د. زيد علي الفضيل من يتابع طبيعة الكلمات الملقاة في ميدان رابعة يستشعر خوفاً كبيراً من المستقبل إن لم يتدارك الحكماء الأمر، إذ لا أفق للحوار السياسي في كل ما يقال، وما يتم طرحه يذكّرني بشرط اليمامة بنت كليب عودة أبيها لإنهاء قتال الإخوة في حرب البسوس، واليوم كأني أشهد ذات الموقف، فلا مطلب لجماعة الإخوان إلا عودة الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم، وهو مطلب غير منطقي في ظل المعطيات السياسية الحالية. وواقع الحال ومع إيماني بأن الرئيس السابق د.مرسي كان على الصعيد الشخصي من الرجال الصالحين المتسامحين، لكنه في الجانب السياسي كان ممن تدركه غفلة الصالحين. ولا أدل على ذلك من كم الأخطاء السياسية التي ارتكبها في الشهر الأخير من حكمه، إذ وبينما مصر تغلي سياسياً وفكرياً واقتصادياً، تجده يمارس أعمالاً لا تحقق له الاستقرار المطلوب، ودون أن يكون مضطراً لذلك، وليس رفضه القاطع لإقالة حكومة هشام قنديل المغضوب عليها من مختلف الفئات السياسية، وتكريس مفاصل التأزم حين عمد إلى تولية أحد أعضاء الجماعة الإسلامية محافظاً للأُقصُر، وهي التي لها موقف ديني من الآثار الفرعونية والمتهمة في أحداث الأقصر الدامية سنة 1997م، إلا مثالٌ على ذلك. على أن الإشكال لا يقتصر على طبيعة حكم د.مرسي، وإنما يمتد إلى مفاصل جماعة الإخوان وحزبهم السياسي الذين مَنَّوا متابعيهم بحياة هانئة في ظل عدالة اجتماعية مستمدة من شريعتنا العادلة وسيرة الخلفاء الراشدين، ووعدوهم بحالة كبيرة من التسامح واللين أسوة بسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الراشدين من بعده، وقدموا لهم نظرياً أفضل الأمثلة للحكمة والعقل والقراءة الناضجة لواقع الحراك السياسي. لكن كل ذلك قد انهار مع مرور سنة من حكمهم. حيث عاشت مصر أسوأ أنواع التحريض الديني ضد المخالف عبر بعض القنوات الفضائية، ومن خلال منصات ميادينها، واتكل خطابهم السياسي في جانب منه على ترويج القصص والرؤى والأحلام. أمام ذلك فالحكمة والعقل اليوم يقتضيان من شباب الجماعة عمل مراجعات جذرية في بنية الخطاب السياسي، وتقديم رؤية جديدة نابعة من روح العصر، وليس من غبار التاريخ الملوث بإسقاطات مفاهيم الدول السلطانية. وتقديم حلول سياسية مقبولة للخروج من الأزمة. بقي أن أشير إلى أن نجاح تجربة حزب النهضة الإسلامي في تونس في إضفاء حالة من الاستقرار السياسي حتى الآن، راجع إلى حرص الشيخ راشد الغنوشي على اقتسام مفاصل الحكم مع مختلف التيارات السياسية الليبرالية، فهل ذلك راجع إلى استلهام الشيخ الغنوشي لروح التجربة الديمقراطية الغربية؟ أم أن للأمر جواباً آخر. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (51) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain