أ. د. محمد خضر عريف أوشكت صحيفة رمضان على الانطواء، وتنفض بذلك سوق عامرة ربح فيها البعض وخسر البعض الآخر، وتفاوت الربح بين شخص وآخر، كما تفاوتت الخسارة بين الخاسرين. لتعود من بعد ذلك الحياة الرتيبة إلى سيرتها الأولى، فيستمتع من شاء بما شاء، مما أحل الله من طعام أو شراب في الليل أو في النهار. ومن رأى الصائمين وغير الصائمين في هذه الأيام حسب أنهم سواء ولكنهم في الواقع يتفاوتون. وقبل الحديث عن التفاوت بين الصائمين وسواهم، ينبغي تذكر فائدة للصائمين ما كانت لتخطر في بالهم قبل أن يصوموا وهي الانتصار على مخاوف النفس والشعور بالثقة في القدرة على مغالبتها. فكثيراً ما يشعر الصائم أنه هو طليق الآن في أسر حاجة البطن أو حاجة الفرج، ويحس بأنه بعد رمضان يمكن أن يمكث لساعات طوال دون أن يبحث عن طعام أو شراب أو سجائر فيما لو كان مبتلى بها. وفي هذه الأيام بالذات. وهذا لا يحدث في بلادنا كثيراً والحمد لله - يشعر من صام هذا الشهر بالخسران الذي أصاب فريقاً حُرم من نعمة الصوم، ويسخر الصائمون من غير الصائمين، بعد أن كان غير الصائمين قد سخروا منهم في مطلع رمضان، وتوعدوهم بأنهم سيُلاقون عطشاً وجوعاً ولن يقدروا على تحمل أعباء الجوع والعطش ويذكرنا هذا الموقف بقوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ* وَإذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ* وَإذَا انقَلَبُوا إلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ).. وما أشبه ذلك بحال الصائمين وغير الصائمين، إلى أن يقول سبحانه وتعالى: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يَضْحَكُونَ). ذلك أن الصائمين قد خرجوا بفوز الدارين، فقد أفادوا أي إفادة صحية ونفسية من الصيام. كما حصدوا من الأجر والثواب الشيء الكثير، وأصبحوا يترقبون بفارغ الصبر يوم الجائزة وهو يوم العيد، الذي يخرج له المسلمون كلهم شيبهم وشبابهم ونساؤهم وأطفالهم، ويشمل ذلك الحيّض من النساء اللائي يشهدن طاعة الله، ويُحرم من هذه الجائزة من فاته فضل الصيام في هذا الشهر المبارك، ومن حرمها، حرم كذلك لذة الانتصار على النفس والانتصار على النفس طالما كان أقوى وأكبر من الانتصار على أعدى الأعداء، فما أصعب أن يصارع الإنسان نفسه التي بين جنبيه. وكم هو جميل ونحن على أبواب يوم الجائزة أن نذكر إخواناً لنا داخل البلاد وخارجها، ممن لا يجدون من حطام الدنيا شيئاً، وممن قد يأتي عليهم العيد دون أن يفرحوا كما نفرح، أو أن يدخلوا السرور على قلوب أبنائهم كما نفعل لضيق ذات اليد، فما أجمل أن يجود كل واحد منا بما قدره الله عليه على فقراء المسلمين داخل البلاد وخارجها، وقد ذكرت في مقالة لي في مطلع هذا الشهر الكريم أن في بلادنا عشرات الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تساعد المسلم على إيصال صدقته وبره إلى المحتاجين بأيسر الطرق الممكنة ودون جهد منه أو عناء، وتتحرى أصحاب الحاجة وتفرق بين الصادقين والمحتالين، وقد أجمع الفقهاء على جواز توكيل الغير في إخراج الصدقة وعليه، فيمكن لأهل البر والإحسان في هذه البلاد توكيل هذه الجهات الخيرية لإيصال صدقاتهم إلى مستحقيها بما في ذلك زكاة الفطر، وذكرت كذلك أن في مقدمة هذه الهيئات: هيئة الإغاثة الإسلامية. ونسأل الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة الكريمة على أمة الإسلام وقد عاد إليها سالف مجدها واستعادت سابق عزها ومنعتها. وحق لنا في يوم الجائزة أن ندعو بشكل خاص لإخوتنا المسلمين من أهل السنة في سورية الذين لم يعيشوا فرحة رمضان ولا فرحة العيد لثلاث سنوات متتالية، ناهيكم عما عاشوه من صنوف العذاب والويلات والتقتيل والتشريد على أيدي طاغية الشام النصيري المجرم وزبانيته وشبيحته وأذنابه من ميليشيات حزب الشيطان، ونسأل الله تعالى أن يعيد على أهل الشام عيدهم وهم في نصر وتأييد، وأن يكونوا قد تحرروا من بطش هذا الحكم الجائر المستبد. من إبداعات العشماوي في رمضان خصني الشاعر الكبير والأخ الصديق الحميم سعادة الدكتور عبدالرحمن عشماوي عبر رسالة نصية بأبيات رائعة عن رمضان أقدمها للقارئ الكريم ونحن نودع شهر الخير والرحمات: بك أيها الشهر الكريم حياتنا تصفو برغم جراحنا وتطيبُ أقبلتَ كالغيث الذي هش الثرى فرحاً به، فالروض منه خصيبُ أقبلتَ كالنبع الذي يهفو له شجرٌ، وتلثم راحتيه سهوبُ ما أنت إلا واحة من ديننا فيها مجالٌ للعطاء رحيبُ رمضان يا تاجَ الشهور عيوننا ترنو إليك، ودمعهن صبيبُ [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (53) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain