توصل فريق من الأطباء الباحثين بمستشفى سرطان الأطفال بمصر برئاسة الدكتورة هالة طه سالم، رئيسة قسم الباثولوجي بالمستشفى، وبدعم علمي من جامعة هارفارد، إلى تحديد الجين المسبب لأحد أشرس أنواع أورام الدماغ عند الأطفال، بما يبشر باستحداث علاجات جينية حديثة أكثر فاعلية للشفاء . تشير الدكتورة هالة إلى أن هذه النتيجة جاءت بعد بحث استغرق عامين، وخضع له 800 حالة من المترددين على مستشفى 57357 و2000 حالة من الأطفال الأمريكيين بمستشفى هارفارد بالولايات المتحدةالأمريكية برئاسة بروفيسور مارك كيران، أستاذ أورام المخ والأعصاب للأطفال بالمستشفى، وتوصل الفريق البحثي الذي كان يعمل باتصال مباشر ما بين المستشفيين بمصر وهارفارد إلى رصد الخلل الجيني لأكثر أنواع أورام الدماغ شيوعاً لدى الأطفال . وتعقب على ذلك بقولها: إن نتائج هذا البحث تم نشرها مؤخرا بمجلة التشخيص الجزيئي الأمريكية، وتشير إلى أن أورام الدماغ عند الأطفال تمثل نحو 30% من مجمل الأورام المنتشرة بينهم، كما أن هناك أنواعاً عديدة لأورام الدماغ أشهرها ورم يسمى (لو جراد جليوما) وهو وحده ينقسم إلى مجموعات منها ما هو شائع الحدوث وهو ما تناولته الدراسة، حيث تم رصد وتحديد الخلل الجيني في هذا النوع من أورام دماغ الأطفال، حيث وجد عند أكثر من 80 حالة من مصر و180 حالة من أمريكا من الحالات قيد الدراسة أن هذا الجين والمعروف باسم (ب ر ا ف) وهو الجين نفسه المرتبط بالإصابة بأحد أنواع سرطان الجلد . وتضيف أن هذا الكشف العلمي الذي يتم التوصل إليه لأول مرة في العالم يعتبر من الأهمية بحيث يسهم في إمكان الكشف الجيني على المريض قبل وضع البرنامج العلاجي لتحديد البروتوكول الأفضل له، كما يتيح في المستقبل تطبيق العلاج الجيني وتعديل جرعات العلاج الكيميائي والإشعاعي بما يقلل من مضاعفات العلاج ويحافظ على نمو الطفل وحالته الصحية . إلى جانب ذلك، أظهرت الدراسة المقارنة وجود خلل في ثلاثة جينات لدى 10% من الأطفال المصريين محل الدراسة، على خلاف الجين الذي تم تحديده بما يفتح الباب لدراسة هذه الجينات، وبالتالي فصل وتحديد برنامج علاجي لهذه الفئة من المرضى عن بقية المصابين، دون التقيد بالبروتوكولات العلاجية الموحدة للأورام . وتؤكد الدكتورة هالة أن التوجه في المستقبل يعتمد على شخصنة المرض ووضع بروتوكول علاجي طبقاً للحالة الجينية لكل مريض على حدة، وهو ما يتم بتطبيق العلاج الجيني كعلاج مكمل لبعض الحالات . وفي الإطار نفسه تؤكد الدكتورة شاهندة النجار، مديرة البحوث التطبيقية بمستشفى سرطان الأطفال، أن هناك ثلاثة مشروعات بحثية يجريها المستشفى بتمويل من صندوق العلوم والتنمية والتكنولوجيا في مصر وأكاديمية العلوم للعالم النامي ومؤسسة يونسكو، وسوف يدرس أحد هذه الأبحاث أنواعاً مختلفة من أورام الدماغ الشديدة الخطورة والخلل الجيني المسبب لتكوّن هذه الأورام، حيث أظهرت الدراسات أن هذا الجين يؤدي لتكوّن أورام بالخلايا العصبية خارج الدماغ، كما أنه من الممكن أن يعود مرة أخرى بعد استكمال البرنامج العلاجي وبصورة أكثر شراسة بحيث لا تجدي معه العلاجات التقليدية، لذلك نأمل أن نتوصل إلى علاجات أكثر فاعلية تجنب الطفل مضاعفات العلاج أو ظهور أورام ثانوية .