■ صحيفة «الوفاق» ما السرّ في زيارة كيري؟ لم يكن مفاجئا ان يتناول وزير الخارجية الاميركي جون كيري، خلال جولته الثالثة في غضون شهر للشرق الأوسط، قضايا تعد مهمة للإدارة الاميركية من ناحية مصالحها في المنطقة. ومن ضمن هذه المصالح حثّه لتركيا على استئناف علاقاتها وتطبيعها مع الكيان الصهيوني، بعد ان بات مشروع الشرق الأوسط الجديد الاميركي في مهب الريح، جرّاء الثورات العربية التي جاءت في غير مصلحة تمدد الكيان الصهيوني في المنطقة. ولكن على الرغم من المواقف السلبية للحكومة التركية من بعض دول المنطقة والقضايا والأزمات الاقليمية، التي يمليها عليها تحالفها مع المعسكر الغربي، فان طلب كيري تطبيع العلاقات مع تل أبيب يعد تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لإحدى دول المنطقة، ويبعث على التساؤل عما اذا كانت واشنطن ستطرح مثل هذا الطلب لو كان الأمر لا يرتبط بتل أبيب وانما ببلد آخر، وهل كان الرئيس اوباما سيبذل محاولاته أيضاً في هذا السياق، كما فعل في غضون الأسبوعين الأخيرين لإنهاء القطيعة الظاهرية بين تركيا وكيان الاحتلال؟ وربما جوانب من موقف الحكومة التركية حيال الطلب الاميركي يبعث على الارتياح بعض الشيء، لكنها في واقع الأمر جاءت كرد على اكتفاء الصهاينة بالاعتذار فحسب لعدوانهم على سفينة مرمرة، التي كانت ضمن قافلة إغاثة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة عام 2010، من دون ان يتحدثوا عن موضوع دفع التعويضات التي تطالب أنقرة بها. ان مطالبة كيري بعودة الدفء الى العلاقات يبن تركيا والكيان الصهيوني تنطلق من أهمية موقع هذا الكيان في استراتيجية واشنطن الشرق أوسطية، اذ ان مثل هذا التقارب، كما يقول كيري، يسمح لأنقرة بلعب دور رئيسي فيما يسمى بعملية السلام، التي تراوح مكانها منذ أمد طويل بسبب تعنت الصهاينة، ورفضهم الاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين. كما ان دعوة الوزير الاميركي لتركيا المتحالفة مع الغرب الى الاضطلاع بدور أكبر في الأزمة السورية، التي باتت تشكل الهاجس لدى واشنطن وتل أبيب، وكذلك وكعادة الساسة الاميركان في كل مناسبة، تحذيره لايران على خلفية برنامجها النووي السلمي، باعتبارها دولة مقتدرة تخشاها تل أبيب، كله يصب في خدمة الاحتلال الصهيوني، الذي جاء الوزير الاميركي الى المنطقة، في محاولة لإعادة بعض ما فقده هذا الاحتلال من مواقع بفعل الصحوة الاسلامية.