يعتزم وزير الخارجية الأميركية جون كيري، استئناف جولاته المكوكية في منطقة الشرق الأوسط، - وتحديداً الأراضي الفلسطينية المحتلة - الأسبوع المقبل، بعد إرجائها بضعة أيام بسبب التطورات الدراماتيكية في مصر، والوعكة الصحية البالغة التي أصابت زوجته تريزا هاينز كيري. رام الله / غزة (فارس) وتروج وسائل إعلام الكيان الاسرائيلي والأمريكية بأن كيري يحمل معه هذه المرة محفزات للجانب الفلسطيني، لاستئناف المفاوضات المباشرة بين السلطة في رام الله وحكومة الاحتلال الإسرائيلي. فقد طالعتنا صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم الخميس، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وافق على إطلاق سراح 40 أسيراً فلسطينياً ممن تصفهم "إسرائيل" بانهم "تلطخت أياديهم بالدماء"، وذلك قبيل استئناف المفاوضات. ونقلت الصحيفة عن محافل سياسية في واشنطن قولها إن هذه الموافقة تعد تغيراً جوهرياً في موقف نتنياهو, علماً بأنه رفض حتى اليوم دفع ثمن بغية إقناع الجانب الفلسطيني بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وبحسب المحافل الأمريكية فإن نتنياهو وكيري ينتظران رد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هذه المبادرة, التي تتضمن الإفراج عن ما مجموعه 104 أسرى فلسطينيين على مراحل في المستقبل, بعد استئناف المفاوضات. يأتي ذلك، وسط تواصل الحديث عن الخطة الاقتصادية التي بلورها كيري لتشجيع الجانب الفلسطيني على العودة لطاولة المفاوضات. ويُجمِع الخبراء والمحللون على أن هذه الخطة لن تأتي بجديد على الاقتصاد الفلسطيني، كما أنها لن تدفع باتجاه تحقيق تنمية مستدامة في الضفة الغربية – كما أُعلن- ، منبهين لخطورتها، كونها تمثل مدخلاً لتحقيق مآرب سياسية ليس أكثر. وأشار المحلل السياسي هاني المصري إلى أن خطة كيري الاقتصادية تحمل في طياتها خطورة مضاعفة على المشروع الوطني، كونها يضع الاقتصاد الفلسطيني كمدخل للحل وليس السياسة. وأوضح أن الخطة بمثابة رشوة للجانب الفلسطيني، من خلال تقديم بعض المشاريع الاقتصادية تمهيداً لقبوله بأي حلول سياسية تصفوية. وشدد المصري على أن تركيز كيري في خطته على التنمية والاستثمارات الاقتصادية بالضفة الغربية جاء مقابل الالتفاف على أي أفق سياسي بالنسبة للشعب الفلسطيني. ولفت إلى أن دواعي طرح هذه الخطة في الوقت الحالي جاء لتفادي اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة في الضفة الغربية، في ظل احتمال انفجار الوضع في أي لحظة جراء تصاعد وتيرة الانتهاكات وممارسات الإحتلال . ونوه المصري إلى أن خطة كيري تتبني بشكل كامل رؤية نتنياهو حول "السلام الاقتصادي"، التي طرحت قبل أربع سنوات، ونصت على تحسين الوضع الاقتصادي في الضفة، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية التي تعتبر حليفاً استراتجياً ل"تل أبيب" تتبني على الدوام مواقفها، وتنحاز لجانبها، وتسعى للترويج لها من خلال تحقيق مصلحتها على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني. وتتضمن خطة كيري الاقتصادية: تطوير حقول الغاز قبالة شواطئ قطاع غزة، والسماح للفلسطينيين باستغلال حقول البوتاس شمالي البحر الميت، والسماح للسلطة الفلسطينية لتهيئة وإعداد البنية التحتية في المنطقة المصنفة C والواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وإنعاش للحالة الاقتصادية بالضفة. من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر في غزة د. سمير أبو مدللة، أن خطة كيري الاقتصادية تهدف لتقديم تنازلات سياسية أكثر منها اقتصادية من قبل الطرف الفلسطيني. وذكر أن هذه الخطة تتوافق مع المقترح الذي حملة وزراء الخارجية العرب إلى الإدارة الأمريكية قبل أسابيع فيما يتعلق بتبادل الأراضي، تمهيداً لتحريك عملية التسوية في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة. وقال أبو مدللة:" إن الحديث عن نتائج إيجابية ستعود على القطاع الاقتصادي جراء هذه الخطة، سواء من خلال خفض نسبة البطالة، وارتفاع متوسط الرواتب بنسبة 40%، وزيادة الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة تصل إلى 50% خلال ثلاث سنوات، مجرد أوهام وكلام مبالغ فيه وبعيد عن الحقيقة". ونبّه إلى أن الخطة تهدف، إلى حماية كيان الاحتلال والحفاظ على مصالحه من خلال تقديم الإغراءات الاقتصادية. وأرجع أبو مدللة اقتصار الخطة على الضفة الغربية دون غزة لمحاولة الطرفين الأمريكي والإسرائيلي تكريس حالة الانقسام الفلسطيني والفصل بين القطاع والضفة، وإظهار أن هناك طرفين في الشعب الفلسطيني، طرف مع التسوية ، وآخر مع "الإرهاب" حسب وصفهم. /2819/