لهذا السبب؟ .. شرطة المرور تستثني "الخوذ" من مخالفات الدراجات النارية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة نذير محمد مناع    منع سيارات القات من دخول المكلا والخسائر بالمليارات    مناقشة قضايا حقوق الطفولة باليمن    قوة مصر.. أمرٌ حتمي    تنفيذ حملة ميدانية لضبط الأسعار في أسواق المهرة    الرئيس الزُبيدي يقود معركة إنقاذ الاقتصاد وتحسين قيمة العملة    عشرات الحقوقيين المغاربة يضربون عن الطعام احتجاجاً على التجويع الصهيوني لغزة    تكريمًا لتضحياته.. الرئيس الزُبيدي يزيح الستار عن النصب التذكاري للشهيد القائد منير "أبو اليمامة" بالعاصمة عدن    مليشيا الحوثي تواصل حملة اختطافاتها للتربويين في إب    رئيس الوزراء من وزارة الصناعة بعدن: لن نترك المواطن وحيداً وسنواجه جشع التجار بكل حزم    لاعب المنتخب اليمني حمزة الريمي ينضم لنادي القوة الجوية العراقي    اجتماع بالحديدة يناقش آليات دعم ورش النجارة وتشجيع المنتج المحلي    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار نائب وزير التربية والتعليم والبحث العلمي    عدن.. تحسن جديد لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية    "القسام" تدك تحشيدات العدو الصهيوني جنوب خان يونس    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    الاتحاد الدولي للمواي تاي يفرض عقوبة على "إسرائيل" بعد إعدامها لاعب فلسطيني    خبير في الطقس: موجة أمطار قادمة من الشرق نحو غرب اليمن    أمواج البحر تجرف سبعة شبان أثناء السباحة في عدن    استشهاد 22 فلسطيني برصاص وقصف الاحتلال أنحاء متفرقة من قطاع غز    سون يعلن الرحيل عن توتنهام    وفاة وإصابة 470 مواطنا جراء حوادث سير متفرقة خلال يوليو المنصرم    تسجيل هزات أرضية من البحر الأحمر    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    أمن العاصمة عدن: جاهزون لدعم جهود ضبط الأسعار    ماريت تفاجئ مولي.. وكيت تنتزع ذهبية 200    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    بتهمة الاغتصاب.. حكيمي أمام المحكمة الجنائية    لابورتا: برشلونة منفتح على «دورية أمريكا»    وفاة امرأة وأضرار مادية جراء انهيارات صخرية بذمار    الجنوب هو الحل    بيان حلف قبائل حضرموت.. تهديد جديد مستفز صادر من حبريش    الخلفية السياسية في التحسن القياسي لسعر الريال اليمني بالمناطق المحررة.    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    هل سيحكم جنوبي في صنعاء    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    وعاد الجوع… وعاد الزمان… وضاع الوطن    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    الأمور مش طيبة    وداعاً زياد الرحباني    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    تحذير طبي: وضع الثلج على الرقبة في الحر قد يكون قاتلاً    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فريدة: اخاف على التراث من الاندثار بسبب موجات الغناء الهابط -
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012

بغداد: اكدت قارئة المقام العراقي فريدة المعروفة ب (سيدة المقام العراقي) خوفها على هذا الفن التراثي لاسيما مع عدم الاهتمام به وظهور الموجات والتيارات من الاغاني الهابطة، محملة وسائل الاعلام مسؤولية الحفاظ عليه، مؤكدة على ان الشباب الغربي ينسجم ويتناغم مع ما تقدمه من قراءات في المقام على عكس الشباب العراقي، واشارت فريدة في حوار موسع مع (ايلاف) في بغداد الى عدم وجود الاصوات النسائية التي تؤدي المقام معللة ذلك بصعوبة المقام فضلا عن التقاليد الاجتماعية التي جعلته حكرا على الرجال.
وقد ابتدأت السيدة فريدة الحوار بالتعبير عن سعادتها لعودتها الى بغداد ولقاء الاهل والاصدقاء بالحنين المحتشد في نفسها، وقالت: بعد غياب لمدة 17 سنة عن بغداد عدت اليها للمشاركة في مهرجان بغداد عاصمة للثقافة العربية، وانا سعيدة ان اكون في بغداد لاول مرة بعد 17 سنة، وعلى الرغم من عدم مشاركتي فنيا في حفل الافتتاح الا ان خلال الشهرين التاسع والعاشر من هذا العام ستكون لي مشاركة.
* ما الجديد لديك؟
- دائما.. لدينا اشياء جديدة، لان من خلال مشاركاتنا العديدة في المهرجانات العربية والعالمية، نحاول ان نعمل برامج جديدة،وهناك اعدادات جديدة لاغاني قديمة، مثلا: كانت لديّ جولة بين قطر ومن ثم في اربع مدن بالسويد شاركت بمهرجان (لمّ الشمل العراقي) وقدمت انا والفنان عمر منير بشير وفرقتنا للمقام اغاني قديمة لكنها غير مسموعة كثيرا مثل اغاني (فلفل كرجي)، والاغاني التي يحبها العراقيون، وزوجي محمد حسين كمر هو رئيس الفرقة وملحن ومؤلف ومعد للبرامج التي نقدمها.
* هل تكلفين شعراء لكتابة القصائد ام تختارينها من بطون الكتب؟
- احيانا يحدث تعاون مع شعراء، ولاننا بعيدون عن الوسط الفني في بغداد ليس هنالك تعاون مستمر، ولانني اغني المقام العراق فأنا احتاج الى شعر قوي لاستخدم في قراءة المقام او الاغنية المستوحاة من المقام، لان (ستايلي) ليس الاغاني الحديثة التي تعتمد الايقاع السريع والرتم السريع، لكننا قدمنا عملا للشاعر الكبير الراحل محمود درويش ولميعة عباس عمارة وادونيس، وكل هذه لحنها زوجي محمد حسين كمر وكلها من روح المقام العراقي، وهذه التجربة نجحت وعملنا على شكل (سي دي).
* الشعراء الذين ذكرتيهم شعراء حداثويين وليسوا عموديين، كيف تعاملت مع قصائدهم؟
- هذا صحيح.. لكننا نختار الشيء المناسب، مثلا في قصيدة محمود درويش: لي قمر في الرصافة، لي سمك في الفرات ودجلة، ولي قاريء في الجنوب، ولي حجر الشمس في نينوى،ونوروز في ضفائر كردية في شمال الشجن)، صحيح انها غير مقفاة ولكنها صورة شعرية عن العراق فأعجبتني وجذبتني واشتغلناها على مقام (الخنبات) على اساس امتداد لما غناه محمد القبانجي (سلام على دار السلام جزيل، وعتبى على ان العتاب طويل)، واذكر انني عندما قدمتها في برلين وكان محمود درويش حاضرا قال لي: (هذا اجمل ما سمعت اذني يا فريدة)، وهذه شهادة اعتز بها واضافت الى مسيرتي الفنية شيئا جميلا جدا.
* والشعر العامي.. كيف تختارينه لغنائه؟
- سبق ان كتب لي الشاعر الدكتور زاهد محمد زهدي (زهيري) وكذلك كتب لي الشاعر نزار جواد ومحمد المحاويلي، الشعر الشعبي اسهل في الغناء من العربي الفصيح، لدينا شعراء كثيرون ولكن المشكلة هي في اختياره ليكون على قالب المقام العراقي، لان المقام رفيع المستوى وغناؤه رصين وقوي، فيحتاج الى الشعر القوي الذي يتم الاشتغال عليه على اساس المقام، لكن الشعر الزهيري ممكن،مثلا كتب لي زهدي (ما للمدامع تهل يا صاحبي مالها/ والله غير الوفه وحب الوطن ما لها، ما للعمر والزمن حاول فما مالها) وهكذا، فكانت الفكرة ناجحة وقدمته في مقام (حجار كاركرد) ونال استحسان الجمهور.
* ما اصعب المقامات غناء لديك وما اسهلها؟
- هناك مقامات صعبة وهناك مقامات فرعية سهلة ولكن كلها جميلة جدا، فالمقام الذي يشدني واحبه مثلا هو مقام (حجاز ديوان) وهو من المقامات الصعبة ولكن عندي المساحة الصوتية وعندي الاكاديمية لانني درست المقام، فمن الممكن ان اتعامل بكيفية حفظ المقام، وحقيقة.. عندما احفظ المقام الواحد احفظه من عدة قراء كي تكون لي شخصيتي المميزة، انا لا احب ان اقلد المطربين القدامى، حتى لو كان الكلام مغنى لكنني اقدمه بطريقتي وحفظي، فمثلا (حجاز ديوان) من المقامات الصعبة وكذلك (الدشت)، وكذلك مقام (المحمودي) الذي يعجبني ولكنني لم اقدمه الى حد الان لانه يحتاج الى جهد ووقت ايضا، فأنا مشكلتي في كثرة التنقل والسفر وهذا ما يعيقني في ان اختلي مع نفسي واستطيع ان استفيد اكثر، ولكن المهم انني من خلال تجاربي ومشاركاتي، يطلع عندي شيء جديد دائما، اي انني اضيف جديدا الى عملي، ويحضني على الاستمرار، وفي كل مرة اصبح المسؤولية اكبر واكبر لان هدفي هو الحفاظ على هذا التراث وخصوصا اننا نفتقد للاصوات النسائية، وبالذات للمقام العراقي، فأنا حاليا سجلت نحو 25 مقاما وقدمتها في كل المحافل.
* ما الذي اعطتك اياه الغربة؟
- الكثير من الادباء والفنانين الذي غادروا العراق لم يستطيعوا التأقلم والتعايش ومن ثم تطوير انفسهم، كل واحد حسب ظرفه وعلاقاته، ولكننا عندما غادرنا العراق وذهبنا الى هولندا بدعوة وقدمنا حفلات، صارت عندنا علاقات مع الهولنديين ومع شركات، وكانت فرقتنا من انجح الفرق التي قدمت نشاطاتها في اوربا وخصوصا في هولندا بداية، ومن ثم جاءت مشاركتنا في مهرجان (ويمكس) في روتردام التي اعطتنا دافعا اكبر لان كل مدراء المهرجانات كانوا حاضرين، وكانت مسابقة لتقديم افضل فرقة وما تقدمه على المسرح، فكنا ضمن افضل 14 فرقة عالمية، ومن هناك كانت انطلاقتنا الى كل المهرجانات، وبجهد كبير من زوجي محمد اسس فرقة المقام العراقي وسجلت في نقابة الفنانين الهولندية، واصبحنا فرقة مهمة، وكان في كل سنة لي حضور في مسرح (رازة) الذي هو اول مسرح دعاني الى هولندا عام 1996 للمشاركة في مهرجان ثقافات العالم، ومنه قررنا البقاء هناك لان في وقتها وضع العراق بدأ يتدهور مع الحصار الاقتصادي، فضلا عن عدم وجود اي اهتمامات بفن المقام العراقي، وكما تعرف ان الفنان لا يستطيع ان يعيش مقيدا، يجب ان يطور نفسه، وكان حلمي ان اخرج من المحلية الى العالمية، لانني اكتشفت من خلال سفراتي ومشاركتي عدم وجود معرفة عن المقام العراقي، فهدفنا كان ان نبين للعالم مدى عراقة العراق وثقافته وحضارته وتراث عراقي خزين، وحقيقة.. ان لمست كيف ان الجمهور الغربي يستمتع مع موسيقى عراقية.
* هذا الجمهور الغربي.. اي شيء في غنائك يستمتع؟
- بعد الحفلات عندما اجد الجمهور ينسجم ويتناغم مع ما اقدمه،يأتي الكثيرون ويسألونني عن اشياء كثيرة مما قدمت، يقولون صحيح اننا لم نفهم الكلام ولكن هناك موسيقى تأخذنا الى شيء حزين واخر مفرح، يعني يشعرون بالنغمة، وهناك قصة اسردها لك: مديرة مؤسسة رازا اسمها تينيكا التي دعتنا عام 1996 لاول مرة، ومن ثم عام 1997 تعرضت الى مرض خطير (السرطان)، وكانت تعرف انها بعد ستة اشهر ستتوفى، لكنها استقبلتنا بكل رحابة صدر ودعتني الى بيتها واهتمت بنا كثيرا جدا وكانت تحب موسيقانا، فأخبرت المؤسسة قائلا (بعد ان اموت اريد فريدة ان تغني لي في الحفل التأبيني مقام الصبا)، طبعا هي ما كانت تعرف المقام لكنها في احدى الحفلات سألتنا عن مقام غنيته فقلت لها اسمه (مقام الصبا)، وكانت الاغنية التي تأتي بعده اسمها (يا الولد يا ابني شلون) فكانت تدندن بموسيقى هذه الاغنية وقد حفظتها، وبالفعل غنيت لها في حفل التأبين،مع عازف ناي تركي، كانت معجبة جدا بعزفه، حققت لها الامنية، وبما ان مقام الصبا من المقامات الحزينة، فكنت في كل مقطع اريد ان اتوقف وابكي، فنحن لدينا مآسينا، ففي بداية مرحلتي الاولى في هولندا عشت اياما صعبة جدا لان اطفالي كانوا بعيدين عني لمدة سنة وستة اشهر، وفي كل حفل كنت ابكي وابكي الجمهور معي ايضا، وربما هذه المآسي هي التي جعلتنا نبدع ونؤدي ونقدم، وهذه المرأة.. بعد مدة توفى زوجها فشاركت في حفل تأبيني حضره جميع الاصدقاء الذين تعرفوا علينا من خلالها وزوجها، وكانوا يحفظون منا بعض اغانينا فطلبوا ان نغنيها لذكرى وفاة زوجها، فانظر الى اي عمق في فننا ليصل الى قلب الغربي.
* هل تشعرين ان المقام العراقي في طور الاندثار؟
- مع هذه الموجات الحديثة من الغناء الهابط، نشعر بالخوف فعلا، ولكننا نأمل ان يكون هناك اهتمام بالتراث من قبل المعنيين، فالغربيون يهتمون جدا بتراثنا، مثلا: حينما نقول لهم تراث، يقولون نعم قدموه كما كان يقدم في السابق بلا مايكروفون، والكثير من حفلاتي اقدمها بلا مايكروفون، فهم يقولون ان الذين اسسوا هذا التراث لم يقدموه بالمايكروفون، وحتى الطبلة لا يقبلونها الا ان تكون مصنوعة من الفخار، لذلك اتمنى ان نحافظ على تراثنا ونحن بلد الخيرات والحضارة، انا لا اقول سيندثر لان هناك اناسا يعملون على الحفاظ على التراث، مثلا نحن كنا نستطيع ان نمشي مع التيار ولكننا بقينا محافظين،وليس في بلدنا بل في خارجه، اتمنى ان تكون هناك ناس تفكر هكذا، لكن المشكلة اننا على قدر الجهد الذي نبذله للحفاظ عليه لكننا نحتاج الى دعم من داخل البلد، للاسف اقول لك ان الاوربيين يدعموننا ولكن بلدنا لا، وهذا شيء محزن بصراحة، لكننا نأمل وان كنا نقول ان الظروف الان صعبة وان البلد ليس فيه استقرار سياسي، فهذه الامور تؤثر على الفنان وعلى المؤسسات الفنية، لكنني لا ارى اي اهتمام بهذا الجانب مع الاسف، فأتمنى من الحكومة والوزارات وحتى القنوات الفضائية الاهتمام بالتراث، لا نريد ان يقدموا المقام يوميا ويتحدثون عن التراث ولكن يجب ان يكون له نصيب في فضائياتنا وما اكثرها.
* هل تعتقدين الجمهور العراقي يتعاطف مع المقام ويتفاعل معه؟
- اي شيء يتم ترسيخه بشكل يومي يكون له حضور ويعتاد عليه الجمهور، وخذ مثلا هذه الاغاني الهابطة التي يوميا تنزل اغنية بكلمات هابطة، فالطفل او الشاب من خلال التكرار تتشبع ذاكرته ويصبح هذا ذوقه ولا يستطيع ان يغيره، ولكن لاضرب لك مثلا عن اقرب سفرة كانت لي في استوكهولم ومالمو ويوتابوري وسالة، والله العظيم لا ابالغ اذا قلت لك ان المسرح يمتليء من السويديين، من مختلف الاعمار، وراحوا يلتقطون الصور التذكارية معي ويطلبون توقيعاتي ويبدون اعجابهم، فكنت اقول لهم: انت صغار في العمر.. فما الذي اتى بكم الى المقام؟ فقالوا انهم يستذوقونه، انا اعتقد ان المشكلة ليس في الشباب بل في الاعلام،فلماذا يهتم الاوربيون بالحضارات الاخرى والموسيقى الشرقية ونحن لا نهتم، فهؤلاء الشباب المغنون من حقهم ان يكونوا فنانين ومشهورين ولكن بالشكل الصحيح، انا حينما كنت مدرسة في معهد الدراسات الموسيقية، ولان مادة المقام مفروضة، كان عندي 50 طالبا ولكن ليسوا جميعهم يحبون ان يقرأوا المقام، ولكن من الممكن ان اجعله يتشبع بالمقام وان يعزفه اذا ما كان مبدعا في آلته، وهذه هي الثقافة ان كيف تشرب الجيل بمادة التاريخ، نحن لا نريد ان نفرض المقام على كل الشباب ولكن على الاقل يكون له حضور في الساحة.
* اين الاصوات النسائية العراقي التي تؤدي المقام؟
- لا يوجد فيه الان، هذا صحيح، واخر من ادت المقام واعتزلت هي السيدة القديرة مائدة نزهت،صاحبة اجمل اداء في الاغنية العراقية، قدمت خمسة او ستة مقامات ولكنها عرفت من قبل الجمهور بالاغاني البغدادية ومن ثم اعتزلت، فلم يبق على الساحة سوى امل خضير، وان كانت لا تؤدي المقام، انا ارى ان جمهورنا صعب واذنه لسنين طويلة اعتادت على سماع صوت قاريء المقام الرجالي، ولان مجتمعنا ذكوري وفيه تقاليد، فضلا عن ان المقام يقدم في المقاهي دائما في الجلسات الرجالية والمواليد النبوية، ولا تستطيع المرأة ان تخترق هذا المجال، فأصبح محتكرا من الرجال.
* وكيف استطعت اختراقه انت؟
- عندما جئت لم آخذه حفظا فقط، والسابقون حفظوه جيلا بعد جيل عن طريق السمع، ولكنني درسته بشكل اكاديمي وعلى يد اساتذتي حسين الاعظمي وشعوبي ابراهيم ومنير بشير الذي قدمني في هذا المجال، وهؤلاء الاساتذة واصحاب الخبرة عندما وجدوا عندي الموهبة والمساحة الصوتية التي تؤهلني لكي أؤدي المقام، شجعوني، مثلا الفنانة امل خضير.. مغنية صوتها جميل ودافيء تؤدي اية اغنية بسيطة ليست فيها الطبقات العالية او المنخفضة جدا، ولكن اذا ارادت ان تغني المقام فأقول لك من المستحيال ان تقدر، ربما هي تحفظ ولكنها لن تؤدي، لان المسألة ليست تحدي وانني استطيع ان اقدم المقام،لا.. ولكن القضية تحتاج الى دراسة والى مؤهلات وخبرة وليست هي شيئا سهلا، تصور.. ان لدينا 50 مقاما، وعلى الرغم من انني كرست كل حياتي للمقام فأنا الى الان لم اقدم سوى 24 مقاما او اقل،فليس اي شخص يمكنه ان يؤدي المقام، علما ان حتى الفرقة التي تصاحب قاريء المقام يجب ان تكون ملمة بالمقام العراقي.
* هل تذكرين اول ظهور لك؟
- نعم.. كان ذلك على مسرح الرشيد، وكانت المناسبة يوم الفن عام 1985 وكنت حينها طالبة في الصف الاول بمعهد بمعهد الدراسات، فكانت تجربة صعبة، وقلت حينها كيف سيستقبلني الجمهور، خاصة وجمهورنا كان يعيب على المرأة ان تغني المقام، حتى قراء المقام (المقامجية) لم يستوعبوا فكرة امرأة تؤدي المقام، كانت اول تجربة مع مقام (الاورفه) والاستاذ حسين الاعظمي دعمني في هذا المجال وحفظني جيدا، فمن اول وهلة ظهرت على المسرح كان مديرنا حسين قدوري الله يرحمه، وكنت انا خائفة جدا، فقال لي: (بابا لا تخافين)، كنت انظر من وراء الستارة وأرى القاعة مكتظة بالناس، ثم انني سأقدم مقاما، وهي اول مرة اطلع فيها على المسرح، قدمتني كما اذكر المذيعة زكية العطار بقولها (الان مع الطالبة فريدة محمد علي في الصف الاول بمعهد الدراسات تقدم لكم مقام الاورفه)، فتحت الستارة فدفعني الاستاذ حسين قدوري، فما ان قلت (امان.. امان) صار تصفيق حار من الجمهور، وهذا اعطاني دعما لانني قلت انني نجحت، وان كنت الان حين اسمع المقام ذاك اضحك، الا ان الخبرة تطورت.
* سمعنا انك اصبحت تؤدين (المربع البغدادي) لماذا؟
- المربع البغدادي من التراث طبعا، ونحن معتادون في المناطق الشعبية تؤدي الاغاني ذات الايقاع البسيط (الجورجينا) والمربع موجود في بغداد فقط، وانا احببت ان اضيف هذه التجربة، لاننا احيانا عندما نقدم برنامج مقام نريد ان نخفف من الامر، واحيانا الجمهور يتعايش، فعندما نقدم له (المربع) يرجع بالذاكرة الى احياء بغداد وذكرياتها، وهو شيء جميل احببنا ان نطعم برنامجنا به، ونجحت التجربة، والان اينما اقيم حفلة يطلب الجمهور المربع البغدادي، وانا احببت الفكرة، وبصراحة هي جاءت مصادفة، فقد كنت اغني اغنية (خدري الشاي خدري) ومن ثم (يمه انباك رجلي)، فصارت تشكيلة حلوة وقدمته.
* هل جربت غناء اغنيات بعيدة عن قراءة المقام؟
- نعم.. عندي اغنيات للملحنين الاساتذة جعفر الخفاف وعلي عبدالله وطالب القره غولي وفاروق هلال وعبد الحسين السماوي.
* احد قراء المقام رفض لقب (سيدة المقام) وعلل ذلك بكونك القارئة الوحيدة للمقام. ماذا تقولين؟
- لا ابلغ ان هناك العديد من الالقاب اتي اطلقت عليّ، مثلا في حضرة الملكة بياتريكس في هولندا عندما دعتني وابدت اعجابها قالت: (كيف يمكن ان نكون ملكتان في هذا القصر، انا ملكة هولندا وانت ملكة المقام)، فكتبتها في اليوم الثاني الصحف، وأول ما انطلقت شهرتي من خلال المقام عام 1985 في مسرح الرشيد عندما بدأ الناس يشاهدونني في الشارع كانوا يسمونني (ام المقام)، وهذا افتخر به كونه اول لقب اطلق علي من قبل الناس والجمهور وحملني مسؤولية، واطلقوا علي لقب (صوت النهرين)، و (قيثارة دجلة) والقابا كثيرة اعتز بها كلها،اما لقب (سيدة المقام) فلم اطلقه انا على نفسي ابدا، وانما جاء من خلال مشاركتي في المنتدى الثقافي العربي في لندن عام 2002، قدمت حفلا لمدة ثلاث ساعات، ما يقارب 12 مقاما، فالمثقفون عندما يطلبون مني ان اغني مقاما معينا يعتقدون انني سأعتذر، وكان من بين الحضور يهود عراقيون، فكانت من اجمل الحفلات في قاعة الملكة اليزابيث التي تضم 1200 مقعدا، وفي اليوم الثاني كتبت الصحف (سيدة المقام العراقي).
* اسمك.. هل تجدين انه اسم على مسمى؟
- سأذكر لك حكاية، وهي انني كنت كنت صغيرة لم اكن احب اسمي، فأقول لابي: ما معنى فريدة؟ شرحها لي ولكنني في عمر لم اكن استوعب تفسيره، كان يقول مثلا: انت الوحيدة وانت تختلفين عن الاخرين، انا فهمتها على انني لا اشبه الناس، فقمت اضجر من اسمي، فطلبت منه ان يغيره،لماذا اختي اسمها جنان وتلك خديجة وانا فريدة، من اين اتيتم بهذا الاسم؟ ويوميا كنت اتعارك معه، حينها كنت نشيطة ولا يفوتني اي نشاط مدرسي، وكنت اجمع الطالبات ونعمل مسرحية ونعرضها امام المديرة ومن ثم في مناسبات عيد المعلم وعيد الطالب، بحيث انني في الصف الخامس الابتدائي ربحت كأسا بالشعر على مستوى مدارس العراق، كسبته لمدرستي مدرسة الهادي في القناة، ومن هناك صار عندي دافع، كنت احب المسرح احب الفن وحتى الرقص، ابي فيما بعد قال لي: هل عرفت لماذا اسميتك فريدة؟، وفي بعض الاحيان يسألني البعض هل فريدة اسمك الحقيقي ام الفني؟ فأقول انه الحقيقي، فأنا احب ان يذكر اسم والدي فأقول انا (فريدة محمد علي عباس) لان اسرتي هي التي يرجع اليها الفضل كونها شجعتني ودعمتني، ولكن الان صار الجميع يسموني فقط.. فريدة.
* هل من كلمة اخيرة؟
- اتمنى من الجهات الاعلامية ان تهتم بالتراث، واتمنى خصوصا ان تظهر اصوات نسائية، فلا احب ان اكون على الساحة وحيدة، فنحن نريد العنصر النسائي يبدع في هذا المجال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.