قال الباحث الأميركي روبرت كوبلان ان البيت الأبيض يرى أن طهران هي الخطر الأمني الأكبر الذي يهدد معادلة القوى في المنطقة وليس الفوضى التي تسود البلدان العربية لأن إيران تمتلك حكومة أكثر استقراراً. واشنطن (فارس) وتطرق الباحث الأمريكي روبرت كوبلان إلى الفوضى العارمة التي تعصف بالشارع العربي وأشار إلى أن تونس تواجه مشاكل سياسية خانقة وتعاني من مصاعب في السيطرة على حدودها، وليبيا فقدت الاستقرار منذ سقوط نظام القذافي ولم تعد ذلك البلد السابق وكأن طرابلس ليست هي العاصمة ولا تمثل على الساحة الليبية سوى نقطة ضعف، أما مصر فالحكومة الجديدة لا تستطيع تنفيذ مهامها بعد حدوث هوة عميقة بين العسكر والإخوان المسلمين حيث انقسمت إلى قسمين وصحراء سيناء تحولت إلى إقليم يشبه أفغانستان، كما ان حكومة اليمن لا تسيطر سوى على نصف الشارع ، وأما سوريا فهي تشهد حرباً داخلية طاحنة وكل يوم تشهد مدنها وقراها دماراً ومجازر يروح ضحيتها الكثير من الأبرياء، والعراق يعاني من أعمال عنف مميتة وكأن الحياة فيه اتجهت نحو الموت، والبحرين والأردن تحكمهما حكومات ضعيفة منذ عقد من الزمن، وبالتأكيد فإن هذه الأزمات سوف لا تنفرج قريباً. وأكد كوبلان على أن العقل السليم يحكم بكون هذه الفوضى لا تخدم المصالح الأميركية وتشكل تحدياً خطيراً للشعب الأميركي على حد وصفه. واضاف : الإرهابيون ولا سيما إرهابيو تنظيم القاعدة الذين لا تحدهم حدود يتكاثرون بسرعة في المناطق المتأزمة والضعيفة ويثبتون أسس تنظيماتهم وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط، والبلدان التي ذكرناها أعلاه تعد أفضل مقر لهم إذ إنهم اليوم يصولون ويجولون فيها ومن أمثلة أنشطهم المناهضة للولايات المتحدة قتل السفير الأميركي في ليبيا بعد هتك حرمة القنصلية الأمريكية هناك، لذا فإن أفغانستان لا تعتبر اليوم المركز الوحيد لإرهابيي القاعدة كما كانت الأوضاع في عقد التسعينيات بل انتشروا في مختلف أصقاع الشرق الأوسط ولكن رغم ذلك فإن الإدارة الأميركية تعتقد أن أعظم خطر يهدد مصالحها في الشرق الأوسط هي إيران وليس البلدان العربية التي تسودها الفوضى كونها تمتلك نظام حكم مستقر وتواصل برامجها النووية وسائر نشاطاتها على شتى الأصعدة وهي بالطبع لو كانت قد شهدت فوضى لما أصبحت كذلك وهي من وجهة نظر البيت الأبيض متطرفة وتهدد الكيان الإسرائيلي. ونوه على أن هذه الفوضى العارمة تصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي إلى حد ما حيث أعلن المسؤولون الصهاينة مؤخراً "أن الجيشين المصري والسوري لم يعدان يشكلان تهديداً لإسرائيل وكذلك فإن حماس وحزب الله لا يشكلان خطراً كما كانا سابقاَ" لأنهما لا يمتلكان اليوم الدعم السابق الذي كانت الحكومة السورية تقدمه لهما إثر الأحداث الدامية التي زعزعت البلاد لذا سوف يكرسون مساعيهم لمواجهة الحروب غير المتعارفة التي لا تهدد حدودها الجغرافية كالحروب الإلكترونية. وقال إن الفوضى في سوريا قد أثرت على الأوضاع في لبنان والعراق والحكومة السورية لا تزال تشكل خطراً يهدد الكيان الإسرائيلي إلى حد ما لكن لا يمكن القول بضرس قاطع إن هذه الفوضى تهدد المصالح الأميركية بالكامل وكذلك أحداث مصر لا تلحق أضراراً بمصالح واشنطن ولا تزعزع أوضاع الحدود الجنوبية للكيان الإسرائيلي ما دامت قناة السويس مشرعة أمام السفن الأميركية. وفي خضم كل هذه الأوضاع فإن السعودية وسائر البلدان النفطية ما عدا البحرين لا زالت مستقرة، لكن مهما كانت الأوضاع اليوم فإن إسقاط الحكومات الدكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط يعد تحدياً أمنياً كبيراً سيبقى إلى أمد بعيد. / 2811/