أ.د. سالم بن أحمد سحاب الخميس الماضي (18 يوليو) أعلنت مدينة ديترويت الأمريكية أكبر عملية إفلاس في تاريخ المدن الكبيرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. المدينة التي تفاخر بأنها مهد صناعة السيارات الأمريكية -ولا تزال- مديونة بأكثر من 17 مليار دولار، وهي عاجزة عن تحقيق إيرادات كافية لتشغيل المدينة كما ينبغي، بل وأقل ممّا ينبغي، فعجزها السنوي يصل إلى 327 مليون دولار، ممّا أدّى إلى توقف مؤسسات الإقراض عن تمويل إدارة المدينة كليًّا، ممّا أجبرها على إشهار الإفلاس لتحتمي من الدائنين، ولتتمكن من إعادة هيكلة إدارتها وأنشطتها وسلالم الرواتب التي تصرفها لموظفيها وغير ذلك. وحال هذه المدينة يُشكِّل نموذجًا مصغَّرًا لحال الحكومة الاتحادية في واشنطن والتي يقترب حجم دينها من 17 ألف مليار (17 تريليون) دولار، أي ألف ضعف دين ديترويت. إنها سلسلة لا تنتهي من المديونيات، بل هي ثقافة نشرتها الرأسمالية المعاصرة خلاصتها (استدن حتى الإغراق) سواء على مستوى الفرد أو المؤسسات الاقتصادية والحكومية، حتى وإن بدا السداد صعب المنال، بل مستحيل كما في حال الحكومة الفيدرالية التي يتسع الخرق عليها كل يوم، ويرتفع الدين بمبلغ 4 مليارات دولار يوميًّا. وكثير من الأفراد يستدين ويستدين كما لو أنه مدينة صغيرة لا تنتهي طلباتها ولا مشروعاتها، حتى يقع الفأس في الرأس، فيصبح من العاجزين عن السداد، وليبدأ مشوار المحاكم والسجون. الدَّين همّه كبير، وذله عظيم، وحمله ثقيل. وعودًا إلى مدينة ديترويت والنموذج الأمريكي في إدارة المدن المبني على الاستقلالية والتنافس وتنمية الموارد التي تسمح بتشغيل مرافق المدينة من الألف إلى الياء، وما يتبعه من مسؤوليات تُلقى على عاهل الإدارة التي غالبا ما تكون منتخبة كليًّا أو جزئيًّا. ومع فشل ديترويت في تطبيق هذا النموذج بنجاح، إلاّ أن مدنًا كثيرة أخرى نجحت إلى حد كبير مع أن معظمها تحت طائلة مديونيات متفاوتة لكنها ليست إلى الطرف النقيض المؤدي إلى الإفلاس كما في حالة ديترويت. كثير من هذه المدن أبدعت في تطوير خدماتها ومرافقها ونقاط جذب السياح إليها بما يضمن لها موارد كافية، ونسب بطالة متدنية، وفرصا لجذب الاستثمارات المجزية إليها. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain