شهد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مجلس سموه بقصر البطين، عصر أمس، محاضرة بعنوان "المنظور الاقتصادي لمنطقة اليورو ودور إيطاليا . . فرصة أمام المستثمرين" ألقاها ماريو مونتي رئيس وزراء إيطاليا . كما شهد المحاضرة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة، وعبد العزيز الغرير، وعدد من الشيوخ والوزراء والسفراء وأعضاء الوفد المرافق لرئيس الوزراء الإيطالي . وكشف ماريو مونتي خلال المحاضرة أنه تم أثناء محادثاته مع المسؤولين في الدولة وضع رؤية جديدة لإقامة علاقة استراتيجية بين البلدين، منوهاً برغبة بلاده في تعزيز هذه العلاقة على المدى الطويل . وبدأ المحاضر بالتأكيد على أن إيطاليا تقدم رغم الصعوبات التي تواجهها ضمن منطقة اليورو فرصاً جيدة للمستثمرين الأجانب خاصة المستثمرين من دولة الإمارات ومنطقة الخليج . وقال إن بلاده تمثل الاقتصاد الثالث، كما أنها تأتي الثانية بعد ألمانيا من حيث الصناعة في منطقة اليورو التي بدأت تتغلب على مشكلتها المتمثلة في الأزمة المالية والاقتصادية وليس في اليورو كعملة فتية واحدة ل 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي . وأوضح أن أوروبا تعرضت لسلسلة أزمات مالية خطيرة ولم تتخلص منها كلياً، بل تجاوزت الأسوأ منها، مشيراً إلى أن الديون السيادية لبعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو ليست بسبب الاختلالات المالية . وقال إن العجز في الناتج الإجمالي المحلي لمنطقة اليورو على سبيل المثال أقل مما هو عليه بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية أو المملكة المتحدة او اليابان التي لكل منها عملتها الخاصة بعكس أوروبا التي تمر بتحولات كبيرة لتصبح أشبه بدولة واحدة عندما تتجاوز المرحلة الانتقالية التي تمر بها . وأكد أن الأمر في ذلك يرجع إلى أن أوروبا تبني منطقة نقدية متكاملة بعد أن قررت أن تتخلص من عملاتها الوطنية وصولاً إلى عملة واحدة على أن يكون لكل دولة عضو سياساتها المالية الصحيحة عبر بناء نظام المؤشرات الحمراء أو الصفراء التي تدل على الحذر والإنذارات . وشرح رئيس الوزراء الإيطالي الإجراءات الأوروبية للتغلب على أزمة اليونان، لافتاً إلى تقديم ضمانات كثيرة لكبح جماح السلوكيات التي تسببت في الأزمة المالية التي تمر بها أثينا . وقال إن التخلي سياسياً عن جزء من السيادة الوطنية لأي دولة لا يرضي أحداً من مواطنيها، لكن ذلك يمكن أن يتم بالفعل عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى حافة الهاوية التي ستكون كارثية إذا تم التمسك بتلك السيادة . واستعرض التحرك القوي نحو الأمام الذي أقدمت عليه أوروبا لملء بعض الفراغ من خلال الاتفاق بين البنك المركزي الأوروبي والمجلس الأوروبي الذي يضم رؤساء 27 دولة عضواً لتحديث الوظائف عبر معاهدة الانضباط المالي بهدف إيجاد مزيد من فرص العمل في كل بلد عضو، والسماح للبنك بإقامة نظام يوفر حداً من الاستقرار في السوق وفي المستندات الحكومية للبلدان المعنية . وقال إن إيطاليا اتخذت بفضل التحالف بين الأحزاب في البرلمان سياسات اقتصادية عاجلة للضبط المالي والإصلاح الهيكلي لتمهيد الطريق نحو النمو والخروج من عنق الزجاجة وخلق فرص جديدة للنمو بعد توقفها خلال 15 سنة مضت . وأكد أن إيطاليا في طريقها للتخلص من عجز الميزانية بحلول عام 2013م لتكون ضمن ثلاث دول أوروبية تصل إلى "راحة البال والهدوء واستمرار الحركة المالية" وذلك بعد أن تمت مساندة هذه السياسة المالية والإجراءات التقشفية والإصلاحات الهيكلية الجيدة وسياسة استقطاب الاستثمار الأجنبي، وخاصة من منطقة الخليج والإمارات العربية المتحدة بشكل خاص . ودعا رئيس وزراء إيطاليا إلى التفاؤل بالمستقبل والخطط الاقتصادية طويلة المدى والأخذ بعين الاعتبار إيطاليا ومنطقة اليورو عند الحديث عن الاستثمار الإماراتي أو الخليجي في الخارج . ورد ماريو بونتي بعد ذلك على أسئلة الحضور وقال في معرض رده إن أوروبا وإيطاليا بشكل خاص تمثل إحدى المناطق المستقرة سياسياً في العالم، كما أن هناك آلية لإنفاذ القانون يتم احترامها من قبل الجميع دون استثناء . وأضاف أنه رغم بعض التوترات الاجتماعية في أوروبا إلا أن هناك نموذجاً اجتماعياً يمكن تحديثه، مع الاعتماد على الكفاءة والكفاية لأنه سيضع أوروبا خارج نطاق الانتفاضات الدراماتيكية . كما رد على سؤال آخر بشأن رأيه حول رغبة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إصدار عملة خليجية واحدة، مؤكداً أن العملة الموحدة مستحبة خاصة إذا كانت هناك درجة من التكامل الاقتصادي والمالي والقانوني والحوكمة وقال "أنصح بضرورة وجود العملة الموحدة لكني ضد الخطط المفرطة في الطموح" . من جانبه أشاد سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الذي أدار المحاضرة بدور إيطاليا وجهود رئيس الوزراء الإيطالي في الإسهام بإيجاد حلول للأزمة المالية في منطقة اليورو، منوهاً بأن إيطاليا تمثل فرصة للاستثمار الأجنبي بسبب الإجراءات والإصلاحات الهيكلية والمالية التي اتخذتها لتجاوز الأزمة . وطرح عبدالعزيز الغرير سؤالاً على المحاضر حول الوضع الحرج لليونان مشيراً إلى تردد وتخوف المستثمر الإماراتي من الاستثمار في إيطاليا أو أوروبا عموماً مقارنة بدول آسيوية أو إفريقية تصل معدلات النمو فيها إلى 5 أو 10 في المئة . ورد رئيس الوزراء الإيطالي مؤكداً ألا أحد يدعو أو يقترح النظر إلى أوروبا لوحدها فيما يتعلق بالاستثمار، ولكن لابد من العلم أن الاقتصاد الأوروبي والإيطالي يوفر فرصاً حقيقية وواعدة للاستثمار الأجنبي . وأشار في هذا الصدد إلى الاتفاقية التي وقعت، أمس الأول، في الدوحة بين بلاده ودولة قطر لإنشاء مشروع "صنع في إيطاليا" موضحاً أن هناك مجالات أخرى ذات عوائد أكبر مثل الفندقة والسياحة في بلاده . وأضاف "لا أقول تعالوا وهرولوا إلى إيطاليا، لكن هناك مصلحة لكم ولغيركم بأن تأخذوا بلادي بعين الاعتبار عند الحديث عن الاستثمار في الخارج"، مشيراً إلى أن بلاده كانت تصر على عدم الاستدانة من بعض الدول ومن البنك الدولي لأسباب شتى أهمها الإيمان بأنها ستخرج من هذه الأزمة وتنجو منها بمفردها دون مساعدة من الغير . وفي ختام المحاضرة قال سلطان المنصوري إن المحاضرة قدمت رؤية واضحة لما يجري في إيطاليا والعالم وإن الجميع متفائل بالتقدم خلال السنوات المقبلة وتعزيز العلاقات بين البلدين خاصة في مجال الاستثمار . (وام)