الأحد 07 يوليو 2013 11:43 صباحاً يبدو أننا أمام ولادة فصل خامس غير فصول السنة التي نعرفها، ذلكم هو فصل (تمرد) الذي هبت نسائمه من بلاد النيل، أنعش في الذاكرة الجمعية العربية التأثير الساحر الذي تحدثه مصر في الوجدان العربي، وقد ذكرتنا هذه النسائم بكلمات المرحوم عبد الله هادي سبيت حين قال في خمسينيات القرن الماضي: يا مسافر من ضفاف النيل إلى وادي تبن بلغ الأشواق للروضة ومن فيها سكن شل سلامي بلغ الفادي بروحه للوطن واخبره عني وقل له كيف به قلبي سكن أو كلمات الشاعر احمد ناصر جابر (الجابري) أطال الله عمره حين قال في تسعينيات القرن الماضي بعد (غزوة الوحدة): تحسب انا انتهينا أو طوينا الشطر حما توليت بقعا بالزجا والخيانة ما ترى يا قليل المعرفة والبصر حامي حمى الشرق يزفن في المدارة زفانه ما ترى القاهرة ذي فوق وادي الشقر تشاور القاهرة ذي هي بمصر الكنانة إلى أن يقول: صاحب الحق ملقي في ثبانه حجر يا دم دمدام لا شل الحجر من ثبانه والله ابنك طعم مني مذاق الصبر وابنك توجس على صوب التلف في مكانه والقاهرة (ذي فوق وادي الشقر) هي قرية في محافظة شبوة، وهي مسقط رأس القيادي الجنوبي الحبيب عبد الرحمن الجفري رئيس (رأي)، وقد قال الجابري قصيدته هذه حين كانت كثير من الرؤوس مدفونة في الرمال. عود على بدء، فأن تمرد المصرية هي حركة إبداعية شبابية خالصة حصلت على دعم من وراء الستار من رموز سياسية ومن رجال أعمال أحدثت اختراقا جبارا وتمكنت من الإطاحة بحكم الأخوان المسلمين لمصر، وقد انتقلت عدواها إلى تونس، بفعل سحر مصر في وجدان العرب، ولن أظنها تتوقف عند هذا الحد. كما كان الربيع العربي جنوبي النشأة من خلال الحراك الجنوبي فأن (تمرد) العربي كان جنوبي النشأة أيضا من خلال بصمة المليون، ولكن الفارق في الحالتين أن حراكنا تحول إلى شيع وأطراف أفقدته قوته، ويجرى التشكيك في حملة المليون بصمة لأهداف شخصية اقل ما يقال عنها أنها قذرة، وهي حالة تعكس مدى التخشب الذهني الذي فقد القدرة على الإبداع. أشار الزميل خالد عمر العبد إلى (إبداعية بصمة المليون) في موضوع له نشر على (عدن الغد) وهي لفتة من نوع (الكتابة الإبداعية) التي تضيف شيئا إلى ذهن القارئ والمتلقي عوضا عن موضوعات النواح والتطبيل المرسل التي صارت طاغية على كثير من كتابات الجنوبيين هذه الأيام. أن حصر الفعل الجنوبي في (مليونيات وعصيان) هو الإصرار على إظهار القضية الجنوبية كحالة مزاجية تفتقد الفعل السياسي المستمر، وهذا الفعل السياسي المستمر لا يتحقق من خلال كتابات (النواح) ولا من خلال فعل ميداني يرهق الشارع والمواطن الجنوبي ولكنه يتحقق من خلال ابتكار أساليب سياسية تحدث تأثيرا في صناع القرار في الإقليم والعالم من نوع بصمة المليون وما في حكمها. العمل السياسي الإبداعي هو وحده الذي يحدث اختراقا ويرسل رسائل ايجابية عن جنوب المستقبل إلى الإقليم والعالم أما التخشب الذهني المحصور في قطع شارع أو إغلاق (دكان) فهو يرسل إشارات سلبية عن جنوب المستقبل ويصبح حالنا كحال ذاك الذي يحرق (بيته) ليراه الناس.