كشفت ملايين الوثائق التي تم تسريبها من مراكز الأوفشور المالية البريطانية، للمرة الأولى هويات الآلاف من أصحاب الثروات المجهولة في أنحاء عديدة من العالم، بينهم رؤساء دول، وبلوتوقراطيون (أثرياء متنفذون)، وابنة دكتاتور سيئ الصيت، ومليونير بريطاني متهم بإخفاء أصوله من زوجته السابقة . وتوقع تقرير غربي صدر مؤخراً بهذا الشأن، أن تتسبب مليونا رسالة بريد إلكتروني، ووثائق أخرى، تم تسريبها بالأساس من جزر الأوفشور البريطانية "فيرجن آيلاندز"، في إحداث زلزال عنيف، وواسع النطاق، حول النشاط التجاري المزدهر في مناطق الأوفشور، في حين يقدر اقتصادي كبير سابق لدى مؤسسة "ماكنزي"، حجم الثروات الشخصية المخبأة في ملاذات خارجية بما يصل إلى 32 تريليون دولار . واستهل التقرير الذي أوردته صحيفة "الغارديان" البريطانية، كشف الأسماء بصديق الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وأمين صندوق حملته الانتخابية جان جاك أوجييه، الذي أُجبر على كشف هوية شريك أعماله الصيني . وجاء ذلك عقب إخفاء وزير الميزانية السابق لهولاند، حساب يمتلكه في بنك سويسري لمدة 20 سنة، والكذب مراراً وتكراراً بشأنه . وفي منغوليا، قال وزير المالية السابق، ونائب المتحدث الرسمي باسم برلمانها، إنه قد يعتزل السياسة نتيجةً للتحقيقات . وأشارت الصحيفة إلى أن الاثنين يمكن الآن إدراج اسميهما للمرة الأولى لتعاملهما مع شركات في ملاذات الأوفشور، وخصوصاً جزر فيرجن البريطانية . وتم كشف الأسماء المتورطة في دراسة مشتركة بين "الائتلاف العالمي لصحفيي التحقيقات"، ومقره واشنطن، وصحيفة "الغارديان"، ووسائل إعلام عالمية أخرى ستقوم بشكل مشترك بنشر القصة الأسبوع الجاري . وينتظر أن يؤدي كشف الأسماء إلى زعزعة الثقة بشكل كبير وسط أثرياء العالم، إذ لن يطمئن بعدها مثل هؤلاء، إلى إخفاء حجم ثرواتهم عن الحكومات . وتشمل قائمة عملاء جزر فيرجن، المليونير سكوت يونغ، شريك "الأوليغارش" الروسي الراحل بوريس بيروزيفيسكي . ويقضي يونغ حالياً عقوبة السجن لازدرائه المحكمة، وإخفاء أصوله من زوجته السابقة . وفي السجن هناك أيضاً أشيلياس كلاكيس الذي احتال على بنوك بريطانية، وإيرلندية ليحصل على قروض عقارية بقيمة 750 مليون جنيه استرليني (15 .1 مليار دولار) عبر شركات وهمية في جزر فيرجن . وبعيداً عن بريطانيا، ضمت قائمة الأسماء المسربة طائفة عريضة من المسؤولين الحكوميين، والعائلات الثرية من كندا، والولايات المتحدة، والهند، وباكستان، وإندونيسيا، وإيران، والصين، وتايلاند، والدول الشيوعية السابقة، حيث تظهر المعلومات التي حصلت عليها "الغارديان"، امتلاكهم لشركات سرية في جزر فيرجن . وأسس جان جاك أوجييه أمين صندوق الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي، وأحد الأسماء المسربة، شركة توزيع في جزر كيمان شراكة مع شركة أخرى من جزر فيرجن بلغت نسبتها 25 في المئة . أما وزير مالية منغوليا السابق، بيارتسوغت سانغجاف، فقد أسس شركة "ليجند بلاس كابيتال" وفتح لها حساباً في بنك سويسري أثناء توليه منصب وزير مالية الدولة الفقيرة . ومن أذربيجيان يدير قطب الإنشاءات حسن غوزال، شركات تم تأسيسها باسم ابنتي رئيس البلاد إلهام علييف، وفي روسيا أنكرت أولغا شوفالوفا، زوجة نائب رئيس الوزراء، ورجل الأعمال والسياسي إيغور شوفالوف، اتهامات حول مصالحها في ملاذات الأوفشور . كما كشفت الوثائق إيداع المحامي توني ميرشانت، زوج سناتورة في كندا، مبلغ 800 ألف دولار نقداً في صندوق ائتمان بالأوفشور، مع طلبه تقليل الرسائل المكتوبة إلى أدنى حد . وكذلك ضمت القائمة المسربة ماريا ايميلدا ماركوس، الابنة الكبرى لديكتاتور الفلبين الراحل فيرديناند ماركوس، وملكة الجمال الإسبانية السابقة البارونة كارمن ثيسين، أرملة قطب الفولاذ الملياردير ثيسين . وهي أغنى جامعة للأعمال الفنية في إسبانيا، وكشفت المعلومات أنها استخدمت مؤسسات أوفشور لشراء اللوحات . كما شملت القائمة الأمريكية دينيسي ريتش، الزوجة السابقة لتاجر النفط السيئ السمعة مارك ريتش التي وضعت وديعة بقيمة 144 مليون دولار في صندوق "دراي ترست" في جزر كوك . وتعد جزر فيرجن البريطانية الملاذ الأكثر اقبالاً من جانب الأثرياء بين جميع ملاذات الكاريبي السرية، ويعتقد أن أكثر من مليون مؤسسة أوفشور تم تأسيسها فيها منذ أن بدأت في تسويق نفسها عالمياً في الثمانينات . ولا يتم الكشف عن ملاك هذه المؤسسات بالمرة . حتى الجهات التنظيمية بالجزيرة ليس لديها علم بمن يقفون وراءها .