قال رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الامة على فهد الراشد ان التحديات التي تواجه دول العالم العربي حاليا كثيرة ومتعددة بسبب الفساد والظلم وغياب العدالة الاجتماعية وعدم توفر فرص العمل خاصة للشباب. وأضاف الراشد في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد البرلماني العربي ال19 اليوم ان هذه التحديات مهدت الارضية لقيام ما يسمى "ثورات الربيع العربي" التي لا تزال تداعياتها تعصف بالدول العربية وسط موجة من التوتر المتصاعد والمؤثر على دول الاقليم كافة. وأوضح ان "تلك الثورات لن تأتي بخير على شعوب دول الربيع العربي وجيرانها ما لم تحقق تغييرا ايجابيا يساهم في توطيد الديمقراطية ورفع المستوى المعيشي والاقتصادي للشعوب مقابل الحفاظ على حقوق الانسان ورفض التمييز بين المواطنين". واكد ان "الشعوب التي اهلكت طغاة وقوى فاسدة لن ترضى بطغاة جدد ولن ترضى الا بالتحول الى عهد جديد تسوده العدالة والتغيير الى الافضل" متمنيا من الانظمة الحاكمة أن تسعى الى رسم خارطة طريق تليق بتاريخ شعوبها ومكانتها بين الدول. وشدد على ضرورة الاسهام في اطار العمل البرلماني في المنظمات الاقليمية والدولية في بذل الجهود لوقف النزاعات المسلحة في العالم والدعوة الى المصالحة والسلم مطالبا بتحمل المسؤوليات الانسانية والوطنية في تفهم المطالبات الشعبية بالتزامن مع مساعي التهدئة والعقلانية واستخدام الحكمة بعيدا عن العنف. واعتبر ان التحول الى نهج الديمقراطية ليس بالمهمة اليسيرة مشيرا الى أن ذلك يتطلب تحولات وتغيرات جذرية اجتماعية واقتصادية وسياسية تعيد بناء المجتمع ومكوناته. وفي الشأن الفلسطيني قال الراشد انه على الرغم من مرور ما يزيد على نصف قرن على مأساة الاشقاء في فلسطين فإن مسيرة السلام في الشرق الاوسط لا تزال من دون حل بسبب صلف وتعنت اسرائيل واصرارها على انتهاك الاعراف والقوانين الدولية كافة وهمجيتها في التوسع الاستيطاني غير المشروع على حساب الاراضي الفلسطينية. وذكر ان "النجاح الذي حققته القضية الفلسطينية بحصول فلسطين على صفة دولة مراقب في الاممالمتحدة يحتم علينا الاستمرار في مطالبة اللجنة الرباعية الدولية ومجلس الامن الدول بتحمل تبعيات مسؤولياتهما بالضغط على اسرائيل لحملها على الاسراع في قبول القرارات الشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق مبدأ الارض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية". ودعا في هذا الاطار مختلف مكونات الشعب الفلسطيني الى توحيد الكلمة والصف الداخلي وارساء دعائم المصالحة الوطنية باعتباره عاملا يزيد من صلابة القضية الفلسطينية الراسخة وقوة الحراك الفلسطيني المناضل. وحول الوضع في سوريا أعرب الراشد عن بالغ القلق ازاء الكارثة الانسانية التي تشهد تصاعدا داميا ومتواصلا هناك لافتا الى أن " أعداد القتلى تتضاعف كل يوم والدمار اصبح عنوانا لكل الاحياء في سوريا دون تمييز". وقال ان التقارير "المفزعة "والحقائق الموثقة التي تنقلها الوكالات الدولية المتخصصة لا تبعث على الخوف على مستقبل وأمن سوريا ووحدة ترابها وشعبها فحسب بل على أمن واستقرار المنطقة بكاملها مطالبا بالانتقال الى مرحلة أكثر فاعلية من آليات التحرك للضغط على المجتمع الدولي من اجل وضع حد لهذه المأساة الدامية دون ابطاء او تخاذل. وتطرق الراشد في كلمته الى النزوح المتزايد لابناء الشعب السوري الى ملاجىء الدول المجاورة داعيا الى مضاعفة الجهد لتقديم المزيد من المساعدات الانسانية التي من شأنها التخفيف من حدة آلام ومعاناة هؤلاء النازحين. ولفت في هذا الصدد الى أهمية مؤتمر المانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا الذي استضافته دولة الكويت في شهر يناير الماضي برعاية كريمة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في تأكيد للعالم أجمع على حرص دولة الكويت على مساندة الشعب السوري في محنته ومعاناته. وأعرب عن الامل في أن تنتهي الكارثة الانسانية في سوريا سريعا لتنعم بالاستقرار والرخاء من جديد مطالبا البرلمانات العربية بحث حكوماتها على الوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها في مؤتمر المانحين لتلبية الاحتجاجات الملحة للنازحين السوريين. وثمن الراشد الموقف الشجاع للمجموعة العربية في مؤتمر الدولي الاخير الذي عقد في جمهورية الاكوادور في دعم البند الاضافي الطارىء المقدم من البرلمان الاردني بشأن تقديم العون للنازحين السوريين. وقال رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الامة ان العالم العربي شهد في مراحل عديدة دعوات اصلاحية تنموية شاملة تستجيب لمتطلبات العصر الحديث وتلبي تطلعات المواطن العربي وطموحاته وامانيه داعيا الى التركيز على مجال العمل التنموي والاقتصادي وسن القوانين اللازمة لتحفيز التجارة البينية العربية وكذلك تشجيع وحماية الاستثمار العربية للمساهمة في خلق اقتصاديات قوية ومتينة تكون قوامها القدرة على مواجهة تحديات المستقبل. وأشار الى يقينه التام بأن الشباب يشكلون الركيزة الاساسية والطاقة الكبرى المحركة لعملية التنمية في الوطن العربي مؤكدا ان الاهتمام بهم واحتواء تطلعاتهم سيكون له بالغ الاثر في دفع عجلة التقدم الى الامام. وقال انه ايمانا من دولة الكويت بهذا الاعتقاد الراسخ "فقد اطلقت مبادرتها الخاصة بانشاء صندوق لدعم مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي بدعم ومساهمة من 15 دولة ما ساعد في تفعيل دور الصندوق وتوفير ما نسبته 60 في المئة من رأسماله البالغ 2 مليار دولار في دلالة واضحة على الرغبة المشتركة في توفير الدعم لمشاريع الشباب في الوطن العربي. وقال الراشد ان دولة الكويت أدركت منذ سالف عهدها أهمية الاستثمار في مجال التربية ورعاية الطفولة المبكرة لافتا الى أن الدستور الكويتي شدد على رعاية الدولة للنشء وحمايته من الاستغلال ووقايته من الاهمال الادبي والجسماني والروحاني. وأكد ان الدولة "لا تزال تسعى الى سن المزيد من القوانين التي تعمل على رعاية وحماية حقوق الاطفال والشباب "موضحا ان الجهود التي تبذل في المؤسسات الحكومية والتشريعية ومؤسسات المجتمع المدني تؤكد الحرص الدائم من قبل الدولة على حماية ورعاية النشء في بيئة آمنة وسليمة تضمن لهم العيش الكريم. وحول قضايا المرأة اكد الراشد الاهتمام بقضايا المرأة ومشاركتها في تنمية المجتمع باعتبارها الركيزة الاساسية في بناء الثروة البشرية مشددا على اهمية النهوض باسهامات المرأة والاخذ بتطلعاتها وتنويع مجالات العمل امامها لمنحها قاعدة اكبر للبذل والعطاء. وقال انه من هذا المنطلق كانت المشاركة الايجابية الجادة للمرأة الكويتية في العملية التنموية بجميع جوانبها والتي بلغت أسمى مراحلها اضافة الى تقلدها المناصب التنفيذية والقيادية في الدولة ومشاركتها الفعالة والاسهام في العملية التشريعية. وهنأ الراشد في ختام كلمته القيادة السعودية بخطوتها الرائدة من خلال تعيين 30 مرأة في مجلس الشورى السعودي "ما يعكس اهتمام القيادة في المملكة العربية السعودية بدور المرأة والعمل على تعزيز مكانتها". وقال انها لمناسبة سارة ان تحتضن دولة الكويت اجتماعات المؤتمر التاسع عشر للاتحاد البرلماني العربي متقدما بالشكر والتقدير الى حضرة صاحب السمو امير البلاد على تفضل سموه بالحضور ورعايته السامية لاعمال وأنشطة هذا المؤتمر الذي نأمل ان يحقق النجاح. وأعرب عن بالغ التقدير لجميع رؤساء وأعضاء الوفود والمنظمات البرلمانية العربية لتلبيتهم الدعوة ومشاركتهم في فعاليات هذا المؤتمر متمنيا "التوفيق والنجاح لتحقيق كل ما نتطلع اليه من اهداف تعزز الامن والرخاء لدولنا وشعوبنا".