في الماضي البعيد وبالتحديد فترة الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، وقبل ظهور الهواتف الذكية، وبروز نجم الكمبيوترات اللوحية، وانتشار متاجرها الإلكترونية وما تحتويه من ملايين البرامج والتطبيقات، انتشار النار بالهشيم، وحتى قبل طرح الجيل الأول والثاني والثالث من منصة الألعاب اليابانية الشهيرة "بلاي ستيشن"، ومنافستها الأميركية "إكس بوكس" بنسختيها الأولى و"360"، واليابانية الغنية عن التعريف "ننتندو" ونسختها الشهيرة "وي"، كان مجرد ممارسة للألعاب الكلاسيكية القديمة بكثرة، يأتيك بوابل من الاتهامات والانتقادات التي لا تنتهي، بدايةً من الإهمال وإضاعة الوقت، وهدر المال وانتهاء بتبديد الجهد وعدم الحرص على الصحة. في الماضي عندما كنت وأنت طفل تجر والدك جراً، وتوجهه بكل دقة للمتجر المخصص لبيع أشرطة ألعاب الفيديو لجهازك "ننتندو فاملي" أو "أتاري 2600" أو غيرها من الأجهزة المتوفرة في ذلك الوقت، وذلك لشراء آخر وأحدث نسخة من "دبل دارجون" أو "سوبر ماريو" أو غيرها من الألعاب الكلاسيكية في ذلك الوقت. وإذا كان لديك جديد هذه الأشرطة لجهاز ألعابك في المنزل وترغب في شراء جهاز ألعاب متحرك لا يبقيك أمام شاشة التلفاز، فكنت وقتها تلجأ إلى ألعاب اليد أو الجيب التي كانت متوفرة في تلك الفترة بأشكال وأنواع وألوان كثيرة ومتعددة مثل "جيم أند واتش" من شركة ننتندو اليابانية. وإذا كنت أنت من يقود والدك في الماضي لشراء هذه الألعاب، فاليوم يقودك أباك أو والدتك بنفسهما إلى أقرب المتاجر الإلكترونية لشراء الأجهزة التكنولوجية القادرة على تشغيل ملايين الألعاب بضغطة زر، والتي توفر لك سهولة مطلقة ووفرة لم تعتد عليها في الماضي، وبضغطة زر واحدة على اللعبة تبدأ هذه الأخيرة بالتحميل على جهازك اللوحي أو هاتفك الذكي أو حتى كمبيوتر المكتبي "خصوصاً إذا كان يعمل بنظام التشغيل "ويندوز "8 الجديد، وهي التي لم تعد تجبرك على البقاء أمام كمبيوترك أو شاشة تلفازك، وأصبحت متلازمة لك في كل مكان وزمان تنتقل إليه. وبين الماضي الرافض والمُتهِم والمهاجم لألعاب الفيديو وما تتسبب به من مشاكل نفسية وصحية لممارسيها، يقف الحاضر مدافعاً صلباً وقوياً، رافضاً اتهامات الماضي لأثر ألعاب الفيديو السلبي على ممارسيها، ومثبتاً بالدلائل القاطعة والبراهين على أن هذه الألعاب تأتي بفوائد جمة على الأشخاص الذين يمارسوها، وتميزهم عن غيرهم بالعديد من الإشارات والدلالات والفوائد، وليست فقط مضيعة للوقت والجهد والصحة. ولعل من أهم الفوائد الصحية التي قد ينالها الأشخاص الذين يمارسون ألعاب الفيديو بكثرة عن غيره: أولاً: تحسين الرؤية: رغم أن الظاهر من ممارسة ألعاب الفيديو هو تأثيرها المباشر والسلبي على العيون، إلا أن جامعة روتشستر الأميركية، ووفقاً لباحثيها، الذين أكدوا ومن خلال تجاربهم العملية على مجموعة من الأشخاص، أن الذين مارسوا ألعاب الفيديو لمدة شهر متواصل كانوا قادرين على تميز قصاصات الأوراق العشوائية بشكل أفضل لغاية 20 بالمائة من قبل ممارستهم لهذه الألعاب. والنتيجة هنا وبحسب البحث المقدم، تأتي بعد 30 ساعة فقط من ممارسة الألعاب، وخصوصاً إذا كنت تلعب ألعاب المغامرات والإثارة والألعاب الحربية، حيث أن الرؤية الخاصة بالألعاب في هذه الحالة تكون قد اختبرك لأقصى درجة يمكن الوصول إليها، مما يجعل دماغ اللاعب يعدل قدراته وفقاً لذلك. ثانياً: محاربة الاكتئاب: تعتبر ألعاب الفيديو وخصوصاً تلك التي لا تحتاج إلى مهارات فردية عالية، ويمكن ممارستها بسهولة، مثل لعبة الألغاز "بيجي ويلد/Bejeweled"، والتي تتطلب من اللاعب بعض التفكير في تحريك الأحجار الكريمة في صفوف وحسب ألوانها، وبسرعة للتمكن من إنها المرحلة والانتقال إلى أخرى. حيث ترى إحدى الدراسات الحديثة، التي أجريت على مجموعة من الأشخاص الذين يعانون اكتئابا، أن مثل هذه الألعاب تمكنت من تحسين مزاجهم، وزيادة ضربات القلب لديهم بشكل ملحوظ وفوري بعد ممارستهم لهذه اللعبة. ... المزيد