لمّا كان في المرحلة الابتدائية، امتدحه أستاذ الخط. فتولّع بالحروف. بيد أن أستاذ اللغة العربية كان عدوه الأكبر. أحب الأستاذ الأول وكره الآخر. توسط له الأول عند الثاني لتحسين درجته، لحسن خلقه ومثابرته، فأراه خطه الجميل على ورقة "التخبيص" والأخطاء. لم تكن إجاباته في اللغة العربية تتجاوز الحد الأدنى من درجات النجاح طوال مسيرته التعليمية، لكن خطه كان جميلاً حقاً. ولما كان العرف المجتمعي يدفعه إلى استكمال تعليمه الجامعي، اختار تخصص الجغرافيا لحبه للطبيعة. خاصة البيئات الجبلية والصحراوية. ونتوقف هنا، لنتساءل: ماذا كان بإمكانه اتجاهه إليه بدلاً من الطريق الأكاديمي؟ كان بإمكانه الاتجاه للفن التشكيلي المتخصص في فنون الخط. لكن صفة المبدع الفنان لا تلقى رواجاً وقبولاً. وكان بإمكانه الاتجاه للتعليم المهني ليكون خطاطاً، فيجد بذلك عملاً ورزقاً. ولا يعرف أكثرنا حاجة المجتمع للخطاط، مع أننا نقرأ على المحال التجارية وغيرها لافتات ولوحات تؤكد أن خطاطها ليس عربياً! وكان بإمكانه الاتجاه لمجالات أخرى تقانية كالإنتاج في مجالات الدعاية والإعلان الهامة، وغيره. لكنه آثر طريق الجامعة التي أكرمته بشهادة جامعية في الجغرافيا بتقدير جيد. بعدها هبت العواصف وتشعبت السبل. وبعد معاناة طويلة، ضمته المدرسة لكادرها الوظيفي، بشرط تحمله الحمل الأتم من الحصص. فقبل مرغماً. وفكر في تحسين وضعه الاقتصادي بالتعاون كمراسل لإحدى الصحف. فتوسط له أحد معارفه. فقبله رئيس تحريرها بصعوبة، بعد رؤيته لخطه الجميل، بشرط التجربة لثلاثة أشهر. منذ أسبوع أخبرني الذي لا أشك في قوله، بأن رئيس التحرير لم يجدد له للاستمرار، ولكنه تعاقد معه مشكوراً، لعمل لافتة كبيرة باسم الصحيفة لتوضع على بابها. Twitter: @mamashat [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (60) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain