اليمن يجدد الموعد مع الأخضر في نهائي الخليج    سياسي حضرمي يتلقى تهديد بقطع رأسه ويبلغ النائب العام (توثيق)    خالد العليمي ابن رئيس المجلس الرئاسي يمارس البلطجة ويهدد صحفي(توثيق)    عدن .. قضاة وموظفون يرفعون الإضراب ويعلنون عن اتفاق يعالج مطالبهم    إسرائيل تكشف بنود مقترح امريكي لصفقة تبادل أسرى في غزة وحماس ترحب    سريع يعلن عن عمليات عسكرية واسعة في فلسطين المحتلة    الجاوي: اليمن لن يُحكم بعقلية الغلبة ومنطق الإقصاء    ناشطة تحذر من توسع ظاهرة اختطاف الأطفال وتدعو الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    الرئيس المشاط يتلّقى برقية عزاء من ممثل حركة حماس في استشهاد الرهوي ورفاقه    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية ويشيد بإسهامات الشهيد الدكتور الرباعي    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    رئيس الوزراء يشيد بإنجاز منتخب الشباب ويؤكد: أنتم فخر اليمن وأملها المشرق    القائم بأعمال وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    اللواء بحري محمد القادري: قدراتنا البحرية لا حدود لها    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    الحوار أساس ومواجهة الاستكبار نهج    قمة شنغهاي .. الدلالات والأبعاد والنتائج المحتملة    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 53)    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1447ه .. بريد منطقة الحديدة يكرم عدداً من كوادره المتميزين    وفيكم رسول الله    يوم محمدي    مرض الفشل الكلوي (20)    المنتخب الوطني للشباب يتأهل لنهائي كأس الخليج بعد فوزه على عمان    الرئاسي يُشيد بالجهود السعودية في دعم أمن وتنمية اليمن    محافظ عدن يتفقد مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد الطبية    انتقالي المكلا يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهم بن حبريش بالتقطع لوقود الكهرباء (وثيقة)    الرئيس الزُبيدي يفتتح قسم الرقود ويضع حجر الأساس لأقسام طبية متقدمة بمستشفى عبود العسكري    مركز الإنذار المبكر يعلن مواعيد الخسوف الكلّي النادر للقمر في اليمن    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    اجتماع بتعز يقر تنفيذ حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية والصيدليات المخالفة    تدشين مشروع إنارة المدخل الغربي لمدينة عتق    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    اليمنيون.. سفراء وطن بلا حقائب دبلوماسية.. شبانة محمد شفي.. وجه يمني يرفع راية الوطن في منصات بريكس الدولية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يناقش جملة من الملفات الخدمية والإنسانية في سقطرى    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    تصفيات اوروبا لمونديال 2026: البوسنة تسحق سان مارينو بسداسية    اعتزال ميسي " ملئة الدنيا وشغلت الناس "... !    مركز الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية ورياحًا قوية في عدة محافظات    ترحيل 2476 مهاجراً دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة    وزارة الاقتصاد تكرم المخترع الراحل محمد العفيفي    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    شرطة الجوف تستعيد سيارتين مسروقتين    قيادة الانتقالي تناقش ملفات الضرائب والكهرباء والأراضي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبده حسين حبيش    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)
نشر في 26 سبتمبر يوم 08 - 09 - 2025

إن الحديث عن العُرف والتقاليد لا يكتسب معنا حقيقيًا ما لم يُربط بالناس أنفسهم وبالبيئة الطبيعية والاجتماعية التي يعيشون فيها فالأعراف ليست مجرد مفاهيم مجردة بل هي انعكاس مباشر لتجارب السكان وظروفهم الجغرافية والمعيشية وفي هذا السياق يبرز جبل بارات بوصفه شاهدًا على التفاعل العميق بين الإنسان والمكان ،
بارات عبارة عن هضبة جرانيتية شاهقة شديدة الانحدار يبلغ ارتفاعها نحو ألفي متر ويصعب الوصول إليها من صنعاء مرورًا بوادي النيل (1)عبر خراب المراشي كما أن الطرق المؤدية إليها من الشمال والشرق ليست أكثر سهولة ورغم وجود خطط حديثة لشق طرق إسفلتية فإن الممرات القديمة – الترابية منها أو تلك التي جُرّفت قبل عقود ما تزال تترك مداخل وعرة تجعل من السهل على قلة من المسلحين أن يعيقوا جيشًا كاملًا ويُقال أن الجبل يمتد لمسافة يومين سيرًا على الأقدام في كل اتجاه لكن التقديرات الحديثة ترجّح أن امتداده يبلغ نحو 40 كيلومترً من الشمال إلى الجنوب و60 كيلومترً من الغرب إلى الشرق عند ارتفاع يقارب 1600 متر وينحدر الجبل تدريجيًا إلى أرض متقطعة لتبدأ بعدها ملامح الصحراء أما الهضبة نفسها فهي مزيج من الرمال والنتوءات الصخرية الداكنة التي شكلت عبر عوامل التعرية أبراجًا وتلالًا متناثرة وفي كثير من المواقع تظهر صخور سوداء ضخمة معزولة وسط فراغ شاسع كأنها هبطت من السماء على رمال الهضبة .
ورغم قسوة المناخ فإن المياه السطحية الناتجة عن الأمطار النادرة تمنح الحياة بعض الفرص؛ إذ تنمو الأشجار مؤقتًا ويصبح الرعي ممكنًا بل وجيدًا أحيانًا كما أن وجود آبار عميقة يوفّر حماية نسبية من الجفاف ويسمح بتأمين المياه للماشية لفترات طويلة حتى وإن تضررت المحاصيل الزراعية مباشرة بعد انقطاع المطر وتُزرع في المنطقة الحبوب خصوصًا الذرة الرفيعة إضافة إلى بساتين العنب المحوطة بالجدران ومزارع نخيل التمر وقد وصف الهمداني قبل أكثر من ألف عام هذه الهضبة بأنها واسعة متنوّعة السكنى وغنية بالمحاصيل وأن قمتها من أطيب بقاع اليمن من حيث المناخ والاعتدال لولا تكرار موجات الجفاف في العقود الأخيرة وقد باتت فترات الجفاف الممتدة لست أو سبع سنوات متتالية أمرًا شائعًا وعلى طول أودية الهضبة تنتشر منازل متباعدة تتجمع في شكل مستوطنات فضفاضة تعكسها الخرائط الديموغرافية التي رسمها الباحث ستيفن في سبعينيات القرن العشرين وقد أظهرت هذه الخرائط هشاشة النمط الاستيطاني وتباين أسمائه؛ فبينما أحصى ستيفن عددًا من المستوطنات قدم محمد يس قائمة بأكثر من 120 اسمًا لمناطق جزئية فقط من الهضبة ما يكشف عن دينامية التسمية وتغيّرها رغم ثبات أسماء القرى الكبرى والقبائل الأساسية عبر الزمن أما السكان فرغم استقرار أسماء العائلات والبطون القبلية فإن أعدادهم وتوزعهم ظل أقل ثباتًا فكثير من الأسر ترتبط بمناطق أخرى من اليمن وهي صلات حيوية خصوصًا في أوقات المجاعة وتتميّز المساكن بأنها عالية من أربعة إلى خمسة طوابق وأحيانًا ستة وقد ساعدت أموال المغتربين ودعم شيوخ بارات السياسي في توسّع البناء خلال سبعينيات القرن الماضي .
أما من الناحية الاجتماعية فقد شكّل البدو الرحل نسبة كبيرة من السكان؛ إذ قُدّر في عام 1976م أن ما بين 60 و80٪ من ذي زيد كانوا بدو رحل في حين تراوحت نسبة آل أحمد بن قول وآل صلاح بين 30 و40٪ ومع أن العدد الإجمالي لم يتغير كثيرًا إلا أن النسبة تراجعت بمرور الزمن ويُحتمل أنه في القرن الثامن عشر كانت نسبة الترحال بين ذي محمد أعلى بكثير مما سجّله ستيفن حيث كانت الحياة البدوية أكثر رسوخًا آنذاك وتشير الوثائق إلى أن القوانين والأعراف ركّزت بشكل أساسي على القبائل المستقرة ما يتضح في النصوص المتعلقة باقتحام المنازل أو إطلاق النار من داخلها فالمنازل المشار إليها في الوثائق كانت بالتأكيد مبانٍ طينية ثابتة لا خيامًا بدوية رغم أن كثيرًا من الموقعين على المواثيق كانوا من أصول بدوية ، إن صورة جبل بارات ليست مجرد وصف طبيعي أو جغرافي بل هي لوحة متشابكة من التاريخ والعُرف والعيش المشترك حيث تتداخل الطبيعة القاسية مع حيوية المجتمع ومرونته في التكيف مع أزمنة المطر والجفاف ومع تبدل أنماط السكن والترحال عبر القرون .
(1) وادي النيل منطقة تقع في خراب المراشي في محافظة الجوف باليمن تسمى الخراب وتعرف بوادي النيل وتشتهر بزراعة العنب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.