د. عبد العزيز حسين الصويغ في يوم 14 نوفمبر 1954 لم يكن هذا اليوم عادياً بالنسبة لمحمد نجيب، متجهاً إلى قصر الرئاسة بعابدين لاحظ تراخياً من ضباط الحرس الجمهوري والبوليس الحربي فلم يؤدوا له التحية العسكرية أثناء مرور سيارته. لقد كان هذا اليوم هو اليوم الأخير له كرئيس للجمهورية المصرية فقد قرر مجلس قيادة الثورة إعفاءه من منصب رئيس الجمهورية. *** وجد الرجل نفسه بعيداً عن السُلطة وخرج من قصر الرئاسة حاملاً المُصحف فقط من مكتبه ليُنقل إلى منطقة المرج في فيلا السيدة زينب الوكيل، زوجة النحاس باشا، على أساس أنها ستكون إقامة مؤقتة لن تزيد على بضعة أيام معدودة، لكن إقامته في الفيلا استمرت حوالي 29 سنة تقريباً أحس منذ اليوم الأول منها بأنه ألقي في الجحيم. فقد تحولت الفيلا التي استولى عليها مجلس قيادة الثورة، إلى معتقل للواء محمد نجيب رئيس الجمهورية المصرية بعد تحديد إقامته من قبل قيادة ثورة يوليو. وبعد أن جردت الفيلا من كل محتوياتها من فرش وأثاث ورياش تحولت إلى سجن كبير. *** ولقد نشأت بين نجيب وبين تلك الفيلا المهجورة البعيدة عن قلب القاهرة بأكثر من 20 كيلو متراً ألفة وعشرة وارتباط، وكان بينهما أيضاً، إحساس مشترك بفقدان الحرية، "ولابد أن فيلا المرج أحست بهذه الأحاسيس فقد قدر لها أن تتحول من استراحة إلى معتقل، وتتحول من تحفة إلى خرابة"، فيوم دخلها الرئيس محمد نجيب لأول مرة، وكانت عروساً شابة حلوة نظيفة لامعة منسقة مثمرة نضرة ورائعة، تحولت إلى خرابة نتيجة إهمالها المتعمد. فنالها من العقاب ما ناله، إذ إن ما حدث لتلك الفيلا المظلومة، حدث له؟! *** جرى لمحمد نجيب ما جرى ... لكنه كان يريد أن يعرف، حتى لو سلم بالحق في إقالته كرئيس وقائد لثورة يوليو، عن السبب في ظلمه وإساءة التعامل معه، لذا نراه يتساءل: "لمَ فعلوا به كل هذا؟! إنه يوم ودع الملك فاروق الذي انتهك الحريات وجلب الخراب والهزيمة على البلاد كان حريصاً على أن يكون وداعه رسمياً مشمولاً بكل مظاهر التكريم والرعاية والاحترام، فقد سمح له بأخذ أشيائه الخاصة والشخصية واطلقت المدفعية 21 طلقة وعزفت الموسيقي السلام الملكي، وأنزل العلم من على سارية القصر ليحتفظ به الملك الذي نزل في غاية الوقار إلى اليخت المحروسة. ولكن لم يحافظ ضباط مجلس الثورة على الأصول والتقاليد، وهو الذي حمل رأسه على كتفه ليلة الثورة فداء لمصر وللثورة، تعاملوا معه كأنه لص أو مجرم شرير ... ولم يحترموا سنه ولا رتبته ولا مركزه ولا دوره في الثورة..". *** ما كتبته عاليه هو بعض لمحات من مشاعر اللواء أركان حرب محمد نجيب الذي قاد ثورة يوليو 1952 وكان أول رئيس لمصر بعد الثورة، سواء كان دوره صوريا أو فعليا. فقد تعددت الأقوال واختلفت الروايات في حقيقة الدور الذي لعبه بالنسبة لحركة الجيش إلى الحد الذي ضاعت معه الحقيقة. ويحاول كتاب (محمد نجيب: زعيم ثورة أم واجهة حركة؟)، للدكتور رفعت يونان، رواية الحقيقة دون تحيز أو تحريف. وهو كتاب يستحق القراءة لمعرفة بعض ما غاب عن تاريخ هذا الرجل. #نافذة صغيرة: [[لقد قمنا بثورة .. فإذا بهم يحولونها إلى عورة!]] محمد نجيب [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain