هذه الحقيقة هي ما يستند اليها البعض دلالة علي سلامة الرؤية الدينية في شأن تحريم الربا وعليه وجد قرض صندوق النقد البالغ4.8 مليار دولار مجالا للدفاع عنه تحت وطأة متطلبات التنمية وان كانت المشكلة تكمن في مجالات الانفاق التي تضمن القدرة علي سداده دون مغامرات علي حساب صاحب المخل والاجيال القادمة. ودينيا يتأرجح الرأي حول سعر الفائدة الذي يحصل عليه المودعون بين التحليل باعتباره غير مصحوب باستغلال حاجة المقترض وهو البنك في هذه الحالةوان الثبات في سعر الفائدة يحقق مفهوم عدالة التوزيع لعوائد البنك من استثمار اموال المودعين ويتطلبه تيسير عمليات المحاسبة وبين التحريم الذي اجتذب للتحايل عليه انماطا شكلية لمعاملات بنكية ذات مسمي اسلامي ولكنها تتبع ذات الاساليب التقليدية للبنوك. اما الوجه الثاني من العملية والذي يتمثل في السعر الذي يتم به إقراض المستثمر فيثير العديد من الاشكاليات الاقتصادية كما يتعارض مع الرأي الديني إذ يقتصر دور البنك علي تقديم القرض دون التدخل في عمليات ادارة المشروعات المقترضة الا في حالات محدودة ولاسباب اقتصادية مختلفة تحد او تقلص من قدرة المستثمر علي الوفاء فيضطر البنك للتدخل للتيسير علي المستثمر وضمان حقوق مودعيه, لذلك وحيث تبدو الدولة مقبلة في اتجاه نظام يطغي فيه توجه ديني فان الامر يتطلب تحقيق مستوي جديد من التنظير العلمي لآلية استخدام سعر الفائدة وتطويعه للتعامل وفق فكرة تحريم الربا وكيفية التعامل مع المستثمر المحلي الذي يلجأ للبنك لتمويل استثماره وفقا لسعر الفائدة المعلن وهو حاليا يزيد كثيرا علي10% والتي تصطدم اي محاولة لتخفيضه بالنسبة للمودع او المقترض بمجموعة من المشاكل الاقتصادية. في ذات الوقت الذي تؤكد فيه الارقام لدينا ان التعامل المعتاد لهذه البنوك مع مستثمريها غير مجد حيث تضطر الدولة لتحمل اعباء مديونيات العملاء المتعسرين الذين بلغوا عام2008 14 الف مستثمر شاب كانوا مهددين بالسجن وتضاعف هذا العدد بعد الثورة لتوقف المشروعات وان المنح الخارجية تغطي نسبة عالية من هذه القروض بما يعني فسادا او سوء ادارة. ولهذه الاسباب قد يمكن تناول المشكلة عمليا في اطار اجرائي يرتكز علي اساليب ادارة عمليات بنوك او صناديق التنمية التي تمول المشروعات الصناعية والزراعية الصغيرة. لذلك وفي الدول النامية الاسلامية كمصر يحتاج الامر لمعالجة سريعة عملية وعلمية قد تضع المفاهيم الدينية علي المحك في تناولها لاسلوب التعامل البنكي لاتجد منها فكاكا الا من خلال تدخل البنوك المعنية بهذا المجال بنصيب اكبر ومشاركة فاعلة في رأس مال المشروعات تقابلها نسبة متفاوتة من الربح بديلا عن الفائدة تتيح متابعة استخدام التدفقات النقدية للقرض في الغرض الاستثماري للمشروعات ومزيد من القدرة علي تجنب المخاطر, وتصب ايضا في مسار العدالة الاجتماعية والعمل علي اتساع مساحة مردود هذه النوعية من المشروعات ليكون اجتماعيا لا فرديا فقط و من خلال الاداء البنكي الا ان الاشكاليات لن تنتهي الا بالبحث عن اجوبتنا الخاصة لها بتكريس ما يلزم من تطويرعلمي في بحوث جامعية للمتخصصين لوضع هندسة مالية اسلامية تتعامل مع مشكلة الربا تعاملا يشارك الفكر والحضارة الانسانية مضيفا ومتفاعلا مع ادواتها ولترجمة المكون الديني بارائه المتباينة الي واقع تطبيقي وعلمي يمكنه التفاعل مع الوضع القائم والحفاظ علي هذا المكون.