عبدالجبار سعد منذ نحو اربعين عاما ونحن ننتظر إشراقة فجر الاسلام من جديد على أرجاء المعمورة وننتظر سيادة المشروع الاسلامي وننتظر الحكم الرشيد على أساس حقائق التشريع الاسلامي وننتظر باختصار بزوغ فجر الخلافة الاسلامية كما بشرنا بها الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم . . قامت الثورة الاسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني واجتمع على تأييدها كل الجماعات الاسلامية سنية وشيعية ورأينا وفود الاخوان المسلمين تتقاطر على طهران وسمعنا الإمام ابو الاعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية في باكستان يمتدحها وسمعنا في بلادنا اليمن الشيخ الزنداني يروي لنا حديث " لو كان العلم معلقا بأهداب الثريا لناله رجل من فارس «وسمعناه يتلو " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم» ويقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم قوم هذا ويشير إلى سلمان الفارسي ,بل وسمعنا نزار قباني يقول مبتهجا بربيع شيراز .. أزهر اللوز في حدائق شيراز وأنهى المعذبون الصياما والخميني يرفع الله سيفا ويغني النبي والإسلاما ثم ما لبث الحال ان تغير وتغير كل شيء تجاه هذه الثورة . **** ثم انقضت السنون وحدثت الحرب الضروس بين ايران والعراق وانتهت.. فنهض الرئيس صدام حسين ليواجه باسم الاسلام معسكر الكفر ويبشر بالخلافة العربية الاسلامية على منهج النبوة ويقود الحملة الإيمانية ثم مالبث العالم أن تصدى لهذا المشروع وأجهضه . ثم قام أسامة بن لا دن وحركة طالبان في افغانستان وأعلنا حكم الإسلام ثم هوجمت من قبل التحالف الغربي وانتهت دولة طالبان وانتهى اسامة وإن بقيت القاعدة كمانشهدها مشغولة بقتال المسلمين . لا ننسى الاسلاميين في تركيا ولكن نضال الأتراك كان من أجل استعادة الهوية الإسلامية للشعب التركي تحت معايير غربية وعلمانية ولم تضع مشروع الخلافة الاسلامية أو الحكم الاسلامي على الأسس الشرعية بشكل واضح .. فمثلا لم يفكروا في الحديث عن الجهاد ولا عن حدود الله بالمطلق ولا منع الخمور ولا تحريم التبرج بل وقننوا الدعارة . **** ثم جاء ماسمي بالربيع العربي واستطاعت الجماعات الاسلامية تحديدا الإخوان المسلمون ومن هم على شاكلتهم أن يحكموا بعض البلاد العربية جزئيا أو كليا وبدت التجربة المصرية هي الأبرز لأن الإخوان المسلمين كتنظيم استأثروا بالحكم كله ومن شاركهم من الإسلاميين كانوا ظهيرا لهم فحسب . وهاهي التجارب الإسلامية جزئيها وكليها تتكشف عن طريقة في الحكم والحياة تستفز كل القوى والأطياف وتبغّضنا نحن بني الاسلام بالحكم الاسلامي إن كان على شاكلة هؤلاء وفشلت حركة الإخوان المسلمين في تقديم النموذج الاسلامي الذي كانت الجماهير الاسلامية تحلم فيه وتناضل لأجله . أصبح الحديث عن الحكم الإسلامي فاجعة تخيف الجميع خصوصا نحن الذين ظللنا نحلم بهذا الحكم الاسلامي , فهل السبب في ذلك كله هو سوء التبني لشريعة الاسلام أم أن هناك خطأ في التشريع نفسه ؟. هذا السؤال لا يبدو منطقيا خصوصا أن الاسلام حكم في عالم الناس منذ مايزيد عن اربعة عشر قرنا وأرضى أهل الأرض وأهل السماء وأرضى المسلمين وغير المسلمين واستطاع أن يتعامل مع خلق الله تعاملا أرضاهم أجمعين فكيف فشل اسلاميوالعصر في اقتفاء الأثر وتحقيق الحلم الكوني للإسلام الذي نعتبره حلم الإنسانية كلها . الجواب أن مانشاهده هو تنظيمات حزبية ممسوخة بالولاء لأمريكا نسيت الله فأنساها أنفسها انتزعت من قلوبهم الرحمة وحُرموا تزكية الأنفس فأصبحوا وحوشا بشرية تأكل لحوم البشر وتتسلى بقتل الأبرياء مسلمين وغير مسلمين وتفاخر بعلاقاتها بالغرب وأمريكا وتستأسد في مواجهة من يعارضها حتى لو كانوا أولياء الله . باختصار إن مانشاهده مع هؤلاء الاسلاميين القتلة هو الفجر الكاذب وإن فجر الاسلام الصادق قادم لا محالة من حيث لا يحتسبونه ولا نحتسبه أبدا ..وإن غذاً لناظره قريب .