفي البحرز إن كنتي تعلمين فنون الفودو، عندها تستطيعين التواصل والتحدث مع هذه الأرواح. بالمناسبة هناك روح تقبع أسفل هذه المقبرة الخاصة بجدي) ، عندها أراها كي بلاطه ضريح جده، وبدات كارن بقرآة ماهو مكتوب عليها. كان مكتوبا (إسم المتوفي: تيم آتي. ولد عام 1845م ، وتوفي عام 1956م )..نظر كي صوب كارن ثم قال بهدوء (بعض الآهالي كانوا يقولون بأن جدي كان أقوى هانجن عرفته القرية، وكان يعرف بإسم البارون سميدي....) هنا صرخت كارن بدهشة وقالت متسائلة (البارون سميدي!!هل كان هذا جدك؟؟) فجأة إرتعبت فرائصها وانتابها خوف شديد. وبدأت تنظر برعب صوب العجوز. قال لها كي مطمئنا (أرى بأنك تعلمين أكثر مماتوقعت عن الفودو...لكن لاتخافي مني، إنني مجرد رجل عجوز يرفض العالم المادي الجديد)..قال هذا وابتسم صوب كارن مطمئنا إياها. مكثا على التل يتحدثان لوقت ليس بالقصير ...فجأة نظرت كارن صوب ساعتها وقالت (أوه إني آسفة يا كي...لقد أدركنا الوقت..علي أن أعود الآن، يجب أن أكون في المستشفى الساعة الرابعة عصرا)...نهض كي ليودع كارن التي قالت (لاتقلق...أستطيع أن أجد سيارتي ، إنها لاتبعد كثيرا من هنا ، تستطيع البقاء إن شئت). ...سالها كي (هل أنتي واثقة بأنك تعرفين طريق العودة؟)...ردت كارن مطمئنه (نعم بالطبع) رد كي (حسنا إذا، سابقى هنا قليلا. سعدت بلقائك والتعرف عليك)...شكرته كارن قائلة (شكرا لك، لقد علمت اشياء كثيرة منك. أرجو أن نلتقي ثانية)...رد كي (وأنا كذلك...إلى اللقاء). غادرت كارن المكان وتابعها كي بنظراته عند نزولها من التل حتى غابت تماما. بعدها ببرهة قصيرة رأى كي شابان يحملان الكثير من الأوراق...عبرا الطريق ودخلا المقبرة...كانا يعينان بعض المقابر ويتفحصان بعض الأوراق التي بحوزتهم. إقترب كي منهم وحياهم قائلا (مساء الخير ايها السادة..هل لي أن أسأل عن سبب وجودكم هنا في هذه المقبرة؟) ...رد أحدهم (نحن نعمل لحساب شركة كونواي لبناء عدد من المحلات التجارية هنا)...أضاف الآخر (وكذلك لبناء فندق فخم..)...ظهرت الدهشة بوضوح على وجه كي وقال مستنكرا ( ماذا؟؟!! بناء محلات تجارية وفندق هنا؟؟!!على المقبرة؟؟!! لايمكنكم عمل هذا، إن هذا المكان هو حرمة للموتى)...إندهش الرجلان منه لبرهة ثم إنفجرا ضاحكين وقال أحدهم ساخرا (لاتكن غبيا أيه العجوز. إن هذه المقبرة قديمة جدا...ولا أحد يزورها..كمى أن موتى هذه المقبرة قد مضى عليهم أكثر من مئة عام)...هنا تملك الغضب كي فقال محذرا (لاتتحدثا معي هذه الطريقة..زإن جدي مدفنون هنا...ولايمكنكم البناء على هذه المقبرة) ..هنا قال الآخر بهدوء لايخلوا من التحدي (بل يمكننا ذلك..إن هذه الأرض أصبحت الآن ملكا للسيد كونواي، لقد اشتراها قبل ايام قليلة مضت ولديه كل الوثائق التي تثبت هذا، ولن يمنعه شيء من البناء على هذه الأرض). هنا ظهر الذهول على وجه كي وقال بدهشة ممزوجة بالألم (غير معقول ..غير معقول)...رد عليه الأول (بل معقول...وسنبدأ العمل الاسبوع المقبل...وإذا لاتصدق هذا يمكنك الذهاب لمقابلة السيد كونواين وسيخبرك الحقيقة كما سيطلعك على كافة الوثائق الرسمية التي تثبت شراؤه لهذه المقبرة...) ، هنا سأل كي (هل لكم باعطائي عنوان السيد كونواي؟)...أعطاه الرجل الثاني قصاصة من الورق كان مكتوبا عليها عنوان شركة كونواي. قال كي (لاتبدا أي عمل..أريد مقابلة السيد كونواي أولا، سأحاول إقناعة بعدم البناء على المقبرة و إنتهاك حرمة الموتى)...هنا ضحك الرجلان بسخرية ولم ينبسا بنت شفه. يتبع.....