منذ فترة والهاجس الصحي لدى المواطن الخليجي يتأرجح بين القلق والترقب من انتشار فيروس كورونا القاتل. ولأهمية المرض وتصاعد أرقام الوفيات به تدخلت المنظمات العالمية لتقييم الوضع والاطلاع على التدابير للسيطرة عليه، وسارعت مراكز الأبحاث في الدول الغربية لإنشاء جسور التعاون وإفساح المجال للباحثين لديها لعمل ما يمكن. وقد نُشرت دراسة حول انتشار فيروس كورونا القاتل في منطقة الخليج بتاريخ التاسع من أغسطس الجاري، وبدعم كامل من الاتحاد الأوروبي لتقصي حقيقة الفيروس ومنشئه على الإبل العمانية، بعد أن عجزت الجهود التي بُذلت عن تحديد مصدر العدوى، ومن هنا تم التحذير بأن الإبل لدينا "قد" تكون أحد أسباب هذا الفيروس القاتل، واللغة العلمية بمنهجيتها دائماً لا تميل إلى التصريح قطعياً بالسبب، ولكن قد تعطي مؤشرات لتوجيه المجال البحثي لفرضيات أكثر أهمية. المنظمات التي أبدت رأيها بنتائج الدراسة، ومنها منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، أوضحت أن نتائج الدراسة هي مستجدات مهمة إضافية، بل يجب على الدول المتضررة المساهمة بشكل أكبر لإجراء أبحاث؛ لمعرفة المصدر الأساسي لانتقال الفيروس، وأن عملية استمرار إجراء الأبحاث وتعمقها هو الأهم. ومن ثم طالعتنا وزارة الصحة ببحث علمي، أطلق عليه لقب "الإنجاز العلمي"، رغم أن البحث نفسه قد تم إجراؤه قبل سنين، وفي دول مختلفة، منها هونغ كونج وكندا وغيرهما، ولم توضح الوزارة في تصريحها ما يشفي غليل الأسئلة في صدورنا حول فرضية البحث ودور الباحثين السعوديين؛ إذ إن العينات جمعت، وتم إرسالها إلى مختبر إيكو لاب، وهنا نتساءل أيضاً عن دور جامعة كولومبياالأمريكية، ولماذا لم تؤهَّل كوادر وطنية ضمن هذا البحث؛ حتى تكون الأبحاث مستقبلاً بأيدٍ سعودية؛ لتكون إنجازاً علمياً على الأقل في عيوننا نحن السعوديين. لم تحظَ نتائج الدراسة على فيروس كورونا والخفافيش، التي أجرتها وزارة الصحة، باهتمام من قِبل المنظمات المعتمدة، ولم تُنشر في أي دورية علمية مُحْكمة، رغم أن منظمة الفاو أبدت رأيها في دراسة الإبل في اليوم نفسه، حتى لم نتمكن نحن المهتمين بالدراسات الجزيئية من معلومات عن السلسلة الجينية أو حتى الطرق التي من خلالها يمكن أن ينتقل الفيروس إلى الإنسان. ولذلك ما تملكه دول الخليج من الإمكانيات المادية والكوادر يجعلها قادرة على تطوير مراكز الأبحاث، اعتماداً على الخبرات التي تم تأهيلها في الدول المتقدمة، خاصة مع انتشار المخاطر التي تدعو إلى تسارع دوران عجلة البحث العلمي لتطوير الإنتاجية الكفيلة بالحد من المخاطر الصحية أو السيطرة عليها.