وبرغم اختلاف إجاباتهم فإن أهم ما اتفقوا عليه شيء واحد, انه الشعور بالقلق.ثلاثة مشاهد متباعدة و مختلفة قرأتها يمكن أن تلقي بظلال من الضوء علي تلك الظاهرة. المشهد الأول: حوادث القتل المتكررة في سيناء والتي تستهدف العسكريين تحديدا في مشهد جديد من نوعه, يختلف في شكله وفكره عن أي مشاهد سابقة قد تبدو شبيهة به, كمشاهد الإرهاب التي حدثت في التسعينيات التي كانت تستهدف الاجانب بغرض ضرب السياحة, أحد روافد الاقتصاد, وفي أوقات أخري أفراد الشرطة, وبرغم نجاحهم المؤقت,استطاع الامن مواجهة هؤلاء الارهابيين ومحاصرتهم والقضاء عليهم, ولكن الآن تبدو المواجهة أكثر تعقيدا! لعدة أسباب, أولها, صعوبة تحديد الجناة, وبالتالي عدم الوصول اليهم, ثانيها, نوعية الأسلحة التي يستعملها المعتدون, والتي تفوق أسلحة الشرطة للمرة الأولي وآخرها عدم إحكام قبضتنا علي حدودنا مع قطاع غزة في ظل وجود أنفاق عديدة برغم تدمير الكثير منها الا ان الباقي أكثر, ومنها ما يسمح قطره بمرور السيارات المسروقة من مصر الي القطاع, فيصبح من البديهي أن يمر الجناة من تلك الانفاق لسيناء لتنفيذ مخططاتهم الدنيئة, ثم العودة مرة أخري للقطاع, ولعل ذلك ما يفسر من وجهة نظري عدم الامساك بهم حتي الآن, نظرا لعدم وجودهم داخل مصر. وما يزيد الوضع خطورة أن يطالب أفراد الأمن العاملين في سيناء الدولة بحمايتهم, لتصبح سيناء لغزا محيرا! المشهد الثاني: مليونية تطبيق الشريعة التي شهدها ميدان التحرير الجمعة الماضية, بعد أن اعلن حزبي الحرية والعدالة والنور عدم المشاركة فيها, لنري متظاهرين تذكرنا هيئتهم بالمجاهدين الأفغان مما أثار الشك والريبة, من هؤلاء وماذا يريدون؟ إلي أن ظهر أحدهم في الفضائيات معبرا عن فكره وزملائه متظاهري جمعة تطبيق الشريعة, مطالبا بفرض الجزية علي المسيحيين كي يعيشوا في سلام, وهدم أبوالهول باعتباره من الاصنام, والإعلان عن فخره بأنه أحد المشاركين في تحطيم تمثال بوذا في أفغانستان, وأن الواجب الديني يحتم تحطيم تلك التماثيل ابو الهول والاهرامات وما شابه! وبرغم وجود من فند مزاعمه بالحجة و البرهان و أثبت خطأ وجهة نظره الا انه صمم علي رأيه ليقدم دليلا علي رسوخ هذا الفكر لديه وأقرانه وليقدم نفسه كنموذج لتيار ديني متشدد, قد عقد العزم علي تنفيذ رؤيته بأي وسيلة. ومع ما أثاره هذا الحدث من ردود فعل قلقة لدي الكثيرين منا, لم نجد الرد الواضح من أي من المسئولين الرسميين أو المؤسسة الدينية الرسمية, اللهم الا تصريحا خرج من أحد مسئولي الآثار معلنا عن ان آثار الجيزة مؤمنة و لاداعي للقلق! المشهد الثالث: هو ما فعلته بعض السيدات المرتديات للنقاب بقص شعر احدي الفتيات في مترو الانفاق ثم الزج بها خارج القطار بدعوي انها سافرة, في واقعة تكررت أكثر من مرة علي مرأي ومسمع من كثيرات ولم نعرف هل قص الشعر قضي علي سفور تلك الفتاة من وجهة نظرهم, ام أن هذا عقاب السافرة كما تقتضيه رؤيتهم, ولايهم ان كانت مسلمة أو مسيحية لا يلزمها دينها بالحجاب, وقائع لم ير المجتمع مثلها من قبل! الرابط بين المشاهد الثلاثة, هو حالة التشدد في فرض واقع علي الناس متخذين الدين شعارا والزي ستارا, والفكر المتطرف منهجا, بعد ان استباحوا فعل ما يحلوا لهم وقتما يشاءون! وبات اسم الجهاديين أمرا عاديا بعد ان تم القبض علي احدي خلاياهم في مدينة نصر ومازالوا قيد التحقيق. الأمر المرعب ما ذكره أحد شهود واقعة القبض علي هذه الخلية, من أنه رأي الأسلحة المضبوطة مع تلك الخلية مختومة بعلم اسرائيل, وهي أسلحة ثقيلة بخلاف المعلومات التي تؤكد وجود أحزمة ناسفة وما شابه, أي أن هناك انتحاريين, مما يعني أن هناك احتمالا لتنفيذ عمليات تفجير لقتل الأبرياء. كيف دخلت تلك الأسلحة الي مصر؟ ومن له المصلحة في تصدير هؤلاء أو العودة بهم لمصر والاستقرار بها دون أدني خوف؟ ماذا يريدون, وكم عددهم وأين يقطنون, وماذا في جعبتهم؟ حالة السيولة التي يشعر بها المواطن مؤرقة, فالوضع شديد الخطورة يحتاج إلي علاج حاسم وفوري, مع عدم إلقاء المسئولية علي الشرطة فقط, بل يكون من خلال منظومة قوية أولي خطواتها إحكام السيطرة علي الحدود المصرية واضعين أمننا القومي فوق أي اعتبار آخر, وإلا ستكون العواقب مفجعة, وهذا ما لا يقبله عقل ولا منطق.