باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الاتحاد السياسي لتيار المستقبل الكوردي في سوريا
نشر في يمنات يوم 10 - 12 - 2008

يشهد الشرق الأوسط العديد من المعطيات السياسية التي تبدو وكأنها تشكل منعطفا ونقطة تحول في اتجاه تهدئة مطلوبة ليس فقط دوليا , بل إقليميا أيضا , وبما يتوافق مع أجندة كل لاعب وتشابك مصالحه , وبغض النظر عن مستقبل هذه التهدئة ومساراتها المتحولة , وبالتالي انعكاساتها على شعوب المنطقة , من حيث ملفات حقوق الإنسان والتغيير الديمقراطي في بلدان الاستبداد والقمع المفتوح والعاري , فان المنطقة مقبلة على تحولات عميقة يصعب تجنبها وعلى كافة مساراتها , ولعل سورية كإحدى دول قوس أزمات الشرق الأوسط هي بفعل تخبط نظامها الأمني وإصراره على سياسته بتغييب المجتمع وقمع تعبيراته المدنية والسياسية , يقع في قلب هذا القوس وما يتوقع من أحداث ومتغيرات مستقبلية .
ان القوى السياسية الكوردية في سوريا تعتبر نفسها جزءا من التيار الوطني الديمقراطي في المنطقة وجزءاً لا يتجزأ من حركة الشعب الكوردي في الاجزاء الأربعة من كوردستان لذا تجد نفسها معنية بالتغيير الوطني الديمقراطي في سورية , كممثلة لشعب كوردي اصيل يعيش على أرضه التاريخية ويشكل مكوناً اساسياً من مكونات المجتمع السوري , يسعى لان يكون شريك كامل الشراكة في وطن حقيقي تداولي وتعاقدي , ومن هذا المنطلق القومي والديمقراطي تبرز حاجة القوى الكوردية إلى رص صفوفها وتوحيد مواقفها على أرضية مشروع مجتمعي , سياسي واجتماعي وثقافي , يمتلك برنامج عمل ومهام قومية وديمقراطية محددة تتمحور حول المصلحة القومية الكوردية والوطنية , وهي المصلحة التي يستمد منها أي إطار سياسي كوردي مشروعيته ووجوده وبما أن قضية الشعب الكوردي في سوريا هي قضية وطنية وديمقراطية بامتياز , فالحاجة الموضوعية لإيجاد إطار نوعي أكثر ديناميكية وقدرة على التهيئة والاستعداد لمتغيرات المستقبل القادم , وأكثر تمثيلا وتعبيرا عن هاجس الحرية والدفاع ليس فقط عن الوجود القومي والحق المنبثق عنه , بل العمل من اجل إنهاء الاستبداد والاستعباد والاستغلال الذي يعاني منه الشعب السوري , مضافا إليه الاضطهاد القومي لشعبنا الكوردي , جراء السياسة العنصرية للنظام السوري ,يصبح اكثر من ضرورة في الوقت الحالي ، ولعل خيارنا الرئيسي وبالتعاون مع مجمل القوى الديمقراطية السورية , يتكرس في تحقيق الحرية والديمقراطية وبناء دولة حديثة , مدنية , دولة الحق والقانون تقوم على أساس دستور ديمقراطي , يكرس الواقع الفعلي لسورية كدولة متعددة القوميات والاثنيات والطوائف , وينهي كافة المشاريع العنصرية المطبقة على شعبنا , ويعيد الحق إلى أصحابه ,وبالتالي يحقق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص , لتكون سورية لكل السوريين ,بعربه وكورده وكافة فئاته القومية والوطنية ، وبما ان الشعب الكوردي في سوريا جزء من الوطن الحالي ومن تعبيراته القومية والسياسية , لا بل يعتبرجزء وحامل أساسي للتغيير الديمقراطي المرتقب في سوريا .
لذا فان سوريا,المتعددة القوميات والمذاهب والثقافات,تحتاج إلى صياغة مفهوم عصري جديد للهوية الوطنية , يعكس الطيف السوري المتنوع الطامح إلى بناء دولة حديثة , عصرية , تتفاعل مع مختلف الثقافات العالمية تأثرا وتأثيرا وبالتالي فان من الضرورة بمكان تنسيق المواقف الكوردية علىارضية حوارت مشتركة تنطلق من المصلحة القومية الكوردية وبعدها الديمقراطي , كقضية ارض وشعب , تسعى للوصول إلى حالة نوعية تشكل اتحادا سياسيا راقيا , يستند إلى خيارات شعبنا السياسية ونهجه السلمي والديمقراطي .
ان سعينا لإيجاد حالة سياسية نوعية تكون ردا موضوعيا ونضاليا على حالة الفرقة والشرذمة التي تعاني منها الساحة الكوردية , وهي حالة فرز طبيعي بين تيارات سياسية لكل منها توجهها سواء الوطني أو القومي أو الكوردستاني , مثلما هي تمثل الرؤية الكوردية المجتمعية لطبيعة النظام وسياسته تجاه صهر وقمع وتغييب الشعب الكوردي , إضافة إلى أننا نطمح أن تكون حالة الاتحاد السياسي التي نسعى لتكريسها , نموذج للعمل الميداني والمقاومة المدنية , السلمية والديمقراطية , وبكافة آليات المواجهة العملية التي جسدتها كافة العهود والمواثيق الدولية , ونعتبر بان حوارنا لا يتعارض , وليس بديلا عن أي محاولات أخرى للملمة اطراف الحركة وتعبيراتها السياسية والثقافية والمدنية , بل نجده حافزا مباشرا في تشكيل حالات جمعية أخرى تعتمد المصلحة القومية والتغيير الديمقراطي في سوريا معيارا لانجازها .
أننا نعتبر ما نسعى إليه , يشكل أرضية لدعم مسار التغيير الديمقراطي في سورية الذي يؤكده تسارع الأحداث وتنوعها واتجاهها في المنطقة ,مما يستوجب تأطيرا لمجمل الحراك المدني في المجتمع السوري , في مشروع تغيير جذري , ينقل سوريا من الدولة الأمنية إلى دولة مدنية برلمانية ومؤسساتية , تتجسد فيها حيادية الدولة , وتداول السلطة عنوانا لمشاركة الشعب السوري في إدارة شؤون بلاده ويكون رأيه وصوته الانتخابي مصدرا لشرعية السلطة وإدارتها . مثلما هو ركيزة تأسيسية لمشروع سياسي كوردي بأبعاد متنوعة , سياسي وثقافي واجتماعي , إضافة إلى انه يشكل دعما سياسيا ومعنويا لحماية التجربة الفيدرالية في إقليم كوردستان العراق , وفي ذات السياق فأننا ندين السياسة الإيرانية والتركية وهمجيتهما وخيارهما العسكري سواء في قصف إقليم كوردستان العراق أو في رؤيتهما لآليات حل القضية الكوردية في كلا من جزئي كوردستان , ونجد في التصعيد التركي المستمر , نمط سياسي لا ينسجم مع تشكل الدول متعددة القوميات , مثلما لا ينسجم مع العصر وكافة مواثيقه ,
ان متطلبات انشاء تجمع كوردي سياسي , مدني , بات الآن حاجة موضوعية بمقدار ما هو حاجة ذاتية ملحة, فهو يأتي ردا على حالة طغيان الذاتي والحزبي على القومي والوطني , وبالتالي يسعى إلى أعادة التوازن بين الجانبين , عبر التخلص من النزعة الفردية للتأبيدات الشخصية التي توسم أغلبية الأطر الموجودة من جهة , ومن قيم ونوازع حراس المبادىء من جهة ثانية , حيث الحاجة إلى ديالكتيك معرفي , يؤمن بالتجديد المستمر والفكر النقدي الحر , وهو ما يؤسس لاستقطابات جماهيرية , كل منها يجد تعبيره الملائم في الإطار السياسي الجديد الا وهو الاتحاد السياسي الذي نطمح الى تأسيسه وفق منظومة معرفية وقراءة سياسية متمايزة عن القراءة الكلاسيكية الراهنة لاغلب احزاب واطر الحركة ,وهذه المنظومة تستند إلى متغيرات الوضع الكردي والسوري والإقليمي والدولي , وبما يستجيب لمتطلبات بناء شخصية قومية كوردية قادرة على التفاعل مع محيطها السوري العام , والكوردي الخاص , بمعنى العمل على توفير حاضنة سياسية وثقافية كوردية , تمارس الديمقراطية الداخلية وتبادل المراكز التنظيمية , وهو ما يؤدي إلى بلورة شخصيات وكوادر شبابية في مختلف الاختصاصات تكون مؤهلة لامتلاك إرادة التغيير واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب , بحكم امتلاك ما يكفي من حرية الحركة وفضاء التفكير والإبداع دون العودة الى الزعيم الاول.
أن حاجتنا إلى تجمع وطني حر ينبع أيضا من الحاجة إلى خطاب أعلامي وسياسي هادف , يمتلك أداته الإعلامية القادرة على التأثير والتفاعل , وصولا إلى بناء خطاب ثقافي وسياسي يعبر عن الشخصية القومية الكوردية في سوريا , المكتملة الجوانب والمالكة لقابلية التثاقف دون أن تخشى الذوبان , بسبب قدرتها على الصمود وامكانية طرح ذاتها القومية والوطنية والدفاع عنها , وتجسيدها واقعيا بشكل خلاق وحضاري .
2- الحركة الوطنية الكوردية في سوريا :
منذ الاستقلال عن فرنسا مرورا بالعصر الذهبي الذي عايشته سوريا , انتعش الوعي القومي الكردي في موازاة الوعي القومي العربي , وكانت المواطنة في ذلك الوقت معيارا للتقييم , وكان الانتماء إلى سوريا كدولة لجميع مواطنيها واضحا وملموسا , ويكفي انه خلال هذه المرحلة تأسس أول حزب سياسي كردي في 14/ حزيران / 1957 باسم " ال الديمقراطي الكردستاني في سوريا , إضافة إلى العديد من الجمعيات الأهلية متعددة الأهداف والإغراض , وكان فيها الأكراد مثلهم مثل بقية أبناء الشعب السوري من حيث الحق والواجب .
وكانت ولادة أول حزب قومي كوردي تتويجا لإرهاصات متنوعة في الفكر والوعي القومي , ساعدت على بلورة فكرة أنشاء تنظيم سياسي قومي يعبر موضوعيا عن حاجة الشعب الكوردي , إلى إطار سياسي يدافع عن طموحاته ووجوده القومي في موازاة نشوء فكر قومي عروبي ينفي الآخر ويقصيه عن الحياة العامة , ولعله من المفيد التذكير بأن أقدم وثيقة مطلبيية قدمها بعض المثقفين الأكراد إلى الجمعية التأسيسية السورية في 23/6/1928 كانت تتضمن المطالب التالية :
1- الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية في المناطق الكردية إلى جانب اللغة العربية.
2- أن يكون الموظفين المعينين في المناطق الكردية أكرادا .
3- أن يكون التعليم في مدارس المناطق الكردية باللغة الكردية .
وكانت جمعية " خويبون " الثقافية أول إرهاصات الوعي الكردي القومي والحاضنة للقوى المثقفة الواعية للشعب الكوردي والمستقطبة لطاقاته الوطنية , وأعلن عن تأسيسها في 1927 في مدينة بحمدون اللبنانية وهي الجمعية التي قامت بإصدار العديد من المجلات والجرائد بعدد من اللغات بالإضافة إلى اللغة الكردية , وبالتالي يمكن القول بان قسوة الحياة الاجتماعية وتدهور الحالة الاقتصادية المضافة إلى ظاهرة التشتت في المواقف الفكرية المنتمية إلى وعي قبلي وعشائري ناظم للعلاقات الاجتماعية , والتكوينات هذه كانت جزء من عوامل ذاتية شكلت الأرضية الأولى لانطلاقة العمل السياسي الكوردي في سوريا , والتي أضيفت إلى مجمل العوامل الموضوعية المتجلية في قوة وجذوة الحركة التحررية الكوردية في أجزاء كوردستان الأخرى , والتي ساهمت إلى حد كبير في إذكاء الروح القومية , وهي الروح التي جعلت من الشعب الكوردي في سوريا عرضة لان يكون مساهما بتضحياته ونضالاته في سبيل إشعال واستمرارية النضال القومي في أكثر من جزء كوردستاني.
ولعل المتتبع للسياسة العنصرية التي طبقها البعث على الشعب الكردي في سوريا , يستطيع رصد بعض مداخيلها وركائزها الاساسية , التي جسدها العقل البعثي في مخططات عنصرية متتالية , ويمكن إيجازها في ثلاثة محاور :
أ‌- الإحصاء ومتتبعاته ونتائجه الكارثية على الإنسان الكردي , وجودا وكينونة :
نفذت السلطة السورية إحصاءً استثنائياً لسكان محافظة الحسكة بموجب القانون رقم 93 عام 1962، بهدف نزع الجنسية السورية عن أعداد كبيرة من المواطنين الكورد، تحت حجج وذرائع شتى ولدوافع عنصرية بحتة ، علماً أن الكورد في سوريا، من السكان الأصليين ويقيمون على أرضهم التاريخية منذ مئات السنين،حتى قبل نشوء الدولة السورية الحديثة .
ورغم الاحتجاجات والمراجعات المستمرة للدوائر والجهات المعنية والوعود المستمرة والمتكررة التي تطلقها السلطات السورية على لسان مسئوليها، كان أخرها الوعود التي جاءت على لسان رئيس الجمهورية، إلا إن هذه المعاناة الإنسانية الظالمة ما زالت مستمرة ملقية بآثارها اللاانسانية القاسية ، على عموم المجتمع السوري والكوردي منه بشكل خاص، لتعبر هذه المأساة ، عن سياسة عنصرية ممنهجة ضد الشعب الكوردي للشطب على وجوده التاريخي الأصيل، وغياب أية بادرة إنسانية لإنصافه واعتباره جزءاً من نسيج الوطن .وهؤلاء المجردين الكورد محرومون من كافة الحقوق ووصل عدده الى 300 الف نسمة
ب-الحزام العربي )المستوطنات):
المتضمن توطين واستقدام العرب من محافظة الرقة وحلب بحجة غمر أراضيهم وإعطائهم أخصب الأراضي الزراعية في الشريط الحدودي مع تركيا بعرض 10-15 كم وطول 375 كم من الخابور وحتى دجلة ؟ طبعا بعد بناء مستوطنات نموذجية لهم , مع حرمان فلاحي المنطقة عربا وأكرادا من ارض إبائهم وأجدادهم , وهو ما سمي بالحزام العربي الذي بدا عام 1967 وتوقف عام 1977 , وقد أوردت مجلة المناضل العدد 11/منتصف ك الأول عام 1966 الصفحة 12-13 , نص المشروع المقدم من رئيس مكتب فلاحي البعث يحدد فيه خطوات التوطين ومتطلباته وكيفية تهجير الأكراد من الشريط الحدودي ومنعهم من التواصل مع أخوتهم الأكراد على الجانب الأخر من الحدود مع تركيا .
ت- سياسة التعريب والتبعيث :
إذا كان التبعيث سياسة عامة شملت كل مناحي المجتمع السوري وكائناته الحية بما فيه هواء الوطن , فان التعريب سياسة عنصرية خص بها العقل العروبي المناطق الكردية , وشملت الحجر والبشر , من تغيير أسماء المعالم والقرى والبلدات الكردية إلى منع تسمية المواليد الجدد بأسماء كردية , مرورا بمنع التكلم باللغة الكردية وصولا إلى فصل الطلبة من المعاهد الدراسية , والكثير من هذا وذاك سيكشف عنه المستقبل حيث تتجلى حقيقة التعامل البعثي مع قومية اساسية من المجتمع السوري , التي هي أحد مكونات هذا المجتمع , لها خصوصيتها القومية والثقافية ومعالمها الحضارية التي ما فتئت عقلية الاستئصال القومجية في تعريبها .
أن عقلية الذات البعثية اليقينية عبر استلاب تاريخية المكان الكردي تنفي يقينها نفسه وتعبر عن مدى تشظيها الفكري وبؤس وجودها العقائدي المفعم بشعارات قدسية , عمومية تلامس المشاعر وتعاكس الممارسة الفعلية القائمة التي فتت المجتمع السوري وكرست قطريته واستثمرت سياسيا قضايا الوطن واختزلت المواطنة إلى أرقام وتوابع وخطوط نهب للمال العام والخاص , وكانت منطقة الحسكة أحدى المحافظات العسكرية القوانين والتفتيتية الممارسات والتعريبية المضمون والشوفينية الهدف والمبتغى , فإضافة إلى الإحصاء والحزام هناك الكثير من قوانين الصهر القومي ومراسيم نفي التنوع والتعدد القومي والثقافي .
أن الثلاثية الرسمية المتبعة في التعامل مع الوجود الكردي تتركز في الاستبداد ونفي الجغرافيا والتاريخ وما يستتبع ذلك من ملحقات تنفيذية , خلقت مشهدا عدائيا تجاه كل ما هو غير عربي في الساحة السورية , وكأن هذا الغير هو المسئول عن الفشل في احتلال اجزاء من الوطن السوري اوالتنمية أو تحقيق الحرية وعدم إنجاز الوحدة العربية ؟ وهو ما يحدث إرباكا عند الحديث راهنا عن الموضوع الكردي في سوريا وخاصة لدى جهتين نافذتين في المجتمع السوري :
1- تلك التي لا زالت تحت هيمنة النموذج السلطوي الوحداني النزعة والتمثيل .
2- او المفعمة بفكرة الأمة/العقيدة , أي التي تحولت لديها الأمة العربية إلى عقيدة إيمانية غير قابلة للحوار وبالتالي نافية لغيرها من القوميات الموجودة في سوريا .
مرسوم اعدام المناطق الكوردية رقم 49 :
صدر مرسوم إعدام المناطق الكوردية رقم /49/ بتاريخ10/9/2008 من قبل رئيس الجمهورية في سوريا الذي ( يمنع وضع أي من إشارات الدعاوى والرهن والحجوزات والقسمة والتخصص...على صحيفة العقار في المناطق الحدودية سواء أكان العقار ضمن المخطط التنظيمي للمدينة أو خارجه ، أو إشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار لمدة تزيد عن ثلاث سنوات إلا بعد الحصول على الترخيص القانوني من وزارة الداخلية بعد اخذ موافقة وزارتي الدفاع والزراعة ).. ، وبالتالي موافقة الجهات الأمنية ( الأمن السياسي والعسكري ) , ومعروف لكل ذي بصيرة في سوريا بان الحصول على الترخيص مستحيل ، لأنه لم يسبق لمواطن من اصل كوردي الحصول على الترخيص القانوني أصولا ، خاصة أولئك الذي يعملون بالشأن العام وأصحاب الرأي وناشطي حقوق الإنسان والمجتمع المدني ، بسبب سياسة الاضطهاد والتمييز العنصري التي تمارسها السلطة الاستبدادية بحق الشعب الكوردي منذ استلام حزب البعث للسلطة في.
يأتي صدور المرسوم (49 ) في إطار الإجراءات العنصرية والقمعية بحق الشعب الكوردي ، التي تصاعدت بعد انتفاضة 12 آذار 2004 ، مستهدفة المناطق الكوردية بغية اقتلاع الكورد من مناطقه التاريخية ، ودفعه للهجرة القسرية باتجاه المحافظات الأخرى ، في تمييز صارخ بين مكونات البلد ومناطقه ، وكأن هذه المناطق لا تنتمي إلى الوطن السوري ، بالإضافة إلى استمرار سياسة القمع والاعتقال والخطف وتضييق الخناق الاقتصادي ، والإهمال المتعمد بحق أبنائها .
إن تطبيق هذا المرسوم العنصري اللانساني ، سيؤدي الى زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي ، وتهديد مكونات المجتمع الكوردي بالتفكك والانهيار وجعله رهينة بيد السلطات الأمنية والاستبدادية بحيث يصبح الكل مداناً تحت الطلب ، وإفراغ المنطقة الكوردية من ابنائها الاصليين . لذا فان من اولى مهمات الاتحاد الذي ننوي تشكيله التصدي للمحاولات المتكررة من قبل النظام السوري لتصفية الوجود القومي الكوردي المستقل.
ان مامارسته وما زالت تمارسه السياسة السورية الرسمية تجاه الوجود الكردي في سوريا ,من عداء وإنكار حقه في الحياة كجماعة قومية متمايزة ومختلفة , هي محاولة عنصرية لالغاء هذا الوجود فعلياً عبر مشاريع الصهر القومي والتهجير القسري والاهمال المتعمد للمناطق الكوردية وعدم تنمينها وسد فرص العمل في وجه شباب الكورد وخريجي الجامعات منهم ، بسبب الموافقات الامنية التي اصبحت سيفاً مسلطاً على رقابهم ، وهذه السياسة العنصرية والتمييزية تعتبر نمط الغائي للمشروعية السياسية لوجود أي شعب وحريته نظرا لانكارها الحق التاريخي والإنساني , وبالتالي مما يدفع به الى الدفاع عن وجوده بكل الوسائل المتاحة .
من جهة اخرى الكل يعلم واقع الحركة السياسية الكوردية وعطالتها بسبب الازمة البنيوية التي تعيشها , من حيث سمتها الانشقاقية العامة , وتأثيرها السلبي على فعالية الحركة الميدانية , والاداء المجتمعي في مواجهة سياسة طمس معالم القومية الكوردية , وصهر وجودها , وتزييف تاريخها وحضارتها وتراثها في بوتقة الفكر القوموي العربي وجدير بالذكر أن ما زرعته الانقسامات المتتالية من ثقافة حزبية , مفعمة بتخوين وإدانة الآخر الكوردي والهروب من الاستحقاقات الوطنية الأساسية , والاستعاضة عنها بكل ما هو هامشي في مجرى الصراع اليومي , حتى باتت الحركة تبحث عن آليات توسيع الهوامش والتناقضات الثانوية , والدفاع عن السيئ خوفا من الاسوء , فالتشرذم الحزبي فتت الإمكانية النضالية وعمق الهوة بين الجماهير وبين تعبيراتها السياسية , وبالتالي فقدان القدرة على مواجهة السياسة العنصرية المنهجية , المتبعة في التعامل مع قضية شعبنا , وهي السياسة التي تلاحقت تداعياتها منذ سيادة الفكر الشمولي على البشر والحجر في سوريا , ابتداء من الإحصاء الجائر ، مرورا بالحزام العنصري وانتهاء بإنكار الوجود ومسلسلات التعريب وطمس الهوية , وهي سياسة لا زالت جارية باشكال وادوات مختلفة رغم تغير المعطيات الدولية والإقليمية ,واعتماد حقوق الانسان والديمقراطيةاساساً للتعامل بين الشعوب، لكن العقلية الاستبداديةالأمنية لا زالت أسيرة توجهاتها الأولى ومرتكزاتها الالغائية في التعامل والتعاطي مع قضية شعبنا القومية .
أن تبدل الوقائع المترافقة مع تبدل الحالة السياسية الإقليمية , جعل من الأطر الكوردية القائمة في مواجهة واقع مغاير لما اعتادته وما الفته , سواء من حيث الانكسار والقوقعة المناطقية , أو من حيث تكريد الصراع وخلق مسوغات الوجود , وبحكم توالد معظم هذه الأطر من رحم بعضها البعض , وما حملته تلك الولادات القيصرية من مفاهيم اقصائية وتخوينية تجاه الآخر , وبالتالي فالحالة الراهنة دفعت الوضع الحزبي الكوردي إلى حالة من التأزم والتعقيد , نظرا لافتقار أغلبية الأطر إلى خط سياسي واضح , ونهج وطني قادر على قراءة المعادلة السياسية الكوردية في سوريا بشكل موضوعي يستشف أفاق المستقبل بالاعتماد على موجبات حركة الواقع المجتمعية , وفي هذا الإطار فجزء من ضبابية الخطاب الكوردي وفقدانه لمصداقيته الجماهيرية , يعود إلى التبعية والتأويلات الخاطئة التي اعتمدتها الحركة في تعاملها أو تأثرها بالحركات السياسية في أجزاء كوردستان الأخرى , ويمكن تصنيف هكذا علاقة غير متكافئة بأنها من الأخطاء التاريخية التي ارتكبها العقل السياسي الكوردي في سوريا , لان هذه الرؤية امتهنت تصدير إمكانياتها المادية والبشرية إلى خارج حدودها , وإغفالها الداخل الكوردي السوري وما يعانيه , حتى أن موقف بعضها من النظام السوري ارتبط إلى حد كبير بمدى تناسق موقفه مع حركات كوردستانية , وهو ما انعكس سلبا على الوعي القومي الكوردي , من حيث جعله رديفا لا أساسيا في معادلة النضال الوطني الكوردستاني .
أن ما حصل من انشقاقات كوردية وترافق ذلك مع معارك تكريد الصراع , سياسيا كان أو عنفيا , أدى إلى ضعف القوة الجماهيرية للأطر الكوردية , وتلاشي الثقة المفترض وجودها بين القيادة وقاعدتها الجماهيرية , وتفاقم اليأس من أمكانية امتلاك بعض أو كل هذه الأطر لإرادة التغيير وتطوير نفسها فكرا وممارسة , بما يستجيب لتداعيات المنطقة والعالم السياسية والفكرية , كل هذا عمق الهوة ووسع حالة الاغتراب الحزبية عن مجموع الشعب , وقد لمسنا جمعيا حجم ومأساة تلك الهوة خلال وبعد انتفاضة قامشلو في 12 آذار 2004 , وهي الانتفاضة التي نعتبرها بأنها جاءت لتؤكد مصداقية الحق القومي الكوردي , وشكلت انعطافة تاريخية في المعطى الكوردي والسوري على حد سواء , عبر ما أوجدته من معطيات جيوسياسية ، محلية وإقليمية ودولية ، أسقطت فيه مراهنات الاحتواء والتعريب والصهر القومي المتبع منذ سيادة الفكر الشوفيني الرسمي .
أننا ومن خلال فهمنا السياسي للحالة الكوردية الراهنة , نعتقد بان قيادة المجتمع الكوردي يستوجب إيجاد دعامة أساسية توحد الخطاب السياسي الكوردي , وتبتدع أساليب نضالية عملية وميدانية , تنسجم مع تطلعات الشعب الكوردي في الحرية والديمقراطية , في دولة حق وقانون , دولة لكل مواطنيها , يسود فيها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص .
وفي هذا الصدد فان ما حصل من تغيرات وتبدلات إقليمية ودولية بعد الحادي عشر من سبتمبر , يرتبط بالجوهر بتغير الرؤية السياسية للعالم عامة وللشرق الأوسط خاصة , متغيرات متسارعة تهدف إلى زرع ثقافتها الخاصة , وإعادة النظر بمجمل الأنظمة والرؤى السياسية المستندة إلى مشروعيات ثورية , سببت باستبدادها وشموليتها انكسارات عميقة في بنى المجتمع المختلفة ، ولعل قدرة الممانعة والخوف من التغيير الذي يوسم الأنظمة الرسمية في منطقتنا , لهي دليل على فشل الرؤى والإيديولوجيات والأنظمة الفردية الطابع والقوموية الفكر , وما حصل في العراق من انتهاء إحدى أكثر الدكتاتوريات بشاعة ودموية، استكمالاً لما حدث في رقع جغرافية أخرى، وفي غضون فترات زمنية متسارعة، وما يحصل من تنازع على المصالح الاستراتيجية في العالم ، واصطفافات وتكتلات اقتصادية وسياسية كبيرة، وما يدور من رحى حرب - على الإرهاب - وهي حرب على قيم تربوية ومنظومات فكرية تريد العودة إلى ظلامية سلفية , إضافةً إلى الصراع المتبلور بين ثقافة الخير الداعية إلى تحقيق إنسانية الإنسان والتي تتجسد في المنظمات الحقوقية الدولية والتيارات السلمية ، مع قوى الشر والظلام , كلها تداعيات تؤكد أننا مقبلون على دخول عصرٍ جديدٍ ومتجدد نودع فيه تقنيات ومقولات وفلسفات العصر الماضي الشمولي بشعاراته وممارساته المنافية للحق الإنساني بما يعنيه ذلك من حريات عامة وخاصة , حيث بتنا أمام مرحلة تحمل في أحشائها عناوين بارزة، قد توفر المزيد من الحرية ضمن إطار حقوق الإنسان والديموقراطية , كاستحقاقات أولية كانت مهمشة سابقا وفق مصالح دولية محددة , كل هذه المعطيات التي تدفع باتجاه المزيد من حرية الشعوب وتكافؤ الفرص وتقرير المصير , تترافق مع ممارسات السلطة السورية بحق الشارع السوري عموماً والشعب الكردي على وجه الخصوص، والتي اتخذت طابعا عدائياً مكشوفا في الآونة الأخيرة , على النقيض مما يجري في المنطقة من تسارع في وتيرة تعميم مفاهيم الحريات العامة وحقوق الإنسان والقضاء على جذور الإرهاب، وحواضن التربية والتعليم , التي شكلت بيئة لتفريخ أصوليات متعددة , لا تمتلك سوى لغة ذاتها , لغة الهدم والقتل على الهوية , وبالتالي فالمتوقع في الراهن المستقبلي هو هدم للمرتكزات البنيوية للأنظمة المستبدة بتنوع مسمياتها , وهي الأنظمة التي ألغت مجتمعاتها وأنهت حراكه السياسي والثقافي والاجتماعي بقوة الحديد والنار , وبالتالي فإن موازين القوى والمعطيات السياسية المبنية على قوانين ومعادلات مرحلة ما قبل الحرب الباردة آيلة للسقوط بفعل تداعيات الفعل التغييري ، والدعوة المتصاعدة إلى عولمة نتاج الفكر البشري، وتأطيره وفق نظام عالمي جديد تتبلور سماته المحددة يوما بعد آخر .
أننا ووفق فهمنا وقراءتنا السياسية لمعطيات المستقبل وملامحه وتداعياته ، نعتقد بان المنطقة مرشحة للتفاعل مع الحالة التغييرية - سواء بإرادتها أو رغماً عنها - وأن القضية الكردية ستكون في قلب الأحداث , بحكم أنها القضية القومية لشعب يقطن أرضه التاريخية , ولا زالت دون حل ديمقراطي يخرجها من ضمن النقطة الاستراتيجية وقوس الأزمات المثير للاهتمام ، لذلك فهي متمركزة ضمن سياق مشاريع القرن الحالي المرشحة للحل , ومما لا شك فيه أيضا ، أن آليات العمل السياسي الكردي وأهداف قواه الحزبية جاءت على معطيات سابقة لتداعيات الفعل التغييري ، نظرا لان مجمل الأحزاب الكردية القائمة ، هي نتاج مرحلة انشقاقية مديدة , تخلو من أرادة التغيير وقدرة صنع الحدث , والضعف المجتمعي الملاحظ للأحزاب القائمة هو وليد المخزون الهامشي للوجود الكردي ما قبل التغيير ، ونعتقد أن مجمل المشاريع السياسية المطروحة، والعقلية الكردية السائدة في التعاطي مع الأحداث، لا يمكنها أن تتكيف مع ما يحمله المستقبل من إرهاصات واستحقاقات، بل يفترض إعادة هيكلة ما هو ممكن ، توافقاً مع المعطى وتحسباً للمستقبل . وبناءً على ذلك نحن من جهتنا كتجمع سياسي ونضالي يؤمن بالانفتاح والتعايش والليبرالية وقبول الآخر المختلف ، نسعى وبالتعاون مع مختلف قوى وشرائح وفعاليات شعبنا الكردي، الوصول إلى تقييم موضوعي لما حصل ويحصل ، وبالتالي إلى زرع ركائز استراتيجية لبناء سياسي جديد ، يجسد نضالات شعبنا وطموحات أبنائه، ويصون تضحياته وتطلعاته في غد مشرق وحر .
أننا نسعى من وراء طرح هذا المشروع إلى تأسيس عقد اجتماعي جديد بين كل قوميات وطوائف المجتمع السوري , عموده الفقري التشارك في الوطن الواحد , والتشابك في المصير , ومشروعنا سياسي الطابع ، له عدة انتماءات , قومية ووطنية , عامة وخاصة , وطني الدلالة ، ديمقراطي الآلية ، يؤسس لفعل سياسي , جماهيري , مختلف في آليات وطرائق نضاله وممارسته , ينسجم مع المرحلة وعنوانها الأبرز , الديمقراطية وحقوق الإنسان , ويلامس القضايا السياسية والقومية والوطنية والجماهيرية المطروحة في الساحة السياسية السورية .
4- المرتكزات السياسية للاتحاد السياسي :
ينطلق الاتحاد السياسي في تكوينه السياسي والتنظيمي من المبادىء والأسس التالية :
1- أن الشعب الكوردي في سوريا ، شعب أصيل يقيم على أرضه وفي وطنه بالتعايش والتجاور مع الشعب العربي وبقية القوميات ، ممن جمعهم التاريخ والجغرافيا ، ووحد بينهم الوطن الواحد والمصلحة المشتركة .
2- أن الشعب الكوردي في سوريا جزء من شعب كوردستاني ، وأرضه جزء من كوردستان , قسم وطنه بموجب اتفاقيات استعمارية إلى أربعة أجزاء ضم جزء منها إلى سوريا الحديثة إبان الوجود الفرنسي ، وهذا ما يؤكد انتمائه الى وطني سوري ، وقومي كوردستاني ، كل منهما له تبعاته وتداعياته ، وبالتالي استحقاقاته التي تتحدد وفق ظروف كل جزء ومصلحة شعبه .
3- أن الشعب الكوردي في سوريا جزء من الكل السوري ، من حيث المواطنة والحق والواجب ، بما يجسد منعة الوطن المشترك وقدرته على التطور الحضاري المدني، في إطار دولة حق وقانون ، وعلى أرضية سوريا لكل السوريين . وبالتالي، فإن المسألة الكوردية في سوريا، جزء من المسألة الديمقراطية ، وقضية من قضايا حقوق الإنسان، وهي قضية وطنية عامة ، لها جانبها القومي الخاص، والمفترض أن يكون محتضناً في الجانب الوطني العام، وحلها يشكل عامل قوة ووحدة وتقدم , وبالتالي فهي قضية عموم الشعب السوري بذات القدرالتي تخص الكورد في سوريا , مما يحقق التشابك والتمازج الموضوعي بين الهوية الوطنية السورية ومكوناتها ، وبين الهوية السياسية/الثقافية للشعب الكوردي كجزء لا يتجزأ من تلك المكونات بعيدا عن كل ما يثير العصبية والرأي الواحد وإنكار الآخر المتمايز والمختلف قوميا أو فكريا .
4- الاتحاد السياسي هو تجمع ديمقراطي , حر , كأحد تعبيرات المجتمع الكوردي , المدنية , السياسية والثقافية , وجزء من الحركة الديمقراطية السورية , يسعى بالوسائل السلمية وبالاعتماد على أوسع قطاعات وفئات المجتمع , إلى تحقيق طموحاته وأهدافه القومية والوطنية والديمقراطية , على قاعدة الارتباط الجدلي بين هذه الأهداف والمصالح الوطنية في سوريا ,وبالتالي السعي إلى تجسيد الحضور الإنساني الجمعي الكوردي في سوريا ، وقدرة هذا الحضور على التعاطي والتعاون بكل المكونات الثقافية والتمايزات القومية والأثنية السورية ، وتآلفها ضمن أطار سوريا كوطن مشترك لكل أبنائه .
5- أن سوريا بلد متعدد الثقافات والقوميات ،والتعدد الثقافي هو اكتشاف الذات في عيون الآخر , وبالتالي فهو يستوجب الابتعاد عن الاستبعادات , بل أن الوجود في وطن مشترك يفرض الحاجة إلى حرية التعدد الثقافي , وهي الضرورة المبنية أساسا على القبول بوجود الآخر .
6 - أن أي موقف سياسي هو تعبير عن سلوك وممارسة ثقافية , تحدد مدى سوية فهم الظاهرة من جهة , والقدرة على التعامل والتعاطي معها من جهة ثانية , على أرضية أن الثقافة هي نتاج الوعي الإنساني ، وهي مجموعة قيم وقواعد سلوكية ، تنظم السلوك السياسي ومقياس تطوره ، وهي المعيار المحدد لإعادة إنتاج أسس سليمة للخطاب الكوردي في سوريا بكل جوانبه الإنسانية وركائزه التي لا نجد بديلا لهما سوى في العدالة والحرية , ولذلك فنحن نعتبر أن بداية تجسيد الهوية الوطنية (السياسية والثقافية ) للشعب الكوردي في سوريا ، يتطلب أنتاج خطاب سياسي واضح وشفاف , يمتلك أداته الإعلامية المعاصرة , ويستند إلى عقلانية الطرح والتوافق في التعايش المشترك , وهو ما يفترض أن يأخذ المثقفون الكورد دورهم الريادي التنويري والخروج من الحالة التي وضعتهم فيها الانشقاقات الحزبية الكوردية , وما خلفته من رؤى قبلية تحتاج إلى تصحيح , لإرساء قيم العقل والمدنية المؤسسة لهوية الشعب الكوردي الثقافية والوطنية على حد سواء .
7- يؤمن ويمارس الاتحاد السياسي الديمقراطية الداخلية، سواء في علاقات أعضائه مع بعضهم البعض، أو في علاقته بجماهير الشعب الكوردي، أو في العلاقة مع القوى الأخرى.
8- يضمن الاتحاد السياسي الاختلافات السياسية داخل الاتحاد نفسه ، بحكم أنها أحد أهم ضرورات التقدم الاجتماعي ، على أن تمتلك تلك الاختلافات ، تعبيرات ديمقراطية داخل الاتحاد ووفقا لقوانينه الداخلية ، من حيث الأيمان بان التباين والاختلاف الديمقراطي قوة محركة للاتحاد ، ودافعا فاعلا لتطور أعضائه المعرفي والسياسي ، وبالتالي امتلاك ديناميكية التطور والتغير الداخلية .
9- يرفض الاتحاد السياسي وحدانية التمثيل ، ويعتبرها قضية تجاوزها الزمن ، فهناك الكثير من محددات الوجود المجتمعي متجاورة ، وكل منها له رؤيته الخاصة ، بمعنى انه هناك رؤى سياسية متشابكة في المجتمع ، وتتحدد مصداقيتها من قدرتها على التآلف وقبول الآخر كما هو ، وبالتالي فالاتحاد يعتبر عقلية النفي والإقصاء ، عقلية مؤسسة للثقافة الفردية والدكتاتورية .
10- يؤمن الاتحاد السياسي بالعمل المؤسساتي والتخصصي سواء في المجال السياسي أو الثقافي أو الإعلامي أو الاجتماعي أو في مجال الدفاع عن حق المرأة الكوردية في المساهمة الفعالة في مختلف مجالات الحياة , وضرورة تفعيل دورها وتنظيم طاقاتها , لتأخذ دورها المناسب وتتخلص من معوقات اضطهادها المجتمعية بكافة صنوفها ، أو في مجال الشباب واهتماماتهم وضرورة دفعهم للانخراط في تعبيرات المجتمع المدني الثقافية والاجتماعية والفكرية.
11- يؤمن الاتحاد بأهمية النضالات بعيدة المدى من اجل تحقيق التحرر الديمقراطي , إذ لا سبيل لنيل الحقوق والحريات العامة إلا بتكاتف جميع القوى الاجتماعية والسياسية والديمقراطية , وشحن كل الطاقات الفكرية لخدمة الفكر الديمقراطي ومن خلاله دمقرطة سوريا وحل القضية الكوردية , وبالتالي نعتقد بأهمية الاستناد إلى الركائز الأساسية للنضال العصري والياته المدنية بدءا بالاضرابات ومرورا بالمقاطعات ووصولا إلى المظاهرات والاعتصامات السلمية , وكل الوسائل النضالية الأخرى التي تحقق تراكمات نوعية في التوجه الديمقراطي .
12- يدعم الاتحاد ويساند نضال الشعب الكوردي في كل أجزاء كردستان الأخرى ، من اجل نيل حقوقه القومية المشروعة ، وفق الشكل الديمقراطي المستند إلى مبدأ حق تقرير المصير والشرعة الدولية ومواثيق حقوق الانسان ، التي تصون حق الإنسان في العيش بحرية وسلام ، عبر ما يختاره الشعب الكوردي من أشكال للتعايش مع الشعوب العربية والفارسية والتركية وبما يتوافق مع مطالبه ووجوده التاريخي وشروط نضاله الديمقراطي .
5- أهداف الاتحاد السياسي :
أن منطق الحياة يفترض الحركة والتغير , ناهيك عن المرحلة التي نمر بها , والتي يحمل افقها القادم الكثير من مخاضات التغيير , المخاضات التي جاءت بها استحقاقات زمن له سمته المحددة , ومسبباتها المتنوعة تدفع بكل الأطراف في الشرق الأوسط , حكومات واطر سياسية , أن تسعى إلى فهم المرحلة وتلمس معطياتها ومحاولة دمقرطة نفسها ومجتمعاتها , بمعنى تغيير الذات لقطع الطريق على قرارات تغييرنا المتخذة من قبل الآخرين، ورغم الدعوات المتكررة منذ سنين بشأن برنامج إصلاحي سياسي وتحسين ظروف الحياة لسائر أبناء الشعب السوري من قبل اغلب القوى الوطنية والديمقراطيةوجزء مهم من النظام الحاكم نفسه ، فإن ما تحقق لا يتجاوز بضعة رتوش شكلية هنا وهناك فرضتها الوقائع ومنطق تطور الحياة نفسها ، وبقيت المفاصل والركائز الاساسية في بنية النظام تعيد إنتاج ذاتها ، سواء في دورتها القمعية المتوافقة مع عقليتها الأمنية الاستبدادية ، أو عقلية التأزيم وإدارة الأزمة , تهربا من استحقاقات اساسية ينشدها المجتمع السوري في صيرورته التاريخية .
تمرسوريا بمرحلة صعبة وتواجه مآزق عدة , لا يمكن مواجهتها بدون معالجة مشاكلها العالقة , الداخلية على وجه الخصوص , بالتوافق مع مصلحة شعبها , لكن ما هو جلي لا يعكس الرغبة في الخروج من المأزق , ولا يحمل أي قراءة حسابية عصرية , حيث محاولة أظهار تجاهل الحقائق والمعطيات الإقليمية والدولية , في مقابل وصول مجمل المشاريع الإصلاحية الرسمية ( الاقتصادية منها والإدارية ) إلى مرحلة العقم والانسداد لابل ان العودة الى ممارسات وسياسات العهد القديم اصبحت السمة الاساسية للتظام الحالي، كون المناخ السائد في البلد، وشكل إدارة السلطة للأزمات الداخلية والخارجية، وتعاملها مع طاقات المجتمع وقواه الحية تفتقد إلى أدنى حس بمتطلبات المرحلة ،التي تتجسد أولاً وأخيراً في الديمقراطية والتعددية السياسية والاقتصادية والانفتاح على الشارع وتحسين مستواه الاقتصادي والاجتماعي وتأمين فرص العمل ، وبالتالي يتوجب على المؤمنين بالإصلاح في السلطة ، الاعتراف بأن الإصلاح السياسي هو ركيزة ومنطلق أي إصلاح، وهذا يحتاج إلى مبادرات واستراتيجيات تنهي بداية احتكار حزب البعث للسلطة والمجتمع من خلال المادة الثامنة من الدستور السوري المعطل بحالة الطوارئ والاحكام العرفية ، لذا فان اولى متطلبات الاصلاح تتطلب صياغة دستور جديد للبلاد يعكس الطيف السوري المتعدد ويصون للافراد حرياتهم الاساسية المكفولة بالاعلان العالمي لحقوق الانسان ، بحيث يكون ملبياً لمفاهيم المرحلة، ومنسجماً مع واقع الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في البلد، ويقر بكل مكونات المجتمع السوري السياسية والقومية، على اختلافها، بل ويفتح لها المجال، من خلال سن قوانين جديدة تواكب روح العصر ومفاهيم الحرية والتعددية، كي تساهم في بناء مجتمعها وإخراجه من المأزق الذي أوصلته إليه عقلية الحزب الواحد .
إن الواقع الذي وصلت إليه الحال في سوريا , من قصور في الأداء وتبديد للثروات وفساد للإدارة , وديمومة احتكار الدولة والمجتمع , والتعلق بأوهام تمجيد الذات أكثر من الأهتمام أو التفكير في المستقبل , ودون أدراك مخاطر سياسة الهروب والمساومات غير المجدية التي تتبعها السلطات في التعامل مع مستحقات المرحلة , ليس حلا ولا خروجا من عنق الزجاجة , فلا بد من تجاوز الرؤى الشمولية ومنطق الوصاية الذي تمارسه السلطة على المجتمع , وفتح الحوار بين كل تعبيرات المجتمع السوري المختلفة بتعدد انتماءاتها وتنوع مشاربها , وصولا إلى عقد مؤتمر وطني عام لكل القوى الوطنية والديمقراطية , يؤسس لحكومة وحدة وطنية تعمل على وضع دستور جديد وتحضر لانتخابات ديمقراطية , تكون لبنة في مسار بناء دولة حديثة , دولة لكل أبنائها وهذه المهام نعتقد بأنها تحدد ماهية ومصداقية الممارسة السياسية لأي حزب أو فصيل سياسي ، ومن جهتنا نسعى بان تكون الممارسة العملية لإطارنا المعلن , منعكساً لمهامه وأهدافه ، المعبرة عن أولويات وجوده ، السياسي والمجتمعي وليس الحزبي والفردي , وبالتالي هو رد على حالة الإرباك في مجمل العمل السياسي الكوردي، سواءً من حيث تفهم طبيعة المرحلة السياسية ، أو الاستجابة لإرادة شعبنا الواعية في أن يعيش في وطن سوري , ديمقراطي وحر , تأخذ فيه تعبيرات شعبنا الكوردي دورها في فضاء العمل السياسي السوري.
أن من أولى موجبات الفعل السياسي هو امتلاك ديناميكية التغيير، والقدرة على الاعتراف بالقصور ومحاولة تصحيحه عبر تغيير سياسي يستجيب للمرحلة من جهة , ويجسد حقيقة التنوع والوحدة من جهة ثانية , بمعنى أن تداعيات المرحلة واستحقاقاتها، إضافةً إلى ما تمخض عن انتفاضة شعبنا من نتائج وتضحيات، يستوجب ردم الهوة الاجتماعية، هوة الاغتراب الاجتماعي بين الحركة وجماهيرها، وهي التي تكونت بنتيجة التشرذم وضعف الفعالية النضالية، فمثلما نطالب بالإصلاح السياسي في سوريا، يجب أن نسعى إلى إصلاح أنفسنا وقبول ما نطالب به وتطبيقه على ذواتنا، والإصلاح الذي نريده ونعنيه ، يحتاج إلى إرادة وجرأة ونقد ذاتي جارح ، يؤسس لفكر سياسي جديد ، تكون الممارسة الميدانية ضابطه الوحيد .
واستناداً إلى ما سبق ذكره ، فان الاتحاد السياسي يسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
1- تغيير الدستور السوري وتعديله , وحذف المواد والفقرات التي تؤطر لاحتكار الدولة والمجتمع , وتمنع التعددية وتُغيب الإرادة الشعبية في تقرير مصيرها , وبما يتوافق مع المبادىء والمواثيق الدولية , والاعتراف الدستوري بالوجود القومي الكوردي في سوريا .
2- دمقرطة الدولة والمجتمع , عبر بناء الدولة الحديثة , دولة الحق والقانون , دولة تقر بالتعددية السياسية والتنوع القومي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي , وبما يضمن حرية وحق المواطن في التعبير والتظاهر، والمشاركة بالشأن العام، واحترام كرامته الإنسانية , على أرضية ترسيخ حق المواطنة ( السياسية والثقافية والاجتماعية ) المنصوص عنها في كل العهود والمواثيق الدولية , والمساواة في الحقوق والواجبات , وما يستوجب ذلك من إلغاء الأحكام العرفية، وكل الأحكام الاستثنائية الجائرة والقوانين الفوق دستورية، ورفع حالة الطوارئ , وإشاعة الحريات العامة، وإطلاق سراح سجناء الرأي والضمير وإعادة الحقوق المدنية للمجردين منها والعفو العام عن المنفيين وضمان عودتهم , واحترام الحريات الشخصية وتوفير الظروف المناسبة لممارستها دون تمييز بسبب المعتقد أو الرأي أو العقيدة , واحترام حرية التعبير والفكر وممارسة الشعائر والطقوس الخاصة
2- استقلالية السلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) , وضرورة إصدار قانون للأحزاب ينظم الحياة السياسية في البلاد , تشترك كل الفعاليات السياسية والثقافية في المساهمة بأعداده , ويأخذ بعين الاعتبار التعددية القومية في البلاد
3- حل القضية الكوردية حلا ديمقراطيا , على اعتبار أنها قضية وطنية عامة , سياسية وتاريخية , وجزء من المسالة الديمقراطية في سوريا , وإلغاء كافة القوانين الاستثنائية والسياسات العنصرية بحق الكورد , وتصحيح نتائجها وتعويض المتضررين من أثارها وضمان حق الشعب الكوردي في تقريرمصيره والشراكة في الوطن السوري, ومشاركته في كافة الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية العامة , بما يتوافق ونسبة تمثيله في المجتمع السوري .
4- تكريس مفهوم الانتماء الوطني السوري في الوعي والسلوك الاجتماعي من خلال تمتين أواصر الإخوة التاريخية والشراكة بين كافة قوميات ومكونات المجتمع السوري .
5- الإقرار بان اللغة الكوردية هي اللغة الثانية في البلاد , وضرورة تدريسها في المناطق الكوردية , وبالتالي رفع الحظر عن التاريخ الكوردي وتفعيل الذاكرة الوطنية بإظهار الحقائق التي ساهم فيها الكورد من اجل البلاد , واعتبار الهوية والثقافة الكوردية قيمة تنموية وعنصر فاعل داخل الشخصية الإنسانية في سوريا .
6- تطوير وتنمية المناطق الكوردية وإعادة تأهيلها وإزالة كافة أشكال التعريب والتمييز العنصري وإعادة الهوية السورية للمجردين منها وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم, وبما يعيد التوازن إلى معادلة الانتماء الوطني , ويدفع بها إلى المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني العامة , ويزيد من تشابكها بالحراك الوطني .
7- ضمان حقوق الكورد في التمتع بالإدارة الذاتية لمناطقهم عبر انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة .
9- رفع الاضطهاد عن المرأة ومساواتها مع الرجل , ودفعها إلى ممارسة دورها المجتمعي , والمساهمة معها في إعادة النظر بمجمل قوانين الأحوال المدنية غير المنصفة .
10- الوقوف بكل وضوح وعلنية إلى جانب المنظمات الأهلية ، والقوى الديمقراطية السورية الأخرى، ومنظمات حقوق الإنسان بكل تنوعاتها، تكاتفاً وتضامناً، عبر تعاقدات مدنية , في نضالها من أجل بناء المجتمع السوري والنهوض به، والسعي بالتكافل والتلاحم مع كل القوى الديمقراطية والوطنية السورية، إلى بناء مجتمع تعددي يستند إلى ثنائية الحق والواجب , ويفخر بعمق ثقافته الإنسانية، والتي هي مزيج متجانس ومتفاعل من مجمل أطيافه وتلاوينه ، بعيداً عن التمفرد ورفض الآخر بسبب الرأي أو العقيدة أو القومية , بل أن قبول التنوع والتسامح الثقافي في أطار من الديمقراطية والحرية السياسية , ينعكس إيجابا على مجرى التنمية الشاملة للمجتمع .
11 - ضرورة إجراء إصلاح اقتصادي جذري يستهدف تحرير الاقتصاد وتفعيل السوق كآلية أساسية لاتخاذ القرار الاقتصادي وتسيير الشأن الاقتصادي، والعمل من أجل الانضمام إلى المنظمات الاقتصادية العالمية كمنظمة التجارة العالمية بغرض الاستفادة من مزاياها , مع ضرورة نشر ثقافة احترام راس المال والاستثمار والسوق باعتبارها آليات اقتصادية ضرورية للاقتصاد الوطني في تنميته, والنظر إلى رأس المال كمورد وطني نادر وثمين يجب المحافظة عليه وتنميته، ونشر ثقافة احترام العمل. ذلك على المستوى الشعبي والنخبوي.
12- تعزيز العلاقات بين القوى السياسية الوطنية والديمقراطية صاحبة المصلحة في بناء دولة سوريا الديمقراطية , وتنسيق المواقف وتعبئة طاقات المجتمع المدنية , بما يتوافق مع المصلحة الوطنية والديمقراطية للبلاد .
13- تقليص صلاحيات الأجهزة الأمنية وإرجاعها لممارسة مهمتها الأساسية لحماية الوطن , وليس رقيبا وسيفا مسلطا على المواطن , وبالتالي إنهاء عسف هذه الأجهزة وفك الحصانة الدستورية عنها حفاظا على الكرامة الإنسانية للمواطن , عملا بمبدأ " أن الإنسان الحر هو الضمان الوحيد لصيانة البلاد وتعزيز مكانتها " .
14- نشر وتعزيز ثقافة التسامح بين الشعوب مع الاحتفاظ بالخصوصية القومية , على أرضية المصلحة المشتركة والوطن الواحد , كنقيض لثقافة الإقصاء وإنكار وجود الآخر المتمايز قوميا , بل السعي لبلورة ثقافة قبول الاختلاف وخوض النضال المشترك في سبيل بناء مجتمع ديمقراطي يحقق هوية وطنية لها مركباتها المتعددة .
15 - تنسيق العلاقات المتبادلة والندية مع فصائل العمل الوطني الكوردستانية في الأجزاء الأخرى من كوردستان , واحترام وتأييد نضال الشعب الكوردي في كل أجزاء كوردستان الأخرى ، من اجل نيل حقوقه القومية المشروعة ، وفق الشكل الديمقراطي المستند إلى مبدأ حق تقرير المصير والشرعة الدولية ، والعهود الدولية التي تصون حق الإنسان في العيش بحرية وسلام ، وعبر ما يختاره الشعب الكوردي من أشكال للتعايش مع الشعوب العربية والفارسية والتركية وبما يتوافق مع مطالبه ووجوده التاريخي وشروط نضاله الديمقراطي .
16- البحث عن استراتيجية جديدة للتحالفات النضالية , سواء الكوردية أو العامة , على أرضية تجاوز الرؤية الشمولية والمذهبية والقومية الضيقة , واحترام التباين , وتعزيز المشتركات الوطنية والبناء عليها , بمعيارية الفعل السياسي والمجتمعي المشترك , بعيدا عن عقلية الاصطفاف والتنافر ، وإنما وفق ما استجد من تبعات نضالية وما تتطلبه من قراءات وأفعال سياسية , تخضع للمتغير السياسي والراهن الزمني , وتبتعد عن التقديس والفردنة ، من حيث أن أي إطار تتحدد أهميته من انسجامه مع الهم القومي ، وقدرته على تبني الفعل السياسي العملي دفاعاً عن ذاك الهم، فلا قيمة لإطار يكون بناءه من أجل الإطار فقط .
17- تعزيز المفاهيم الوطنية والقومية والديمقراطية والتوجه بمطالب واضحة للشعب الكوردي إلى قوى التحرر والديمقراطية والسلام، وكافة المنظمات الإنسانية، وإيصال القضية الكوردية إلى المستوى الدولي بعيداً عن التجزيء والاتكال , وبناء العلاقات النضالية مع قوى الحرية والديمقراطية والسلم في العالم ، ودعم الجهود المبذولة من أجل صيانة السلم العالمي ، وبناء نظام عالمي جديد أساسه العدل والحرية والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.