تظهر مواقف الرجال في المراحل والأوقات العصيبة، وقد جاءت الرسائل القوية التي أرسلها خادم الحرمين الشريفين إلى العالم أجمع في توقيت هام وفي مرحلة عصيبة تمر بها مصر، ذلك التوقيت المثالي فعندما كان المصريون يواجهون وحدهم جماعات المفسدين في الأرض جاءت رسائل الملك واضحة ومباشرة إلى من يتدخلون في شؤون مصر الداخلية وقال: (إنهم بتدخلهم هذا يوقدون نار الفتنة بين المصريين ويؤيدون الإرهاب الذين يدّعون محاربته ويحثون على قتل الأبرياء وتدمير المنشآت والتعدي على مراكز السلطة ويتعدون على السلامة العامة لأبناء مصر، وطلب منهم أن يعودوا إلى رشدهم لأن مصر قادرة على العبور إلى بر الأمان، يومها سيدرك هؤلاء أنهم أخطأوا يوم لا ينفع الندم). هذه الكلمات المعبرة والحاسمة رفعت من معنويات المصريين وأثلجت قلوبهم وأدخلت عليهم الاطمئنان والسعادة. وليس مستغربًا على خادم الحرمين الملك عبدالله تبني مثل هذه المواقف مواقف الرجولة والشهامة والشرف وانحيازه إلى الحق دائمًا، فكانت البداية عندما لوّح للحكومة السابقة في آخر أيامها بأن الشعب المصري غير راضٍ عنها ويجب عليها أن تنصت وتستجيب لإرادة الشعب، وجاءت بعد ذلك مباركته لخارطة المستقبل ولرئيس مصر المؤقت بعد ثورة 30 يونيو، وكان هو أول من بادر بهذه المبادرة من الزعماء العرب بل إنه وصف الجيش المصري بأنه أنقذ مصر من نفق مظلم لا يعلم مداه إلا الله. ثم اهتداؤه بقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان). عندما دعا خادم الحرمين العالم الإسلامي للوقوف وقفة رجل واحد وقلب واحد ضد من يحاول تخريب وإشاعة الفوضى في مصر وكان لهذه الدعوة صدى كبير على الساحة الدولية حيث حذا حذوه كل من دول (الإمارات – الكويت – لبنان – البحرين – الأردن – العراق – فلسطين – المغرب – موريتانيا – اليمن... وغيرها من الدول). ووجدناهم سارعوا للالتفاف حول مصر وإعلانهم مساندتها في حربها ضد الإرهاب والعنف وذلك إيمانًا منهم بحكمة خادم الحرمين ويقينهم بأنه يمتلك رؤية واضحة عن حجم المخططات الإرهابية في المنطقة. هذا غير دوره في التحول الإيجابي وتغيير المواقف لبعض الدول مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا الذي أوفد إليها وزير الخارجية في زيارة خاصة من أجل مصر. وأخيرًا جميع دول الاتحاد الأوروبي التي اجتمعت استثنائيًا من أجل مصر وأجمعت على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المصرية، بل وأدانت كل الأعمال الإرهابية التي تمت سواء في رفح أو في حرق الكنائس ودور العبادة في مصر، واكتفت فقط بتعليق تزويد مصر بمعدات عسكرية دون فرض أي عقوبات أو تعليق أي مساعدات، بل وصرحوا في بيانهم على حرصهم في استمرار علاقاتهم مع مصر. إن مواقف الرجل تدل على حكمته ورؤيته الثاقبة للوقوف ضد الإرهاب والضلال والفتنة، كما أن هذه المواقف أعادت الأمور إلى نصابها الطبيعي تجاه من يحاول المساس بأمن مصر وبشعبها، كما دعمت هذه المواقف الشعب المصري وقيادته في ردع كل عابث أو مضلل للبسطاء من شعب مصر. حمى الله مصر أرض الكنانة والحضارة من كل سوء، وشكرًا للمملكة العربية السعودية مليكًا وحكومة وشعبًا، وحقًا هنيئًا لنا بمثل هذا الرجل. د. مجدي سليمان صفوت – جدة