(( فارق كبير بين ميدان يؤمه المتوضئون ، وميدان يؤمه السكيرون والمخمورون )) . الجملة التي ابتدأت بها المقال مأخوذة بالحرف من كلمة وكيل وزارة الأوقاف المصري - الوزارة أصدرت الأسبوع الماضي بياناً يؤكد على حقوق الكيان الإسرائيلي بصفته جاراً - التي ألقاها في الحشود المجتمعة حول مسجد رابعة العدوية يوم الجمعة الماضي ، في مقابل الحشود التي كانت تجتمع بميدان التحرير ، الميدان الذي انطلقت منه انتفاضة 25 يناير التي أطاحت بنظام حكم الرئيس المصري السابق المخلوع من قبل المؤسسة العسكرية استجابة لضغوط الانتفاضة الشعبية ، حسني مبارك . العبارة التي قمت بنقلها حرفيا في أول المقال من كلمة وكيل وزارة الأوقاف المصري، يمكن أن تلخص الموقف كله ، بل إن تأملها هو السبيل الوحيد لرؤية المشهد وجلائه بالكامل . رمي كل من يعترض على النهج السياسي للجماعات الإسلامية ، إذا ما سلمنا فعلا بوجود نهج سياسي لهذه الجماعات ، بتهمة السكر والعربدة ، يعني توظيف مفاهيم التدنيس والتقديس المرتبطة بالديني ( الثابت ) لتحقيق مكاسب متعلقة بما هو سياسي ( المتحول) . وهو توظيف المقصود منه خلط الأمور بغية إسكات أي صوت معارض لسياسات جماعات الإسلام السياسي ، والتعامل معه بصفته صوتاً معارضاً لله سبحانه وليس لهم وحدهم . هذه الجماعات لا تفتقر فقط إلى المشروع أو الرؤيا ، ولكنها تفتقر إلى القدرة على التعايش مع كافة أشكال المعارضة . وكيف يمكن أن يقبل الطرف الذي يؤمن بأن مهمة تحقيق الإرادة الإلهية على الأرض منوطة به ، بأي شكل من أشكال المعارضة أو الحوار ؟! هذه الجماعات المفلسة فكريا وسياسيا والفاشلة على جميع أصعدة الإدارة ، ما عدا إدارة وصناعة الكراهية والقتل والتعبئة ضد كل ما هو مختلف ، لديها قدرة عجيبة على تسطيح كل خلاف سياسي أو فكري وتصنيفه تحت عناوين عريضة فضفاضة لا علاقة لها بتعقيدات الواقع ، مثل : الصراع بين الحق والباطل، أو الإسلام والكفر ، أو الإيمان والشرك .. وأخيراً : الصراع بين المتوضئين والمخمورين ! هكذا وبكل بساطة ، وتصديقاً لكلام مرجعهم وقائدهم الميداني الهالك الذي بدأ حياته عميلا للمخابرات الأمريكية التي قامت بتصفيته فيما بعد ، فإن العالم بكل ما يحتوي عليه من تعقيدات لا يعدو أن يكون مجرد فسطاطين متقابلين ، وطبعا فإن النصر في النهاية سيكون لفسطاط الإسلام الذي تمتلك هذه الجماعات توكيلا حصرياً بتمثيله والتحدث باسمه . إنها عقلية الموتى المنحازين للموت والمبشرين به .. إنهم الخارجون على العقل ، الخارجون عن الوعي ، الخارجون من العصر ، الباقون على قيد الوفاة الدماغية . تأمل فقط مفردة ( الفسطاط ) وستعلم في أي عصر يعيش هؤلاء . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain