بسبب سياسة الاستقدام المفرطة تشبعت المملكة بحوالي 8 ملايين وافد (وهم النظاميون، بينما غير النظاميين لا يمكن معرفة أعدادهم)، وجل العمالة المتواجدة في البلد عمالة متواضعة لا تتمتع بمهارات عالية تم الزج بها في كل المواضع التي نحتاج فيها إلى الأيدي الماهرة، ومع التسيب وعدم تطبيق القوانين التي تحمي حقوق العامل ورب العمل حدث هروب جماعي للعمالة بحثا عن الأجور الأعلى، أو الاشتغال بمهن لا يجيدها العامل إلا انها تدر عليه دخلا يفوق الدخل الذي يتقاضاه من كفيله.وفي فترة زمنية كانت التأشيرات محل استثمار ضخم، حيث يمكن لفرد واحد أن يحصل على آلاف (الفيز) ويبيعها، فنشأ سوق خاص باستخراج الفيز وبيعها وتسريح عمالها داخل البلد كيفما اتفق.هذه المشكلة كان يعرفها الكبير والصغير، ولم يكن لها من حل، فكلما نهضت الجوازات بحملة يكون نصيبها الفشل، وكان لا بد من تطبيق قرار صارم ينهي هذه المعضلة المتجددة في كل حين.وما حدث خلال الأسبوع الماضي من انتشار لحملات التفتيش كشف لنا عمق المشكلة التي نعيشها، إذ توقفت كثير من المدارس الخاصة والمستوصفات والبقالات والمطاعم، وحدث خلل في عمل المولات وتوقف البناء في كثير من المباني، وأغلقت بعض ورش الحدادة والنجارة وورش تصليح السيارات وكثير من الأعمال ارتبكت.كل ما حدث أثبت لنا أننا نعيش مشكلة حقيقية يجب التنبه لها لمن يريد للبلد أن تسير في مسار صحي، كما أن الحملة كشفت لنا أننا نعيش بصورة غير قانونية وعند محاولة تطبيق القانون توقفت أمور كثيرة.إلا أن تعطل كل هذه الأعمال لا يعني التوقف عن الحملة، فهي حملة تصحيحية يجب استمرارها وأن لا يحدث تراخٍ أو تراجع، كما ألفنا ذلك في حملات الجوازات المنفردة، مع ملاحظة وجوب إيجاد خطط مساندة لإنجاح الحملة، فلكل قاعدة استثناء، أي العمل في ظل وجود بدائل للحالات التي تستوجب إصلاح أوضاعها، وأن لا يتم قص وثيقة رسمية (الإقامة) لمجرد أن يوجد العامل في مكان غير عمله، إذ أنها وثيقة رسمية لها احترامها وقانونيتها التي تحميها من القص، حتى ولو كان الأمر من الجهة المصدرة لها، كما أن هناك حالات تستوجب استيضاح عن الوضعية التي يكون عليها المكفول (فهو عبد المأمور)، والمأمور هنا هو الكفيل!وكما نعلم أن هناك أفرادا ليس لهم عمل سوى أنه كفيل آلاف من العمال (من تجار الفيزا)، مثل هذا النوع يتم توزيع عماله على المحتاجين للعمالة (والطالبين لاستقدام عمالة) من غير مقابل، وهذا يستدعي إيقاف الاستقدام لبعض الوقت حتى يتم توزيع تلك العمالة وتسكينها في مواقعها الجديدة.ويعاب على الحملة عدم قيامها بتوعية المواطنين عما سوف يحدث مسبقا، ولأن هذا العيب قد حدث، فلا ضير من مواصلة الحملة مع إشعار الكفلاء والمكفولين بسرعة تكيف أوضاعهم القانونية، بشرط أن تتفاعل الجوازات وتعجل بذلك التكيف.وقد تكون العناوين البارزة لهذه الحملة: أننا نعيش بصورة غير نظامية، وأن البلد في خطر لو توقفت العمالة عن العمل، وهذا يستوجب خلق عمالة وطنية بأي صورة كانت، وأن المشاكل التي نتركها بلا حل قد تتحول إلى خطر ماحق، والتماهي في تركها بلا حلول يحمل البلد أخطارا لا يمكن التنبؤ بنهايتها.للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة[email protected]