بأكثر من 3 مليارات ونصف المليار، تعهد المجتمع الدولي بدعم سلام دارفور في نهاية المؤتمر الدولي الذي اختتم أمس بالدوحة، والذي يعد ثمرة من ثمار الدبلوماسية القطرية النشطة التي أنهت صراعات استمرت لعقود في الإقليم، أدت إلى قتل وتشرد الآلاف من المدنيين. ورغم الجهد والصبر اللذين بذلتهما قطر طيلة سنوات، وصولاً إلى تحقيق سلام دارفور وانضمام أغلب الحركات المسلحة إلى وثيقة الدوحة، فإن قطر لم تكتف بذلك، وتبرعت بنحو نصف مليار دولار لتنمية الإقليم، وهو أمر يؤكد مجدداً على حجم العناية والرعاية التي أولتها قطر للسودان عموماً، ولترسيخ السلام في الإقليم بشكل خاص. إن المجتمع الدولي الذي تعهد بتنمية إقليم دارفور، مطالب اليوم -أكثر من أي وقت مضى- بالإيفاء بتعهداته والتزاماته تجاه الإقليم، وأن يكمل المسيرة التي بدأتها قطر قبل سنوات، وأن لا يكتفي بما يقدمه من منح، وإنما أن تبدأ كافة فعاليات المجتمع الدولي في المساهمة الفعالة في تحقيق التنمية للإقليم الذي عانى طويلاً قبل أن يتحقق سلامه في الدوحة. كما أن بقية الفصائل المسلحة التي بقيت خارج الاتفاق، وإن كانت قلة قليلة، فإنها هي الأخرى أيضاً مدعوة للاستفادة من هذه الفرصة التاريخية التي وفرتها وثيقة الدوحة ومؤتمر الدوحة الدولي للمانحين، والانضمام إلى اتفاق السلام، والمساهمة الفعالة في تنمية الإقليم بعيداً عن أية صراعات قد تقلق المنطقة. إن مفهوم السلام الذي تحدث عنه معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية في افتتاح مؤتمر المانحين، يرتكز على مفهوم التنمية، فلا سلام بلا تنمية، فهو سلام تحميه هذه التنمية وليس القوة والسلاح. إن الدور القطري الفاعل والدبلوماسية الصبورة التي انتهجتها قطر ساهما في وصول قطار سلام دارفور إلى محطته الأخيرة، وهو تأكيد جديد على أن المفاوض النزيه قادر على أن يجمع الأضداد، كما فعلت قطر التي وقفت على مسافة واحدة من جميع أطراف النزاع. نتمنى أن تجد الأموال التي خصصها المجتمع الدولي لإقليم دارفور طريقها إلى أهل الإقليم، وأن تتحول إلى مدارس ومستشفيات وشوارع تعيد الهدوء والطمأنينة لأهل الإقليم، وكلنا أمل أن تكون جميع الأطراف على قدر المسؤولية.