دائما عندما تثار قضايا الزواج ومشاكل الأسرة ومنغصاتها يأتي الحديث حول الحقوق والواجبات بين الزوجين حيث تختصر الحلول في توضيح ما يجب على الطرفين من الاحكام والامور الشرعية وكأن المصلحين لا يتقنون الا ممارسة الحفظ والتسميع لما يحق للزوج ويجب على الزوجة ، بينما بقية الجوانب الاخرى المرتبطة بالجانب العاطفي والنفسي وفن التعامل والتي تعد من مقدمات الاحكام الشرعية قد يعتبرها بعض المصلحين من الكماليات والاحتياجات الثانوية حيث لا تعد من الاساسيات التي تخل في توازن العلاقة الزوجية وانما تحسب ضمن الاجتهادات الفردية والمزاجية والتي لا يلزم بها الطرفان ،فمجرد تطبيق الاحكام الشرعية الواجبة على الزوجين كيفما اتفق لا يمكن أن يقي الحياة الزوجية من المخاطر والاهتزازات المختلفة فالاحتياجات المادية كتوفير السكن والمأكل والمشرب والنفقة لا يوجد من يختلف على مدى أهميتها فهي تعد من العوامل الطبيعية والبديهية التي يجب توفرها لكل من يريد الزواج ولكن لا يمكن اعتبارها هي الاساس والضمان في استمرار الحياة الزوجية وانما الاساس هو المودة والرحمة بين الطرفين، فإذا تحققت المودة والرحمة بين الزوجين تحقق كل شيء واذا فقدت لا يمكن أن يعوض مكانها شيء حيث يصبح كل عمل باهتا ، فكيف يمكن للحقوق والواجبات الشرعية بين الزوجين أن تبني استقرارا في ظل غياب المعاشرة بالمعروف والتي تعد هي السكن والاستقرار الحقيقي لبيت الزوجية ،فقضايا الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف والاحسان بين الزوجين مرتبطة مع بعضها البعض ولا يمكن الفصل بينها ،فالحياة الزوجية لا تعتمد في استقرارها على تطبيق العدالة بشكل حرفي بين الزوجين كما في المجالات الاخرى وانما بالاحسان والتنازل فيما بينهما لان العلاقة الزوجية ليست علاقة وظيفية تعاقدية مصلحية وانما نفسية وروحية وعاطفية وجسدية وعقلية. لا بد أن يعي المصلحون أن معظم أسباب حالات الطلاق والاختلاف بين الزوجين ليس لها علاقة بسلب الحقوق الشرعية وانما بالقصور في الجانب العاطفي والنفسي حيث اهمال المرأة واحساسها بالاحباط المشاعري والمعنوي ، فالجفاف العاطفي هو المسيطر والمخيم على معظم حياتنا وتفاصيلنا ،فإبراز الحب والمودة والرحمة بين الزوجين تعد من المغذيات والمنشطات المجددة لحياتهما الزوجية ،ففي الماضي كان الجانب المادي والبحث عن لقمة العيش يطغى على الجوانب الاخرى ويعد من الاولويات أما اليوم وفي هذا العصر الذي نعيشه وفي ظل المؤثرات والمتغيرات المتسارعة لا بد أن يدرك كل صاحب اهتمام في صلاح شؤون الأسرة أن سلم الأولويات قد تغير وتبدل وفقا لمتغيرات العصر واحتياجاته ،لذلك فالاحتياج العاطفي والنفسي للمرأة وطريقة التعبير عنه والاحساس بكيانها يعد في الدرجة الاولى من سلم أولوياتها . بدر مطلق الجويد-المدينة المنورة