أسس وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف مركزًا "للرعاية والمناصحة" يهدف الى إعادة تأهيل مجموعة من المتهمين بالإرهاب عن طريق برنامج يسمح لهؤلاء بالعودة إلى ممارسة حياتهم المدنية مع مواكبة إعادة اندماجهم في المجتمع. الرياض: يضاهي المركز الجديد لمناصحة المتهمين بالارهاب في الرياض، وهم من 41 جنسية، المنتجعات التي تقدم خدمات ترفيهية على مساحات شاسعة بحيث أنها أبعد ما تكون عن السجون. وتم تشييد مركز الامير محمد بن نايف الجديد للمناصحة والرعاية في ناحية خريص في اطراف الرياض فوق ارض مساحتها 76 الف متر مربع، في حين تبلغ مساحة المباني 14 الف متر مربع. ويتضمن المركز المخصص لاستيعاب 228 من المتهمين بالارهاب أو المتأثرين بفكر "الفئة الضالة"، وهو تعبير تستخدمه السلطات في إشارة إلى شبكة القاعدة، العديد من المباني والخدمات التي تبعد عنها صفة الاحتجاز أو مكان للتوقيف. وهناك مركزان في الرياضوجدة يستوعبان العدد ذاته في حين تنوي السلطات تشييد ثلاثة مراكز أخرى في المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية. ويضم المركز 12 وحدة سكنية في كل منها 19 نزيلاً يتمتعون بخدمات وتتشارك كل اثنتان منها حوضًا خارجيًا للسباحة، فضلاً عن 11 جناحًا للزيارات العائلية حيث بامكان المتهم "الحسن السلوك" أن يختلي بزوجته ويلتقي اولاده ليومين. وفي القسم الترفيهي، حوض سباحة اولمبي داخلي وصالة للعب البلياردو وقاعة لممارسة الرياضة بواسطة أحدث الآلات وحمام سونا واماكن جلوس لمشاهدة التلفزيون مزودة بمدافئ تعمل بواسطة الحطب، فضلاً عن قاعة كبيرة تستخدم لاغراض مختلفة. ويؤمن المركز في اربع قاعات للتدريس مختصين يعطون حصصًا دينية حول التكفير والجهاد وغيرها من الامور الفقهية، فضلاً عن تعلم الكمبيوتر مع تخصيص ادارة المكان أجهزة لهذا الغرض كما يتم تدريس اللغات ايضًا. وبهدف احتواء من تأثروا ب"افكار الفئة الضالة" وابعادهم عن المتطرفين، أسس وزير الداخلية الامير محمد بن نايف عندما كان مساعد الوزير للشؤون الأمنية مركزًا "للرعاية والمناصحة" يحمل اسمه للشبان "المغرر بهم". ويسمح برنامج اعادة التأهيل لهؤلاء بالعودة الى ممارسة حياتهم المدنية مع مواكبة اعادة اندماجهم في المجتمع. ويعمل المركز في الرياضوجدة على اعادة تأهيل الآلاف من المتشددين عبر برامج دينية واجتماعية ونفسية وتاريخية ودورات علمية ورياضية وفنية ومهنية وندوات خلال فترة زمنية يقضونها بالمركز. واطلق البرنامج لإعادة تأهيل اصحاب الفكر المتطرف ودمجهم في المجتمع ويشمل احاطة متابعيه بعناية اجتماعية مركزة تتواصل حتى بعد انتهاء البرنامج فضلاً عن تزويج المستفيدين منه. ويستحوذ الشق الشرعي من برامج المناصحة على النسبة الاعلى من المحاضرات يليه الرياضي والاجتماعي والنفسي والتاريخي والفن التشكيلي. وفي هذا السياق، يساهم المركز في الكشف عن "مواهب" الخاضعين للتأهيل في الرسم. وقال احد المسؤولين في المركز "في البدء كانوا يرسمون الوانًا قاتمة كالاحمر القاني والاسود مما يعكس وضعهم النفساني (...) اما الآن فأصبح الامر مختلفًا كما تشاهدون"، في اشارة الى ست لوحات بعضها انطباعي وغالبيتها تجريدية بألوان زاهية. واوضح القائمون على المكان أن المركز سيضم قريبًا جدًا مكتبة ايضًا. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي: "لا نرغمهم على دراسة أي مواد علمية انما ننصحهم بذلك". واضاف ردًا على سؤال حول اعداد الموقوفين المتهمين بالارهاب "إنهم اقل من ثلاثة آلاف لكن اطلاق سراح أي منهم يجب أن يكون عبر مراكز المناصحة". من جهته، قال مدير مراكز المناصحة اللواء سعيد البيشي إن المرافق "تعكس الحرص على بناء الانسان لا بد من أن نعالج الفكر بالفكر وتشخيص الدوافع التي حملت الشباب، واعمارهم بين 18 و 25 عامًا، على الوقوع في براثن الفكر المتطرف". واضاف "لا يمتلكون علمًا شرعيًا يساعدهم على التحدث في مسائل الجهاد والتكفير. لذا، فإن الحوار والاقناع من مرتكزات برنامج المناصحة يجب التصدي للغلو عبر اعادة التوازن الفكري والنفسي للشباب". واوضح أن 220 اكاديميًا يعملون في البرنامج "كما نأتي باشخاص كانوا تأثروا في مرحلة ما بالفكر الضال لشرح تجربتهم". واكد البيشي أن "عدد الذين تخرجوا من المركز يبلغ 2336 شخصًا في حين أن نسبة من عادوا وانضموا للفئة الضالة لا تتجاوز العشرة في المئة". والسعودية التي شهدت سلسلة من الهجمات الدامية بين العامين 2003 و2006، شنت حملة على تنظيم القاعدة ونجحت في الحد من نشاطه لدرجة كبيرة. وتابع أن "عملنا هو أن نحول بين الشخص المتأثر بالفئة الضالة ورفاقه السابقين لكن الجانب الفكري معقد جداً فقد يظهر أحدهم التوبة لكي يخرج من السجن (..) ورغم ذلك فإن النتائج تبقى مشجعة". واشار المسؤولون الى احتمال التوسع في البرنامج ليشمل فئات أخرى "ليست على علاقة بالارهاب فقد تكون اجرامية أو من المدمنين على المخدارت أو غيرهم".