بالعزم والإرادة وروح التحدي، استطاعت تسع طالبات من كليات التقنية العليا بأبوظبي أن يبلغن قمة جبال كلمنجارو في تنزانيا، ويعتبرن أول طالبات إماراتيات يصلن إليه ويرفعن علم الإمارات على قمته، التي يبلغ ارتفاعها نحو 5895 متراً، لكنها لم تثن الطالبات عن المحاولة والمحاولة حتى الوصول . وواجهت الطالبات خلال سبعة أيام، ظروف طقس مختلفة وتعرضن لدرجات ضغط لم يعتدن عليها، وبذلن جهداً بدنياً تدربن عليه لمدة عام قبل رحلتهن . جاءت رحلة الطالبات بمناسبة احتفالات كليات التقنية العليا بعيدها الخامس والعشرين، وذلك بالتعاون مع أكاديمية فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية وشركة مبادلة للتنمية . واستطاعت الطالبات تحمل الكثير من الظروف البيئية والجوية منها حرارة بلغت نحو 15 - 20 درجة مئوية تحت الصفر، وهبوط نسبة الأكسجين إلى النصف من مستوى سطح البحر، والنوم في الخيام والجهد البدني . وذلك لم يكن كل شيء، فقد تعرفت الطالبات إلى نمط الحياة في تنزانيا، وزرن عدداً من المرافق السياحية والثقافية لاكتساب الخبرات . تحدثنا فاطمة العلي طالبة إدارة الأعمال، وهي أصغر طالبة في الرحلة، عن أهم اللحظات التي عاشتها فيها قائلة: "لم أجد الرحلة كما توقعت، حيث تم تصويرها لنا بأنها ستحمل العديد من المصاعب التي يجب أن نستعد لمواجهتها بكل الوسائل الممكنة، لكن حين وصلت إلى هناك شعرت برغم صعوبة بعض الأمور، أنني يمكنني أن اتجاوزها مادام لدي هدف واضح وإرادة قوية، ومن كان معنا من الداعمين والمساندين لهم الفضل الكبير في تجاوزنا الكثير من الصعوبات، خاصة أنهم كانوا يحملون معهم كل المقتنيات الخاصة بالتخييم والاحتياجات اليومية وحتى حقائبنا، ولولا تلك المساندة لما شعرنا بمتعة الرحلة أيضاً، خاصة وأن كل ما كنا نحتاجه كان متوفراً، وتشير العلي إلى أهمية روح الفريق التي ساندتهم في تخطي الكثير من العقبات، وتحقيق الهدف بالوصول إلى القمة، وتضيف: "اعلمونا بكل ما سنحتاج له من ملابس ومقتنيات اخرى، وكان ذلك أمراً مهماً جداً خاصة مع تقلبات الطقس، كما ان ذلك كان مؤثراً خلال رحلة المسير التي كانت تتراوح بين 5-8 ساعات يومياً، بينما كان اليوم الأصعب يوم الوصول إلى القمة الذي سرنا فيه 12 ساعة، فالهدف كان أن نمثل الدولة على قمة كليمنجارو كأول طالبات يصلن إليها" . عليا صالح طالبة إدارة الأعمال، تشير إلى أن الرحلة بالنسبة لها كانت الأولى دون أهلها، وهذا الأمر بالنسبة لها بحد ذاته تحد شعرت من خلاله بالكثير من الاختلاف والتغيير في ذاتها . وتقول حول الاستعدادات للرحلة: "كانت أهم الاستعدادات هي الحصول على اللياقة البدنية، وهذا الأمر ما عملنا عليه من خلال التدريبات الجماعية للطالبات المترشحات للرحلة، فقبل الالتحاق بالرحلة بعام ونحن نتدرب في أماكن عدة منها كورنيش أبوظبي والبطين، ثم كان الاختبار الأصعب وهو الوصول إلى قمة جبل حفيت في العين، وهذا الاختبار وضعنا كلنا على المحك من خلال السير لثلاث ساعات، ففيه تم اختبار الطالبات القادرات على الصمود"، وتشير صالح إلى الكثير من المكتسبات الشخصية، أهمها الصبر ومواجهة العقبات مهما كانت، والاعتماد على الذات، وتنظيم الوقت، إضافة إلى أنها أدركت أهمية تناول الأطعمة الصحية المعتمدة في الرحلة، حيث أسهمت في قدرتهم على المواصلة . فاطمة سالم طالبة الإعلام، اشتركت في الرحلة في اللحظة الأخيرة، وأسعفتها خبرتها في التصوير الفوتوغرافي، وأصبحت مصورة للرحلة، وفي ذلك تقول: "تم ارسال بريد إلكتروني لكل طالبات الكلية حول الرحلة ومن ترغب بالانضمام لها، ولم تكن أي طالبة تشعر بأنها رحلة تحد، وتقدمت لها كغيري من الطالبات، لكن بعد سلسلة من التصفيات تم رفضي، خصوصاً وأن دراستي الصباحية منعتني من أن أواظب على التمرينات التي نظمتها الكلية للطالبات في الفترة الصباحية، ولكنني واظبت على الانضمام للفريق ولو بغرض التصوير، وحين حان موعد الرحلة فوجئت بأنهم قبلوا وجودي معهم لأكون مصورة الرحلة . وحول أهم التأثيرات التي شعرت بها تقول سالم: "تغيرت بي أشياء كثيرة جراء هذه الرحلة، التي أثمرت فوائد كثيرة عدا الهدف الرئيس منها وهو تمثيل الدولة ورفع رايتها فوق قمة كلمنجارو، حيث تعلمت الصبر والتحكم بالأمور بشكل أكبر، والتغلب على المصاعب وقوة العزيمة وكان هناك الكثير من الملهمين الذين كلما وجدت نفسي ضعفت، استعنت بهم، وبروحهم الإيجابية استطعت التغلب على كثير من العقبات ومنهم المدربة سوزان، وأيضاً وجدت أن روح الجماعة لها الغلبة، حيث كنا نشد أزر بعضنا حينما تضعف إحدانا، وأيضاً صرت أكثر احتراماً للوقت" . شيخة محمد الرميثي، طالبة هندسة الإلكترونيات، وجدت في الرحلة مغامرة واستكشافاً في جميع الجوانب المجتمعية والحياتية والشخصية، وفي ذلك تقول: "هذه الرحلة الأولى لي مع الطالبات وأود أن أكررها، فهي تجربة فريدة شعرت من خلالها بمدى أهمية الروح الجماعية للفريق كما توطدت علاقاتي بالكثير منهن، ولمست أهمية التعاون في أبسط الظروف وأصعبها . تعلمت أن السير بشكل جماعي يمكننا من الوصول إلى المكان المحدد بوقت قياسي وأقصر من المفترض، بينما حينما كنا نسير بشكل مجموعات متفرقة كانت هناك مجموعات متقدمة وأخرى متأخرة مما يعيق الوصول في التوقيت نفسه والروح . ومن الاختلافات التي عادت بها الرميثي هو شعورها بنعمة ما تملك، خصوصاً بعد زيارة مدرسة أطفال لم يكونوا يملكون أدنى احتياجات الدراسة من مقاعد وأوراق وأقلام كافية، وبرغم ذلك يتحدون ذلك ويواصلون الدراسة بشكل أو بآخر، ويعيشون بسعادة . أما علياء المرزوقي فتشيد بجهود الفريق المرافق لهن ودوره في رفع معنوياتهن، كلما شعرن بالوهن، فالهدف من الرحلة هو الوصول إلى القمة، ولذلك كن كلما واجهتهن مشكلة يتذكرن أن الهدف يجب أن يتحقق بغض النظر عن أية ظروف محيطة أو شخصية، وتضيف: "من أهم الأمور التي استفدتها من هذه الرحلة هي الوعي التام بأن ما أعيشه في دولتي رخاء ورفاهية، وكان لابد لي أن استشعر طرقاً أخرى للعيش لأقدر النعمة التي أعيش بها أنا وزميلاتي، كما أن عدم استقرار الطقس الذي يتنوع بين الفصول الأربعة في اليوم الواحد، منحنا القدرة على التأقلم مع كل الظروف، ومن أهم القصص التي منحتني العزيمة تلك التي قرأتها عن أشخاص بظروف جسدية وصحية مختلفة استطاعوا أن يصلوا القمة، ما جعلني دائماً أتذكرها وأقول لنفسي أنني بفضل الله بصحة جيدة فلِمَ لا أصل؟