GMT 14:00 2013 الجمعة 12 أبريل GMT 20:15 2013 الجمعة 12 أبريل :آخر تحديث * طفل عراقي يعاني من متلازمة الداون مواضيع ذات صلة في وقت تزداد فيه أعداد المنغوليين أو ما يعرف طبيا ب "متلازمة الداون" في العراق، فان معاناتهم من النظرة الدونية والعزلة والنبذ من المجتمع تشكّل لهم ولأسرهم مشكلة كبيرة، بدا حلها صعباً جداً من دون مؤسسات صحية وإجتماعية تتبنى علاج هؤلاء جسدياً ونفسياً، وتتيح لهم فرص الاندماج في المجتمع من جديد. بغداد: تشير أم حيدر الى ابنها الصغير محمد ( 10 سنوات ) الذي يعاني من متلازمة الداون، الذي اضطر الى ترك المدرسة، على رغم قدرته على التعلم، ليس لكونه متخلفاً، كما يحسبه الكثير من زملائه والناس من حوله، لكن بسبب الاحتقار والنظرة الدونية التي يلقاها من المحيط الذي يعيش فيه، لاسيما وان لسانه يَبْرِز خارج فمه على الدوام، إضافة الى صغر رأسه. وتصِف ام حيدر ابنها بأنه صاحب إحساس مرهف عكس ما يتصوره البعض من انه إنسان بليد، كما انه مسالم حتى في الحالات الكثيرة التي يقابل فيها العنف من قبل الآخرين. معاملة خاصة وتتابع : بل يغضب أحياناً اذا ما شعر انه يُعامل معاملة خاصة لأنه يرى نفسه طفلاً عادياً لا يختلف عن إخوانه وأصدقائه، بل ويسعى في الكثير من الأحيان الى إبراز مظاهر القوة عبر محاولة فرض نفسه على الآخرين. لكن ما يحدث خارج المنزل، امر مختلف، فما أن ينزل محمد الى الشارع حتى يعامله الآخرون كشخص مريض، ناقص العقل وقليل الشعور. تقول ام حيدر: رصدت الكثير من حالات السخرية والانتقاص منه لكني عجزت عن منعه من اللعب مع أبناء الحي، لان ذلك يتسبب في عزلته. وتتابع القول : في بعض الأحيان يعود الى البيت باكيا وحزينا وبحالة عصبية شديدة بسبب الآلام النفسية التي يعاني منها جراء تصرفات الآخرين السلبية تجاهه. وتبلغ أوج حالات الألم الذي يعتصر قلب محمد مثلما قلب امه، حين تصحبه الى الحدائق العامة، والأسواق ليصبح موضع تندّر الآخرين واستهزاءهم. وتشير أم حيدر الى أن أشد حالات الاحراج التي عايشتها حين رفض صاحب مطعم استقبالهم عند زيارة لهم الى العتبات المقدسة في الكاظمية في بغداد. وتعترف أم حيدر ان ذلك كان مفاجأة لها، على رغم ان صاحب المطعم اعتذر بطريقة مهذبة مبديا أسفه من ان المطعم لا يستقبل (المجانين ) خوفا من فقدانه لزبائنه. التهكم والسخرية الباحثة الاجتماعية إيمان حسين، تؤكد هذه الحقائق المرة في المجتمع العراقي الذي ينظر في الكثير من الحالات بعين التهكم والسخرية الى المنغوليين، وتقول ايمان ان هناك ما هو اكثر ايلاماً حين تتخلى الاسرة عن طفلها المنغولي بحجج وذرائع شتى مثل عدم قدرتها المادية على اعالته، أو تغطي على تخليها عنه، بحجة انه هرب من البيت ولم يُعثر له على أثر. وتتابع : البعض من اولئك الذين يتميزون بالهدوء والوداعة تحولوا الى مشرّدين في الشوارع، بعدما تخلى الجميع عنهم واضطرت مؤسسات الرعاية الاجتماعية الى تبني عدد قليل منهم. تفكك الاسرة طبياً، تُوضح طبيبة الأطفال زينب فاضل، حقائق علمية عن المنغوليين، حيث تقول ان الطفل المنغولي هو طفل متخلف من ناحية نموه العقلي والجسماني، بسبب عيوب الكروموسومات حيث توجد فيه نسخة زائدة من كروموسوم 21، ليصبح العدد في الطفل المصاب 47 وليس 46. وتتابع : بين كل ستمائة وخمسين طفلا، يظهر طفلا منغوليا. وفي الكثير من الحالات، يتسبّب الطفل المنغولي في تفكك الأسرة، حيث تتحدث ام سعيد المتزوجة من ابن عمها، عن عدم تقبّل زوجها لحقيقة أن ابنه منغولي، فكان الطلاق نهاية المشوار العائلي لتتحول حياتها بأكملها الى رحلة من الرعاية لطفلها بعدما تخلى والده عنه. وعلى رغم ان ام سعيد تتلقى مساعدات اجتماعية وعلاجات لكنها حالتها المادية لا تكفي لتوفير المستلزمات الحياتية التي يحتاجها طفلاها المنغوليان. تقول أم سعيد : اسعى الى تعليمهم في البيت على رغم صعوبة ذلك، حيث لا توجد في مدينة الديوانية (193 كلم جنوبي بغداد) مدارس خاصة للأطفال من اصحاب الاحتياجات الخاصة. وتعترف أم سعيد ان أطفالها بدؤوا يفقدون مهارات التواصل مع الآخرين بسبب غياب دروس التربية المنتظمة وغياب الاهتمام الصحي والنفسي بهم من قبل أصحاب الاختصاص. وبحسب الدكتور ستار الساعدي من وزارة الصحة فأن هناك خطط مستقبلية لانشاء المراكز المتخصصة للمعاقين بالتعاون مع اكثر من جهة. وأشار الساعدي الى وجود مراكز للتأهيل البدني في بغداد والمحافظات ومشاريع اخرى قيد الانجاز مع الاهتمام بالجوانب النفسية للمعاقين وتخصيص مراكز تأهيل نفسي لهم. مرض غريب حالة اخرى، هي حالة كريم الزبيدي الذي يرعى طفليه المنغولين، الذين يعانيان من بطئ النمو وقصر القامة، مقارنة مع الأطفال الطبيعيين من نفس العمر. يروي الزبيدي : ما ان بلغ عمرهما العاشرة حتى هزلا، بعد معانات شديدة من مرض غريب لينتهي الأمر بوفاة أحدهما. اما الثاني فقد أبلغه الاطباء بأنه سوف لن يعيش فترة زمنية طويلة. العلاج وعودة الى الدكتور زينب التي تصف علاج الاطفال المنغوليين بأنه عبارة عن تنمية للمهارات وأساليب التخاطب والعلاج طبيعي. كما تحث زينب على ضرورة انشاء مدارس خاصة بأصحاب الاحتياجات الخاصة، تتوفر على مراكز نفسية واجتماعية تساهم في تحسين وتنمية قدرات الطفل المنغولي في العمل والتواصل مع الآخرين. اما الباحثة الاجتماعية إيمان، فتؤكد على ضرورة تعزيز الوعي بالتخلي عن النظرة الفوقية التي يمارسها المجتمع بحقهم، و دمج ذوي الإعاقة في المجتمع. وكانت لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، شكلت عام 2012، هيئة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.