ينصبّ اهتمام المستثمرين على عمليات البيع المكثفة للذهب، والأرقام غير المحددة نوعاً ما للناتج المحلي الإجمالي الصيني، والتساؤل عما إذا كان الانخفاض العام لأسعار السلع هو أكثر من مجرد تصفية لصناديق الاستثمار المتداولة . ولم تلقَ الأخبار التي تشير إلى موافقة اليونان على شروط الترويكا لتقليص حجم قطاعها العام المتضخم آذاناً صاغية لدى أولئك الذين يفضلون رؤية الأخبار السلبية في خفض صندوق النقد الدولي لتوقعات النمو العالمي، إذ توقع البنك أن تبلغ نسبة النمو العالمي 3 .3% مقارنة مع توقعاته السابقة في أكتوبر 2012 والتي كانت تشير إلى نسبة نمو 6 .3% عام ،2013 ولكن هذه التوقعات ما تزال فوق عتبة 4% لعام 2014 . وعلاوة على ذلك، تمثل التنازلات التي قدمتها أثينا بشأن مسألة تقاسم التقشف أمراً جيداً لتحقيق التقدم، ولكن ينبغي ألا ننسى أن انخفاض العمالة في القطاع العام سيصعّب على الخزينة اليونانية غير الفعالة مراقبة الإنفاق والإيرادات الضريبية . ونحن نرى في المعدن الأصفر فرصة استثمارية مهمة حول مستوياته الحالية، ولكن على أساس تجاري بحت ومع اعتماد سياسة مشددة لوقف الخسائر . وسجلت الأسواق الفعلية وأسواق الخيارات تموضعاً وميولاً سلبية مبالغاً بها إلى حد ما، حيث تراجعت أسعار الذهب مقابل الدولار وفق مؤشر دلتا 25 الخاص بتقلبات المخاطرة إلى أدنى مستوياتها خلال ثلاث سنوات، ويبدو أن العلاقة بين عوائد سندات الحكومة الأمريكية المعدلة وفقاً للتضخم وسعر الذهب قد تراجعت أيضاً . واستناداً إلى تجربة السوق بعد مرحلة "ليمان براذرز"، فإن انخفاض قيمة سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 50 نقطة أساس منذ مطلع مارس واحتمال إطلاق البنوك المركزية جولةً جديدة من التيسير الكمي هي بمثابة مؤشرات إلى أن أسعار الذهب قد تحوم حول معدلاتها الراهنة على أقل تقدير إن لم تتجه نحو الارتفاع مجدداً . ويستمر انخفاض مؤشر "أركا" ضمن "بورصة نيويورك للذهب" - وهو مؤشر الأسهم غير المحوطة لشركات تعدين الذهب - بنحو 50% منذ أكتوبر الماضي، وهو ما يشير إلى انطلاقة جيدة قبل إعلان العديد من شركات تعدين الذهب عن ارتفاع تكاليف إنتاجها بنسبة 50% عن المستويات المبينة في تقارير صدرت خلال السنوات الأخيرة . وبعبارة أخرى، فإن الانخفاض الذي تشهده أسعار الذهب لا علاقة له بإدراك المستثمرين فجأة أن أعمال تعدين الذهب ليست مربحة كما كان الاعتقاد سائداً، وليست أيضاً نتيجة التهديد الذي يمثله تدفق 10 أطنان من الذهب القبرصي إلى السوق، إذ بالكاد تستطيع هذه الكمية أن تغير في أسعار الذهب، وهي بالتأكيد غير قادرة على خفض أسعاره بقيمة 200 دولار أمريكي (15%) في غضون 7 أيام . ويبقى الشك مخيماً على الأسواق حيال قوة انتعاش الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ورغبة البنوك المركزية للدول السبع الكبرى بالانخراط في إطلاق مزيد من جولات التيسير الكمي . وللمفارقة، تلقت البيانات الاقتصادية الجيدة للدول السبع الكبرى ردود فعل متباينة على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث أبدت فرصة أقل لزيادة التيسير الكمي مع استثناء رئيسي واحد في أكتوبر عام 2011 عندما ساهم الانتعاش القوي لمؤشر مديري المشتريات للمصنعين الأمريكيين في توازن الأسهم العالمية على مدى أربعة أشهر من الإقبال على المخاطرة . وتميل نقاط البيانات الجزئية التي ترشح عن نمو عائدات الأسهم للإشارة إلى تحسن الظروف الاقتصادية العالمية مقارنة بالانخفاض الذي شهده مؤشر "جولدمان ساكس للسلع" بنسبة 6 .6% منذ بداية العام وحتى تاريخه . وقد تم تحديث توقعات أرباح الأسهم للأسابيع الأربعة الماضية في القطاعات كافة ضمن مؤشر "مورغان ستانلي كابيتال انترناشيونال" لجميع دول العالم . ومن بين القطاعات الأساسية العشرة، يبقى قطاع الطاقة وحده هو الأقرب إلى اختبار تعديلات سلبية ولاسيما في الأسواق الناشئة لآسيا وروسيا . ولم يساعد انخفاض سعر برميل خام برنت عند عتبة 100 دولار أمريكي - للمرة الأولى منذ يوليو 2012 - على تعزيز توقعات القطاع . من جهة ثانية، تواصل توقعات أرباح الأسهم إظهار مزيد من التحسّن في شتى المجالات، ولاسيما في الأسواق المتقدمة، فيما يشهد مؤشر الاستهلاك التقديري تحسناً في الولاياتالمتحدة الأمريكيّة على خلفية الأرقام الإيجابيّة الصادرة عن قطاع العقارات عموماً . كما سجلت أسعار العقارات السكنية نمواً بواقع 1 .8 على أساس سنوي بحسب مؤشر "كيس شيلر المجمع" الذي يضم 20 مدينة . وقد تفرض هذه الزيادة في أسعار المساكن صعوبة أكبر أمام بعض الأفراد الراغبين في شراء المنازل، غير أنها تحد من كميات الأسهم السلبية في سوق الإسكان الأمريكي بالنسبة لعملاء الرهون التي تفوق في حجمها قيمة منازلهم، مما يجعل كفة ميزان الادخار أو الإنفاق تميل نحو الأخيرة . ولقطاع المرافق والخدمات قصة أخرى، فهو يتعلق من جانب باستهلاك الطاقة، ويرتبط من جانب آخر بمسألة الأرباح . أما في الأسواق الناشئة، فإن شركات التكنولوجيا في أوروبا الشرقية وآسيا والمحيط الهادئ تشهد تداولاً عند مستوى خصم بواقع 50% من حيث نسبة السعر إلى أرباح هذه الشركات . وعلى الصعيد المحلي، تواصل الأسهم المحلية وتيرة أدائها مدعومةً بالأنباء الطيبة الواردة من الأسواق المتراجعة مثل مصر . فقد تعهدت كل من قطر وليبيا بتقديم دعم كبير للحكومة المصرية الجديدة بعد أشهر من فترات انحسار احتياطيات العملات الأجنبية . * كبير استراتيجيي الاستثمارات، إدارة الثروات في بنك "الإماراتدبي الوطني"