GMT 0:05 2013 الخميس 4 أبريل GMT 15:36 2013 الخميس 4 أبريل :آخر تحديث مواضيع ذات صلة تركي الدخيل تعيش مصر هذه الأيام الغليان العجيب، والصورة ليست لإرث يحمل أسماء طه حسين ونجيب محفوظ وحسن حنفي ونصر أبو زيد وعبدالرحمن بدوي وفؤاد زكريا، بل لإرث مجموعة من المتقافزين نحو السياسة وهم خليط من الدراويش والوعاظ والقصاص، احتلوا الكراسي التشريعية والتنفيذية. اغتيلت حرية الكلمة، جرّوا باسم يوسف بتهمة ازدراء الأديان. كل هذا يعيدني إلى لقاءٍ مع المفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد والذي لم يخف فيه خوفه على مصر من المتطرفين، تحدث حينها من هولندا التي أكرمته وعيّنته أستاذاً لكرسي ابن رشد بعد أن خرج من مصر على إثر فتوى تكفيرٍ شهيرة هي من أشهر فتاوى التكفير في العصر الحديث وشملت التفريق بينه وبين زوجته ابتهال يونس التي خرجت مع زوجها بكل حب ليعيشوا الحب في هولندا متحدين ثقافات العنف والإرهاب وعاش في هولندا من 1995 وإلى وفاته في 2010. نصر أبو زيد كتب مؤلفاً بعنوان:"نقد الخطاب الديني" الذي قال فيه إن الاختلاف بين الإسلاميين هو اختلاف في الدرجة وليس في النوع، وطالب بالكتاب أن نقرأ النصوص وفق ظروفها متبعين منهجية التأويل التي تجدد من المعاني ولا تبقى أسيرةً لمعنىً واحد تم توارثه عبر المفسرين وسواهم على مدى مئات السنين، أخذ على عاتقه تجديد الخطاب الديني ليكون مدخلاً لإنهاء حالة الهياج العنفي والحماس الأصولي، رأى أن أي مدخل لإصلاح الأوضاع في العالم العربي لابد أن يمر عبر الإصلاح الحقيقي والجدي للخطاب الديني. يقول نصر:" لا بد من التمييز بين "الدين" وبين "الفكر الديني" فالدين هو النصوص المقدسة الثابتة، والفكر الديني هو اجتهاد بشري. الخطاب الديني لا يستهدف الوعي.. بقدر ما يهدف إلى التشويش الأيديولوجي. الجميع يتحدثون عن (الإسلام) .. دون أن يشعر أحدهم بأدنى تردد أن ما يطرحه في الحقيقة هو (فهمه للإسلام ولنصوصه). نحن في عالمنا العربي نعيش على أفكار أنتجها أناس قبل ألف سنة! بل تم تحويل هذه الأفكار"البشرية" إلى عقيدة". بآخر السطر، أراد نصر أبو زيد أن يقوض سلطة الديكتاتورية في التحكم بالخطاب الديني، وأن يفتتح عهداً مزدهراً تتغير فيه الأفكار والعقول وينتشر النور. رحل أبو زيد ولو بقي وشاهد الحالة المصرية لردد مع المتنبي بيته الشهير: نامَتْ نَوَاطِيرُ مِصر عَنْ ثَعَالِبِها فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ