حقق اقتصاد قطر في عهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قفزات كبيرة خلال نحو عقدين من الزمن، جعله واحدا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم برغم التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، بدعم من تطور إنتاج النفط والغاز بالبلاد وباقي القطاعات الأخرى في مقدمتها القطاع المالي والخدمي من جهة، وارتفاع مستويات الطلب والأسعار في الأسواق المحلية والعالمية بشكل غير مسبوق، فضلا عن توسعات في الاستثمارات الخارجية لامست القارات الخمس. وتظهر البيانات الرسمية أن إجمالي الناتج المحلي القطري انتقل من 29.6 مليار ريال (8.1 مليارات دولار) عام 1995، أي سنة تولي الشيخ حمد مقاليد الحكم، إلى 85.7 مليار ريال (23.5 مليار دولار) عام 2003، وهي السنة التي عين فيها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وليا للعهد، ثم ليقفز بشكل كبير إلى سبعمائة مليار ريال (192 مليار دولار) العام الماضي، مع توقعات بأن يفوق 750 مليار ريال (205 مليارات دولار) بنهاية العام الحالي، وفق تقديرات المؤسسات المالية المحلية والدولية. وقد كان لعمليات التوسع بإنتاج النفط والغاز في قطر الدور المركزي بالنهضة الاقتصادية المحلية وخاصة خلال العقد الأخير، فقد انتقلت مساهمة هذا القطاع في الناتج الإجمالي المحلي من 8.9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار) فقط عام 1995 إلى نحو 50.5 مليار ريال (13.8 مليار دولار) عام 2003، لتحقق بعد ذلك قفزات غير مسبوقة حيث بلغت القيمة المضافة لهذا القطاع المحوري 404.75 مليارات ريال (111 مليار دولار). " لقطر رؤية وطنية بعيدة المدى للعام 2030 تهدف للانتقال باقتصادها من الاعتماد على النفط والغاز إلى اقتصاد متنوع ثم مرحلة جد متقدمة ويتعلق الأمر باقتصاد المعرفة " وباتت قطر الآن أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال بالعالم، بعدما أضحت تنتج نحو 77 مليون طن سنويا، وساعدها في ذلك إطلاق وتوسيع العديد من المشاريع الضخمة بهذا المجال، تلتها مشاريع أخرى بالقطاعات البتروكيمياوية والصناعات التحويلية ضمن رؤية وطنية بعيدة المدى حتى عام 2030 تهدف للانتقال باقتصاد قطر من اقتصاد يعتمد على النفط والغاز إلى اقتصاد متنوع ثم إلى مرحلة جد متقدمة ويتعلق الأمر باقتصاد المعرفة. فوائض وتوسعات وانعكست هذه الطفرة الكبيرة لدولة قطر على أحجام الموازنات العامة التي تضاعفت أكثر من 16 مرة في عقد ونصف عقد، وقد ظهر ذلك سواء بالإيرادات أو المصروفات أو الفوائض. وبهذا الصدد تشير المؤشرات الرسمية المستقاة من مصرف قطر المركزي وجهاز الإحصاء إلى أن إجمالي إيرادات موازنة قطر للعام 1995 لم تكون تتجاوز 9.2 مليارات ريال (2.5 مليار دولار) مقابل مصروفات بلغت 12.7 مليار ريال (3.4 مليار دولار) مما نتج عنه عجز مالي قدر وقتها ب 3.5 مليارات ريال (961 مليون دولار). وكان لافتا بلوغ إيرادات البلاد نحو 220 مليار ريال (60.4 مليار دولار) العام المالي 2011-2012 مقابل نفقات ب166 مليار ريال (45.5 مليار دولار) وفوائض مؤكدة قيمتها 54.3 مليار ريال (قرابة 15 مليار دولار). واستطاعت قطر خلال السنوات الخمس الماضية فقط مراكمة فوائض مالية بلغت 196 مليار ريال (53.8 مليار دولار) الشيء الذي مكنها من توسيع قاعدة استثماراتها بالداخل، والتي رصدت لها قطر نحو 220 مليار دولار حتى عام 2016 لتطوير البنية التحتية والاستعداد لاحتضان كأس العالم 2022. كما مكنت هذه الفوائض من زيادة الدخل للمواطن القطري الذي بات يناهز المائة ألف دولار حالياً كأعلى دخل بالعالم مقابل أقل من 15 ألفا قبل أقل من عقدين. " جهاز قطر للاستثمار استطاع خلال ثماني سنوات فقط من نشأته أن يفرض نفسه لاعبا رئيسا بالمشهد الاستثماري العالمي " الاستثمارات والنمو واستطاع جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي) خلال ثماني سنوات فقط من نشأته أن يفرض نفسه لاعبا رئيسا بالمشهد الاستثماري العالمي، حيث استحوذ على حصص كاملة أو جزئية في عشرات الشركات والمؤسسات العالمية، سيما بالسوق البريطانية التي تعد الوجهة الأولى للاستثمارات القطرية، ثم الفرنسية، فالألمانية، فضلا عن توسعات بمناطق أخرى ومنها المنطقة العربية. وتشير توقعات هيئة مركز قطر للمال الصادر أمس الاثنين أن يواصل إجمالي الناتج المحلي القطري نموه خلال السنوات المقبلة بمعدل يصل إلى 8% خلال السنوات الخمس المقبلة. كما توقعت في تقارير لها أن تقود قطر النمو بمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال تلك الفترة بدعم من النمو المتسارع خارج قطاعي النفط والغاز.