أكرم باشكيل حين يقتفى المرء الخطاب السياسي وفق ما يحمله من أبعاد ومضامين فكرية أيدلوجية يعكس من خلاله مضامين ذلك الفكر ويترجم الاشتغال الأيدلوجي المكرس للبناء المعرفي لطبيعة الوعاء الفكري الحاضن لها وللمكون التنظيمي الحزبي ذاته ..!! هذا الافتراض عندما تكون الأحزاب في الواقع والحالة الطبيعية لها لكننا في ما نراه على المشهد اليمني أن الأحزاب هي إطارات تنظيمية شكلية لا تمت إلى المفهوم السياسي الحزبي بصلة ولهذا حين نقرأ خطابها لا نستغرب منه على وجه الإطلاق لأن الإطار الحاكم له والضابط لإيقاعه اشتغالا ليس معرفيا في جذره وإنما هو ذو بعد اجتماعي قبلي متسيد له ومتحكم على مفصليات عمله وهنا يتوجب فهم لغز التشابه الكبير بين هذه الأحزاب وإن تغايرت في مسمياتها وتناقضت في أيدلوجياتها (المفترضة)..!! ما يقودنا هنا إلى هذا الاستخلاص لما تدعيه هذه الأحزاب افتراضا ب(الرؤية ) لها من قضية مفصلية في الصراع الدائر سياسيا حول ما بات يعرف في قاموس الاصطلاح السياسي ( اليمني) ب 0(القضية الجنوبية) والتي قدمتها الى ما يسمى ب( مؤتمر الحوار اليمني) الذي يناقش على سبيل الافتراض أيضا حزمة المشكلات التي تعترض وتهدد بقاء (النظام اليمني)..!! عند القراءة ل(الرؤيتين ) اللتين تقدما بهما حزبي (النظام) وهما (الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام) نجد فيهما التوحد في الخطاب من حيث الآتي : - التغني بواحدية الثورتين سبتمبر وأكتوبر وأنجازات ثورة أكتوبر على صعيد الواقع الاجتماعي. - الابتعاد عن مناقشة وتحليل (القضية الجنوبية) من حيث منشأها وأخذها بعيدا إلى ما قبل 1967م - عدم وجود أو طرح حلول مفترضة لذات القضية المناقشة أو هي في طور النقاش الأمر الذي يفرغ ما يدعونه ب(الرؤية) من محتواها الحقيقي في إطار المناقشة وطرح الرؤى للحل . من كل ذلك وبرغم التنافر للشركين في إدارة النظام وماهو مزعوم من صراع وهمي بينهما شكليا إلا إننا نرى ذات العقلية في الطرح والخطاب الممجوج الذي ينم عن غياب ما يدعونه ب( الرؤية ) لديهم في ما قدموه استنساخا في التفكير والعقلية مع اختلاف الصياغة فقط بين ماقدم لكل منهما ك( رؤية)..!! إذ لم يتغير شكل الخطاب في تناولاته من قبل الطرفين اللذان ركزا على أن الإشكالية هنا حقوقية وحتى في ذلك التوصيف لم يعترفا بوضوح عن الأخطاء المرتكبة من لدن النظام وإدانة نفسيهما باعتبارهما يشكلان النظام ذاته ولم يمرا حتى من طرف خفي على مايمكنهما أن يقدمانه من علاج في ذات الإطار اللهم إلا من إشارات عابرة شكلية ترفع عنهما العتب فقط..!! إن الواقع اليوم أضحى متجاوزا هذا الطرح على إعتبار أن مايقدمانه من خطاب قد أخذته الأحداث في طياتها وبدت معه الأمور تتشكل بطريقة مغايرة لقضية شعب له حق في تقرير مصيره بنفسه ومسألة الاتكاء على قاعدتي ( الضم والإلحاق ) و(الفرع والأصل ) اللتان تفوح منهما رائحة الاستعلاء في نبرة هذا الخطاب هو ما يقودنا إلى أن المسألة برمتها لا تعني بالمطلق ما يدعونه ( رؤية ) تقدم من حزب سياسي ولكنه توصيف لتثبيت واقع فرضته حرب جائرة ونقضت معها اتفاقيات شراكة الأمر الذي يستوجب معه فهم العقلية الكلية للنظام وإن تشاطرتها هذه المنظومات الهيكلية الصورية لها ..!!